أبو يوسف
06 May 2005, 07:24 AM
الحلقة التاسعة
خير أهل الأرض
حدثنا علي حدثنا سفيان قال عمرو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال لنا رسول الله e يوم الحديبية أنتم خير أهل الأرض وكنا ألفا وأربعمائة ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة تابعه الأعمش سمع سالما سمع جابرا ألفا وأربعمائة [1]
هذا النص يدل على أن الصديق رضي الله عنه خير أهل الأرض بعد الأنبياء مع جميع من حضر الحديبية وكان معهم ؛ وعددهم ألف وأربعمائة بل الأصحاب جميعا كما أوضحت روايات أخرى وبعض الشروح وقد انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وهو عنهم راض وبخاصة الصديق فقد بقيت خوخة أبي بكر مفتوحة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم عندما سدت بقيتها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في مرض موته صلى الله عليه وسلم وهذا يرد على من يرى غير هذا ...
يقول ابن حجر في شرح حديث الشجرة (هذا صريح في فضل أصحاب الشجرة فقد كان من المسلمين إذ ذاك جماعة بمكة وبالمدينة وبغيرهما وعند أحمد بإسناد حسن عن أبي سعيد الخدري قال لما كان بالحديبية قال النبي e لا توقدوا نارا بليل فلما كان بعد ذلك قال أوقدوا واصطنعوا فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا مدكم وعند مسلم من حديث جابر مرفوعا لا يدخل النار من شهد بدرا والحديبية وروى مسلم أيضا من حديث أم مبشر أنها سمعت النبي e يقول لا يدخل النار أحد من أصحاب الشجرة وتمسك به بعض الشيعة في تفضيل علي على عثمان لأن عليا كان من جملة من خوطب بذلك وممن بايع تحت الشجرة وكان عثمان حينئذ غائبا كما تقدم في المناقب من حديث بن عمر لكن تقدم في حديث بن عمر المذكور أن النبي e بايع عنه فاستوى معهم عثمان في الخيرية المذكورة ولم يقصد في الحديث إلى تفضيل بعضهم على بعض واستدل به أيضا على أن الخضر ليس بحي لأنه لو كان حيا مع ثبوت كونه نبيا للزم تفضيل غير النبي على النبي وهو باطل فدل على أنه ليس بحي حينئذ وأجاب من زعم أنه حي باحتمال أن يكون حينئذ حاضرا معهم ولم يقصد إلى تفضيل بعضهم على بعض أو لم يكن على وجه الأرض بل كان في البحر والثاني جواب ساقط وعكس بن التين فاستدل به على أن الخضر ليس بنبي فبنى الأمر على أنه حي وأنه دخل في عموم من فضل النبي e أهل الشجرة عليهم وقد قدمنا الأدلة الواضحة على ثبوت نبوة الخضر في أحاديث الأنبياء وأغرب بن التين فجزم أن إلياس ليس بنبي وبناه على قول من زعم أنه أيضا حي وهو ضعيف أعني كونه حيا وأما كونه ليس بنبي فنفى باطل ففي القرآن العظيم وان إلياس لمن المرسلين فكيف يكون أحد من بني آدم مرسلا وليس بنبي قوله ولو كنت أبصر اليوم يعني أنه كان عمى في آخر عمره قوله تابعه الأعمش سمع سالما يعني بن أبي الجعد سمع جابرا ألفا وأربعمائة أي في قوله ألفا وأربعمائة وهذه الطريق وصلها المؤلف في آخر كتاب الأشربة وساق الحديث أتم مما هنا وبين في آخره الاختلاف فيه على سالم ثم على جابر في العدد المذكور وقد بينت وجه الجمع قريبا وقيل إنما عدل الصحابي عن قوله ألف وأربعمائة إلى قوله أربع عشرة مائة للإشارة إلى أن الجيش كان منقسما إلى المئات وكانت كل مائة ممتازة عن الأخرى إما بالنسبة إلى القبائل وإما بالنسبة إلى الصفات قال بن دحية الاختلاف في عددهم دال على أنه قيل بالتخمين وتعقب بإمكان الجمع كما تقدم .[2]
وينبغي التنبه إلى القاعدة المعروفة في تقدير الناس لسابقتهم ولما قدموه ولو فرضنا جدلا أنه حدث أخطاء للبعض فإنهم غير معصومين وغيرخاف ما ورد من الأدلة على هذا والتي منها حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله e كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه[3]
وهي قاعدة مدعمة بالأدلة من الكتاب والسنة وسيأتي منها شيء في الحلقات القادمة _إن شاء الله - .
وعلى كل حال فإن صفوة الأمة رضي الله عنهم أجمين مشهود لهم بالخير وحيا وعقلا وهو واضح أبلج لمن وفقه الله تعالى فهداه إلى الصواب اللهم اجعلنا وجميع المسلمين منهم .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - صحيح البخاري 4/ 1526رقم 3923
[2] - الفتح 7/ 443-444 .
[3] - المستدرك 4/ 272رقم 7617.
خير أهل الأرض
حدثنا علي حدثنا سفيان قال عمرو سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال لنا رسول الله e يوم الحديبية أنتم خير أهل الأرض وكنا ألفا وأربعمائة ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة تابعه الأعمش سمع سالما سمع جابرا ألفا وأربعمائة [1]
هذا النص يدل على أن الصديق رضي الله عنه خير أهل الأرض بعد الأنبياء مع جميع من حضر الحديبية وكان معهم ؛ وعددهم ألف وأربعمائة بل الأصحاب جميعا كما أوضحت روايات أخرى وبعض الشروح وقد انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وهو عنهم راض وبخاصة الصديق فقد بقيت خوخة أبي بكر مفتوحة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم عندما سدت بقيتها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في مرض موته صلى الله عليه وسلم وهذا يرد على من يرى غير هذا ...
يقول ابن حجر في شرح حديث الشجرة (هذا صريح في فضل أصحاب الشجرة فقد كان من المسلمين إذ ذاك جماعة بمكة وبالمدينة وبغيرهما وعند أحمد بإسناد حسن عن أبي سعيد الخدري قال لما كان بالحديبية قال النبي e لا توقدوا نارا بليل فلما كان بعد ذلك قال أوقدوا واصطنعوا فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا مدكم وعند مسلم من حديث جابر مرفوعا لا يدخل النار من شهد بدرا والحديبية وروى مسلم أيضا من حديث أم مبشر أنها سمعت النبي e يقول لا يدخل النار أحد من أصحاب الشجرة وتمسك به بعض الشيعة في تفضيل علي على عثمان لأن عليا كان من جملة من خوطب بذلك وممن بايع تحت الشجرة وكان عثمان حينئذ غائبا كما تقدم في المناقب من حديث بن عمر لكن تقدم في حديث بن عمر المذكور أن النبي e بايع عنه فاستوى معهم عثمان في الخيرية المذكورة ولم يقصد في الحديث إلى تفضيل بعضهم على بعض واستدل به أيضا على أن الخضر ليس بحي لأنه لو كان حيا مع ثبوت كونه نبيا للزم تفضيل غير النبي على النبي وهو باطل فدل على أنه ليس بحي حينئذ وأجاب من زعم أنه حي باحتمال أن يكون حينئذ حاضرا معهم ولم يقصد إلى تفضيل بعضهم على بعض أو لم يكن على وجه الأرض بل كان في البحر والثاني جواب ساقط وعكس بن التين فاستدل به على أن الخضر ليس بنبي فبنى الأمر على أنه حي وأنه دخل في عموم من فضل النبي e أهل الشجرة عليهم وقد قدمنا الأدلة الواضحة على ثبوت نبوة الخضر في أحاديث الأنبياء وأغرب بن التين فجزم أن إلياس ليس بنبي وبناه على قول من زعم أنه أيضا حي وهو ضعيف أعني كونه حيا وأما كونه ليس بنبي فنفى باطل ففي القرآن العظيم وان إلياس لمن المرسلين فكيف يكون أحد من بني آدم مرسلا وليس بنبي قوله ولو كنت أبصر اليوم يعني أنه كان عمى في آخر عمره قوله تابعه الأعمش سمع سالما يعني بن أبي الجعد سمع جابرا ألفا وأربعمائة أي في قوله ألفا وأربعمائة وهذه الطريق وصلها المؤلف في آخر كتاب الأشربة وساق الحديث أتم مما هنا وبين في آخره الاختلاف فيه على سالم ثم على جابر في العدد المذكور وقد بينت وجه الجمع قريبا وقيل إنما عدل الصحابي عن قوله ألف وأربعمائة إلى قوله أربع عشرة مائة للإشارة إلى أن الجيش كان منقسما إلى المئات وكانت كل مائة ممتازة عن الأخرى إما بالنسبة إلى القبائل وإما بالنسبة إلى الصفات قال بن دحية الاختلاف في عددهم دال على أنه قيل بالتخمين وتعقب بإمكان الجمع كما تقدم .[2]
وينبغي التنبه إلى القاعدة المعروفة في تقدير الناس لسابقتهم ولما قدموه ولو فرضنا جدلا أنه حدث أخطاء للبعض فإنهم غير معصومين وغيرخاف ما ورد من الأدلة على هذا والتي منها حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله e كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه[3]
وهي قاعدة مدعمة بالأدلة من الكتاب والسنة وسيأتي منها شيء في الحلقات القادمة _إن شاء الله - .
وعلى كل حال فإن صفوة الأمة رضي الله عنهم أجمين مشهود لهم بالخير وحيا وعقلا وهو واضح أبلج لمن وفقه الله تعالى فهداه إلى الصواب اللهم اجعلنا وجميع المسلمين منهم .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - صحيح البخاري 4/ 1526رقم 3923
[2] - الفتح 7/ 443-444 .
[3] - المستدرك 4/ 272رقم 7617.