البندري
05 Aug 2005, 12:27 AM
لماذا يا أبي
تتصاعد كثبان الدخان نحو فضاء الغرفة لتضيف ضبابية ودفئا ملوثا...
صوت هطول المطر آخذ بالتزايد..يطرق نافذة الغرفة طرقا متواصلا متواترا...لم يكن "ابو الوليد" لينتبه لها هذه اللحظات,فها هو ينفث الدخان من انفه هذه المرة منتشيا بعد كرة يلقمها لاعبه المفضل"زيدان" لشباك "برشلونة" ليكون الهدف الثاني ل"ريال مدريد".
بؤرتا عينيه تنتقلان يمنة ويسرة خلف الكرة على شاشة التلفاز....لا شيء يحركه من مكانه أو يشوش تركيزه.....لا مطر.....لا زوجة...لا طفل رضيعا.
"تبا...كم اكره كرة القدم" تمتمت الزوجة بسخط بينما تهدهد طفلها ذا سبعة الشهور....يبدو انه يتألم....رباه....ليتني مكانه...ليته ينطق...اواه يا حبيبي..وتضم الصغير إلى صدرها
..انفاسه تتلاحق...لهاثه يعلو...رحماك يا ربي....ماذا افعل؟؟؟
انفاسه تلفح عنقها..اواه يا وليدي....انا وانت روحان في ركن واحد...
يعلو صوت صياح" قووووول", وينتبه الطفل بوهن..انفاسه تضعف..شفتاه آخذة بالازرقاق....
ولدي...يا ابا الوليد....يا رجل...وتصرخ الام الملهوفة...لا من مجيب..تضع الطفل جانبا..تتجه صوب ذاك المتسمر امام الشاشة....تتعثر بمنفضة ملآى..تمسكه من اكتافه..تهزه...ابننا يموت..هنا فقط يستيقظ الاب من تصنمه.
ينطلق الاثنان مع " وليد" إلى اقرب مشفى..الجو بارد...حملت الام حراما اضافيا لتلف به الصغير..تتأكد الام بين الحين والاخر من بقاء الانفاس...انها الامل في الحياة..انها سر الحياة....يطمئن الوالد ويحث السائق على الاسراع.
في المشفى....يهرع الاطباء..فالطفل يعاني ضيقا في التنفس...تتسارع الحركة امام لهفة الوالدين...
تنفس صناعي...اكسجين...انعاش..فحوصات مخبرية...ويحك يا عمري... وتقشعر حين تغرز الممرضة ابرتها في ذراع "وليد"....ثم........إلى قسم الاشعة...والعناية المركزة لحين استقرار وضعه.
دقات قلبهما في ازدياد...عيون ذابلة...امل متأرجح ....دعاء متواصل ودموع حرى.
وامام صورة الاشعة ...يقف الطبيب ذاهلا...ترتجف يداه قليلا... يركز نظره مرة اخرى مقطبا ما بين حاجبيه...تلفت حوله....
لم ينتظر الوالد اكثر:."هه..ما الحال يا دكتور؟"
الصمت هذه اللحظات قاتل..لا للصمت... تنفرج شفتا الطبيب وتنطق بدهة:
"رئتا الطفل رئتا مدخن"....سيعاني ازمة مزمنة.
سكون يسود المكان..استنزاف ما تبقى من طاقة للزوجة لادخال ما فاه به الطبيب لمركز التفكير
ثم تحتد النظرات....مصوبة تجاه الوالد المصدوم....كم يحب ابنه...كم يعشقه....كم يشتاق له...
وكم يكد ليبني غرفة اخرى لوحيده.
يهرب...يولي نظره...يدخل يده في جيبه,تلامس اصابعه "الصندوق الاسود"...يفركه...يفتته...النظرات تشير اليه...لن يستطيع الهرب..المكان اضيق من قيد انملة...نظرات الام تلاحقه..لا ...انفاس الصغير ايضا...
صوت قوي يولد في صدره الاسود..اقوى من صرخة الهدف.... اقوى من صوت الهطول.....
صوت بركان ثائر........."لماذا يا ابي؟"
..أختكم في الله...:rose:
:rose: الـــبـــنــدري...
تتصاعد كثبان الدخان نحو فضاء الغرفة لتضيف ضبابية ودفئا ملوثا...
صوت هطول المطر آخذ بالتزايد..يطرق نافذة الغرفة طرقا متواصلا متواترا...لم يكن "ابو الوليد" لينتبه لها هذه اللحظات,فها هو ينفث الدخان من انفه هذه المرة منتشيا بعد كرة يلقمها لاعبه المفضل"زيدان" لشباك "برشلونة" ليكون الهدف الثاني ل"ريال مدريد".
بؤرتا عينيه تنتقلان يمنة ويسرة خلف الكرة على شاشة التلفاز....لا شيء يحركه من مكانه أو يشوش تركيزه.....لا مطر.....لا زوجة...لا طفل رضيعا.
"تبا...كم اكره كرة القدم" تمتمت الزوجة بسخط بينما تهدهد طفلها ذا سبعة الشهور....يبدو انه يتألم....رباه....ليتني مكانه...ليته ينطق...اواه يا حبيبي..وتضم الصغير إلى صدرها
..انفاسه تتلاحق...لهاثه يعلو...رحماك يا ربي....ماذا افعل؟؟؟
انفاسه تلفح عنقها..اواه يا وليدي....انا وانت روحان في ركن واحد...
يعلو صوت صياح" قووووول", وينتبه الطفل بوهن..انفاسه تضعف..شفتاه آخذة بالازرقاق....
ولدي...يا ابا الوليد....يا رجل...وتصرخ الام الملهوفة...لا من مجيب..تضع الطفل جانبا..تتجه صوب ذاك المتسمر امام الشاشة....تتعثر بمنفضة ملآى..تمسكه من اكتافه..تهزه...ابننا يموت..هنا فقط يستيقظ الاب من تصنمه.
ينطلق الاثنان مع " وليد" إلى اقرب مشفى..الجو بارد...حملت الام حراما اضافيا لتلف به الصغير..تتأكد الام بين الحين والاخر من بقاء الانفاس...انها الامل في الحياة..انها سر الحياة....يطمئن الوالد ويحث السائق على الاسراع.
في المشفى....يهرع الاطباء..فالطفل يعاني ضيقا في التنفس...تتسارع الحركة امام لهفة الوالدين...
تنفس صناعي...اكسجين...انعاش..فحوصات مخبرية...ويحك يا عمري... وتقشعر حين تغرز الممرضة ابرتها في ذراع "وليد"....ثم........إلى قسم الاشعة...والعناية المركزة لحين استقرار وضعه.
دقات قلبهما في ازدياد...عيون ذابلة...امل متأرجح ....دعاء متواصل ودموع حرى.
وامام صورة الاشعة ...يقف الطبيب ذاهلا...ترتجف يداه قليلا... يركز نظره مرة اخرى مقطبا ما بين حاجبيه...تلفت حوله....
لم ينتظر الوالد اكثر:."هه..ما الحال يا دكتور؟"
الصمت هذه اللحظات قاتل..لا للصمت... تنفرج شفتا الطبيب وتنطق بدهة:
"رئتا الطفل رئتا مدخن"....سيعاني ازمة مزمنة.
سكون يسود المكان..استنزاف ما تبقى من طاقة للزوجة لادخال ما فاه به الطبيب لمركز التفكير
ثم تحتد النظرات....مصوبة تجاه الوالد المصدوم....كم يحب ابنه...كم يعشقه....كم يشتاق له...
وكم يكد ليبني غرفة اخرى لوحيده.
يهرب...يولي نظره...يدخل يده في جيبه,تلامس اصابعه "الصندوق الاسود"...يفركه...يفتته...النظرات تشير اليه...لن يستطيع الهرب..المكان اضيق من قيد انملة...نظرات الام تلاحقه..لا ...انفاس الصغير ايضا...
صوت قوي يولد في صدره الاسود..اقوى من صرخة الهدف.... اقوى من صوت الهطول.....
صوت بركان ثائر........."لماذا يا ابي؟"
..أختكم في الله...:rose:
:rose: الـــبـــنــدري...