ينابيع
17 Apr 2005, 02:09 AM
ملحمة النونية
ملحمة ألفت داخل السجن الحربي في القاهرة عام 1955م وهي تحكي قصة سجين قضى نحو عشرين شهراً في السجن الحربي ... إنها تصوير بسيط لبعض ما قاساه المسلمون الذين عذبوا في هذا السجن الرهيب
تبلغ عدد أبياتها أربعة وتسعين ومائتين - ونورد هنا جزءاً منها
أفضي لكم بفجائعي وشجوني
ثار القريض بخاطري فدعوني
والشعر عودي يوم عزف لحوني
فالشعر دمعي حين يعصرني الأسى
تشجي القلوب بلحنها المحزون
كم قال صحبي أين غر قصائدي
تتلى على الأجيال بعد قرون
وتخلّد الذكرى الأليمة للورى
ما دمت أبغيه ولا يبغيني ؟
ما حيلتي والشعر فيض خواطرٍ
طرباً إلى الإنشاد والتلحين
واليوم عاودني الملاك فهزني
ويمدها قلبي وماء عيوني
ألهمتها عصماء تنبع من دمي
أبداً فكدت يقال لي ذو النونِ
نونية والنون تحلو في فمي
وتركت للأيام ما يعييني
صورت فيها ما استطعت بريشتي
مصرَ بلا خلقٍ ولا قانون
أحداث عهد عصابة حكموا بني
حتى ترحمنا على نيرون
أنست مظالمهم مظالم من خلوا
قد نوّموه بخطبةٍ وطنين
حسبوا الزمان أصمّ أعمى عنهم
وتقوم بالتسجيل والتدوين
ويراعة التاريخ تسخر منهمو
في لوحه وكتابه المكنون
وكفى بربك للخليقة محصياً
*****
قصص من الأهوال ذات شجون
يا سائلي عن قصتي اسمع إنها
وتولّ عن دنياك حتى حين
أمسك بقلبك أن يطير مفزعاً
تسمو على التصوير والتبيين
فالهول عاتٍ والحقائق مرةٌ
بل خطب هذا المشرق المسكين
والخطب ليس بخطب مصر وحدها
فزعت من نومي لصوت رنين
في ليلة ليلاء من نوفمبرٍ
وتحوطني عن شمألٍ ويمين
فإذا كلاب الصيد تهجم بغتةً
فرحاً بصيدٍ للطغاة سمين
فتخطفوني من ذوي وأقبلوا
وقذفت في قفص العذاب الهون
وعزلت عن بصر الحياة وسمعها
من باعث للرعب قد طرحوني
في ساحة (الحربي) حسبك باسمه
عيناي ما لم تحتسبه ظنوني
ما كدت أدخل بابه حتى رأت
يندى لها -والله - كل جبين
في كل شبر للعذاب مناظرٌ
للنهش طوع القائد المفتون
فترى العساكر والكلاب معدة
يعدو عليك بسوطه المسنون
هذي تعض بنابها وزميلها
مما لقيت بهن بضع سنين
ومضت علي دقائق وكأنها
لا زلت حياً أم لقيت منوني؟
يا ليت شعري ما دهانِ؟ وما جرى؟
برزت كواسرها جياع بطون ؟
عجباً أسجن ذاك أم هو غابةٌ
جبارة للمؤمنين طحونِ؟
أأرى بناء أم أرى شقي رحى
أم تلك دار خيالة وفتون ؟
واهاً أفي حلم أنا أم يقظةً
أأشك في ذاتي وعين يقيني ؟
لا لا أشك هي الحقيقة حية
تحوي الفصول السود من مضمون ؟
هذي مقدمة الكتاب فكيف ما
*****
تدعو إلى التحرير والنكوين
هذا هو (الحربي) معقل ثورة
وتخصصوا في فنه الملعون
فيه زبانية أعدوا للأذى
وأكفهم للشر ذات حنين
متبلدون عقولهم بأكفهم
كل أداة في يدي مأفون
لا فرق بينهمو وبين سياطهم
عثروا على كنزٍ لديك ثمين
يتلقفون القادمين كأنهم
وبكل أسلوبٍ خسيسسٍ
دونِ بالرجل بالكرباج باليد بالعصا
في عقل سقراط وأفلاطون
لا يقدرون مفكراً ولو أنه
في زهد عيسى أو تقى
هارون لا يعبئون بصالحٍ ولو أنه
والظهر منه تراه كالعرجون
لا يرحمون الشيخ وهومحطمٌ
زادوا أذاه بقسوةٍ وجنون
لا يشفقون على المريض وطالما
وطئوا عمامته بكل مجون
كم عالمٍ ذي هيبة وعمامةٍ
لكنها هانت هوان الدين
لو لم تكن بيضاء ما عبثوا بها
أغرتهمو بالسبِّ والتلعين
وكبيرِ قومٍ زينته لحيةٌ
لم يعبأوا بسنينه الستين
قالوا له :انتفها -بكل وقاحةٍ
مما يلاقي من أذىً وفتون
فإذا تقاعس أو أبى يا ويله
أم هم ملاعينٌ بنو ملعون ؟
أترى أولئك ينتمون لآدمٍ
من مثل محمودٍ ومن ياسين
تالله أين الآدمية منهمو
وحمادةٍ وعطية وأمين من جودة أو من دياب ومصطفى
لا دين فيهم غير سبّ الدين
لا تحسبوهم مسلمين من اسمهم
لا خوف شعبٍٍ لا حمى قانون
لا دين يردع لا ضمير محاسبٌ
قانوننا هو حمزة البسيوني
من ظن قانوناً هناك فإنما
سموه زوراً قائداً لسجون
جلاد ثورتهم وسوط عذابهم
مستكبر القسمات والعرنين
وجه عبوس قمطرير حاقدُ
نفساً معقدةً وقلب لعين
في خده شجٌ ترى من خلفه
في الشرّ منقوعٍ به معجونِ
متعطشٍ للسوءِ في الدم والغٍ
تدعو إلى التطوير والتحسين
هذا هو الحربي معقل ثورة
في ضيقها وعذابها الملعون
هو صورة صغرى استعيرت من لظى
صوراً تذكرنا بيوم الدين
هو مصنع للهول كم أهدى لنا
من فيض إيمانٍ وبرد يقين
هو فتنة في الدين لولا نفحةٌ
*****
بتخلف التصنيع والتعدين ق
ل للعواذل إن رميتم مصرنا
في صنعة التعذيب والتقرين
مصر الحديثة قد علت وتقدمت
في العرض والإخراج والتلوين
وتفننت - كي لا يمل معذَّبٌ
حتى يُرى في هيئة البالون ؟
أرأيت بالإنسان يُنفخ بطنه
بالطوق حتى ينتهي لجنون ؟
سمعت بالإنسان يُضغط رأسُه
ناراً وقد صبغوه بالفزلين ؟
أسمعت بالإنسان يُشعل جسمُه
حتى يقول: أنا المسئُ خذوني
أسمعت ما يلقى البرئ ويصطلي
رباه عدلك .. إنهم قتلوني
أسمعت بالآهات تخترق الدجى
مثلي ولا ينبيك مثل سجين
إن كنت لم تسمع فسل عمّا جرى
كم من كسير فيه أو مطعون
واسأل ثرى الحربي أو جدرانه
حتى غدت حمراً بلا تلوين
وسل السياط السود كم شربت دماً
كم من جريحٍ عندها وطعين
وسل (العروسة) قبحت من عاهرٍ
سقطوا من التعذيب والتوهين
كم فتية زفوا إليها عنوة
فن العذاب وصنعة التلقين
واسأل (زنازين) الجليد تجبك عن
حينٍ وهذا الزمهرير بحين
بالنار أو بالزمهرير فتلك في
أو شبه عارٍ في شتا كانون
يُلقى الفتنى فيها ليالي عارياً
أو لا فويل مخالفٍ وحرون
وهناك يملي الاعتراف كما اشتهوا
كم من شهيدٍ في التلال دفين
وسل (المقطم) وهو أعدل شاهدٍ
لا بالرصاص ولا القنا المسنون
قتلته طغمة مصر أبشع قتلةٍ
للقطع والتمزيق بالسكين
بل علقوه كالذبيحة هيئت
جلدٌ وهم في الجلد أهل فنون
وتهجدوا فيه ليالي كلها
فالكي بالنيران خير ضمين
فإذا السياط عجزن عن إنطاقه
لفتى بأيدي المجرمين رهين
ومضت ليالٍ والعذاب مسجّرٌ
لم يسمعوا لتأوهٍ وحنين
لم يعبؤوا بجراحه وصديدها
فأبى الفتى إلا اختيار منون
قالوا اعترف أو مت فأنت مخيّرٌ
يا إخوتي استشهدت فاحتسبوني
وجرى الدم الدفاق يسطر في الثرى
أحيا حياة الحر لا المسجونِ
لا تحزنوا إني لربي ذاهبٌ
فاليأس أصل الضعف والتهوين
وامضوا على درب الهدى لا تيأسوا
...................... ................
*****
سجناً وبات الشعب شر سجين
قل للذي جعل الكنانة كلها
أمن النضار خلقت أم من طين ؟
يا أيها المغرور في سلطانه
لك دائنين فكنت شر مدين
يا من أسأت لكل من قد أحسنوا
والذئب لم يك ساعة بأمين
يا ذئب غدرٍ نصبوه راعياً
شرٍ وحقدٍ في الصدور دفين
يا من زرعت الشر لن تجني سوى
دول أولات عساكر وحصون
سيزول حكمك يا ظلوم كما انقضت
دكاً وركن الطلم غير ركين
ستهب عاصفةٌ تدك بناءه
والمال بالآلاف والمليون ؟
ماذا كسبت وقد بذلت من القوى
ورجالها في الهدم لا التكوين
أرهقت أعصاب البلاد ومالها
مع غير (جون بولٍ) ولا كوهين
وأدرت معركة تأجج نارها
وربحت غير خسارة المغبون ؟
هل عدت إلا بالهزيمة مرّةٍ
تهوي بها سفلاً إلى سجّين
وحفرت في كل القلوب مغاوراً
جسراً به نرقى لعليين
وبنيت من أشلائنا وعظامنا
ودققت إسفيناً إلى إسفين
وصنعت باليد نعش عهدك طائعاً
خابت ظنونك فهي شر ظنون
وظننت دعوتنا تموت بضربةٍ
منّا كحدّ الصارم المسنون
بليت سياطك والعزائم لم تزل
فالنار في البركان ذات كمون
إنا لعمري إن صمتنا برهةً
يوماً وفي التاريخ برُّ يميني
تا لله ما الطغيان يهزم دعوةً
بالسوط ضع عنقي على السكّين
ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي
أو نزع إيماني ونور يقيني
لن تستطيع حصار فكري ساعةً
ربّي .. وربّي ناصري ومعيني
فالنور في قلبي وقلبي في يديْ
وأموت مبتسماً ليحيا ديني
ملحمة ألفت داخل السجن الحربي في القاهرة عام 1955م وهي تحكي قصة سجين قضى نحو عشرين شهراً في السجن الحربي ... إنها تصوير بسيط لبعض ما قاساه المسلمون الذين عذبوا في هذا السجن الرهيب
تبلغ عدد أبياتها أربعة وتسعين ومائتين - ونورد هنا جزءاً منها
أفضي لكم بفجائعي وشجوني
ثار القريض بخاطري فدعوني
والشعر عودي يوم عزف لحوني
فالشعر دمعي حين يعصرني الأسى
تشجي القلوب بلحنها المحزون
كم قال صحبي أين غر قصائدي
تتلى على الأجيال بعد قرون
وتخلّد الذكرى الأليمة للورى
ما دمت أبغيه ولا يبغيني ؟
ما حيلتي والشعر فيض خواطرٍ
طرباً إلى الإنشاد والتلحين
واليوم عاودني الملاك فهزني
ويمدها قلبي وماء عيوني
ألهمتها عصماء تنبع من دمي
أبداً فكدت يقال لي ذو النونِ
نونية والنون تحلو في فمي
وتركت للأيام ما يعييني
صورت فيها ما استطعت بريشتي
مصرَ بلا خلقٍ ولا قانون
أحداث عهد عصابة حكموا بني
حتى ترحمنا على نيرون
أنست مظالمهم مظالم من خلوا
قد نوّموه بخطبةٍ وطنين
حسبوا الزمان أصمّ أعمى عنهم
وتقوم بالتسجيل والتدوين
ويراعة التاريخ تسخر منهمو
في لوحه وكتابه المكنون
وكفى بربك للخليقة محصياً
*****
قصص من الأهوال ذات شجون
يا سائلي عن قصتي اسمع إنها
وتولّ عن دنياك حتى حين
أمسك بقلبك أن يطير مفزعاً
تسمو على التصوير والتبيين
فالهول عاتٍ والحقائق مرةٌ
بل خطب هذا المشرق المسكين
والخطب ليس بخطب مصر وحدها
فزعت من نومي لصوت رنين
في ليلة ليلاء من نوفمبرٍ
وتحوطني عن شمألٍ ويمين
فإذا كلاب الصيد تهجم بغتةً
فرحاً بصيدٍ للطغاة سمين
فتخطفوني من ذوي وأقبلوا
وقذفت في قفص العذاب الهون
وعزلت عن بصر الحياة وسمعها
من باعث للرعب قد طرحوني
في ساحة (الحربي) حسبك باسمه
عيناي ما لم تحتسبه ظنوني
ما كدت أدخل بابه حتى رأت
يندى لها -والله - كل جبين
في كل شبر للعذاب مناظرٌ
للنهش طوع القائد المفتون
فترى العساكر والكلاب معدة
يعدو عليك بسوطه المسنون
هذي تعض بنابها وزميلها
مما لقيت بهن بضع سنين
ومضت علي دقائق وكأنها
لا زلت حياً أم لقيت منوني؟
يا ليت شعري ما دهانِ؟ وما جرى؟
برزت كواسرها جياع بطون ؟
عجباً أسجن ذاك أم هو غابةٌ
جبارة للمؤمنين طحونِ؟
أأرى بناء أم أرى شقي رحى
أم تلك دار خيالة وفتون ؟
واهاً أفي حلم أنا أم يقظةً
أأشك في ذاتي وعين يقيني ؟
لا لا أشك هي الحقيقة حية
تحوي الفصول السود من مضمون ؟
هذي مقدمة الكتاب فكيف ما
*****
تدعو إلى التحرير والنكوين
هذا هو (الحربي) معقل ثورة
وتخصصوا في فنه الملعون
فيه زبانية أعدوا للأذى
وأكفهم للشر ذات حنين
متبلدون عقولهم بأكفهم
كل أداة في يدي مأفون
لا فرق بينهمو وبين سياطهم
عثروا على كنزٍ لديك ثمين
يتلقفون القادمين كأنهم
وبكل أسلوبٍ خسيسسٍ
دونِ بالرجل بالكرباج باليد بالعصا
في عقل سقراط وأفلاطون
لا يقدرون مفكراً ولو أنه
في زهد عيسى أو تقى
هارون لا يعبئون بصالحٍ ولو أنه
والظهر منه تراه كالعرجون
لا يرحمون الشيخ وهومحطمٌ
زادوا أذاه بقسوةٍ وجنون
لا يشفقون على المريض وطالما
وطئوا عمامته بكل مجون
كم عالمٍ ذي هيبة وعمامةٍ
لكنها هانت هوان الدين
لو لم تكن بيضاء ما عبثوا بها
أغرتهمو بالسبِّ والتلعين
وكبيرِ قومٍ زينته لحيةٌ
لم يعبأوا بسنينه الستين
قالوا له :انتفها -بكل وقاحةٍ
مما يلاقي من أذىً وفتون
فإذا تقاعس أو أبى يا ويله
أم هم ملاعينٌ بنو ملعون ؟
أترى أولئك ينتمون لآدمٍ
من مثل محمودٍ ومن ياسين
تالله أين الآدمية منهمو
وحمادةٍ وعطية وأمين من جودة أو من دياب ومصطفى
لا دين فيهم غير سبّ الدين
لا تحسبوهم مسلمين من اسمهم
لا خوف شعبٍٍ لا حمى قانون
لا دين يردع لا ضمير محاسبٌ
قانوننا هو حمزة البسيوني
من ظن قانوناً هناك فإنما
سموه زوراً قائداً لسجون
جلاد ثورتهم وسوط عذابهم
مستكبر القسمات والعرنين
وجه عبوس قمطرير حاقدُ
نفساً معقدةً وقلب لعين
في خده شجٌ ترى من خلفه
في الشرّ منقوعٍ به معجونِ
متعطشٍ للسوءِ في الدم والغٍ
تدعو إلى التطوير والتحسين
هذا هو الحربي معقل ثورة
في ضيقها وعذابها الملعون
هو صورة صغرى استعيرت من لظى
صوراً تذكرنا بيوم الدين
هو مصنع للهول كم أهدى لنا
من فيض إيمانٍ وبرد يقين
هو فتنة في الدين لولا نفحةٌ
*****
بتخلف التصنيع والتعدين ق
ل للعواذل إن رميتم مصرنا
في صنعة التعذيب والتقرين
مصر الحديثة قد علت وتقدمت
في العرض والإخراج والتلوين
وتفننت - كي لا يمل معذَّبٌ
حتى يُرى في هيئة البالون ؟
أرأيت بالإنسان يُنفخ بطنه
بالطوق حتى ينتهي لجنون ؟
سمعت بالإنسان يُضغط رأسُه
ناراً وقد صبغوه بالفزلين ؟
أسمعت بالإنسان يُشعل جسمُه
حتى يقول: أنا المسئُ خذوني
أسمعت ما يلقى البرئ ويصطلي
رباه عدلك .. إنهم قتلوني
أسمعت بالآهات تخترق الدجى
مثلي ولا ينبيك مثل سجين
إن كنت لم تسمع فسل عمّا جرى
كم من كسير فيه أو مطعون
واسأل ثرى الحربي أو جدرانه
حتى غدت حمراً بلا تلوين
وسل السياط السود كم شربت دماً
كم من جريحٍ عندها وطعين
وسل (العروسة) قبحت من عاهرٍ
سقطوا من التعذيب والتوهين
كم فتية زفوا إليها عنوة
فن العذاب وصنعة التلقين
واسأل (زنازين) الجليد تجبك عن
حينٍ وهذا الزمهرير بحين
بالنار أو بالزمهرير فتلك في
أو شبه عارٍ في شتا كانون
يُلقى الفتنى فيها ليالي عارياً
أو لا فويل مخالفٍ وحرون
وهناك يملي الاعتراف كما اشتهوا
كم من شهيدٍ في التلال دفين
وسل (المقطم) وهو أعدل شاهدٍ
لا بالرصاص ولا القنا المسنون
قتلته طغمة مصر أبشع قتلةٍ
للقطع والتمزيق بالسكين
بل علقوه كالذبيحة هيئت
جلدٌ وهم في الجلد أهل فنون
وتهجدوا فيه ليالي كلها
فالكي بالنيران خير ضمين
فإذا السياط عجزن عن إنطاقه
لفتى بأيدي المجرمين رهين
ومضت ليالٍ والعذاب مسجّرٌ
لم يسمعوا لتأوهٍ وحنين
لم يعبؤوا بجراحه وصديدها
فأبى الفتى إلا اختيار منون
قالوا اعترف أو مت فأنت مخيّرٌ
يا إخوتي استشهدت فاحتسبوني
وجرى الدم الدفاق يسطر في الثرى
أحيا حياة الحر لا المسجونِ
لا تحزنوا إني لربي ذاهبٌ
فاليأس أصل الضعف والتهوين
وامضوا على درب الهدى لا تيأسوا
...................... ................
*****
سجناً وبات الشعب شر سجين
قل للذي جعل الكنانة كلها
أمن النضار خلقت أم من طين ؟
يا أيها المغرور في سلطانه
لك دائنين فكنت شر مدين
يا من أسأت لكل من قد أحسنوا
والذئب لم يك ساعة بأمين
يا ذئب غدرٍ نصبوه راعياً
شرٍ وحقدٍ في الصدور دفين
يا من زرعت الشر لن تجني سوى
دول أولات عساكر وحصون
سيزول حكمك يا ظلوم كما انقضت
دكاً وركن الطلم غير ركين
ستهب عاصفةٌ تدك بناءه
والمال بالآلاف والمليون ؟
ماذا كسبت وقد بذلت من القوى
ورجالها في الهدم لا التكوين
أرهقت أعصاب البلاد ومالها
مع غير (جون بولٍ) ولا كوهين
وأدرت معركة تأجج نارها
وربحت غير خسارة المغبون ؟
هل عدت إلا بالهزيمة مرّةٍ
تهوي بها سفلاً إلى سجّين
وحفرت في كل القلوب مغاوراً
جسراً به نرقى لعليين
وبنيت من أشلائنا وعظامنا
ودققت إسفيناً إلى إسفين
وصنعت باليد نعش عهدك طائعاً
خابت ظنونك فهي شر ظنون
وظننت دعوتنا تموت بضربةٍ
منّا كحدّ الصارم المسنون
بليت سياطك والعزائم لم تزل
فالنار في البركان ذات كمون
إنا لعمري إن صمتنا برهةً
يوماً وفي التاريخ برُّ يميني
تا لله ما الطغيان يهزم دعوةً
بالسوط ضع عنقي على السكّين
ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي
أو نزع إيماني ونور يقيني
لن تستطيع حصار فكري ساعةً
ربّي .. وربّي ناصري ومعيني
فالنور في قلبي وقلبي في يديْ
وأموت مبتسماً ليحيا ديني