أبوالزبير
09 May 2005, 09:03 AM
مثل في النصيحة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم . .
أما بعد
أيها الأخوة والأخوات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر أن يحيى بن يزيد النوفلي كتب إلى أخيه في الله مالك بن أنس رضي الله عنها ، النصيحة
الآتية :
" بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على رسوله محمد من الأولين والآخرين ، من يحيى
بن يزيد إلى مالك بن أنس ، أما بعد :
فقد بلغني أنك تلبس الدقاق ، وتأكل الرقاق ، وتجلس على الوطيئ ، وتجعل على بابك حاجباً ،
وقد جلست مجلس العلم ، وقد ضربت إليك المطي ، وارتحل إليك الناس ، واتخذوك إماماً ،
ورضوا بقولك ، فاتق الله تعالى يا مالك ، وعليك بالتواضع ، كتبت إليك بالنصيحة مني كتاباً ما
اطلع عليه غير الله سبحانه وتعالى ، والسلام " .
فكتب إليه مالك :
" بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ، من مالك بن
أنس إلى يحيى بن يزيد ، سلام الله عليك ، أما بعد :
فقد وصل إليّ كتابك ، فوقع مني موقع النصيحة ، والشفقة والأدب ، أمتعك الله بالتقوى ،
وجزاك بالنصيحة خيراً ، وأسال الله تعالى التوفيق ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
فأما ما ذكرت لي أني آكل الرقاق ، وألبس الدقاق ، وأحتجب وأجلس على الوطيئ ، فنحن نفعل
ذلك ، ونستغفر الله تعالى ، فقد قال الله تعالى :
( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَة اللهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ والطَّيَّبَاتِ مِنَ الرَّزْقِِ ) الأعراف : 32
وإني لأعلم أن ترك ذلك خير من الدخول فيه ، ولا تدعنا من كتابك فلسنا ندعك من كتابنا ،
والسلام " .
من وحي هذا المثل الرائع في النصح تتبدى لنا أمور . . تنتصب منارات هداية ، وعلامات
رشد . . تضبط السلوك وتوجهه ، وتحسن الأداء وترشده ، وتسعى إلى تماسك الوشائج ،
وتمتين العلاقات والروابط ، كما ينبغي أن يكون ذلك كله بين الإخوان . . وفق المنهج الرباني
السديد ، الذي اختطه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .
ونضع الدروس المستفادة هنا ، من هذا المثل الرائع في مجموعتين ، الأولى تخص الناصح ،
والأخرى تخص المنصوح ، علّنا بهذا ندرك جانباً مهماً من فقه " النصيحة " التي تداخلت فيها
المتشابهات ، وتشابكت بها المتباينات ، واشتطّ بها البعض عن طريقها ، وأخرجها عن نطاقها
، ولم يبق منها غير الرسم والإسم ، الذي بات للأسف يشكل استفزازاً عند المنصوح ، ذلك أن
الناصح اتخذها سبيلاً للقدح والتشهير . . لهذا سقنا هذا المثل بين علمين من سلفنا الصالح ،
علّنا نهتدي إلى الصواب . . وننتقي الطيب المستطاب . . فللأخ الناصح ، وللأخ المنصوح ، هذه
الشروط والضوابط ، المستفادة من واقع هذا المثل .
أولاً : في الناصح :
- لا بد أن يكون واضحاً في نصحه ، صريحاً في تحديد القضية .
- أن يعتمد الاختصار والإيجاز وعدم الإطالة ، مع الجزالة في
اللفظ ، والقوة في السبك ، بعيداً عن التقعّر والتكلّف .
- أن يذكر المحاسن التي عرف بها المنصوح ، وأن يشير إلى مكانته . . كمقدمة سريعة للدخول
إلى قلبه .
- أن يحرص على سرية النصيحة وكتمان أمرها .
ثانياً : في المنصوح :
- الرضا والقبول بمبدأ النصيحة ، وعدم التبرم بها . . ما دامت
في إطار النصيحة وتوافرت لها شروط ذلك .
- الدعاء للناصح بما يليق بشرف عمله هذا .
- إظهار الحرص على ضرورة استمرار التناصح بين الإخوان .
- الاعتراف بمضمونها إن كان حقاً ، وإن لم يكن الرأي الراجح .
- تأخير بيان الرأي الآخر في المسألة بعد كل ما ذكرنا ، حرصاً على استمرارية نهج المناصحة
في الدين والدنيا ، بين الإخوان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أملنا أن يحيا " فقه النصيحة " ، بصورته الصحيحة ، بين الإخوان حتى لا نفقد الخير العميم .
. الذي حتماً سيغيب حين تغيب " النصيحة " من حياة الدعاة إلى الله ، أو حين تؤدى بشكل
خاطيئ .
أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه
وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنابه
ووفق الله الجميع
والله من وراء القصد
محبكم في الله
أبو الزبير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم . .
أما بعد
أيها الأخوة والأخوات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكر أن يحيى بن يزيد النوفلي كتب إلى أخيه في الله مالك بن أنس رضي الله عنها ، النصيحة
الآتية :
" بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على رسوله محمد من الأولين والآخرين ، من يحيى
بن يزيد إلى مالك بن أنس ، أما بعد :
فقد بلغني أنك تلبس الدقاق ، وتأكل الرقاق ، وتجلس على الوطيئ ، وتجعل على بابك حاجباً ،
وقد جلست مجلس العلم ، وقد ضربت إليك المطي ، وارتحل إليك الناس ، واتخذوك إماماً ،
ورضوا بقولك ، فاتق الله تعالى يا مالك ، وعليك بالتواضع ، كتبت إليك بالنصيحة مني كتاباً ما
اطلع عليه غير الله سبحانه وتعالى ، والسلام " .
فكتب إليه مالك :
" بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ، من مالك بن
أنس إلى يحيى بن يزيد ، سلام الله عليك ، أما بعد :
فقد وصل إليّ كتابك ، فوقع مني موقع النصيحة ، والشفقة والأدب ، أمتعك الله بالتقوى ،
وجزاك بالنصيحة خيراً ، وأسال الله تعالى التوفيق ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،
فأما ما ذكرت لي أني آكل الرقاق ، وألبس الدقاق ، وأحتجب وأجلس على الوطيئ ، فنحن نفعل
ذلك ، ونستغفر الله تعالى ، فقد قال الله تعالى :
( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَة اللهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ والطَّيَّبَاتِ مِنَ الرَّزْقِِ ) الأعراف : 32
وإني لأعلم أن ترك ذلك خير من الدخول فيه ، ولا تدعنا من كتابك فلسنا ندعك من كتابنا ،
والسلام " .
من وحي هذا المثل الرائع في النصح تتبدى لنا أمور . . تنتصب منارات هداية ، وعلامات
رشد . . تضبط السلوك وتوجهه ، وتحسن الأداء وترشده ، وتسعى إلى تماسك الوشائج ،
وتمتين العلاقات والروابط ، كما ينبغي أن يكون ذلك كله بين الإخوان . . وفق المنهج الرباني
السديد ، الذي اختطه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .
ونضع الدروس المستفادة هنا ، من هذا المثل الرائع في مجموعتين ، الأولى تخص الناصح ،
والأخرى تخص المنصوح ، علّنا بهذا ندرك جانباً مهماً من فقه " النصيحة " التي تداخلت فيها
المتشابهات ، وتشابكت بها المتباينات ، واشتطّ بها البعض عن طريقها ، وأخرجها عن نطاقها
، ولم يبق منها غير الرسم والإسم ، الذي بات للأسف يشكل استفزازاً عند المنصوح ، ذلك أن
الناصح اتخذها سبيلاً للقدح والتشهير . . لهذا سقنا هذا المثل بين علمين من سلفنا الصالح ،
علّنا نهتدي إلى الصواب . . وننتقي الطيب المستطاب . . فللأخ الناصح ، وللأخ المنصوح ، هذه
الشروط والضوابط ، المستفادة من واقع هذا المثل .
أولاً : في الناصح :
- لا بد أن يكون واضحاً في نصحه ، صريحاً في تحديد القضية .
- أن يعتمد الاختصار والإيجاز وعدم الإطالة ، مع الجزالة في
اللفظ ، والقوة في السبك ، بعيداً عن التقعّر والتكلّف .
- أن يذكر المحاسن التي عرف بها المنصوح ، وأن يشير إلى مكانته . . كمقدمة سريعة للدخول
إلى قلبه .
- أن يحرص على سرية النصيحة وكتمان أمرها .
ثانياً : في المنصوح :
- الرضا والقبول بمبدأ النصيحة ، وعدم التبرم بها . . ما دامت
في إطار النصيحة وتوافرت لها شروط ذلك .
- الدعاء للناصح بما يليق بشرف عمله هذا .
- إظهار الحرص على ضرورة استمرار التناصح بين الإخوان .
- الاعتراف بمضمونها إن كان حقاً ، وإن لم يكن الرأي الراجح .
- تأخير بيان الرأي الآخر في المسألة بعد كل ما ذكرنا ، حرصاً على استمرارية نهج المناصحة
في الدين والدنيا ، بين الإخوان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أملنا أن يحيا " فقه النصيحة " ، بصورته الصحيحة ، بين الإخوان حتى لا نفقد الخير العميم .
. الذي حتماً سيغيب حين تغيب " النصيحة " من حياة الدعاة إلى الله ، أو حين تؤدى بشكل
خاطيئ .
أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه
وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنابه
ووفق الله الجميع
والله من وراء القصد
محبكم في الله
أبو الزبير