منير 83
29 Apr 2005, 03:24 PM
في رثاء عمر المختار
[الكاتب: أحمد شوقي]
ركزوا رفاتكَ في الرمال لواءَ * يستنهضُ الوادي صباحَ مساءَ
يا ويحهم! نصبوا مناراً من دمٍ * توحيِ إلى جيل الغدِ البغضاءَ
ما ضرَّ لو جعلوا العلاقةَ في غدِ * بين الشعوب مودةً وإخاءَ
جرحٌ يصيحُ على المدى، وضحيةٌ * تتلمسُ الحريةَ الحمراءَ
يأيها السيفُ المجردُ بالفلا * يكسو السيوفَ على الزمان مضاءَ
تلك الصحاري غمدُ كل مهندِ ٍ * أبلى فأحسنَ في العدوِّ بلاءَ
وقبورُ موتىَ من شبابِ أميةٍ * وكهولهم لم يبرحوا أحياءَ
لو لاذَ بالجوزاءِ منهم معقل * دخلوا على أبراجها الجوزاءَ
فتحوا الشمالَ : سهولهُ وجبالهُ * وتوغلوا، فاستعمروا الخضراءَ
وبنوا حضارهم، فطاول ركنها * دارَ السلاوِ، وجلقَ الشماءَ
خيرت فاخترت المبيتَ على الطوى * لم تبنِ جاهاً، أو تلمَّ ثراءَ
إنَّ البطولةَ أن تموتَ من الظَّا * ليس البطولةُ أن تعبَّ
إفريقيا مهدُ الأسودِ ولحدُها * ضجتْ عليكَ أراجلاً ونساءَ
والمسلمون على اختلافِ ديارهم * لا يملكونَ معَ المصابِ عزاءَ
والجاهليةُ من وراءٍِ قبورهم * يبكون زيدَ الخيل والفلحاءَ
في ذمة اللهِ الكريمِ وحفظهِ * جسدٌ ببرقه وسدَ الصحراءَ
لم نبقِ منه رحى الوقائعِ أعظماً * تبلى، ولم تبقِ الرماحُ دماءَ
كرفاتِ نسرٍ أو بقيةِ ضيغهمٍ * باتا وراءالسافياتِ هباءَ
بطلُ البدوةِ لم يكن يغزو على * تنكٍ، يكُ يركبُ الأجواءَ
لكنْ أخو خيلٍ حمىَ صهوتها * وأدارَ من أعرافها الهيجاءَ
لَّبى قضاءَ الأرصِ أمسِ بمهمجةٍ * لم تخشَ إلا للسماءِ قضاءَ
وافاهُ مرفوعَ الجبينِ كأنه * سقراطُ جرَّ إلى القضاةِ رداءَ
شيخٌ تمالكَ سنةُ لم ينفجرْ * كالطفل من خوفِ العقابِ بكاءَ
وأخو أمورٍ عاشَ في سرائها * فتغيرتْ، فتوقع الضراءَ
الأسدُ تزأرُ في الحديدِ ولن ترى* في السجنِ ضرغاماً بكى استخذاءَ
وأتى الأسيرُ يجرُّ ثقلَ حديدهِ * أسدٌ يجروُ حيةً رقطاءَ
عضتْ بساقيهِ القيودُ فلم ينؤْ * ومشتْ بهيكله السنون فناءَ
تسعونَ لو ركبتَ شاهقٍ * لترجلتْ هضاباتهُ إععباءَ
خفيتْ عن القاضي، وفاتَ نصيبها * من رفق جندٍ قادةً نبلاءَ
والسنُّ تعصفُ كلَّ قلبِ مهذبٍ * عرفَ الجدودَ، وأدركَ الآباءَ
دفعوا إلى الجلادِ أغلبَ ماجداً *يأسو الجراحَ، ويطلقُ الأسراءَ
ويشاطرُ الأفرانَ ذخرَ سلاحهِ * ويصفُّ حولَ خوانهِ الأعداءَ
وتخيروا الحبلَ المهينَ منيهً * لليثِ يلفظ حولهُ الحوباءَ
حرموا المماتَ يدَ الحضارةِ أولعتْ * بالحقِّ هدما تارةً وبناءَ
شرعتْ حقوقَ الناسِ في أوطانهم * إلا أُباهَ الضيمِ والضعفاءَ
يأيها الشعبُ القريبُ، أسامعٌ * فأصوغَ في عمرَ الشهيدِ رثاءَ
أم ألجمتْ فاكَ الخطوبُ وحرمت * أذنيكَ حينَ تخاطبُ الإصغاءَ
ذهب الزعيمُ وأنتَ باقٍ خالدٌ * فانقذ رجالك، واخترِ الزعماءَ
وأرحْ شيوخكَ من تكاليفِ الوغىَ * واحملْ على فتيانكَ الأعباءَ
[الكاتب: أحمد شوقي]
ركزوا رفاتكَ في الرمال لواءَ * يستنهضُ الوادي صباحَ مساءَ
يا ويحهم! نصبوا مناراً من دمٍ * توحيِ إلى جيل الغدِ البغضاءَ
ما ضرَّ لو جعلوا العلاقةَ في غدِ * بين الشعوب مودةً وإخاءَ
جرحٌ يصيحُ على المدى، وضحيةٌ * تتلمسُ الحريةَ الحمراءَ
يأيها السيفُ المجردُ بالفلا * يكسو السيوفَ على الزمان مضاءَ
تلك الصحاري غمدُ كل مهندِ ٍ * أبلى فأحسنَ في العدوِّ بلاءَ
وقبورُ موتىَ من شبابِ أميةٍ * وكهولهم لم يبرحوا أحياءَ
لو لاذَ بالجوزاءِ منهم معقل * دخلوا على أبراجها الجوزاءَ
فتحوا الشمالَ : سهولهُ وجبالهُ * وتوغلوا، فاستعمروا الخضراءَ
وبنوا حضارهم، فطاول ركنها * دارَ السلاوِ، وجلقَ الشماءَ
خيرت فاخترت المبيتَ على الطوى * لم تبنِ جاهاً، أو تلمَّ ثراءَ
إنَّ البطولةَ أن تموتَ من الظَّا * ليس البطولةُ أن تعبَّ
إفريقيا مهدُ الأسودِ ولحدُها * ضجتْ عليكَ أراجلاً ونساءَ
والمسلمون على اختلافِ ديارهم * لا يملكونَ معَ المصابِ عزاءَ
والجاهليةُ من وراءٍِ قبورهم * يبكون زيدَ الخيل والفلحاءَ
في ذمة اللهِ الكريمِ وحفظهِ * جسدٌ ببرقه وسدَ الصحراءَ
لم نبقِ منه رحى الوقائعِ أعظماً * تبلى، ولم تبقِ الرماحُ دماءَ
كرفاتِ نسرٍ أو بقيةِ ضيغهمٍ * باتا وراءالسافياتِ هباءَ
بطلُ البدوةِ لم يكن يغزو على * تنكٍ، يكُ يركبُ الأجواءَ
لكنْ أخو خيلٍ حمىَ صهوتها * وأدارَ من أعرافها الهيجاءَ
لَّبى قضاءَ الأرصِ أمسِ بمهمجةٍ * لم تخشَ إلا للسماءِ قضاءَ
وافاهُ مرفوعَ الجبينِ كأنه * سقراطُ جرَّ إلى القضاةِ رداءَ
شيخٌ تمالكَ سنةُ لم ينفجرْ * كالطفل من خوفِ العقابِ بكاءَ
وأخو أمورٍ عاشَ في سرائها * فتغيرتْ، فتوقع الضراءَ
الأسدُ تزأرُ في الحديدِ ولن ترى* في السجنِ ضرغاماً بكى استخذاءَ
وأتى الأسيرُ يجرُّ ثقلَ حديدهِ * أسدٌ يجروُ حيةً رقطاءَ
عضتْ بساقيهِ القيودُ فلم ينؤْ * ومشتْ بهيكله السنون فناءَ
تسعونَ لو ركبتَ شاهقٍ * لترجلتْ هضاباتهُ إععباءَ
خفيتْ عن القاضي، وفاتَ نصيبها * من رفق جندٍ قادةً نبلاءَ
والسنُّ تعصفُ كلَّ قلبِ مهذبٍ * عرفَ الجدودَ، وأدركَ الآباءَ
دفعوا إلى الجلادِ أغلبَ ماجداً *يأسو الجراحَ، ويطلقُ الأسراءَ
ويشاطرُ الأفرانَ ذخرَ سلاحهِ * ويصفُّ حولَ خوانهِ الأعداءَ
وتخيروا الحبلَ المهينَ منيهً * لليثِ يلفظ حولهُ الحوباءَ
حرموا المماتَ يدَ الحضارةِ أولعتْ * بالحقِّ هدما تارةً وبناءَ
شرعتْ حقوقَ الناسِ في أوطانهم * إلا أُباهَ الضيمِ والضعفاءَ
يأيها الشعبُ القريبُ، أسامعٌ * فأصوغَ في عمرَ الشهيدِ رثاءَ
أم ألجمتْ فاكَ الخطوبُ وحرمت * أذنيكَ حينَ تخاطبُ الإصغاءَ
ذهب الزعيمُ وأنتَ باقٍ خالدٌ * فانقذ رجالك، واخترِ الزعماءَ
وأرحْ شيوخكَ من تكاليفِ الوغىَ * واحملْ على فتيانكَ الأعباءَ