anamel
20 May 2005, 12:15 AM
دار القاسم
اللحية زينة الرجال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
أدلة تحريم حلق اللحية
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ]ولآمُرَنَّهُمْ فلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله[ [النساء:119] ، وحلق اللحية أو أخذ شيءٍ منها هُوَ تغييرٌ لخلق الله وتمثيلٌ بالشعر أيضاً، ورُوِيَ عنه e أَنَّهُ قال: "مَن مثَّلَ بالشعر فليس لَهُ عند الله خلاق" قال أهل اللغة: مثَّلَ بالشعر صيَّرهُ مُثْلَةً بأن حلقَهُ من الخدودِ أو نتفه أو غيره بالسواد.
وقال e في تحريمها: "خالِفوا المشركين ، وفِّروا اللحى ، وأحفوا الشوارب" [متفقٌ عَلَيْهِ] ، وقال e: "جزوا الشوارب وأرخو اللحى" [رواه مسلم] ، وقال e: "من لَمْ يأخذ من شاربه فليس منا" [رواه مسلم] ، وأمرُ النبي e يقتضي الوجوب ،
وقال ابن تيمية: يحرم حلق اللحية ،
وقال القرطبي: لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قصُّها ،
وقال عبدالعزيز ابن باز: إِنَّ تربية اللحية وتوفيرها وإرخاءها فرض لا يجوزُ تركه.
وحلق اللحية ليس من الأمور الصغيرة كَمَا قد يتوهمه البعض ، بل ربَّما يكون حلقها أعظم إثماً من بعض المعاصي الأخرى ، لأن حلقها يعتبر من المجاهرة بالمعصية ، وقد لا يعافى حالقها ولا يغفر لَهُ بسبب هَذِهِ المجاهرة لقوله e: "كُلّ أمَّتي معافى إِلاَّ المجاهرين".
إضافة أيضاً إلى أَنَّ كراهيةَ اللحية أو الاستهزاء بِهَا وبأهلِها يخشى على فاعله من الردَّةِ والكفر والعياذُ بالله ، لأن من نواقض الإسلام الاستهزاء والسخرية بِهدي النبي e أو كراهية ما جاء ب ، وحلق اللحية قد ينم عن كراهيتها والتخلص منها ، وكراهيتها قد يكون أيضاً سبب لحبوطِ الأعمال كَمَا في قوله تعالى: ]ذَلِكَ بأنَّهم اتَّبَعوا ما أسخطَ اللهَ وكرهوا رضوانَهُ فأحبطَ أعمالَهُمْ[ [محمد: 28] فليحذر المسلم من أن يحبط عمله ، أو أن يخرج من الإسلام وَهُوَ لا يشعر.
فيا أخي الحبيب
يا من اعتدتَ على حلق لحيتك تُبْ إلى الله من هذا العمل واترك لحيتك كَمَا خلقها الله لك ، واتبع سنَّةَ نبيك e الَّذِي أمرك بِهَا ، ولا تعرض نفسك لسخط الله وعقابه بسببها ، ولا تعرض نفسك لسخط الله في الصلاة والصيام وبعض الواجبات الأخرى ، فما الَّذِي يمنعك من أن تطيعه كذلك في أمر اللحية ، أليس الَّذِي أمرك بكلا الحالتين هُوَ الله جل وعلا ، لماذا تفرق بين أوامره فتطيعه في أمرٍ وتعصيه في آخر ، أين تعظيم الله؟ أين صدق الإيمان؟ أين الاستجابة للرحمن؟ لماذا هذا التلاعب بأوامر الشرع والاستخفاف بِهَا ، إِنَّ الله قد ذمَّ مَن يفعل مثل ذَلِكَ من أهل الكتاب فقال تعالى: ]أفَتُؤمِنونَ ببعضِ الكتابِ وتكفُرونَ ببعضٍ فما جزاءُ من يفعَلُ ذَلِكَ منكم إِلاَّ خزيٌ في الحياة الدُّنيا ويومَ القيامةِ يُرَدُّونَ إلى أشدِّ العذاب وما اللهُ بغافلٍ عمَّا تعملون[ [البقرة:85] ، فلا تعرِّضْ نفسك أخي الكريم لمثل هذا الذم ، وتتشبه بِهِمْ والتزم بجميع أوامر الله صغيرِها وكبيرِها تسعد في الدُّنيا والآخرة.
وفقني الله وإيَّاكَ لِمَا يحبُّ ويرضى وجعلَنا مِمَّنْ يستمعون القول فيتَّبِعونَ أحسنه ، والسلام عَلَيْكُم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالَمين ، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وبعد
فَإِنَّ اللحية هي نعمةٌ جليلةٌ عظيمةٌ تفضَّلَ الله بِهَا على الرجال وميَّزهم بِهَا عن النساء ، وجعلها زينةً لَهُمْ لِمَا تضفي عليهم من سيما الرجولة والهيبة والوقار ، وهي ليست مجرد شعيرات تنبت في الوجه فقط ، بل إِنَّهَا من شعائر الإسلام الظاهرة الَّتِي نتقرب إلى الله بإعفائها وتعظيمِها قَالَ اللهُ تَعَالَى: ]ذَلِكَ ومن يُعَظِّمْ شعائرَ اللهِ فَإِنَّهَا من تقوى القلوب[ [الحج:32]، فهي من سنن المصطفى e وقد أمر بإعفائِها وإرخائها.
ولكن على الرغم من كُلّ ما جاء في تعظيمِها والمر بإعفائها إِلاَّ أَنَّ كثيراً من المسلمين هدانا الله وإيَّاهم في هذا الزمن قد احتقروا هَذِهِ الشعيرة العظيمة وامتهنوها وحلقوها من وجوههم ، والذي لَمْ يحلقها كلها أخذ يتلاعب بِهَا ، فمنهم من يجعلها صغيرةً على الذقن ، ومنهم من يجعلها خفيفةً كَأَنَّهَا خطّ أسود خفيف ، ومنهم من يربط شاربه مَعَ لحيته ويجعلها على شكل دائرة ، إلى غير ذَلِكَ من الأشكال المحزنة والمضحكةِ في نفس الوقت والتي لا يليق بأيِّ رجلٍ عاقلٍ أن يفعلها بوجهه ، فضلاً عن أن يكون مسلماً قد أُمِرَ بتكريمها وإعفائها ، وإنه ليندر أن يُرى وجه الإنسان المتأدِّبِ بآدابِ الشريعة الإسلامية الَّذِي يُبقي لحيته كَمَا خلقها الله ، فلا حول ولا قوَّةَ إِلاَّ بالله.
قيمة اللحية ومكانتها عند السلف
إِنَّ إعفاء اللحية من هدي الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، وكذلك الصحابةُ الكرام والسلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين ؛ فلم يذكر عن أحدٍ منهم أَنَّهُ كَانَ يحلق لحيته ، بل على العكس من ذَلِكَ كانوا يعظمونَها ويعلون شأنَها ، كَانَ قيس بن سعد t رجلاً أمرد لا لحيةَ لَهُ ، فقال قومه الأنصار: نعم السيد قيس لبطولته وشهامته ولكن لا لحية لَهُ ، فوالله لو كانت اللحية تشترى بالدراهم لاشترينا لَهُ لحية!! ، وهذا الأحنف بن قيس كَانَ رجلاً عاقلاً حليماً وكان أمرد لا لحية لَهُ وكان سيد قومه فقال بعضهم: وددنا أنَّا اشترينا للأحنف لحيةً بعشرين ألف..! فلم يذكروا حنفه ولا عوره وإنما ذكروا كراهية عدم وجود اللحية عَلَيْهِ ، وما ذَلِكَ إِلاَّ لأن اللحيةَ عند هؤلاءِ الأخيار تعتبر من الجمال والرجولة والكمال لشخصيةِ المسلم وكان الواحد منهم أهونُ عَلَيْهِ أن تزول رقبته ولا تزول لحيته ، أما اليوم فكثير من أبناءِ المسلمين لا يتمنَّى أن يُشتَرى لَهُ لحية… بل إِنَّهُ يدفع الأموال لإزالتِها من وجهه ، بل قد يودّ بعضهم لو عدمها نِهائيّاً وساق على ذَلِكَ آلافَ الدراهم ، نعوذُ بالله من ذَلِكَ.
رسالة إلى صاحب صالون الحلاقة
أخي صاحب صالون الحلاقة :
إذا تبيَّنَ أَنَّ حلق اللحية حرامٌ كَمَا هُوَ واضحٌ من الأدلةِ السابقة ، فَإِنَّ الأجرةَ على حلقِها أيضاً حرام ، لأن الله حرَّمَ إذا حرَّمَ شيئاً حرم ثمنه ، لذا فاحرص بارك الله فيك أن لا يكون صالونك هذا محلاً لحلق لحى المسلمين ، ومكاناً تُبادُ فيه سنةٌ من سنن المصطفى e الَّذِي تبرَّأ مِمَّنْ رغب عنها بقوله: "من رغب عن سنَّتي فليس منِّي" ، وأن لا يكون صالونك هذا مكاناً تنقض فيه عروةٌ من عُرى الإسلام وواجباً من واجِبات هذا الدين ، لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان الَّذِي نَهى الله عنه بقوله: ]وتَعَاوَنوا على البِرِّ والتَّقْوا ولا تعاوَنوا على الإثمِ والعدوان[ [المائدة:2] ، ولأن المال المكتسب من هذا العمل حرامٌ سحتٌ لا خير فيه ، قال e: "كُلّ جسدٍ نبتَ من السحت فالنار أولى بِهِ".
فكن أخي الحبيب قويَّ الإيمان بالله قويَّ التوكل عَلَيْهِ ولا تسمح بحلق اللحى في محلك وتأكد أَنَّ ربحك لن يتأثر من جرَّاءِ ذَلِكَ بإذنِ الله ؛ لأن الله تعالى يقول: ]ومن يَّتَّقِ الله يجعلْ لَهُ مخرجاً ويرزُقْهُ من حيثُ لا يحتسبْ[ [الطلاق:2،3] ، ولقول النبي e: "من تركَ شيئاً لله عوَّضَهُ الله خيراً منه" وثِقْ أَنَّ الله تعالى لا يمكن أن يخلف وعده أبداً لمن صدَقَ معه لكن لابد للإنسان من الصبر وعدم الاستعجال ، واعلم أَنَّ المال الحلال وإن كَانَ قليلاً فَهُوَ خيرٌ من المالِ الحرام الكثير وبركته أعظم وأنفع لقوله تعالى: ]قُلْ لا يستَوي الخبيثُ والطَّيِّبُ ولو أعجبكَ كثرةُ الخبيث[ [المائدة:100].
وحتى لو فرض أَنَّ الربح انخفض قليلاً فليس هذا مبَرِّراً لأن يلجأ المسلم إلى ارتكابِ الحرام طمعاً في زيادةِ ربحه ، بل عَلَيْهِ أن يصبر على ذَلِكَ وأن يقنع بما أعطاهُ الله ويرضى بِهِ لأن هذا قد يكون ابتلاءً من الله لَهُ ليختبره وليرى مدى قوة إيمانه وتوكله عَلَيْهِ ، وقد يوفقه الله ويبارك لَهُ بالقليل أو يفتح لَهُ أبواب رزقٍ أخرى لَمْ تخطر لَهُ على بالٍ ويغنيه بِهَا نتيجة توكله عَلَيْهِ وعدم ارتكابه للحرام.
فتنبَّهْ أخي لذلك جيداً واحرص على أن تكون مِمَّنْ يصبر ويقنع بالحلال ، ويرضى بِهِ ولو كَانَ قليلاً وإيَّاكَ إيَّاكَ أن تجعل حبَّ المال ينسيك ربك وينسيك دينك وينسيك مصيرك ومآلك فَإِنَّ هذا المال الحرام سيذهب سريعاً وسيبقى عذابه طويلاً.
يقول ابن القيم: ثُمَّ تأمل لَمَّا صارت المرأة والرجل إذا أدركا وبلغا اشتركا في نباتِ العانة ، ثُمَّ ينفرد الرجل عن المرأة باللحية ، فَإِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ لَمَّا جعل الرجل قيِّماً على المرأة وجعلها كالخول والعاني (الأسير) في يديه ميَّزَهُ عليها بما فيه المهابة لَهُ والعز والوقار والجلالة ، لكماله وحاجته إلى ذَلِكَ ، ومُنِعَتْها المرأة لكمال الاستمتاعِ بِهَا والتلذذ لتبقى نضارة وجهها وحسنه.
الجمال ليس في حلق اللحى
كيف يخلق الله الرجل رجلاً ويميِّزهُ عن المرأة برجولته ولحيته الَّتِي فيها وقاره وجماله ثُمَّ لا يرضى بذلك ويذهب يغير خلق الله يتشبه بالنساء وبأعداء الإسلام ويتوهم أَنَّ في ذَلِكَ زيادة جمالٍ لَهُ وأناقة!! ]أفَمَن زُيِّنَ لَهُ سوءُ عمله فرآهُ حسنا[ [فاطر:8] ، وكأنَّ جمال الإنسان وأناقتَهُ لا تتم إِلاَّ بحلق اللحية أو بتقصيرِها وتخفيفِها واللعب بِهَا!! والله إِنَّ جمالَ الرجل وبَهاءه وهيبته في إبقاءِ لحيته كَمَا خلقها الله تعالى لأن الله أعلم بما يناسب الرجل لذا خلق لَهُ هَذِهِ اللحية.
فكيف يليق بمسلمٍ عاقلٍ أن يرفض ما اختاره الله لَهُ ، أهو أعلم بما يناسبه من الله ]أأنتُمْ أعلمُ أمِ الله[ [البقرة:140] ولو أراد الله للرجل أن يكون ناعماً بدونِ لحية لَمْ يعجزه ذَلِكَ ، ولكنه ميَّزَ الرجل عن المرأة وكرَّمَهُ وشرَّفَهُ بِهذِهِ اللحية ، ولكن بعض الرجال –هدانا الله وإيَّاهم- لا يريدون هذا التكريم وهذا التمييز ، بل ويحارِبونه ، نسأل الله السلامة والعافيةَ من ذَلِكَ.
فيا أخي المسلم
يا من تحلق لحيتك كيف يهون عليك أن تفرط في لحيتك الَّتِي فيها وقارك ورجولتك وجمالك؟ ، والله لا يليق ذَلِكَ بك وأنت الرجل المسلم العاقل ، ثُمَّ قل لي بربك ماذا ينفعك حلقها؟ هل لك في ذَلِكَ أجرٌ وثواب؟ هل لك في ذَلِكَ مصلحةٌ دنيوية؟ لماذا تعرِّضْ نفسك للعذاب وأنت في غِنىً عنه؟ ولماذا تُتعب نفسك ، لأن حلاقتها كلها تعبٌ وخسارة وإضاعة وقت ومال! ، لماذا كُلّ ذَلِكَ يا أخي اترك لحيتك في وجهك كَمَا خلقها الله لك ولا داعي لإتعابِ نفسك ، هي كم وزنَها حَتَّى تُزيلها من وجهك؟ هل ثقلت عليك أو شوَّهت وجهك ، لا أظن أَنَّ شيئاً من ذَلِكَ يحصل بسبب اللحية.
العناد والمخالفة الصريحة
رسول الله e يقول: "خالِفوا المشركين وفِّروا اللحى وأحفوا الشوارب" ولكن بعض النَّاس يعارض قوله e معارضةً صريحةً وقويةً ويقول: لا يا رسول الله لا سمعاً لك ولا طاعة في هذا الأمر فيعكس الأمر فيحلق لحيته ويترك شاربه!! فلماذا يا أخي هذا العناد!! لماذا تخالف هدي نبيك e هل أنت في غِنىً عن هديه e ، وهل لك هدي خاص وسنَّةٍ خاصة؟ والله يا أخي إِنَّهُ شرفٌ لك أن تكونَ من أتباعِ النبي e المطبِّقين لسنَّتِهِ ، ثُمَّ اعلم أخي الكريم: أَنَّ القضية ليست قضية شعر فقط ، إنما القضية قضية استسلام وخضوع لأوامر واتباع لهدي الرسول e واعتزاز بِهِ وانقياد لأوامره.
وفَّقَ الله الجميع لِمَا يحب ويرضى ، والله أعلم ، وصلى الله على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
موقع الورقات الدعوية
http://waraqat.islammessage.com
اللحية زينة الرجال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
أدلة تحريم حلق اللحية
قَالَ اللهُ تَعَالَى: ]ولآمُرَنَّهُمْ فلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله[ [النساء:119] ، وحلق اللحية أو أخذ شيءٍ منها هُوَ تغييرٌ لخلق الله وتمثيلٌ بالشعر أيضاً، ورُوِيَ عنه e أَنَّهُ قال: "مَن مثَّلَ بالشعر فليس لَهُ عند الله خلاق" قال أهل اللغة: مثَّلَ بالشعر صيَّرهُ مُثْلَةً بأن حلقَهُ من الخدودِ أو نتفه أو غيره بالسواد.
وقال e في تحريمها: "خالِفوا المشركين ، وفِّروا اللحى ، وأحفوا الشوارب" [متفقٌ عَلَيْهِ] ، وقال e: "جزوا الشوارب وأرخو اللحى" [رواه مسلم] ، وقال e: "من لَمْ يأخذ من شاربه فليس منا" [رواه مسلم] ، وأمرُ النبي e يقتضي الوجوب ،
وقال ابن تيمية: يحرم حلق اللحية ،
وقال القرطبي: لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قصُّها ،
وقال عبدالعزيز ابن باز: إِنَّ تربية اللحية وتوفيرها وإرخاءها فرض لا يجوزُ تركه.
وحلق اللحية ليس من الأمور الصغيرة كَمَا قد يتوهمه البعض ، بل ربَّما يكون حلقها أعظم إثماً من بعض المعاصي الأخرى ، لأن حلقها يعتبر من المجاهرة بالمعصية ، وقد لا يعافى حالقها ولا يغفر لَهُ بسبب هَذِهِ المجاهرة لقوله e: "كُلّ أمَّتي معافى إِلاَّ المجاهرين".
إضافة أيضاً إلى أَنَّ كراهيةَ اللحية أو الاستهزاء بِهَا وبأهلِها يخشى على فاعله من الردَّةِ والكفر والعياذُ بالله ، لأن من نواقض الإسلام الاستهزاء والسخرية بِهدي النبي e أو كراهية ما جاء ب ، وحلق اللحية قد ينم عن كراهيتها والتخلص منها ، وكراهيتها قد يكون أيضاً سبب لحبوطِ الأعمال كَمَا في قوله تعالى: ]ذَلِكَ بأنَّهم اتَّبَعوا ما أسخطَ اللهَ وكرهوا رضوانَهُ فأحبطَ أعمالَهُمْ[ [محمد: 28] فليحذر المسلم من أن يحبط عمله ، أو أن يخرج من الإسلام وَهُوَ لا يشعر.
فيا أخي الحبيب
يا من اعتدتَ على حلق لحيتك تُبْ إلى الله من هذا العمل واترك لحيتك كَمَا خلقها الله لك ، واتبع سنَّةَ نبيك e الَّذِي أمرك بِهَا ، ولا تعرض نفسك لسخط الله وعقابه بسببها ، ولا تعرض نفسك لسخط الله في الصلاة والصيام وبعض الواجبات الأخرى ، فما الَّذِي يمنعك من أن تطيعه كذلك في أمر اللحية ، أليس الَّذِي أمرك بكلا الحالتين هُوَ الله جل وعلا ، لماذا تفرق بين أوامره فتطيعه في أمرٍ وتعصيه في آخر ، أين تعظيم الله؟ أين صدق الإيمان؟ أين الاستجابة للرحمن؟ لماذا هذا التلاعب بأوامر الشرع والاستخفاف بِهَا ، إِنَّ الله قد ذمَّ مَن يفعل مثل ذَلِكَ من أهل الكتاب فقال تعالى: ]أفَتُؤمِنونَ ببعضِ الكتابِ وتكفُرونَ ببعضٍ فما جزاءُ من يفعَلُ ذَلِكَ منكم إِلاَّ خزيٌ في الحياة الدُّنيا ويومَ القيامةِ يُرَدُّونَ إلى أشدِّ العذاب وما اللهُ بغافلٍ عمَّا تعملون[ [البقرة:85] ، فلا تعرِّضْ نفسك أخي الكريم لمثل هذا الذم ، وتتشبه بِهِمْ والتزم بجميع أوامر الله صغيرِها وكبيرِها تسعد في الدُّنيا والآخرة.
وفقني الله وإيَّاكَ لِمَا يحبُّ ويرضى وجعلَنا مِمَّنْ يستمعون القول فيتَّبِعونَ أحسنه ، والسلام عَلَيْكُم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالَمين ، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وبعد
فَإِنَّ اللحية هي نعمةٌ جليلةٌ عظيمةٌ تفضَّلَ الله بِهَا على الرجال وميَّزهم بِهَا عن النساء ، وجعلها زينةً لَهُمْ لِمَا تضفي عليهم من سيما الرجولة والهيبة والوقار ، وهي ليست مجرد شعيرات تنبت في الوجه فقط ، بل إِنَّهَا من شعائر الإسلام الظاهرة الَّتِي نتقرب إلى الله بإعفائها وتعظيمِها قَالَ اللهُ تَعَالَى: ]ذَلِكَ ومن يُعَظِّمْ شعائرَ اللهِ فَإِنَّهَا من تقوى القلوب[ [الحج:32]، فهي من سنن المصطفى e وقد أمر بإعفائِها وإرخائها.
ولكن على الرغم من كُلّ ما جاء في تعظيمِها والمر بإعفائها إِلاَّ أَنَّ كثيراً من المسلمين هدانا الله وإيَّاهم في هذا الزمن قد احتقروا هَذِهِ الشعيرة العظيمة وامتهنوها وحلقوها من وجوههم ، والذي لَمْ يحلقها كلها أخذ يتلاعب بِهَا ، فمنهم من يجعلها صغيرةً على الذقن ، ومنهم من يجعلها خفيفةً كَأَنَّهَا خطّ أسود خفيف ، ومنهم من يربط شاربه مَعَ لحيته ويجعلها على شكل دائرة ، إلى غير ذَلِكَ من الأشكال المحزنة والمضحكةِ في نفس الوقت والتي لا يليق بأيِّ رجلٍ عاقلٍ أن يفعلها بوجهه ، فضلاً عن أن يكون مسلماً قد أُمِرَ بتكريمها وإعفائها ، وإنه ليندر أن يُرى وجه الإنسان المتأدِّبِ بآدابِ الشريعة الإسلامية الَّذِي يُبقي لحيته كَمَا خلقها الله ، فلا حول ولا قوَّةَ إِلاَّ بالله.
قيمة اللحية ومكانتها عند السلف
إِنَّ إعفاء اللحية من هدي الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، وكذلك الصحابةُ الكرام والسلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين ؛ فلم يذكر عن أحدٍ منهم أَنَّهُ كَانَ يحلق لحيته ، بل على العكس من ذَلِكَ كانوا يعظمونَها ويعلون شأنَها ، كَانَ قيس بن سعد t رجلاً أمرد لا لحيةَ لَهُ ، فقال قومه الأنصار: نعم السيد قيس لبطولته وشهامته ولكن لا لحية لَهُ ، فوالله لو كانت اللحية تشترى بالدراهم لاشترينا لَهُ لحية!! ، وهذا الأحنف بن قيس كَانَ رجلاً عاقلاً حليماً وكان أمرد لا لحية لَهُ وكان سيد قومه فقال بعضهم: وددنا أنَّا اشترينا للأحنف لحيةً بعشرين ألف..! فلم يذكروا حنفه ولا عوره وإنما ذكروا كراهية عدم وجود اللحية عَلَيْهِ ، وما ذَلِكَ إِلاَّ لأن اللحيةَ عند هؤلاءِ الأخيار تعتبر من الجمال والرجولة والكمال لشخصيةِ المسلم وكان الواحد منهم أهونُ عَلَيْهِ أن تزول رقبته ولا تزول لحيته ، أما اليوم فكثير من أبناءِ المسلمين لا يتمنَّى أن يُشتَرى لَهُ لحية… بل إِنَّهُ يدفع الأموال لإزالتِها من وجهه ، بل قد يودّ بعضهم لو عدمها نِهائيّاً وساق على ذَلِكَ آلافَ الدراهم ، نعوذُ بالله من ذَلِكَ.
رسالة إلى صاحب صالون الحلاقة
أخي صاحب صالون الحلاقة :
إذا تبيَّنَ أَنَّ حلق اللحية حرامٌ كَمَا هُوَ واضحٌ من الأدلةِ السابقة ، فَإِنَّ الأجرةَ على حلقِها أيضاً حرام ، لأن الله حرَّمَ إذا حرَّمَ شيئاً حرم ثمنه ، لذا فاحرص بارك الله فيك أن لا يكون صالونك هذا محلاً لحلق لحى المسلمين ، ومكاناً تُبادُ فيه سنةٌ من سنن المصطفى e الَّذِي تبرَّأ مِمَّنْ رغب عنها بقوله: "من رغب عن سنَّتي فليس منِّي" ، وأن لا يكون صالونك هذا مكاناً تنقض فيه عروةٌ من عُرى الإسلام وواجباً من واجِبات هذا الدين ، لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان الَّذِي نَهى الله عنه بقوله: ]وتَعَاوَنوا على البِرِّ والتَّقْوا ولا تعاوَنوا على الإثمِ والعدوان[ [المائدة:2] ، ولأن المال المكتسب من هذا العمل حرامٌ سحتٌ لا خير فيه ، قال e: "كُلّ جسدٍ نبتَ من السحت فالنار أولى بِهِ".
فكن أخي الحبيب قويَّ الإيمان بالله قويَّ التوكل عَلَيْهِ ولا تسمح بحلق اللحى في محلك وتأكد أَنَّ ربحك لن يتأثر من جرَّاءِ ذَلِكَ بإذنِ الله ؛ لأن الله تعالى يقول: ]ومن يَّتَّقِ الله يجعلْ لَهُ مخرجاً ويرزُقْهُ من حيثُ لا يحتسبْ[ [الطلاق:2،3] ، ولقول النبي e: "من تركَ شيئاً لله عوَّضَهُ الله خيراً منه" وثِقْ أَنَّ الله تعالى لا يمكن أن يخلف وعده أبداً لمن صدَقَ معه لكن لابد للإنسان من الصبر وعدم الاستعجال ، واعلم أَنَّ المال الحلال وإن كَانَ قليلاً فَهُوَ خيرٌ من المالِ الحرام الكثير وبركته أعظم وأنفع لقوله تعالى: ]قُلْ لا يستَوي الخبيثُ والطَّيِّبُ ولو أعجبكَ كثرةُ الخبيث[ [المائدة:100].
وحتى لو فرض أَنَّ الربح انخفض قليلاً فليس هذا مبَرِّراً لأن يلجأ المسلم إلى ارتكابِ الحرام طمعاً في زيادةِ ربحه ، بل عَلَيْهِ أن يصبر على ذَلِكَ وأن يقنع بما أعطاهُ الله ويرضى بِهِ لأن هذا قد يكون ابتلاءً من الله لَهُ ليختبره وليرى مدى قوة إيمانه وتوكله عَلَيْهِ ، وقد يوفقه الله ويبارك لَهُ بالقليل أو يفتح لَهُ أبواب رزقٍ أخرى لَمْ تخطر لَهُ على بالٍ ويغنيه بِهَا نتيجة توكله عَلَيْهِ وعدم ارتكابه للحرام.
فتنبَّهْ أخي لذلك جيداً واحرص على أن تكون مِمَّنْ يصبر ويقنع بالحلال ، ويرضى بِهِ ولو كَانَ قليلاً وإيَّاكَ إيَّاكَ أن تجعل حبَّ المال ينسيك ربك وينسيك دينك وينسيك مصيرك ومآلك فَإِنَّ هذا المال الحرام سيذهب سريعاً وسيبقى عذابه طويلاً.
يقول ابن القيم: ثُمَّ تأمل لَمَّا صارت المرأة والرجل إذا أدركا وبلغا اشتركا في نباتِ العانة ، ثُمَّ ينفرد الرجل عن المرأة باللحية ، فَإِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ لَمَّا جعل الرجل قيِّماً على المرأة وجعلها كالخول والعاني (الأسير) في يديه ميَّزَهُ عليها بما فيه المهابة لَهُ والعز والوقار والجلالة ، لكماله وحاجته إلى ذَلِكَ ، ومُنِعَتْها المرأة لكمال الاستمتاعِ بِهَا والتلذذ لتبقى نضارة وجهها وحسنه.
الجمال ليس في حلق اللحى
كيف يخلق الله الرجل رجلاً ويميِّزهُ عن المرأة برجولته ولحيته الَّتِي فيها وقاره وجماله ثُمَّ لا يرضى بذلك ويذهب يغير خلق الله يتشبه بالنساء وبأعداء الإسلام ويتوهم أَنَّ في ذَلِكَ زيادة جمالٍ لَهُ وأناقة!! ]أفَمَن زُيِّنَ لَهُ سوءُ عمله فرآهُ حسنا[ [فاطر:8] ، وكأنَّ جمال الإنسان وأناقتَهُ لا تتم إِلاَّ بحلق اللحية أو بتقصيرِها وتخفيفِها واللعب بِهَا!! والله إِنَّ جمالَ الرجل وبَهاءه وهيبته في إبقاءِ لحيته كَمَا خلقها الله تعالى لأن الله أعلم بما يناسب الرجل لذا خلق لَهُ هَذِهِ اللحية.
فكيف يليق بمسلمٍ عاقلٍ أن يرفض ما اختاره الله لَهُ ، أهو أعلم بما يناسبه من الله ]أأنتُمْ أعلمُ أمِ الله[ [البقرة:140] ولو أراد الله للرجل أن يكون ناعماً بدونِ لحية لَمْ يعجزه ذَلِكَ ، ولكنه ميَّزَ الرجل عن المرأة وكرَّمَهُ وشرَّفَهُ بِهذِهِ اللحية ، ولكن بعض الرجال –هدانا الله وإيَّاهم- لا يريدون هذا التكريم وهذا التمييز ، بل ويحارِبونه ، نسأل الله السلامة والعافيةَ من ذَلِكَ.
فيا أخي المسلم
يا من تحلق لحيتك كيف يهون عليك أن تفرط في لحيتك الَّتِي فيها وقارك ورجولتك وجمالك؟ ، والله لا يليق ذَلِكَ بك وأنت الرجل المسلم العاقل ، ثُمَّ قل لي بربك ماذا ينفعك حلقها؟ هل لك في ذَلِكَ أجرٌ وثواب؟ هل لك في ذَلِكَ مصلحةٌ دنيوية؟ لماذا تعرِّضْ نفسك للعذاب وأنت في غِنىً عنه؟ ولماذا تُتعب نفسك ، لأن حلاقتها كلها تعبٌ وخسارة وإضاعة وقت ومال! ، لماذا كُلّ ذَلِكَ يا أخي اترك لحيتك في وجهك كَمَا خلقها الله لك ولا داعي لإتعابِ نفسك ، هي كم وزنَها حَتَّى تُزيلها من وجهك؟ هل ثقلت عليك أو شوَّهت وجهك ، لا أظن أَنَّ شيئاً من ذَلِكَ يحصل بسبب اللحية.
العناد والمخالفة الصريحة
رسول الله e يقول: "خالِفوا المشركين وفِّروا اللحى وأحفوا الشوارب" ولكن بعض النَّاس يعارض قوله e معارضةً صريحةً وقويةً ويقول: لا يا رسول الله لا سمعاً لك ولا طاعة في هذا الأمر فيعكس الأمر فيحلق لحيته ويترك شاربه!! فلماذا يا أخي هذا العناد!! لماذا تخالف هدي نبيك e هل أنت في غِنىً عن هديه e ، وهل لك هدي خاص وسنَّةٍ خاصة؟ والله يا أخي إِنَّهُ شرفٌ لك أن تكونَ من أتباعِ النبي e المطبِّقين لسنَّتِهِ ، ثُمَّ اعلم أخي الكريم: أَنَّ القضية ليست قضية شعر فقط ، إنما القضية قضية استسلام وخضوع لأوامر واتباع لهدي الرسول e واعتزاز بِهِ وانقياد لأوامره.
وفَّقَ الله الجميع لِمَا يحب ويرضى ، والله أعلم ، وصلى الله على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
موقع الورقات الدعوية
http://waraqat.islammessage.com