علي صالح طمبل
27 Jul 2005, 02:40 PM
حتى أنت؟![1] (http://www.ala7ebah.com/upload/newthread.php?do=newthread&f=7#_ftn1)
سحب نفساً طويلاً من سيجارته ثم أخذ برهة قبل أن ينفث دخانها في استمتاع مصطنع وهو يتطلع إلى الدخان المتصاعد من فمه ليصبغ الغرفة بلون أقرب إلى الرمادي. وابتسم ابتسامة ساخرة وهو يتذكر ما يقوله بعض (الحمقى) عن التدخين وآثاره الضارة على متعاطيه، وحتى على مستنشقيه. يالهم من مدعين! إن خاله يدخن منذ ثلاثين سنة، ولم يسمع يوما أنه أصيب بأعراض السرطان، دعك من السرطان نفسه! بل إنه يكاد يجزم بأن خاله هذا أكثر صحة وأشد قوة من غير المدخنين أنفسهم؛ فهو قل أن يصاب بوعكة، وله من القوة ما يكفي لمصارعة عشرة رجال في آن واحد.
منذ صغره كان لا يبغض شيئاً مثل بغضه للنصائح (الفارغة) والتوجيهات (الجوفاء)، لا يحب أن يرشده أحد إلى الصواب، أو يحذره من الخطأ.. اعتاد دائماً أن يشق طريقه بنفسه دون تدخل من أحد؛ لذا كان اختياره للسجائر نتيجة لقناعته الخاصة، وبمحض إرادته.
وتناول سيجارة أخرى من علبته الفارهة، وأطلق سعلة قبل أن يتطلع إلى الدخان بشئ من الزهو. وتساءل في نفسه متهكماً: إذا كان كل من يدخن يصاب بالسرطان، فلماذا لم يصب به الكثيرون، وأولهم خاله؟! وإذا كان خطر التدخين كما يقولون، فلماذا نجد أن بعض الأطباء وطلاب كلية الطب يتعاطون التدخين؟! وعاد ليطلق سعلة أخرى أشد من الأولى! تباً لهذا السعال اللعين! لولاه وهذه الآلام التي تكتنف صدره أحياناً لاعتبر التدخين هو العلاج الناجع والحل النهائي لكل هموم البشر ومشاكلهم.
وعاد ليسعل للمرة الثالثة، ولكن هذه المرة دون توقف، فاضطر لأن يغادر الغرفة وهو يمسك بفمه محاولاً كبح جماح السعال المتواصل. ودون أن يشعر أحس بنفسه يهرول خارج البيت وهو يكاد يختنق من نوبات السعال المتواصلة، ليشير إلى سيارة أجرة فيقول للسائق: إلى المستشفى بسرعة أرجوك!
قال السائق ببرود:
ـ لحظة.
ثم أشعل سيجارة ونفث دخانها في السيارة، وحين التفت إلى الشخص الذي كان يجلس بجواره وجده قد فتح باب السيارة ليندفع خارجها ويقول:
ـ حتى أنت أيها السائق؟!
أبريل 2005م
[1] (http://www.ala7ebah.com/upload/newthread.php?do=newthread&f=7#_ftnref1) نشرت بمجلة (صحتك) التي تصدر عن صندوق إعانة المرضى بالسودان العدد رقم (4) يوليو 2005م.
سحب نفساً طويلاً من سيجارته ثم أخذ برهة قبل أن ينفث دخانها في استمتاع مصطنع وهو يتطلع إلى الدخان المتصاعد من فمه ليصبغ الغرفة بلون أقرب إلى الرمادي. وابتسم ابتسامة ساخرة وهو يتذكر ما يقوله بعض (الحمقى) عن التدخين وآثاره الضارة على متعاطيه، وحتى على مستنشقيه. يالهم من مدعين! إن خاله يدخن منذ ثلاثين سنة، ولم يسمع يوما أنه أصيب بأعراض السرطان، دعك من السرطان نفسه! بل إنه يكاد يجزم بأن خاله هذا أكثر صحة وأشد قوة من غير المدخنين أنفسهم؛ فهو قل أن يصاب بوعكة، وله من القوة ما يكفي لمصارعة عشرة رجال في آن واحد.
منذ صغره كان لا يبغض شيئاً مثل بغضه للنصائح (الفارغة) والتوجيهات (الجوفاء)، لا يحب أن يرشده أحد إلى الصواب، أو يحذره من الخطأ.. اعتاد دائماً أن يشق طريقه بنفسه دون تدخل من أحد؛ لذا كان اختياره للسجائر نتيجة لقناعته الخاصة، وبمحض إرادته.
وتناول سيجارة أخرى من علبته الفارهة، وأطلق سعلة قبل أن يتطلع إلى الدخان بشئ من الزهو. وتساءل في نفسه متهكماً: إذا كان كل من يدخن يصاب بالسرطان، فلماذا لم يصب به الكثيرون، وأولهم خاله؟! وإذا كان خطر التدخين كما يقولون، فلماذا نجد أن بعض الأطباء وطلاب كلية الطب يتعاطون التدخين؟! وعاد ليطلق سعلة أخرى أشد من الأولى! تباً لهذا السعال اللعين! لولاه وهذه الآلام التي تكتنف صدره أحياناً لاعتبر التدخين هو العلاج الناجع والحل النهائي لكل هموم البشر ومشاكلهم.
وعاد ليسعل للمرة الثالثة، ولكن هذه المرة دون توقف، فاضطر لأن يغادر الغرفة وهو يمسك بفمه محاولاً كبح جماح السعال المتواصل. ودون أن يشعر أحس بنفسه يهرول خارج البيت وهو يكاد يختنق من نوبات السعال المتواصلة، ليشير إلى سيارة أجرة فيقول للسائق: إلى المستشفى بسرعة أرجوك!
قال السائق ببرود:
ـ لحظة.
ثم أشعل سيجارة ونفث دخانها في السيارة، وحين التفت إلى الشخص الذي كان يجلس بجواره وجده قد فتح باب السيارة ليندفع خارجها ويقول:
ـ حتى أنت أيها السائق؟!
أبريل 2005م
[1] (http://www.ala7ebah.com/upload/newthread.php?do=newthread&f=7#_ftnref1) نشرت بمجلة (صحتك) التي تصدر عن صندوق إعانة المرضى بالسودان العدد رقم (4) يوليو 2005م.