أبو طالب الأنصاري
25 Jul 2005, 08:46 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا وطىء أحدكم بنعليه الأذى فإن التراب له طهور
وعن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم
عن أبي سعيد الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال ما حملكم على إلقائكم نعالكم قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا وقال إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما
قال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان :
وتأويل ذلك : على ما يستقذر من مخاط أو نحوه من الطاهرات لا يصح ، لوجوه :
أحدها : أن ذلك لا يسمى خبثا .
الثاني : أن ذلك لا يؤمر بمسحه عند الصلاة فإنه لا يبطلها .
الثالث : أنه لا تخلع النعل لذلك في الصلاة ، فإنه عمل لغير حاجة ، فأقل أحواله الكراهة .
الرابع : أن الدارقطني روى في سننه في حديث الخلع من رواية ابن عباس : أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : " إن جبريل أتاني ، فأخبرني أن فيهما دم حلمة " والحلم كبار القراد .
ولأنه محل يتكرر ملاقاته للنجاسة غالبا ، فأجزأ مسحه بالجامد ، كمحل الاستجمار ، بل أولى . فإن محل الاستجمار يلاقي النجاسة في اليوم مرتين أو ثلاثا .
س: هل تجوز الصلاة في النعال وبالأحرى ما يسمى الزنوبة، وذلك في المسجد وعلى البساط ويقابل بها وجوه إخوانه المصلين؟
جـ: من السنة أن يصلي الرجل بنعليه إذا كانتا طاهرتين، والأصل ما رواه البخاري ومسلم عن أبي سلمة سعيد بن زيد قال: سألت أنسا: أكان النبي يصلي في نعليه؟ قال: نعم.([17]) ومارواه أبو داود عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «خالفوا اليهود فإنهم لايصلون في نعالهم ولا خفافهم» . لكن إذا كانت النعال زنوبة أو غيرها فيها شيء من الأوساخ والرطوبة التي تؤذي المصلين وتوسخ الفرش فينبغي لصاحبها أن يحملها في يديه حتى يضعها في مكان مناسب لا يحصل به أذى لأحد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبدالله بن قعود، عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز،
سئل فضيلته : يحصل عند بعض الناس إشكال في الصلاة بالنعال ويحصل منهم الإنكار على من فعل ذلك فما قولكم ؟
فأجاب قائلاً : لا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه كما في صحيح البخاري أن أنس بن مالك رضى الله عنه سئل : أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه ؟ فقال : نعم .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى سلفاً وخلفاً هل الصلاة فيهما من باب المشروعات فيكون مستحباً ، أو من باب الرخص فيكون مباحاً ، والظاهر أن ذلك من باب المشروعات فيكون مستحباً ، ودليل ذلك من الأثر والنظر :
أما الأثر : فقوله صلى الله عليه وسلم : (( خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم )) . أخرجه أبو داود وابن حبان في صحيحه ، قال الشوكاني في شرح المنتقي : ولا مطعن في إسناده .
ومخالفة اليهود أمر مطلوب شرعاً .
وأما النظر : فإن النعال والخفاف زينة الأقدام ، وقد قال الله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) . ولا يعارض هذا المصلحة إلا أن القدمين في النعال ترتفع أطرافها عن الأرض ، وأطراف القدمين مما أمرنا بالسجود عليه ، لكن يجاب عن ذلك ، بأن النعلين متصلان بالقدم وهما لباسه ، فاتصالهما بالأرض اتصال لأطراف القدمين ، ألا ترى أن الركبتين مما أمرنا بالسجود عليا وهما مستوران بالثياب ، ولو لبس المصلي قفازين في يديه وسجد فيهما أجزأه السجود مع أن اليدين مستوران بالقفازين .
ولكن الصلاة بالنعلين غير واجبة لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حافياً ومنتعلاً . أخرجه أبو داود وابن ماجه . ولحديث أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحداً ، ليجعلهما بين رجليه ، أو ليصل فيهما )) . أخرجه أبو داود . قال العراقي : صحيح الإسناد . وعن أبي هريرة رضى الله عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره فتكون عن يمين غيره ، إلا أن لا يكون عن يساره أحد ، وليضعهما بين رجليه )) . رواه أبو داود وفي إسناده من اختلف فيه ويشبه أن يكون موقوفاً . وعن عبد الله بن السائب رضى الله عنه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ووضع نعليه عن يساره .وبهذا علم أن الصلاة بالنعال مشروعة كالصلاة في الخفين ، إلا أن يكون في ذلك أذية لمن بجوارك من المصلين ، مثل أن تكون النعال قاسية ففي هذه الحال يتجنب المصلي ما فيه أذية لإخوانه ، لأن كف الأذى عن المسلمين واجب ، لاسيما إذا كان ذلك الأذى يشغلهم عن كمال صلاتهم ، لأن المفسدة في هذه الحال تتضاعف حيث تحصل الأذية والإشغال عن الخشوع في الصلاة .
وأما من قال:إن الصلاة في النعال حيث لا يكون المسجد مفروشاً فليس قوله بسديد ، لأن الحكمة في الصلاة في النعل مخالفة اليهود ، وكون النعلين من لباس القدمين ، وهذه الحكمة لا تختلف باختلاف المكان ، نعم لو كانت الحكمة وقاية الرجل من الأرض لكان قوله متجهاً . وأما قول من قال : إنك إذا صليت في نعليك أمامي فقد أهنتني أشد الإهانة .
فلا أدرى كيف كان ذلك إهانة له ، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه وأصحابه خلفه ، أفيقال إن ذلك إهانة لهم ؟
قد يقول قائل : إن ذلك كان معروفاً عندهم فكان مألوفاً بينهم لا يتأثرون به ، ولا يتأذون به .
فيقال له : وليكن ذلك معروفاً عندنا ومألوفاً بيننا حتى لا نتأثر به ولا نتأذى به .
وأما قول من قال لمن صلى بنعليه:أأنت خير من الناس جميعاً ، أو من فلان وفلان ، لو كان خيراً لسبقوك إليه .
فيقال له : إن الشرع لا يوزن بما كان الناس عليه عموماً أو خصوصاً ، وإنما الميزان كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكم من عمل قولي ، أو فعلي عمله الناس وليس له أصل في الشرع ، وكم من عمل قولي أو فعلي تركه الناس وهو ثابت في السنة ، كما يعلم ذلك من استقرأ أحوال الناس ، ومن ترك الصلاة بالنعلين من أهل العلم فإنما ذلك لقيام شبهة أو مراعاة مصلحة .
ومن المصالح التي يراعيها بعض أهل العلم ما يحصل من العامة من امتهان المساجد، حيث يدخلون المساجد دون نظر في نعالهم وخفافهم اقتداء بمن دخل المسجد في نعليه ممن هو محل قدوه عندهم ، فيقتدون به في دخول المسجد بالنعلين دون النظر فيهما والصلاة فيهما فتجد العامي يدخل المسجد بنعليه الملوثتين بالأذى والقذر حتى يصل إلى الصف ثم يخلعهما ويصلي حافياً فلا هو الذي احترم المسجد ، ولا هو الذي أتى بالسنة .
فمن ثم رأي بعض أهل العلم درء هذه المفسدة بترك هذه السنة ، والأمر في هذا واسع – إن شاء الله – فإن لمثل هذه المراعاة أصلاً في كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم :
أما في كتاب الله تعالى فقد نهى الله تعالى عن سبحانه وتعالى آلهة المشركين مع كونه مصلحة ، لئلا يترتب عليه مفسده وهي سبهم لإلهنا جل وعلا فقال تعالى ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ ) .
وأما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فشواهده كثيرة :
منها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضى الله عنه وهو يتحدث عن شأن الكعبة : (( لولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه في الأرض )) .
ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك قتل قوم من المنافقين مع علمه بهم ، مراعاة للمصلحة ، وتشريعاً للأمة أن يحكموا بالظواهر ، ويدعوا السرائر إلى عالمها جل وعلا . ومنها : ترك الصيام في السفر .
ومنها : إيثار النبي صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم مع استحقاق جميع المقاتلين لها مراعاة للمصالح .
فعلى المرء أن يتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه ، ومراعاة للمصالح ويتبعه في ذلك ويعمل بسنته ما استطاع ، التزاماً بالواجب ، واغتناماً بالتطوع ، حتى يكون بذلك عالماً ربانياً وداعياً مصلحاً .
نسأل ا لله أن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير ، والصلاح ، والفلاح ، والإصلاح ، وأن لا يزيغ قلوبنا بع إذ هدانا ، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . في 10/8/1406 هـ .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( المجلد الثاني عشر )
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا وطىء أحدكم بنعليه الأذى فإن التراب له طهور
وعن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم
عن أبي سعيد الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال ما حملكم على إلقائكم نعالكم قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا وقال إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما
قال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان :
وتأويل ذلك : على ما يستقذر من مخاط أو نحوه من الطاهرات لا يصح ، لوجوه :
أحدها : أن ذلك لا يسمى خبثا .
الثاني : أن ذلك لا يؤمر بمسحه عند الصلاة فإنه لا يبطلها .
الثالث : أنه لا تخلع النعل لذلك في الصلاة ، فإنه عمل لغير حاجة ، فأقل أحواله الكراهة .
الرابع : أن الدارقطني روى في سننه في حديث الخلع من رواية ابن عباس : أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : " إن جبريل أتاني ، فأخبرني أن فيهما دم حلمة " والحلم كبار القراد .
ولأنه محل يتكرر ملاقاته للنجاسة غالبا ، فأجزأ مسحه بالجامد ، كمحل الاستجمار ، بل أولى . فإن محل الاستجمار يلاقي النجاسة في اليوم مرتين أو ثلاثا .
س: هل تجوز الصلاة في النعال وبالأحرى ما يسمى الزنوبة، وذلك في المسجد وعلى البساط ويقابل بها وجوه إخوانه المصلين؟
جـ: من السنة أن يصلي الرجل بنعليه إذا كانتا طاهرتين، والأصل ما رواه البخاري ومسلم عن أبي سلمة سعيد بن زيد قال: سألت أنسا: أكان النبي يصلي في نعليه؟ قال: نعم.([17]) ومارواه أبو داود عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «خالفوا اليهود فإنهم لايصلون في نعالهم ولا خفافهم» . لكن إذا كانت النعال زنوبة أو غيرها فيها شيء من الأوساخ والرطوبة التي تؤذي المصلين وتوسخ الفرش فينبغي لصاحبها أن يحملها في يديه حتى يضعها في مكان مناسب لا يحصل به أذى لأحد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبدالله بن قعود، عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز،
سئل فضيلته : يحصل عند بعض الناس إشكال في الصلاة بالنعال ويحصل منهم الإنكار على من فعل ذلك فما قولكم ؟
فأجاب قائلاً : لا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه كما في صحيح البخاري أن أنس بن مالك رضى الله عنه سئل : أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه ؟ فقال : نعم .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى سلفاً وخلفاً هل الصلاة فيهما من باب المشروعات فيكون مستحباً ، أو من باب الرخص فيكون مباحاً ، والظاهر أن ذلك من باب المشروعات فيكون مستحباً ، ودليل ذلك من الأثر والنظر :
أما الأثر : فقوله صلى الله عليه وسلم : (( خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم )) . أخرجه أبو داود وابن حبان في صحيحه ، قال الشوكاني في شرح المنتقي : ولا مطعن في إسناده .
ومخالفة اليهود أمر مطلوب شرعاً .
وأما النظر : فإن النعال والخفاف زينة الأقدام ، وقد قال الله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) . ولا يعارض هذا المصلحة إلا أن القدمين في النعال ترتفع أطرافها عن الأرض ، وأطراف القدمين مما أمرنا بالسجود عليه ، لكن يجاب عن ذلك ، بأن النعلين متصلان بالقدم وهما لباسه ، فاتصالهما بالأرض اتصال لأطراف القدمين ، ألا ترى أن الركبتين مما أمرنا بالسجود عليا وهما مستوران بالثياب ، ولو لبس المصلي قفازين في يديه وسجد فيهما أجزأه السجود مع أن اليدين مستوران بالقفازين .
ولكن الصلاة بالنعلين غير واجبة لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حافياً ومنتعلاً . أخرجه أبو داود وابن ماجه . ولحديث أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحداً ، ليجعلهما بين رجليه ، أو ليصل فيهما )) . أخرجه أبو داود . قال العراقي : صحيح الإسناد . وعن أبي هريرة رضى الله عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره فتكون عن يمين غيره ، إلا أن لا يكون عن يساره أحد ، وليضعهما بين رجليه )) . رواه أبو داود وفي إسناده من اختلف فيه ويشبه أن يكون موقوفاً . وعن عبد الله بن السائب رضى الله عنه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ووضع نعليه عن يساره .وبهذا علم أن الصلاة بالنعال مشروعة كالصلاة في الخفين ، إلا أن يكون في ذلك أذية لمن بجوارك من المصلين ، مثل أن تكون النعال قاسية ففي هذه الحال يتجنب المصلي ما فيه أذية لإخوانه ، لأن كف الأذى عن المسلمين واجب ، لاسيما إذا كان ذلك الأذى يشغلهم عن كمال صلاتهم ، لأن المفسدة في هذه الحال تتضاعف حيث تحصل الأذية والإشغال عن الخشوع في الصلاة .
وأما من قال:إن الصلاة في النعال حيث لا يكون المسجد مفروشاً فليس قوله بسديد ، لأن الحكمة في الصلاة في النعل مخالفة اليهود ، وكون النعلين من لباس القدمين ، وهذه الحكمة لا تختلف باختلاف المكان ، نعم لو كانت الحكمة وقاية الرجل من الأرض لكان قوله متجهاً . وأما قول من قال : إنك إذا صليت في نعليك أمامي فقد أهنتني أشد الإهانة .
فلا أدرى كيف كان ذلك إهانة له ، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه وأصحابه خلفه ، أفيقال إن ذلك إهانة لهم ؟
قد يقول قائل : إن ذلك كان معروفاً عندهم فكان مألوفاً بينهم لا يتأثرون به ، ولا يتأذون به .
فيقال له : وليكن ذلك معروفاً عندنا ومألوفاً بيننا حتى لا نتأثر به ولا نتأذى به .
وأما قول من قال لمن صلى بنعليه:أأنت خير من الناس جميعاً ، أو من فلان وفلان ، لو كان خيراً لسبقوك إليه .
فيقال له : إن الشرع لا يوزن بما كان الناس عليه عموماً أو خصوصاً ، وإنما الميزان كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكم من عمل قولي ، أو فعلي عمله الناس وليس له أصل في الشرع ، وكم من عمل قولي أو فعلي تركه الناس وهو ثابت في السنة ، كما يعلم ذلك من استقرأ أحوال الناس ، ومن ترك الصلاة بالنعلين من أهل العلم فإنما ذلك لقيام شبهة أو مراعاة مصلحة .
ومن المصالح التي يراعيها بعض أهل العلم ما يحصل من العامة من امتهان المساجد، حيث يدخلون المساجد دون نظر في نعالهم وخفافهم اقتداء بمن دخل المسجد في نعليه ممن هو محل قدوه عندهم ، فيقتدون به في دخول المسجد بالنعلين دون النظر فيهما والصلاة فيهما فتجد العامي يدخل المسجد بنعليه الملوثتين بالأذى والقذر حتى يصل إلى الصف ثم يخلعهما ويصلي حافياً فلا هو الذي احترم المسجد ، ولا هو الذي أتى بالسنة .
فمن ثم رأي بعض أهل العلم درء هذه المفسدة بترك هذه السنة ، والأمر في هذا واسع – إن شاء الله – فإن لمثل هذه المراعاة أصلاً في كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم :
أما في كتاب الله تعالى فقد نهى الله تعالى عن سبحانه وتعالى آلهة المشركين مع كونه مصلحة ، لئلا يترتب عليه مفسده وهي سبهم لإلهنا جل وعلا فقال تعالى ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ ) .
وأما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فشواهده كثيرة :
منها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضى الله عنه وهو يتحدث عن شأن الكعبة : (( لولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه في الأرض )) .
ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك قتل قوم من المنافقين مع علمه بهم ، مراعاة للمصلحة ، وتشريعاً للأمة أن يحكموا بالظواهر ، ويدعوا السرائر إلى عالمها جل وعلا . ومنها : ترك الصيام في السفر .
ومنها : إيثار النبي صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم مع استحقاق جميع المقاتلين لها مراعاة للمصالح .
فعلى المرء أن يتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه ، ومراعاة للمصالح ويتبعه في ذلك ويعمل بسنته ما استطاع ، التزاماً بالواجب ، واغتناماً بالتطوع ، حتى يكون بذلك عالماً ربانياً وداعياً مصلحاً .
نسأل ا لله أن يوفقنا جميعاً لما فيه الخير ، والصلاح ، والفلاح ، والإصلاح ، وأن لا يزيغ قلوبنا بع إذ هدانا ، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . في 10/8/1406 هـ .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ( المجلد الثاني عشر )