anamel
13 May 2005, 06:09 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه المقالة منقولة من موقع صيد الفوائد
www.saaid.net
[line]
(ستار أكاديمي)... حديث خاص للفتيات
خالد الشايع
البداية:
قبل أن أتوجه بالحديث إلى الفتيات، فمن المهم الإشارة إلى أن هذه الأسطر ليست مستغرقة في برنامج (ستار أكاديمي) بذاته وشخصياته، وإنما لما هو أوسع من ذلك، في أهدافه ودوافعه، ومن يقف وراءه؛ إذ لا تعدو شخصياته أن تكون أدوات لإتمام المخطط.
المخطط:
شاب يسافر من الحجاز، حيث مهبط الوحي ومولد أزكى الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم-، يسافر إلى لبنان، ليستقر مدة أربعة أشهر، يختلط في بناية واحدة بشباب وفتيات، ليمارسوا حياتهم اليومية، متخلين عن آداب الإسلام المنظمة للعلاقات بين الجنسين، ويتم خلال ذلك بث تلك المشاهد بكل إغراءاتها، وتصويرها باعتبارها نوعاً من البطولة، مع إشراك الجماهير العربية والإسلامية، ذكوراً وإناثاً في تشجيع هذا الاتجاه، بعد أن تم تهيئتهم لتقبل هذه المسالك، واعتبارها نوعاً من (التحرر) الموهوم (والتحضر) المزعوم.
وبعدها تم (ترتيب) اختيار واحد من أبناء بلاد الحرمين الشريفين، ليكون هو (ستار) تلك الأكاديمية.
المشهد:
في قلب الرياض، قلب الجزيرة العربية، وقاعدة مملكتنا العزيزة، تتجمع فتيات متلفعات بعباءات الستر، يترقبن مجيء الشاب (البطل) الذي اجتاز (منازلات) الاختلاط والخلوة وأنواع التعامل في (أكاديمية) هدر الأخلاق وهدم الحياء.
الفتيات المتجمعات لديهن جميعاً (قدر) من (الحياء) و (نوع) من (التدين) بدليل أنهن حضرن بعباءاتهن، وإن كانت غير وافية بمقصودها.
حضرن، ومنهن من حمل صورة الشاب، ومنهن من هتف باسمه، ومنهن....
ما الذي تريده فتياتنا؟
نعم ماذا أرادت بناتنا بهذا الحضور؟
ما الذي دفعهن لهذه المغامرة؟
لقد درست بناتنا آداب الإسلام، وتربَّين عليها في بيوتهن وفي مدارسنا،
فأين الخلل؟
أما ما أرادته الفتيات من تلك الفعال فهو إشارة إلى نوع من التهور الذي يختلج في صدورهن، نتيجة مؤثرات أوصلتهن لتلك الحال.
إن ذلك الشاب الذي رفَعْنَ صورته، أو هتفن باسمه، لم يكن مقصوداً في ذاته، وإنما هو رمزٌ وأداةٌ من أدوات اللعبة التي خُطط لها.
وهذا يوجب علينا معاشر الآباء والأمهات والإخوة والمربين والمربيات أن نلتفت لحاجات فتياتنا المعنوية واتجاهاتهن الفطرية.
إن كثيراً منا -وللأسف الشديد- يمارس تعاملاً جافاً مع الفتاة، يجعلها تتعطش (بسببه) لأي متنفس نحو ما يحقق ميلها الفطري ونقصها المعنوي، وخاصةً مجتمعنا في الجزيرة العربية، والذي انعكست فيه طبيعة الصحراء على طبيعة التعامل، وهذا ما سأفصله في قراءة لاحقة بإذن الله.
أما أنتُنَّ معاشر الفتيات... فماذا وَجَدتُنَّ في ستار أكاديمي وشبابه؟ وماذا وجدتن في كل من انتسب إلى ذلك التجمع المسمّى "فنياً"... بما فيه من أكوام المغنين والممثلين... وما يمثله هذا التجمع من انهيار الأخلاق وانحطاط الهمم وموابئ الانحراف.
نعم يا معاشر الفتيات... إني أدرك مدى التقصير الذي لحقكنَّ من مجتمعكن، سواء من داخل بيوتكن، أو من مؤسسات المجتمع التعليمية والتربوية والدعوية، ولكن أنتنَّ تتحملن جزءاً كبيراً من مسؤولية هذه النتائج التي صرتُنَّ إليها.
مشهد فتاة أخرى:
عندما بلغني خبر الفتيات، على نحو ما ذكرته آنفاً في مشهد تجمعهن للاحتفاء بشاب ستار أكاديمي، تأملت مشهد فتاة أخرى.
نعم فتاة أخرى كغيرها من الفتيات...
في خلقتها وفي خلجاتها الأنثوية... ولكنها من نوعٍ آخر في أخلاقها وبواعثها الإيمانية.
إنها تلك الفتاة العذراء التي وُضعت أمام نتيجة حاسمة وقَدَرٍ مقدور،
وأنها ستكون أماً بلا زواج !
فإذا بها تهتف بكامل طهرها وتستنكر بكل حصانتها وسموها (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً).
ولم تكن تلك دعوىً مجردة، ولكنها شهادة مجتمعها: (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً).
نعم يا فتياتنا اللاتي لم يستطعن فهم ما وراء تلك اللعبة التي حِيكت ودُبرت عبر ستار أكاديمي)، بإمكان الواحدة منكن أن تقارن بين الموقفين:
1) موقف الفتاة اللاهثة خلف السقطات التي يعجّ بها الفضاء، مما تقذف به القنوات الفضائية.
2) وموقف تلك الفتاة التي تأبى إلا أن تسير على خطا مريم البتول
إنَّ فتاةً بلغ بها التأثر لأن تلبس عباءتها خارجة إلى مكانٍ عام، فتهتف باسم رجل لا تربطها به أي صلة شرعية، وليس له على خارطة الرجولة والبطولة والنبل أي موضع، بل هو رمز لانحراف الأخلاق وانهيار المروءة، إنها بلا امتراء فتاة لم تعرف قيمتها في الحياة، ولم تتذوق طعم السموّ الأنثوي، وأخطأت طريق التميّز، كما أنها لم تعرف رسالتها، وما لها مميزات.
أين فتياتنا اللاتي اغتررن بألعوبة برنامج أكاديمي، وغفلن عن موقف تلك الفتاة التي صدقت ربها، فصدقها وجعلها سيدةً من سيدات نساء العالمين وكُمَّلِهِنَّ، حتى أثنى الله عليها في أكثر من موضع من كتابه الكريم، ليبقى لها لسان الصدق، وليستمر لها لسان الطهر، ولتبقى رمزاً للطهر والقدسية الإيمانية، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟!
قال الله تعالى: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ
لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى
وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي
سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ
الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ
وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ
عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ
أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن
يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يخبر ربُّنا أنه تقبَّل مريم بنت عمران من أمِّها وهي حنَّة بنت فاقوذ نذيرةً له، ذلك أنها نذرت أن تجعل حملها (محرراً) أي خالصاً مفرَّغاً للعبادة ولخدمة بيت المقدس، ويخبر سبحانه أنه (أنبتها نباتاً حسناً) أي جعلها شكلاً مليحاً، ومنظراً بهيجاً، ويسَّر لها أسباب القبول، وقَرَنَهَا بالصالحين من عباده، تتعلم منهم العلم والخير والدِّين، فلهذا قال سبحانه): وكفَّلها زكريا) أي جعله كافلاً لها، قال ابن إسحاق: وما ذلك إلا أنها كانت يتيمة.
وإنما قدَّر اللهُ كون زكريا كافلها لسعادتها، لتقتبس منه علماً جمَّاً نافعاً وعملاً صالحاً، لأنه كان زوج خالتها، على ماذكره ابن إسحاق وابن جرير وغيرهما.
فهذه مريم.. اليتيمة.. البتول.. : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ).
فهذا إخبارٌ من الله تعالى بما خاطبت به الملائكة مريم عليها السلام، عن أمر الله لهم بذلك، أنَّ الله قد اصطفاها، أي: اختارها لكثرة عبادتها وزهادتها، وشَرَّفَها وطهَّرَها من الأكدار والوسواس، واصطفاها ثانياً، مرةً بعد مرة، لجلالتها على نساء العالمين.
هل من تصحيح لخطأ الفتيات؟! مع فظاعة ما أقدمت عليه الفتيات المتأثرات بعهر ستار أكاديمي، فإن لهن في كرم الله وعظيم إحسانه ما هنَّ مشمولاتٍ به في قوله سبحانه: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وقوله تعالى: ( إِلا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ) وقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "كل بن آدم خطاء وخير الخطائين التّوابون" رواه الإمام أحمد وغيره.
وإن تلك الواقعة لعبرة لعموم الفتيات ينبغي أن تكون حافزاً لهن للحذر من دعاة السوء، والحرص على أن يستقمن على ما أراده منهن خالقهن بطاعته وعبادته جلّ وعلا.
وسيكون لنا قراءات لاحقة، أرجو أن تكون نافعة بعون الله وتوفيقه.
هذه المقالة منقولة من موقع صيد الفوائد
www.saaid.net
[line]
(ستار أكاديمي)... حديث خاص للفتيات
خالد الشايع
البداية:
قبل أن أتوجه بالحديث إلى الفتيات، فمن المهم الإشارة إلى أن هذه الأسطر ليست مستغرقة في برنامج (ستار أكاديمي) بذاته وشخصياته، وإنما لما هو أوسع من ذلك، في أهدافه ودوافعه، ومن يقف وراءه؛ إذ لا تعدو شخصياته أن تكون أدوات لإتمام المخطط.
المخطط:
شاب يسافر من الحجاز، حيث مهبط الوحي ومولد أزكى الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم-، يسافر إلى لبنان، ليستقر مدة أربعة أشهر، يختلط في بناية واحدة بشباب وفتيات، ليمارسوا حياتهم اليومية، متخلين عن آداب الإسلام المنظمة للعلاقات بين الجنسين، ويتم خلال ذلك بث تلك المشاهد بكل إغراءاتها، وتصويرها باعتبارها نوعاً من البطولة، مع إشراك الجماهير العربية والإسلامية، ذكوراً وإناثاً في تشجيع هذا الاتجاه، بعد أن تم تهيئتهم لتقبل هذه المسالك، واعتبارها نوعاً من (التحرر) الموهوم (والتحضر) المزعوم.
وبعدها تم (ترتيب) اختيار واحد من أبناء بلاد الحرمين الشريفين، ليكون هو (ستار) تلك الأكاديمية.
المشهد:
في قلب الرياض، قلب الجزيرة العربية، وقاعدة مملكتنا العزيزة، تتجمع فتيات متلفعات بعباءات الستر، يترقبن مجيء الشاب (البطل) الذي اجتاز (منازلات) الاختلاط والخلوة وأنواع التعامل في (أكاديمية) هدر الأخلاق وهدم الحياء.
الفتيات المتجمعات لديهن جميعاً (قدر) من (الحياء) و (نوع) من (التدين) بدليل أنهن حضرن بعباءاتهن، وإن كانت غير وافية بمقصودها.
حضرن، ومنهن من حمل صورة الشاب، ومنهن من هتف باسمه، ومنهن....
ما الذي تريده فتياتنا؟
نعم ماذا أرادت بناتنا بهذا الحضور؟
ما الذي دفعهن لهذه المغامرة؟
لقد درست بناتنا آداب الإسلام، وتربَّين عليها في بيوتهن وفي مدارسنا،
فأين الخلل؟
أما ما أرادته الفتيات من تلك الفعال فهو إشارة إلى نوع من التهور الذي يختلج في صدورهن، نتيجة مؤثرات أوصلتهن لتلك الحال.
إن ذلك الشاب الذي رفَعْنَ صورته، أو هتفن باسمه، لم يكن مقصوداً في ذاته، وإنما هو رمزٌ وأداةٌ من أدوات اللعبة التي خُطط لها.
وهذا يوجب علينا معاشر الآباء والأمهات والإخوة والمربين والمربيات أن نلتفت لحاجات فتياتنا المعنوية واتجاهاتهن الفطرية.
إن كثيراً منا -وللأسف الشديد- يمارس تعاملاً جافاً مع الفتاة، يجعلها تتعطش (بسببه) لأي متنفس نحو ما يحقق ميلها الفطري ونقصها المعنوي، وخاصةً مجتمعنا في الجزيرة العربية، والذي انعكست فيه طبيعة الصحراء على طبيعة التعامل، وهذا ما سأفصله في قراءة لاحقة بإذن الله.
أما أنتُنَّ معاشر الفتيات... فماذا وَجَدتُنَّ في ستار أكاديمي وشبابه؟ وماذا وجدتن في كل من انتسب إلى ذلك التجمع المسمّى "فنياً"... بما فيه من أكوام المغنين والممثلين... وما يمثله هذا التجمع من انهيار الأخلاق وانحطاط الهمم وموابئ الانحراف.
نعم يا معاشر الفتيات... إني أدرك مدى التقصير الذي لحقكنَّ من مجتمعكن، سواء من داخل بيوتكن، أو من مؤسسات المجتمع التعليمية والتربوية والدعوية، ولكن أنتنَّ تتحملن جزءاً كبيراً من مسؤولية هذه النتائج التي صرتُنَّ إليها.
مشهد فتاة أخرى:
عندما بلغني خبر الفتيات، على نحو ما ذكرته آنفاً في مشهد تجمعهن للاحتفاء بشاب ستار أكاديمي، تأملت مشهد فتاة أخرى.
نعم فتاة أخرى كغيرها من الفتيات...
في خلقتها وفي خلجاتها الأنثوية... ولكنها من نوعٍ آخر في أخلاقها وبواعثها الإيمانية.
إنها تلك الفتاة العذراء التي وُضعت أمام نتيجة حاسمة وقَدَرٍ مقدور،
وأنها ستكون أماً بلا زواج !
فإذا بها تهتف بكامل طهرها وتستنكر بكل حصانتها وسموها (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً).
ولم تكن تلك دعوىً مجردة، ولكنها شهادة مجتمعها: (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً).
نعم يا فتياتنا اللاتي لم يستطعن فهم ما وراء تلك اللعبة التي حِيكت ودُبرت عبر ستار أكاديمي)، بإمكان الواحدة منكن أن تقارن بين الموقفين:
1) موقف الفتاة اللاهثة خلف السقطات التي يعجّ بها الفضاء، مما تقذف به القنوات الفضائية.
2) وموقف تلك الفتاة التي تأبى إلا أن تسير على خطا مريم البتول
إنَّ فتاةً بلغ بها التأثر لأن تلبس عباءتها خارجة إلى مكانٍ عام، فتهتف باسم رجل لا تربطها به أي صلة شرعية، وليس له على خارطة الرجولة والبطولة والنبل أي موضع، بل هو رمز لانحراف الأخلاق وانهيار المروءة، إنها بلا امتراء فتاة لم تعرف قيمتها في الحياة، ولم تتذوق طعم السموّ الأنثوي، وأخطأت طريق التميّز، كما أنها لم تعرف رسالتها، وما لها مميزات.
أين فتياتنا اللاتي اغتررن بألعوبة برنامج أكاديمي، وغفلن عن موقف تلك الفتاة التي صدقت ربها، فصدقها وجعلها سيدةً من سيدات نساء العالمين وكُمَّلِهِنَّ، حتى أثنى الله عليها في أكثر من موضع من كتابه الكريم، ليبقى لها لسان الصدق، وليستمر لها لسان الطهر، ولتبقى رمزاً للطهر والقدسية الإيمانية، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟!
قال الله تعالى: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ
لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى
وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي
سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ
الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ
وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ
عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ
أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن
يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يخبر ربُّنا أنه تقبَّل مريم بنت عمران من أمِّها وهي حنَّة بنت فاقوذ نذيرةً له، ذلك أنها نذرت أن تجعل حملها (محرراً) أي خالصاً مفرَّغاً للعبادة ولخدمة بيت المقدس، ويخبر سبحانه أنه (أنبتها نباتاً حسناً) أي جعلها شكلاً مليحاً، ومنظراً بهيجاً، ويسَّر لها أسباب القبول، وقَرَنَهَا بالصالحين من عباده، تتعلم منهم العلم والخير والدِّين، فلهذا قال سبحانه): وكفَّلها زكريا) أي جعله كافلاً لها، قال ابن إسحاق: وما ذلك إلا أنها كانت يتيمة.
وإنما قدَّر اللهُ كون زكريا كافلها لسعادتها، لتقتبس منه علماً جمَّاً نافعاً وعملاً صالحاً، لأنه كان زوج خالتها، على ماذكره ابن إسحاق وابن جرير وغيرهما.
فهذه مريم.. اليتيمة.. البتول.. : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ).
فهذا إخبارٌ من الله تعالى بما خاطبت به الملائكة مريم عليها السلام، عن أمر الله لهم بذلك، أنَّ الله قد اصطفاها، أي: اختارها لكثرة عبادتها وزهادتها، وشَرَّفَها وطهَّرَها من الأكدار والوسواس، واصطفاها ثانياً، مرةً بعد مرة، لجلالتها على نساء العالمين.
هل من تصحيح لخطأ الفتيات؟! مع فظاعة ما أقدمت عليه الفتيات المتأثرات بعهر ستار أكاديمي، فإن لهن في كرم الله وعظيم إحسانه ما هنَّ مشمولاتٍ به في قوله سبحانه: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وقوله تعالى: ( إِلا مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ) وقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "كل بن آدم خطاء وخير الخطائين التّوابون" رواه الإمام أحمد وغيره.
وإن تلك الواقعة لعبرة لعموم الفتيات ينبغي أن تكون حافزاً لهن للحذر من دعاة السوء، والحرص على أن يستقمن على ما أراده منهن خالقهن بطاعته وعبادته جلّ وعلا.
وسيكون لنا قراءات لاحقة، أرجو أن تكون نافعة بعون الله وتوفيقه.