علي عيسى
16 Nov 2003, 08:02 AM
[align=justify:0e0bd782e3]
من الأرشيف - موضوع اعجبني في محفوظاتي أطرحه بين يديكم للفائدة - وهو
العمـــــل وقوّة الأمة
إن ضعف المسلمين في شؤون دنياهم جعلهم عالة على غيرهم في الكثير من أمور معاشهم ، وكان ذلك سبباً في تسلط أعدائهم عليهم يتصرفون فيهم ، ويوجهونهم وفق ما يريدون . وما ذاك إلا بسبب حاجة المسلمين إليهم .
إن السبب في ذلك هو أننا لا نعمل ، والذي يعمل منا لا يتقن عمله . وعندما ضعف العمل ، وضعفت قيمة العمل ، وقلّ العاملون المخلصون ؛ تدنى مستوى الإنتاج في الأمة ، وضعف حالها ، وتسلط عليها أعداؤها .
إن الأمة عندما تحسن في عملها، سوف تتخلص بإذن الله من تسلط أعدائها عليها ، وسوف تشعر بكرامتها وعزتها ، وسوف تحمل عقيدتها وفكرها ، وتقدمه للآخرين تعرضه عليهم ، وتدعوهم إليه . أمّا وهي ضعيفة مهزومة .. أمّا وهي فقيرة مستجدية لفضل غيرها ؛ فإنها لن تحمل فكراً ، ولن تدعو إليه .. ولو دعت فلن يقبل منها - إلا قليلاً - .
ولكن .. ما شروط نجاح الأمة وتفوقها في مجال العمل ؟ ما الذي تحتاجه الأمة لتترك سلبيتها وتواكلها ، وتنطلق في ميدان الإنتاج والإتقان ؟؟
شروط ثلاثة في نظري أساسية لتحقيق ذلك الهدف ..
أولاً .. إن أول وأهم ما تحتاجه الأمة لتنطلق في العمل ، هو أن تقتنع قناعة قوية بأن العمل ضرورة لقوة الأمة .
ثانياً .. تحتاج أيضاً إلى علم واضح جليّ لميادين العمل التي ستقوم بها .
ثالثاً .. وتحتاج أيضاً إلى توجّهٍ عامٍ للأمة يجمع عقولها وعواطفها ، ويوجهها نحو العمل والإنتاج .
وللتحرر والانعتاق من هذه القيود التي كبّلت الأمة ، وحالت بينها وبين الانطلاق في ميادين القوة ؛ لابد من التعرف على تلك الأسباب ، والعمل على إزالتها .
فالشرط الأول والذي أشرنا إليه ، وهو القناعة بأن العمل ضرورة لقوة الأمة . . إذا نظرنا إليه نجد عجباً في مختلف المستويات ، نجد عجباً لدى الآباء والأمهات والمدرسين الذين يقودون تربية أبناء الأمة وتوجيههم . إن قيمة العمل والإنتاج ، والتفوق فيه تكاد تكون من أضعف القيم التي يوجه إليها الأبناء مما جعل الحصول على الشهادة أغلى الأماني ، وأكبر الأحلام ، دون أن يكون لدى الشاب تصوّر للعمل الذي سيؤديه للأمة عندما يتخرج من الجامعة أو المعهد .
إن هذا جزء من الواقع المرّ الذي يعيشه شباب الأمة الآن . لا يشعرون ، ولا يستشعرون أهمية العمل ؛ لأن العمل ليس من الاهتمامات التربوية لا في البيت ، ولا في المدرسة . . لا من الآباء ، ولامن المدرسين - إلا فيما ندر - إن سلبية الشباب ، وعدم اهتمامهم بالإنتاج محصّلة طبيعية لذلك القصور في الإعداد التربوي ، ولن يصلح حالهم إلا عندما نصلح الخلل التربوي في البيوت والمدارس ، وفي الوسائل المؤثرة عليها .
أما الشرط الثاني الذي أسميناه العلم بميادين العمل الذي نحتاجه فحدث فيه ولا حرج . في بلاد المسلمين تطغى الدراسات النظرية حتى في العلوم التجريبية ، وتملأ عقول الطلاب بكميات كبيرة من نظريات وفلسفات العلوم ..
أما التطبيق فله أقل القليل من الوقت ، وله أقل القليل من الجهد ، وله أقل القليل من الاختبار أيضاً ؛ فيتخرج الطلاب من الكليات العلمية بحصيلة هزيلة في ميادين التطبيق ، ثم يذهبون إلى العمل الذي يعزلهم عن الميدان في الغالب ؛ فالمهندس يبتعد عن الهندسة ،ويعيش مع الأوراق فقط ..
كل هذا يحدث ونحن المسؤولون عنه . ولا ننكر أن لأعدائنا نصيباً في تكريسه بيننا؛ لأن الشركات الأجنبية التي تعيش في بلاد المسلمين تستقدم خبراءها ومهندسيها معها ، ولا تتيح لأبناء المسلمين إلا المجالات النظرية . بل إن الكثير من شبابنا يخدع نفسه بالأسماء فقط ،ويعيش في المكاتب بعيداً عن ميدان العمل الفعلي .
أما الشرط الثالث الذي ذكرنا أنه يتعلق بجمع عقول الأمة وقلوبها وتوجهها نحو العمل ؛ فهذا- بكل أسف - شرط غائب .
فعقول الأمة وقلوبها مشتتة مفرقة ، نهباً بين الأهواء والشهوات .
والسؤال : من المسؤول عن توجيه الأمة نحو العمل؟؟
إن من أبرز الأسباب في ذلك - ولا ندعي أنها كلّ الأسباب - الفرقة والتنافر في أساليب الطرح الذي يقوم بالنهوض بالأمة .يقول الله تعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى ، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب )) ويقول تعالى : (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ، واصبروا إن الله مع الصابرين ))
إن جهود الأمة الإسلامية قد بدّدت وأنفقت في التناحر، والتقاتل بين الجماعات والدول . كلٌّ يشغل نفسه لإسقاط الآخر ، أو إسقاط آرائه وأساليبه . يبذل كل حزب جهوده وطاقاته ليس للبناء والعمل ، ولكن لإسقاط الآخرين ، وإفساد عملهم .. أما علم هؤلاء أنهم يفسدون ولا يصلحون؟؟ أما علم هؤلاء أن لدى هذه الفئات كلها بعض الأهداف المشتركة التي يمكن التعاون لتحقيقها ؟؟ ما الذي يمنع البلاد الإسلامية أن تتعاون في مجال الزراعة لسدّ حاجة الأمة في هذا المجال ؟ وما الذي يمنع وزارات الصناعة قي بلاد المسلمين أن تتعاون لإنتاج الكثير من الحاجات اليسيرة التي لا تزال الأمة تستوردها ؟
ما الذي يمنع مدارس ومعاهد التدريب المهني في العالم الإسلامي أن تتبادل الخبرات لتخريج العمال المهرة ، لسدّ حاجة الأمة بدلاً من فتح البلاد الإسلامية لأعداء المسلمين ، وفي تخصصات عادية تجد فيها العامل الأجنبي ، وفي إمكان الأمة الإسلامية أن تقوم بهذا الدور بنفسها ؟؟
إن الكثير من مجالات العمل المثمر في بلاد المسلمين تركت ، وشغل الناس بالتناحر السياسي ، والفكري ، والثقافي في أمور قابلة للتأجيل .. بل إن بعض تلك القضايا التي تثار ، ويثار حولها الجدل ، والنقاش المبدّد لطاقات الأمة، قضايا لا حاجة لها أصلاً ، وإنما هي للاستهلاك المحلي ، لإشغال الناس بها ، وكأن من يثيرها يتعمّد إشغال الناس عن ما ينفعهم ، وما ينفع الأمة كلها .
إن الأمور التي لا يمكن أن نتجاوزها ، ولا يمكن أن نتهاون بها هي أمور العقائد والأحكام الشرعية المحكمة . أما أمور الدنيا ، وأساليب إتقانها ؛ فإن من مصلحة الأمة جمع الجهود حولها ، والاتجاه الجاد للتعاون لتحقيقها .. انتصاراً للأمة ، وتمكيناً لها ، وتحريراً لها من سيطرة أعداء الإسلام عليها بسبب سيطرتهم على شؤون دنياهم ..
فهل نحن فاعلون ؟؟؟
قولوا نعم .... وهيا نبدأ
[/align:0e0bd782e3]
من الأرشيف - موضوع اعجبني في محفوظاتي أطرحه بين يديكم للفائدة - وهو
العمـــــل وقوّة الأمة
إن ضعف المسلمين في شؤون دنياهم جعلهم عالة على غيرهم في الكثير من أمور معاشهم ، وكان ذلك سبباً في تسلط أعدائهم عليهم يتصرفون فيهم ، ويوجهونهم وفق ما يريدون . وما ذاك إلا بسبب حاجة المسلمين إليهم .
إن السبب في ذلك هو أننا لا نعمل ، والذي يعمل منا لا يتقن عمله . وعندما ضعف العمل ، وضعفت قيمة العمل ، وقلّ العاملون المخلصون ؛ تدنى مستوى الإنتاج في الأمة ، وضعف حالها ، وتسلط عليها أعداؤها .
إن الأمة عندما تحسن في عملها، سوف تتخلص بإذن الله من تسلط أعدائها عليها ، وسوف تشعر بكرامتها وعزتها ، وسوف تحمل عقيدتها وفكرها ، وتقدمه للآخرين تعرضه عليهم ، وتدعوهم إليه . أمّا وهي ضعيفة مهزومة .. أمّا وهي فقيرة مستجدية لفضل غيرها ؛ فإنها لن تحمل فكراً ، ولن تدعو إليه .. ولو دعت فلن يقبل منها - إلا قليلاً - .
ولكن .. ما شروط نجاح الأمة وتفوقها في مجال العمل ؟ ما الذي تحتاجه الأمة لتترك سلبيتها وتواكلها ، وتنطلق في ميدان الإنتاج والإتقان ؟؟
شروط ثلاثة في نظري أساسية لتحقيق ذلك الهدف ..
أولاً .. إن أول وأهم ما تحتاجه الأمة لتنطلق في العمل ، هو أن تقتنع قناعة قوية بأن العمل ضرورة لقوة الأمة .
ثانياً .. تحتاج أيضاً إلى علم واضح جليّ لميادين العمل التي ستقوم بها .
ثالثاً .. وتحتاج أيضاً إلى توجّهٍ عامٍ للأمة يجمع عقولها وعواطفها ، ويوجهها نحو العمل والإنتاج .
وللتحرر والانعتاق من هذه القيود التي كبّلت الأمة ، وحالت بينها وبين الانطلاق في ميادين القوة ؛ لابد من التعرف على تلك الأسباب ، والعمل على إزالتها .
فالشرط الأول والذي أشرنا إليه ، وهو القناعة بأن العمل ضرورة لقوة الأمة . . إذا نظرنا إليه نجد عجباً في مختلف المستويات ، نجد عجباً لدى الآباء والأمهات والمدرسين الذين يقودون تربية أبناء الأمة وتوجيههم . إن قيمة العمل والإنتاج ، والتفوق فيه تكاد تكون من أضعف القيم التي يوجه إليها الأبناء مما جعل الحصول على الشهادة أغلى الأماني ، وأكبر الأحلام ، دون أن يكون لدى الشاب تصوّر للعمل الذي سيؤديه للأمة عندما يتخرج من الجامعة أو المعهد .
إن هذا جزء من الواقع المرّ الذي يعيشه شباب الأمة الآن . لا يشعرون ، ولا يستشعرون أهمية العمل ؛ لأن العمل ليس من الاهتمامات التربوية لا في البيت ، ولا في المدرسة . . لا من الآباء ، ولامن المدرسين - إلا فيما ندر - إن سلبية الشباب ، وعدم اهتمامهم بالإنتاج محصّلة طبيعية لذلك القصور في الإعداد التربوي ، ولن يصلح حالهم إلا عندما نصلح الخلل التربوي في البيوت والمدارس ، وفي الوسائل المؤثرة عليها .
أما الشرط الثاني الذي أسميناه العلم بميادين العمل الذي نحتاجه فحدث فيه ولا حرج . في بلاد المسلمين تطغى الدراسات النظرية حتى في العلوم التجريبية ، وتملأ عقول الطلاب بكميات كبيرة من نظريات وفلسفات العلوم ..
أما التطبيق فله أقل القليل من الوقت ، وله أقل القليل من الجهد ، وله أقل القليل من الاختبار أيضاً ؛ فيتخرج الطلاب من الكليات العلمية بحصيلة هزيلة في ميادين التطبيق ، ثم يذهبون إلى العمل الذي يعزلهم عن الميدان في الغالب ؛ فالمهندس يبتعد عن الهندسة ،ويعيش مع الأوراق فقط ..
كل هذا يحدث ونحن المسؤولون عنه . ولا ننكر أن لأعدائنا نصيباً في تكريسه بيننا؛ لأن الشركات الأجنبية التي تعيش في بلاد المسلمين تستقدم خبراءها ومهندسيها معها ، ولا تتيح لأبناء المسلمين إلا المجالات النظرية . بل إن الكثير من شبابنا يخدع نفسه بالأسماء فقط ،ويعيش في المكاتب بعيداً عن ميدان العمل الفعلي .
أما الشرط الثالث الذي ذكرنا أنه يتعلق بجمع عقول الأمة وقلوبها وتوجهها نحو العمل ؛ فهذا- بكل أسف - شرط غائب .
فعقول الأمة وقلوبها مشتتة مفرقة ، نهباً بين الأهواء والشهوات .
والسؤال : من المسؤول عن توجيه الأمة نحو العمل؟؟
إن من أبرز الأسباب في ذلك - ولا ندعي أنها كلّ الأسباب - الفرقة والتنافر في أساليب الطرح الذي يقوم بالنهوض بالأمة .يقول الله تعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى ، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب )) ويقول تعالى : (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ، واصبروا إن الله مع الصابرين ))
إن جهود الأمة الإسلامية قد بدّدت وأنفقت في التناحر، والتقاتل بين الجماعات والدول . كلٌّ يشغل نفسه لإسقاط الآخر ، أو إسقاط آرائه وأساليبه . يبذل كل حزب جهوده وطاقاته ليس للبناء والعمل ، ولكن لإسقاط الآخرين ، وإفساد عملهم .. أما علم هؤلاء أنهم يفسدون ولا يصلحون؟؟ أما علم هؤلاء أن لدى هذه الفئات كلها بعض الأهداف المشتركة التي يمكن التعاون لتحقيقها ؟؟ ما الذي يمنع البلاد الإسلامية أن تتعاون في مجال الزراعة لسدّ حاجة الأمة في هذا المجال ؟ وما الذي يمنع وزارات الصناعة قي بلاد المسلمين أن تتعاون لإنتاج الكثير من الحاجات اليسيرة التي لا تزال الأمة تستوردها ؟
ما الذي يمنع مدارس ومعاهد التدريب المهني في العالم الإسلامي أن تتبادل الخبرات لتخريج العمال المهرة ، لسدّ حاجة الأمة بدلاً من فتح البلاد الإسلامية لأعداء المسلمين ، وفي تخصصات عادية تجد فيها العامل الأجنبي ، وفي إمكان الأمة الإسلامية أن تقوم بهذا الدور بنفسها ؟؟
إن الكثير من مجالات العمل المثمر في بلاد المسلمين تركت ، وشغل الناس بالتناحر السياسي ، والفكري ، والثقافي في أمور قابلة للتأجيل .. بل إن بعض تلك القضايا التي تثار ، ويثار حولها الجدل ، والنقاش المبدّد لطاقات الأمة، قضايا لا حاجة لها أصلاً ، وإنما هي للاستهلاك المحلي ، لإشغال الناس بها ، وكأن من يثيرها يتعمّد إشغال الناس عن ما ينفعهم ، وما ينفع الأمة كلها .
إن الأمور التي لا يمكن أن نتجاوزها ، ولا يمكن أن نتهاون بها هي أمور العقائد والأحكام الشرعية المحكمة . أما أمور الدنيا ، وأساليب إتقانها ؛ فإن من مصلحة الأمة جمع الجهود حولها ، والاتجاه الجاد للتعاون لتحقيقها .. انتصاراً للأمة ، وتمكيناً لها ، وتحريراً لها من سيطرة أعداء الإسلام عليها بسبب سيطرتهم على شؤون دنياهم ..
فهل نحن فاعلون ؟؟؟
قولوا نعم .... وهيا نبدأ
[/align:0e0bd782e3]