ابو الهيثم
20 Aug 2005, 07:42 PM
موعظة بليغة لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه
أخرج أبو نعيم في الحلية أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه شيّع جنازة، فلمّا وضعت في لحدها، عجّ أهلها (أي رفعوا أصواتهم) وبكوا، فقال: «ما تبكون؟ أما والله لو عاينوا ما عاين ميّتهم لأذهلتهم معاينتهم عن ميتهم، وإنّ له (أي لملك الموت) فيهم لعودة ثمّ عودة، حتّى لا يُبقي منهم أحداً» . ثمّ قام فقال: «أوصيكم عباد الله بتقوى الله الّذي ضرب لكم الأمثال، ووقّت لكم الآجال، وجعل لكم أسماعاً تعي ما عناها، وأبصاراً لتجلو عن غشاها، وأفئدةً تفهم ما دهاها، فإنّ الله لم يخلقكم عبثاً، بل أكرمكم بالنعم السّوابغ وأرفدكم بأوفر الروافد، وأحاط بكم الإحصاء، وأرصد لكم الجزاء في السّراء والضّراء، فاتّقوا الله عباد الله، وجدّوا في الطّلب، وبادروا بالعمل لمقطّع النهمات (أي الحاجات) وهادم اللذّات، فإنّ الدّنيا لا يدوم نعيمها، ولا تؤمن فجائعها، غرور حائل (أي متغيرة) وشبح فائلٌ (أي ضعيفة) وسنادٌ مائل، يمضي مستطرفاً، ويردي مستردفاً، اتّعظوا عباد الله بالعبر، واعتبروا بالآيات والأثر، وازدجروا بالنذر، وانتفعوا بالمواعظ، فكأن قد علقتكم مخالب المنيّة، وضمّكم بيت التراب، ودهمتكم مفظّعات الأمور بنفخة الصّور، وبعثرة القبور، وسياقة المحشر، وموقف الحساب بإحاطة قدرة الجبّار، كلّ نفس معها سائق يسوقها لمحشرها، وشاهد يشهد عليها بعملها، وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب، وجيء بالنبيين والشّهداء، وقضي بينهم بالحقّ وهم لا يظلمون، فارتجت لذلك اليوم البلاد، ونادى المناد، وكان يوم التلاق، وكشف عن ساق، وكسفت الشّمس، وحشرت الوحوش مكان مواطن الحشر، وبدت الأسرار وهلكت الأشرار، وارتجّت الأفئدة، فنزلت بأهل النار من الله سطوة مجيحةٌ (أي مهلكة) ، وعقوبة منيحةٌ ، وبرزت الجحيم لها كلبٌ (أي اشتداد) ولجبٌ، وقصيف رعد وتغيّظ ووعيد، تأجّج جحيمها، وغلى حميمها، وتوقّد سمومها، فلا ينفّس خالدها، ولا تنقطع حسراتها، ولا يقصم كبولها (أي قيودها) ، معهم ملائكةٌ يبشّرونهم بنزلٍ من حميمٍ، وتصلية جحيمٍ، عن الله محجوبون، ولأوليائه مفارقون، وإلى النّار منطلقون.
عباد الله، اتّقوا الله تقيّة من كنع فخنع، ووجل فرحل، وحُذّر فأبصر فازدجر، فاحتثّ طلباً ونجا هرباً وقدّم للمعاد واستظهر الزاد، وكفى بالله منتقماً وبصيراً، وكفى بالكتاب خصماً وحجيجاً، وكفى بالجنّة ثواباً، وكفى بالنّار وبالاً وعقاباً، وأستغفر الله لي ولكم» .
فماذا نحن فاعلون
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخرج أبو نعيم في الحلية أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه شيّع جنازة، فلمّا وضعت في لحدها، عجّ أهلها (أي رفعوا أصواتهم) وبكوا، فقال: «ما تبكون؟ أما والله لو عاينوا ما عاين ميّتهم لأذهلتهم معاينتهم عن ميتهم، وإنّ له (أي لملك الموت) فيهم لعودة ثمّ عودة، حتّى لا يُبقي منهم أحداً» . ثمّ قام فقال: «أوصيكم عباد الله بتقوى الله الّذي ضرب لكم الأمثال، ووقّت لكم الآجال، وجعل لكم أسماعاً تعي ما عناها، وأبصاراً لتجلو عن غشاها، وأفئدةً تفهم ما دهاها، فإنّ الله لم يخلقكم عبثاً، بل أكرمكم بالنعم السّوابغ وأرفدكم بأوفر الروافد، وأحاط بكم الإحصاء، وأرصد لكم الجزاء في السّراء والضّراء، فاتّقوا الله عباد الله، وجدّوا في الطّلب، وبادروا بالعمل لمقطّع النهمات (أي الحاجات) وهادم اللذّات، فإنّ الدّنيا لا يدوم نعيمها، ولا تؤمن فجائعها، غرور حائل (أي متغيرة) وشبح فائلٌ (أي ضعيفة) وسنادٌ مائل، يمضي مستطرفاً، ويردي مستردفاً، اتّعظوا عباد الله بالعبر، واعتبروا بالآيات والأثر، وازدجروا بالنذر، وانتفعوا بالمواعظ، فكأن قد علقتكم مخالب المنيّة، وضمّكم بيت التراب، ودهمتكم مفظّعات الأمور بنفخة الصّور، وبعثرة القبور، وسياقة المحشر، وموقف الحساب بإحاطة قدرة الجبّار، كلّ نفس معها سائق يسوقها لمحشرها، وشاهد يشهد عليها بعملها، وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب، وجيء بالنبيين والشّهداء، وقضي بينهم بالحقّ وهم لا يظلمون، فارتجت لذلك اليوم البلاد، ونادى المناد، وكان يوم التلاق، وكشف عن ساق، وكسفت الشّمس، وحشرت الوحوش مكان مواطن الحشر، وبدت الأسرار وهلكت الأشرار، وارتجّت الأفئدة، فنزلت بأهل النار من الله سطوة مجيحةٌ (أي مهلكة) ، وعقوبة منيحةٌ ، وبرزت الجحيم لها كلبٌ (أي اشتداد) ولجبٌ، وقصيف رعد وتغيّظ ووعيد، تأجّج جحيمها، وغلى حميمها، وتوقّد سمومها، فلا ينفّس خالدها، ولا تنقطع حسراتها، ولا يقصم كبولها (أي قيودها) ، معهم ملائكةٌ يبشّرونهم بنزلٍ من حميمٍ، وتصلية جحيمٍ، عن الله محجوبون، ولأوليائه مفارقون، وإلى النّار منطلقون.
عباد الله، اتّقوا الله تقيّة من كنع فخنع، ووجل فرحل، وحُذّر فأبصر فازدجر، فاحتثّ طلباً ونجا هرباً وقدّم للمعاد واستظهر الزاد، وكفى بالله منتقماً وبصيراً، وكفى بالكتاب خصماً وحجيجاً، وكفى بالجنّة ثواباً، وكفى بالنّار وبالاً وعقاباً، وأستغفر الله لي ولكم» .
فماذا نحن فاعلون
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته