وهج امين
09 Aug 2005, 12:24 AM
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير* لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حماته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعفوا عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين )
هاتان الآيتان تضمنتا الثناء على الصحابة بجميل انقيادهم إلى الله تعالى والثناء على النبي صلى الله عليه وسلم بالاستجابة والطاعة والمحبة ولذلك في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (لله مافي السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير) قال اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله ثم بركوا على الركب فقالوا يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال صلى الله عليه وسلم (أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير...فلما قرأها القوم دلت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كلا آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) فلما فعلوا ذلك نسخ الله تعالى تلك الآية فأنزل الله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) قال نعم (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) قال نعم (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) قال نعم (واعفوا عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) قال نعم.
إذا هذا هو سبب نزول هاتين الآيتين وفضل هذه الآيات ورد في فضلها نصوص تدل على عظم هذه الآيات منها أنها تنزل من تحت العرش وأنها فتحت لها باب السماء عند نزولهما لم يفتح هذا الباب من قبل لغيرهما أنهما لم يعطهما أحد من الأنبياء قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الصحيح عند مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه أي صوتا كصوت الباب إذا فتح قال فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك فقال هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة...لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته.
وعن عبد الله قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى قال (انتهى إليها ما يعرج من الأرض وما ينزل من فوق قال فأعطاه الله عندها ثلاث لم يعطاهن نبيا كان قبله فرضت عليه الصلاة خمسا وأعطي خواتيم سورة البقرة وغفر لأمته المقحمات مالم يشركوا بالله شيئا. والحديث عند مسلم في صحيحه واللفظ للترمذي في سننه أيضا من قرأ هاتين الآيتين في ليلة كفتاه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه وفي قوله كفتاه أقوال كثيرة منها أنه كفتاه جزءه في قيام الليل في تلك الليلة ومنها أنها كفتاه من شر الشيطان ومنها أنها كفتاه من شر شياطين الإنس والجن وقيل أيضا معنى كفتاه أي كفتاه من كل سوء وقيل غير ذلك.
قال الحافظ بن حجر الفتح يجوز أن يكون المراد جميع ما تقدم فالله تعالى أعلم هاتان الآيتان تضمنتا حقائق الدين وقواعد الإيمان الخمس وكمال نعم الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أمته ومحبة الله تعالى لهم وتفضيل الله تعالى إياهم على من سواهم فقد بينت الأولى الآية الأولى أصول الدين للإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وهذه الأصول هي التي يقوم عليها الإسلام وأيضا بينت أن إيمان النبي صلى الله عليه وسلم وإيمان المؤمنين شامل لكل أصول الدين لقوله تعالى (كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ) وربما يرد هنا إشكال أو سؤال عند البعض وهو أنه ليس في الآية ذكر الإيمان باليوم الآخر ولا ذكر الإيمان بالقدر خيره وشره وربما يكون الجواب من أحد وجهين أن يقال أن هذا داخل في عموم قوله تعالى بما أنزل إليه من ربه والوجه الثاني أن يقال أن الإيمان بالكتب والرسل متضمن الإيمان باليوم الآخر والقدر وفي الآيتين أيضا فوائد كثيرة يطول حقيقة سرد هذه الفوائد لكن لعلي أعرض لبعضها وبإيجاز شديد من فوائد هاتين الآيتين أن من صفات المؤمنين السمع والطاعة كما قال تعالى ( وقالوا سمعنا وأطعنا ) والناس في هذا الباب.. .باب السمع والطاعة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام القسم الأول من لا يسمع ولا يطيع والعياذ بالله وهذا معرض (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى)
والقسم الثاني من يسمع ولا يطيع بل هو مستكبر اتخذ آيات الله هزوا كما أخبر الله تعالى حيث قال: (وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا يبشره بعذاب أليم ) وكقوله تعالى ( وقالوا سمعنا وعصينا ) وهذا أعظم جرما من الأول القسم الثاني أعظم جرم من القسم الأول.
أما القسم الثالث من يسمع ويطيع وهؤلاء هم المؤمنون الذين قالوا سمعنا وأطعنا وقال الله تعالى فيهم (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)
أيضا من الفوائد في هاتين الآيتين أن كل أحد محتاج إلى مغفرة الله تعالى لقوله (غفرانك ) فكل إنسان محتاج إلى مغفرة الله حتى النبي صلى الله عليه وسلم محتاج إلى مغفرة ربه ولهذا لما قال (لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة وفضل )
فائدة ثالثة تواضع المؤمنين حيث قالوا سمعنا وأطعنا ثم سألوا المغفرة خشية التقصير والضعف (خلق الإنسان ضعيفا).
أيضا من الفوائد بيان رحمة الله تعالى بعباده حيث لم يكلفهم جل وعلا إلا بما استطاعوه وقدروا عليه ولو شاء الله أن يكلفهم ما لم يستطيعوا لفعل ولكن الله تعالى رحيم بعباده.
أيضا من الفوائد يسر هذا الدين وعظمته (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وهذه الآية توضح عظمة هذا الدين وسهولته ويسره لو أن الناس تنبهوا لمثل هذا فبعض الناس يشق على نفسه في دين الله عز وجل.
نأخذ من هذه الآية قاعدتين مهمتين متفق عليهما هما:
أولا لا واجب مع العجز وثانيا لا محرم مع الضرورة
لكن إن كان الواجب المعجوز عنه له بدل وجب الانتقال إلى بدله فإن لم يكن له بدل سقط وأيضا إن عجز عن بدله سقط مثال ذلك إذا عجز مثلا عن الطهارة...الطهارة بالماء سقط عنه وجوب التطهر بالماء لكن ينتقل منه إلى التيمم فإن عجز أيضا عنه إن عجز عن التيمم سقط التيمم حتى عنه.
وأيضا مثال آخر شخص مثلا محبوس مسجون لا يستطيع أن يتوضأ ولا يتيمم فإنه يصلي بلا وضوء وبلا تيمم....مريض، مكبل بالأجهزة وغيرها لا يستطيع أن يتوضأ ولا أن يتيمم امتنع عنه ذلك كلية يصلي وإن لم يتوضأ وإن لم يتيمم.
أما مثال سقوط التحريم مع الضرورة رجل مثلا اضطر إلى أكل الميته لم يجد ما يسد رمقه سوى هذه الميتة فإنه هنا يحل له أكلها قدر الضرورة.
وما أعظم هذا الدين...أيضا من فوائد هذه الآيات رحمة الله عز وجل حيث رفع المؤاخذة في النسيان والمؤاخذة بالجهل لقوله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) فقال الله تعالى قد فعلت. ولا يلزم من رفع المؤاخذة سقوط الطلب فمن ترك الواجب نسيانا أو جهلا وجب عليه قضاؤه ولا يسقط الطلب به لكن ما الفائدة ما فائدة عدم المؤاخذة هو رفع الإثم عنه.
أيضا فائدة أخرى في الآيات أن المؤمن لا ولي له إلا ربه جل وعلا إلا الله سبحانه وتعالى لقوله (أنت مولانا) وولاية الله تعالى نوعان ولاية خاصة وولاية عامة والولاية الخاصة ولاية الله تعالى للمؤمنين للصادقين كقوله تعالى ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) وقوله تعالى ( والله ولي المؤمنين) وقول الله تعالى ( إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين)
والولاية العامة ولاية لكل أحد من المخلوقين فالله تعالى سبحانه جل وعلا ولي لكل أحد لأنه يتولى جميع أمور الخلق حتى من الكافرين كما في قوله تعالى ( ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق وول عنهم ما كانوا يفترون )
ومن أيضا الفوائد...الفوائد كثيرة ولعلي أختم بهذه الفائدة أنه يجب على الإنسان اللجوء إلى الله عز وجل في النصرة وطلب النصرة على عدوه وعلى القوم الكافرين لقوله تعالى في آخر سورة البقرة (فانصرنا على القوم الكافرين) والنصر على الكافرين يكون بأمرين بالحجة والبيان وكذلك بالسيف والسلاح..
أما السيف والسلاح فظاهر وأما الحجة والبيان فكما يكون في المناظرة في المجادلة في الدعوة إلى الله عز وجل والعجيب أيها الأخوة يعني إتيان هذا المقطع وختام هذه السورة بهذا المقطع العجيب (انصرنا على القوم الكافرين) الآية لم يكن فيها أو سورة كاملة لم يكن فيها شيء عن الجهاد ولم يرد فيها ذكر الجهاد في جميع سورة البقرة فجاء هذا الموضع وجاء هذا الختام بهذه الحال وهذا من أسرار القرآن ولعل الانتصار على الكافرين وطلب العون و النصرة من الله عز وجل لا يشترط أن يكون فقط في القضايا العسكرية بل حتى في القضايا الأخرى العلمية والتقنية والاقتصادية والدعوة وغير ذلك والله تعالى أعلم وأحكم ولعلي أكتفي بما ذكرت حول هاتين الآيتين العظيمتين أسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وجزاكم الله تعالى عني خيرا وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
منقول -قناة المجد
( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير* لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حماته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعفوا عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين )
هاتان الآيتان تضمنتا الثناء على الصحابة بجميل انقيادهم إلى الله تعالى والثناء على النبي صلى الله عليه وسلم بالاستجابة والطاعة والمحبة ولذلك في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (لله مافي السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير) قال اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا رسول الله ثم بركوا على الركب فقالوا يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال صلى الله عليه وسلم (أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير...فلما قرأها القوم دلت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كلا آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) فلما فعلوا ذلك نسخ الله تعالى تلك الآية فأنزل الله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) قال نعم (ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) قال نعم (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) قال نعم (واعفوا عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) قال نعم.
إذا هذا هو سبب نزول هاتين الآيتين وفضل هذه الآيات ورد في فضلها نصوص تدل على عظم هذه الآيات منها أنها تنزل من تحت العرش وأنها فتحت لها باب السماء عند نزولهما لم يفتح هذا الباب من قبل لغيرهما أنهما لم يعطهما أحد من الأنبياء قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الصحيح عند مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه أي صوتا كصوت الباب إذا فتح قال فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك فقال هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة...لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته.
وعن عبد الله قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى قال (انتهى إليها ما يعرج من الأرض وما ينزل من فوق قال فأعطاه الله عندها ثلاث لم يعطاهن نبيا كان قبله فرضت عليه الصلاة خمسا وأعطي خواتيم سورة البقرة وغفر لأمته المقحمات مالم يشركوا بالله شيئا. والحديث عند مسلم في صحيحه واللفظ للترمذي في سننه أيضا من قرأ هاتين الآيتين في ليلة كفتاه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه وفي قوله كفتاه أقوال كثيرة منها أنه كفتاه جزءه في قيام الليل في تلك الليلة ومنها أنها كفتاه من شر الشيطان ومنها أنها كفتاه من شر شياطين الإنس والجن وقيل أيضا معنى كفتاه أي كفتاه من كل سوء وقيل غير ذلك.
قال الحافظ بن حجر الفتح يجوز أن يكون المراد جميع ما تقدم فالله تعالى أعلم هاتان الآيتان تضمنتا حقائق الدين وقواعد الإيمان الخمس وكمال نعم الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أمته ومحبة الله تعالى لهم وتفضيل الله تعالى إياهم على من سواهم فقد بينت الأولى الآية الأولى أصول الدين للإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وهذه الأصول هي التي يقوم عليها الإسلام وأيضا بينت أن إيمان النبي صلى الله عليه وسلم وإيمان المؤمنين شامل لكل أصول الدين لقوله تعالى (كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ) وربما يرد هنا إشكال أو سؤال عند البعض وهو أنه ليس في الآية ذكر الإيمان باليوم الآخر ولا ذكر الإيمان بالقدر خيره وشره وربما يكون الجواب من أحد وجهين أن يقال أن هذا داخل في عموم قوله تعالى بما أنزل إليه من ربه والوجه الثاني أن يقال أن الإيمان بالكتب والرسل متضمن الإيمان باليوم الآخر والقدر وفي الآيتين أيضا فوائد كثيرة يطول حقيقة سرد هذه الفوائد لكن لعلي أعرض لبعضها وبإيجاز شديد من فوائد هاتين الآيتين أن من صفات المؤمنين السمع والطاعة كما قال تعالى ( وقالوا سمعنا وأطعنا ) والناس في هذا الباب.. .باب السمع والطاعة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام القسم الأول من لا يسمع ولا يطيع والعياذ بالله وهذا معرض (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى)
والقسم الثاني من يسمع ولا يطيع بل هو مستكبر اتخذ آيات الله هزوا كما أخبر الله تعالى حيث قال: (وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا يبشره بعذاب أليم ) وكقوله تعالى ( وقالوا سمعنا وعصينا ) وهذا أعظم جرما من الأول القسم الثاني أعظم جرم من القسم الأول.
أما القسم الثالث من يسمع ويطيع وهؤلاء هم المؤمنون الذين قالوا سمعنا وأطعنا وقال الله تعالى فيهم (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)
أيضا من الفوائد في هاتين الآيتين أن كل أحد محتاج إلى مغفرة الله تعالى لقوله (غفرانك ) فكل إنسان محتاج إلى مغفرة الله حتى النبي صلى الله عليه وسلم محتاج إلى مغفرة ربه ولهذا لما قال (لا يدخل أحدكم الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة وفضل )
فائدة ثالثة تواضع المؤمنين حيث قالوا سمعنا وأطعنا ثم سألوا المغفرة خشية التقصير والضعف (خلق الإنسان ضعيفا).
أيضا من الفوائد بيان رحمة الله تعالى بعباده حيث لم يكلفهم جل وعلا إلا بما استطاعوه وقدروا عليه ولو شاء الله أن يكلفهم ما لم يستطيعوا لفعل ولكن الله تعالى رحيم بعباده.
أيضا من الفوائد يسر هذا الدين وعظمته (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وهذه الآية توضح عظمة هذا الدين وسهولته ويسره لو أن الناس تنبهوا لمثل هذا فبعض الناس يشق على نفسه في دين الله عز وجل.
نأخذ من هذه الآية قاعدتين مهمتين متفق عليهما هما:
أولا لا واجب مع العجز وثانيا لا محرم مع الضرورة
لكن إن كان الواجب المعجوز عنه له بدل وجب الانتقال إلى بدله فإن لم يكن له بدل سقط وأيضا إن عجز عن بدله سقط مثال ذلك إذا عجز مثلا عن الطهارة...الطهارة بالماء سقط عنه وجوب التطهر بالماء لكن ينتقل منه إلى التيمم فإن عجز أيضا عنه إن عجز عن التيمم سقط التيمم حتى عنه.
وأيضا مثال آخر شخص مثلا محبوس مسجون لا يستطيع أن يتوضأ ولا يتيمم فإنه يصلي بلا وضوء وبلا تيمم....مريض، مكبل بالأجهزة وغيرها لا يستطيع أن يتوضأ ولا أن يتيمم امتنع عنه ذلك كلية يصلي وإن لم يتوضأ وإن لم يتيمم.
أما مثال سقوط التحريم مع الضرورة رجل مثلا اضطر إلى أكل الميته لم يجد ما يسد رمقه سوى هذه الميتة فإنه هنا يحل له أكلها قدر الضرورة.
وما أعظم هذا الدين...أيضا من فوائد هذه الآيات رحمة الله عز وجل حيث رفع المؤاخذة في النسيان والمؤاخذة بالجهل لقوله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) فقال الله تعالى قد فعلت. ولا يلزم من رفع المؤاخذة سقوط الطلب فمن ترك الواجب نسيانا أو جهلا وجب عليه قضاؤه ولا يسقط الطلب به لكن ما الفائدة ما فائدة عدم المؤاخذة هو رفع الإثم عنه.
أيضا فائدة أخرى في الآيات أن المؤمن لا ولي له إلا ربه جل وعلا إلا الله سبحانه وتعالى لقوله (أنت مولانا) وولاية الله تعالى نوعان ولاية خاصة وولاية عامة والولاية الخاصة ولاية الله تعالى للمؤمنين للصادقين كقوله تعالى ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) وقوله تعالى ( والله ولي المؤمنين) وقول الله تعالى ( إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين)
والولاية العامة ولاية لكل أحد من المخلوقين فالله تعالى سبحانه جل وعلا ولي لكل أحد لأنه يتولى جميع أمور الخلق حتى من الكافرين كما في قوله تعالى ( ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق وول عنهم ما كانوا يفترون )
ومن أيضا الفوائد...الفوائد كثيرة ولعلي أختم بهذه الفائدة أنه يجب على الإنسان اللجوء إلى الله عز وجل في النصرة وطلب النصرة على عدوه وعلى القوم الكافرين لقوله تعالى في آخر سورة البقرة (فانصرنا على القوم الكافرين) والنصر على الكافرين يكون بأمرين بالحجة والبيان وكذلك بالسيف والسلاح..
أما السيف والسلاح فظاهر وأما الحجة والبيان فكما يكون في المناظرة في المجادلة في الدعوة إلى الله عز وجل والعجيب أيها الأخوة يعني إتيان هذا المقطع وختام هذه السورة بهذا المقطع العجيب (انصرنا على القوم الكافرين) الآية لم يكن فيها أو سورة كاملة لم يكن فيها شيء عن الجهاد ولم يرد فيها ذكر الجهاد في جميع سورة البقرة فجاء هذا الموضع وجاء هذا الختام بهذه الحال وهذا من أسرار القرآن ولعل الانتصار على الكافرين وطلب العون و النصرة من الله عز وجل لا يشترط أن يكون فقط في القضايا العسكرية بل حتى في القضايا الأخرى العلمية والتقنية والاقتصادية والدعوة وغير ذلك والله تعالى أعلم وأحكم ولعلي أكتفي بما ذكرت حول هاتين الآيتين العظيمتين أسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وجزاكم الله تعالى عني خيرا وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
منقول -قناة المجد