أبو بدر 1
19 May 2005, 11:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله
الخلاف بين اثنين أمر طبيعي تماماً، وشيء فطري في كيان الإنسان، فإنه لا يمكن
أن يتشابه اثنان في التفكير والحكم على الأشياء. لكنك تستطيع أثناء الحوار بينك
وبين الآخر أن تنتبه إلى نقاط من
أقوالك أو في حياتك لم تكن تجذب انتباهك من قبل لو لم يحصل هذا الخلاف.
فأعطِ الفرصة للآخر أن يتحدث فيما يريد، ولا تقاطعه، ولا تعترض عليه، ولو كان ما
يقوله مخالفاً لوجهة نظرك، وذلك حتى ينهي حديثه، ويلقي ما في جعبته، ويظهر
مكنونات قلبه، فتكون قد استفدت من حواره ومن حديثه نقطتين على الأقل:
الأولى: إنك تكون قد قيّمته من كلامه، وعرفته من
خلال حديثه، واستطعت أن تعرف أعماق نفسه دون عناءٍ منك، ودون سؤال آخرين
عنه، فاستفدت من الوقت الذي كان يمكن أن يأخذ منك جمع معلومات، وليس
ذاك الوقت بقليل .
الثانية: إنك تكون قد أسقطت نفسك من خلال حديثه
وامتحنتها، فما رأيت حسناً دفعت بنفسك إليه، مختزناً إياه وقد التقطت الحكمة
والحكم من لسانه الناطق عن قلبه، وما رأيت غير حسن اجتنبته، فابتعدت عنه في
المستقبل. قيل للأحنف بن قيس وهو المشهور بالحلم من بني تميم القبيلة العربية
التي قال الشاعر عنها:
إذا غضبت عليك بنو تميم
حسبت الناس كلهم غضابا
قيل له: ممّن تعلمت الأخلاق الحسنة؟
قال: من الناس أجمعهم.
قيل: وكيف؟
فأجاب: أرى أحدهم يتصرف بشيء غير مقبول (قولاً أو عملاً) فأستهجنه وأبتعد
عن ذاك التصرف في تعاملي مع الآخرين.
وإذا ما رأيت أحدهم يتصرف بأمر حسن، فأستحسنه وأعمل به مع الآخرين.
لذلك من المهم جداً في حياتك -أيها القارئ العزيز- أن تلتقط من المحاور في عرضه
وجهة نظره نقاطاً ترى أنها تجمع بينك وبينه، فتستخدمها للوصول إلى هدف الحوار
والغاية التي حركت كل واحد من المتحاورين .
فلا ترفع صوتك إذا رفع الآخر صوته، فقد يضيع الهدف في الضجيج، وتذهب لذة
المتعة في بيان الوصول إلى النتيجة، وتضيع فائدة الحوار الأساسية، وينقلب
الحوار عند ذلك إلى شيء في النفس يقبضها ويزعجها، ولعل قول الرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم يشير إلى ذلك
: ''دع المِراء فإن المِراء لا يأتي بخير''.
ولا بد في هذا الكلام أن أشير إلى نقطة في غاية الأهمية عندما يتحاور الزوجان
في شأن من شؤون الأسرة أو الأولاد أو أي موضوع، فقد يرفع أحدهما صوتاً
أو يصيح بصوتٍ عالٍ، فما على الآخر إلا أن يصمت، وعليه أن يتجنب الصياح
بأعلى من صوت الثاني، فهذا مما يخدش بالحياة الزوجية القائمة على المودة
ويمتص بسكوته تلك العاصفة الصوتية، وغالباً ما يكون الأمر على غاية من
البساطة، ولا داعي لارتفاع الصياح من الطرفين، فليس الموضوع بينهما أن يثبت
أحدهما للآخر أنه هو الأقوى وإنما المهم أن يصلا معاً إلى أجمل ما في اختلاف
وجهات النظر في العلاقة التي ترتفع إلى الأعلى دائماً
(وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً).
فلتكن نفسك أيها القارئ الكريم رحبة واسعة، فتتسع للإنصات التام إلى المحاور
عند بيان وجهة نظره، ولا تكن نفسك متبرمة ولو سمعتْ ما يخالف وجهة نظرك
فالحياة مباركة بالسرور والطمأنينة،وإلا فإن العنت والقسوة تجعلها شقاء وتعاسة.
سل دائماً محاورك: ما وجهة نظرك؟ وماذا ترى في هذا الموضوع أي موضوع كان ؟
وكأنك تستشيره في هذه الأمور .
أليس الهدف أن تكتسب الخبرات، وتلتقط الأفضل ؟ في اختلاف وجهات النظر، فتكسب
أجمل ما تريده، وتطبقه في الحياة.
ولا يكن الهدف أبداً أن تنتصر في الحوار، وتفرض وجهة نظرك. وإلا تحولنا إلى
متصارعين لا متحاورين.. إن الحوار الهادئ الذي دعا إليه القرآن الكريم
(وجادِلهم بالتي هي أحسن)
هو السبيل الوحيد لنفهم بعضنا بعضاً، ومن ثم يكون الاتفاق أمراً ثانوياً، فإن اتفقنا فقد
زاد الخير، وإن اختلفنا فنحن على الأقل قد تفاهمنا وعرفنا وجهات نظر بعضنا البعض
وعند ذلك يكون الحوار أو اختلاف وجهات النظر رائداً في الوصول إلى الخير وكسب
القلوب والأصدقاء .
.. د/ السويدان ..
الخلاف بين اثنين أمر طبيعي تماماً، وشيء فطري في كيان الإنسان، فإنه لا يمكن
أن يتشابه اثنان في التفكير والحكم على الأشياء. لكنك تستطيع أثناء الحوار بينك
وبين الآخر أن تنتبه إلى نقاط من
أقوالك أو في حياتك لم تكن تجذب انتباهك من قبل لو لم يحصل هذا الخلاف.
فأعطِ الفرصة للآخر أن يتحدث فيما يريد، ولا تقاطعه، ولا تعترض عليه، ولو كان ما
يقوله مخالفاً لوجهة نظرك، وذلك حتى ينهي حديثه، ويلقي ما في جعبته، ويظهر
مكنونات قلبه، فتكون قد استفدت من حواره ومن حديثه نقطتين على الأقل:
الأولى: إنك تكون قد قيّمته من كلامه، وعرفته من
خلال حديثه، واستطعت أن تعرف أعماق نفسه دون عناءٍ منك، ودون سؤال آخرين
عنه، فاستفدت من الوقت الذي كان يمكن أن يأخذ منك جمع معلومات، وليس
ذاك الوقت بقليل .
الثانية: إنك تكون قد أسقطت نفسك من خلال حديثه
وامتحنتها، فما رأيت حسناً دفعت بنفسك إليه، مختزناً إياه وقد التقطت الحكمة
والحكم من لسانه الناطق عن قلبه، وما رأيت غير حسن اجتنبته، فابتعدت عنه في
المستقبل. قيل للأحنف بن قيس وهو المشهور بالحلم من بني تميم القبيلة العربية
التي قال الشاعر عنها:
إذا غضبت عليك بنو تميم
حسبت الناس كلهم غضابا
قيل له: ممّن تعلمت الأخلاق الحسنة؟
قال: من الناس أجمعهم.
قيل: وكيف؟
فأجاب: أرى أحدهم يتصرف بشيء غير مقبول (قولاً أو عملاً) فأستهجنه وأبتعد
عن ذاك التصرف في تعاملي مع الآخرين.
وإذا ما رأيت أحدهم يتصرف بأمر حسن، فأستحسنه وأعمل به مع الآخرين.
لذلك من المهم جداً في حياتك -أيها القارئ العزيز- أن تلتقط من المحاور في عرضه
وجهة نظره نقاطاً ترى أنها تجمع بينك وبينه، فتستخدمها للوصول إلى هدف الحوار
والغاية التي حركت كل واحد من المتحاورين .
فلا ترفع صوتك إذا رفع الآخر صوته، فقد يضيع الهدف في الضجيج، وتذهب لذة
المتعة في بيان الوصول إلى النتيجة، وتضيع فائدة الحوار الأساسية، وينقلب
الحوار عند ذلك إلى شيء في النفس يقبضها ويزعجها، ولعل قول الرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم يشير إلى ذلك
: ''دع المِراء فإن المِراء لا يأتي بخير''.
ولا بد في هذا الكلام أن أشير إلى نقطة في غاية الأهمية عندما يتحاور الزوجان
في شأن من شؤون الأسرة أو الأولاد أو أي موضوع، فقد يرفع أحدهما صوتاً
أو يصيح بصوتٍ عالٍ، فما على الآخر إلا أن يصمت، وعليه أن يتجنب الصياح
بأعلى من صوت الثاني، فهذا مما يخدش بالحياة الزوجية القائمة على المودة
ويمتص بسكوته تلك العاصفة الصوتية، وغالباً ما يكون الأمر على غاية من
البساطة، ولا داعي لارتفاع الصياح من الطرفين، فليس الموضوع بينهما أن يثبت
أحدهما للآخر أنه هو الأقوى وإنما المهم أن يصلا معاً إلى أجمل ما في اختلاف
وجهات النظر في العلاقة التي ترتفع إلى الأعلى دائماً
(وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً).
فلتكن نفسك أيها القارئ الكريم رحبة واسعة، فتتسع للإنصات التام إلى المحاور
عند بيان وجهة نظره، ولا تكن نفسك متبرمة ولو سمعتْ ما يخالف وجهة نظرك
فالحياة مباركة بالسرور والطمأنينة،وإلا فإن العنت والقسوة تجعلها شقاء وتعاسة.
سل دائماً محاورك: ما وجهة نظرك؟ وماذا ترى في هذا الموضوع أي موضوع كان ؟
وكأنك تستشيره في هذه الأمور .
أليس الهدف أن تكتسب الخبرات، وتلتقط الأفضل ؟ في اختلاف وجهات النظر، فتكسب
أجمل ما تريده، وتطبقه في الحياة.
ولا يكن الهدف أبداً أن تنتصر في الحوار، وتفرض وجهة نظرك. وإلا تحولنا إلى
متصارعين لا متحاورين.. إن الحوار الهادئ الذي دعا إليه القرآن الكريم
(وجادِلهم بالتي هي أحسن)
هو السبيل الوحيد لنفهم بعضنا بعضاً، ومن ثم يكون الاتفاق أمراً ثانوياً، فإن اتفقنا فقد
زاد الخير، وإن اختلفنا فنحن على الأقل قد تفاهمنا وعرفنا وجهات نظر بعضنا البعض
وعند ذلك يكون الحوار أو اختلاف وجهات النظر رائداً في الوصول إلى الخير وكسب
القلوب والأصدقاء .
.. د/ السويدان ..