صقر 55
04 Sep 2005, 02:01 AM
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى ، وعلى آله وصحبه الشرفاء.
وبـــــعــــد ، فقد لوحظ في الفترة الأخيرة تسلل فكر "التقريب بين أهل السنة والشيعة الروافض" عند بعض الأحبة ـ هداهم الله ـ .
وقد دار بين بعض الأعضاء في هذا الخصوص حوار عنيف في مسألة الشيعة بين التضليل والإعجاب ، فحسما لهذا اللبس رأينا فتح نافذة للحوار الهادئ مع دعاة "التقريب" ، لبيان خطورة هذه الدعوة على عقيدة أهل السنة ، فنقول وبالله التوفيق :
أولا ـ مفهوم "التقريب" :
بلا ريب أن "تقريب" جموع المسلمين للعقيدة الصحيحة ، والفكر السليم ، والمنهج الصحيح ، ونبذ الخلاف بينهم من أعظم مقاصد الإسلام ، ومن أهم وسائل القوة لمجابهة أعداء الأمة ، والنهوض من كبوتها ، ويتعين على كل مسلم أن يسعى إلى تحقيق ذلك ، ولكن بشرط سلامة الأصول وجوهر الدين .
فلا يصح أن يقرب بين الحق والباطل ، أو الكذب والصدق ، أو الإيمان والكفر ؛ لأنه كما لا يخفاكم جميعًا لا منزلة بين المنزلتين في مثل هذه المسائل.
وقد كثر في الآونة الأخيرة تبني بعض النظم السياسية ، والمراكز العلمية فكر "التقريب بين أهل السنة والشيعة الروافض" ، فأفضى هذا التبني باعتراف الأزهر بالمذهب الخامس "الجعفري" ، وأنشأت إيران "دارًا للتقريب" في القاهرة عاصمة أرض الكنانة .
وفي المقابل لم تسمح إيران بإنشاء دار لأهل السنة في طهران !! .
بل تـُعد طهران وقم والنجف المدن الوحيدة في العالم التي لا يوجد بها أي مسجد لأهل السنة ، في حين أننا نجد في "تل أبيب" عاصمة الصهاينة عدّة مساجد لأهل السنة !!. وهذه مفارقة عجيبة جديرة بالتأمل !!.
ومن المفارقات العجيبة أيضًا أنه بعد الاتفاق على "التقريب المزعوم" بين أطراف شيعية وأخرى محسوبة على أهل السنة نشر علماء النجف كتابًا اسمه "الزهراء" في ثلاثة أجزاء ، وقالوا فيه عن الفاروق : إنه كان مبتلى بداء لا يشفيه منه إلا ماء الرجال !! .
فالذي يظهر من هذا وغيره أن المقصود بالتقريب هم " أهل السنة " لا " الشيعة الروافض " .
فهم يستترون بهذه الدعوة من أجل التسلل لأهل السنة ، وإخراجهم من مذهبِهم إلى مذهب التشيع والرفض.
فالتقريب لا يصح إلا من الطرفين ، هذا يقترب خطوة ، والآخر يقترب خطوة ، فأهل السنة يقتربون من الشيعة الروافض بمشايعة آل البيت وحبهم ، كما وضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في "الواسطية" ص 171حيث قال عن معتقد أهل السنة : ويحبون آل بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويتولونهم ، ويحفظون فيهم وصية رسول الله حيث قال يوم غدير خم : (أذكركم الله في أهل بيتي) .اهـ.
فإن فرض جدلاً صدق دعواهم في هذا "التقريب المزعوم" ، فكان الأجدر بهم تخفيف ضغينتهم بالصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم جميعًا ـ ، ولكن كان الأمر كما ذُكر لكم آنفًا.
فهذا وغيره يدل دلالة واضحة على كذب هؤلاء في دعواهم "التقريب" ، وأنها خدعة ليتمكنوا من خلالها التسلل إلى ديار المسلمين لتشييعهم .
ثانيًا ـ مقارنة بين معتقد " أهل السنة " و" الشيعة " .
بلا ريب أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، ومن ثَـمَّ يجب على كل منتسب لأهل السنة والجماعة ويعتقد فكرة "التقريب" أن يعلم مضمون عقيدة الشيعة أولاً ؛ حتى يكون على بصيرة من أمره ؛ عملاً بقول الله تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (يوسف:108).
وحتى يتضح شنيع عقيدة " الشيعة الروافض " ـ ونعني بذلك الإمامية الجعفرية الاثنا عشرية الحاكمة في إيران والمسيطرة على جنوب لبنان ـ سوف نعقد مقارنة بين اعتقاد الفريقين ؛ لكي نتأمل إمكان هذا التقريب من عدمه.
أولا ـ " القرآن الكريم " :
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
1 ـ الاتفاق على صحته وسلامته من الزيادة والنقصان .
2 ـ ويفهم طبقا لأصول اللغة العربية .
3 ـ ويؤمنون بكل حرف منه ، وبأنه كلام الله غير مخلوق ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
4 ـ وهو المصدر الأول في العقائد والتشريع .
5 ـ وأن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ جمعوا القرآن .
ملخص معتقد " الشيعة الروافض " هو :
1 ـ مطعون في صحته عند بعضهم .
وتولى كبر ذلك عالمهم المفضل الحاج ميرزا حسين الطبرسي (ت1320هـ) في كتابه "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب" جمع فيه مئات النصوص عن علماء الشيعة ومجتهديهم في مختلف العصور بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه !!.
من ذلك زعمه بحذف "سورة الولاية" ص 180 . وقد استبشر المستشرقون والمنصرون بهذا الكتاب وترجموه بلغاتهم ونشروه في الآفاق ؛ للبرهنة على تحريف القرآن !!.
غير أن كثيرًا منهم يتبرأ من هذه التهمة ، وبلا ريب لا يمكننا تصديقهم في ذلك بسبب عقيدتهم " بالتقية " كما سيأتي بيانه لاحقًا .
2 ـ وإذا اصطدم بشيء من معتقداتهم يؤولونه تأويلات عجيبة تتفق مع مذهبهم .
3 ـ استغناء آل بيت وشيعتهم عن القرآن الكريم بما عند آل البيت من الكتب الإلهية الأولى التي هي التوراة والزبور والإنجيل !.
والدليل على زعمنا هذا ما جاء في كتاب " الكافي " ـ الذي يعد بمنزلة الصحيحين عندهم ـ 1/207 قال : (إن الأئمة عليهم السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من الله ـ عز وجل ـ ، وأنهم يعرفونها كلها على اختلاف ألسنتها)، واستدل على ذلك بحديثين يرفعهما إلى أبي عبد الله وأنه كان يقرأ الإنجيل والتوراة والزبور بالسريانية.
وقصد المؤلف ـ كما هو ظاهر ـ هو أن آل البيت وشيعتهم تبع لهم ، يمكنهم الاستغناء عن القرآن الكريم بما يعملون من كتب الأولين.
وبلا ريب أن ذلك فيصل بين الكفر والإيمان ، فلا حظّ لمسلم في الإسلام إذا اعتقد الاستغناء عن القرآن الكريم بأي وجه من الوجوه!!.
4 ـ الاعتقاد بأن القرآن الكريم لم يجمعه ولم يحفظه أحد من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ والأئمة من آل البيت!!.
والدليل على زعمنا هذا ما جاء في كتاب " الكافي " 1/26 عقب تصريحه بذلك قال : (عن جابر قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ يقول : ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله إلا كذّاب، وما جمعه وحفظه كما نزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده)!!.
ولازم هذا الاعتقاد أن ما تواتر من جمع الصحابة للقرآن من الأكاذيب والدّجل !! .
فهل يعقل أن ما تواترت به الأخبار والآثار كذب ، وما جاءنا عن الآحاد صحيح لا ريب فيه ؟! .
ثم ألا يفضي ذلك إلى تكذيب قول الله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر:9) ؟! بلا ريب هذا يناقض الإيمان وهو كفر ظاهر للعيان.
ثانيًا ـ " السنة النبوية " :
ملخص معتقد "أهل السنة" هو :
1 ـ أنه المصدر الثاني للتشريع .
2 ـ المفسر للقرآن الكريم ، ولا تجوز مخالفة أحكام أي حديث صحت نسبته للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويعتمد في معرفة حال الحديث : الأصول التي اتفق عليها المحدثون في علم مصطلح الحديث ودراسة الأسانيد.
ملخص معتقد "الشيعة" هو :
1 ـ لا يعتمدون إلا الأحاديث المنسوبة لآل بيت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وبعض الأحاديث لمن كانوا مع عليّ ـ رضي الله عنه ـ في معاركه . ويرفضون ما سوى ذلك .
2 ـ ولا يهتمون بصحة السند ، ولا الأسلوب العلمي في نقدها ودراسة أسانيدها، وعلى هذه الأقوال الضعيفة والمكذوبة بنوا دينهم وعقيدتهم. وردوا ثلاثة أرباع السنة الصحيحة.
ثالثا ـ "الصحابة" :
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
أجمع "أهل السنة" على ما يلي :
1 ـ أن خير القرون قرن الصحابة ، ثم الذين يلونهم على ما قال صلى الله عليه وسلم : ((خير الناس قرني)) رواه الشيخان من حديث عمران بن حصين .
2 ـ أن خير الصحابة أهل بدر ، وخير أهل بدر العشرة ، وخير العشرة الأئمة الأربعة أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ـ رضي الله عنهم جميعا ـ .
3 ـ أن إمامتهم كانت عن رضى من جماعتهم .
4 ـ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة ـ عليهم السلام ـ إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ؛ لما ثبت من حديث ابن مسعود مرفوعا : ((إذا ذكر أصحابي فأمسكوا)) رواه الطبراني في "الكبير".
قال أهل العلم : معنى ذلك لا تذكروهم إلا بخير الذكر .
ولما رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا : ((لا تسبوا أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ، ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه)) .
ولذلك قال أبو زرعة ـ رحمه الله ـ : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاعلم أنه زنديق ؛ وذلك أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حق ، والقرآن حق ، وما جاء به حق ، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة ، فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة ، فيكون الجرح به ألصق ، والحكم عليه بالزندقة والضلالة والكذب والفساد هو الأقوم الأحق . اهـ .
ملخص معتقد "الشيعة" هو :
1 ـ يرون أن الصحابة قد كفروا بعد رسول الله إلا نفرًا قليلاً لا يتجاوز أصابع اليدين .
2 ـ يلعن " الشيعة الروافض " أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وكل من تولى الحكم في الإسلام غير عليّ ، ولقبوا الصديق والفاروق بـ "الجبت والطاغوت" كما في كتابهم "مفتاح الجنان" ص 114 ونصه : "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، والعن صنمي قريش ، وجبتيهما ، وطاغوتيهما وابنتيهما …الخ" ، ويعنون بابنتيهما "عائشة" و"حفصة" ـ رضي الله عنهما وسائر أمهات المؤمنين ـ .
3 ـ يعظمون " أبا لؤلؤة المجوسي " قاتل عمر ، ويلقبون يوم مقتل الفاروق بـ " يوم العيد الأكبر " ، و" يوم المفاخرة " ، و" يوم البركة " …الخ .
4 ـ يضعون عليًا في مكانة خاصة الخاصة .. فبعضهم يراه وصيًا ، وبعضهم يراه نبيًا …الخ .
رابعًا ـ " عقيدة التوحيد " .
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
1 ـ أن الله الواحد القهار ، لا شريك له ، وند ولا نظير ، هو وحده المستحق للعبادة .
2 ـ ويؤمنون بما جاء في الوحيين من الأسماء والصفات من غير تأويل أو تشبيه أو تحريف (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى:11) .
3 ـ وأن الشفاعة مشروطة مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ (البقرة:255).
ملخص معتقد "الشيعة" هو :
1 ـ يؤمنون بوحدانية الله ، ولكنهم يشركون معه غيره في بعض العبادات كالدعاء والتوسل بقولهم : (يا علي ، ويا حسين) .
2 ـ من شركهم في العبادة ذبحهم ونذرهم لأوليائهم .
3 ـ يعتقدون العصمة في الأئمة ، وأنهم يعلمون الغيب ، ولهم في الكون تدبير وتصريف .
خامسًا ـ عقيدة التقية ، وهي " أن يظهر الإنسان غير ما يبطن " :
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
1 ـ " التقية " لا تجوز بين المسلمين ؛ لأنها من الخداع والحيلة لما ثبت (من غش فليس منا) .
فيجب على المسلم أن يكون صادقًا ، شجاعًا في الحق .
2 ـ وتجوز " التقية " : مع الكفار أعداء الدين ، وفي حالة الحرب فقط ؛ لأن (الحرب خدعة) .
ملخص معتقد " الشيعة الروافض " هو :
1 ـ بالاتفاق يرونها من الواجبات الشرعية لا يقوم المذهب إلا بها ، وغالبًا ما يتعاملون بها إذا أحاطت بهم ظروف قاسية .
2 ـ الكذب والمكر من السمات الرئيسة لمذهبهم ؛ ولذلك يقال : أصدق فرق المبتدعة " الخوارج " ، وأكذبها " الشيعة الروافض " .
يقول ابن تيمية في هذا الصدد في " منهاج السنة" : (وليس المنافقون في طائفة أكثر منهم في الرافضة حتى أنه ليس في الروافض إلا من فيه شعبة من شعب النفاق ).اهـ .
ولعل هذه العقيدة هي السبب الرئيسي الذي خدع بعض أهل السنة سليمي القلب في " الشيعة الروافض " عندما أظهر بعضهم هذه " التقية " برغبتهم في التفاهم والتقارب !!.
يتبع ......
.
وبـــــعــــد ، فقد لوحظ في الفترة الأخيرة تسلل فكر "التقريب بين أهل السنة والشيعة الروافض" عند بعض الأحبة ـ هداهم الله ـ .
وقد دار بين بعض الأعضاء في هذا الخصوص حوار عنيف في مسألة الشيعة بين التضليل والإعجاب ، فحسما لهذا اللبس رأينا فتح نافذة للحوار الهادئ مع دعاة "التقريب" ، لبيان خطورة هذه الدعوة على عقيدة أهل السنة ، فنقول وبالله التوفيق :
أولا ـ مفهوم "التقريب" :
بلا ريب أن "تقريب" جموع المسلمين للعقيدة الصحيحة ، والفكر السليم ، والمنهج الصحيح ، ونبذ الخلاف بينهم من أعظم مقاصد الإسلام ، ومن أهم وسائل القوة لمجابهة أعداء الأمة ، والنهوض من كبوتها ، ويتعين على كل مسلم أن يسعى إلى تحقيق ذلك ، ولكن بشرط سلامة الأصول وجوهر الدين .
فلا يصح أن يقرب بين الحق والباطل ، أو الكذب والصدق ، أو الإيمان والكفر ؛ لأنه كما لا يخفاكم جميعًا لا منزلة بين المنزلتين في مثل هذه المسائل.
وقد كثر في الآونة الأخيرة تبني بعض النظم السياسية ، والمراكز العلمية فكر "التقريب بين أهل السنة والشيعة الروافض" ، فأفضى هذا التبني باعتراف الأزهر بالمذهب الخامس "الجعفري" ، وأنشأت إيران "دارًا للتقريب" في القاهرة عاصمة أرض الكنانة .
وفي المقابل لم تسمح إيران بإنشاء دار لأهل السنة في طهران !! .
بل تـُعد طهران وقم والنجف المدن الوحيدة في العالم التي لا يوجد بها أي مسجد لأهل السنة ، في حين أننا نجد في "تل أبيب" عاصمة الصهاينة عدّة مساجد لأهل السنة !!. وهذه مفارقة عجيبة جديرة بالتأمل !!.
ومن المفارقات العجيبة أيضًا أنه بعد الاتفاق على "التقريب المزعوم" بين أطراف شيعية وأخرى محسوبة على أهل السنة نشر علماء النجف كتابًا اسمه "الزهراء" في ثلاثة أجزاء ، وقالوا فيه عن الفاروق : إنه كان مبتلى بداء لا يشفيه منه إلا ماء الرجال !! .
فالذي يظهر من هذا وغيره أن المقصود بالتقريب هم " أهل السنة " لا " الشيعة الروافض " .
فهم يستترون بهذه الدعوة من أجل التسلل لأهل السنة ، وإخراجهم من مذهبِهم إلى مذهب التشيع والرفض.
فالتقريب لا يصح إلا من الطرفين ، هذا يقترب خطوة ، والآخر يقترب خطوة ، فأهل السنة يقتربون من الشيعة الروافض بمشايعة آل البيت وحبهم ، كما وضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في "الواسطية" ص 171حيث قال عن معتقد أهل السنة : ويحبون آل بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويتولونهم ، ويحفظون فيهم وصية رسول الله حيث قال يوم غدير خم : (أذكركم الله في أهل بيتي) .اهـ.
فإن فرض جدلاً صدق دعواهم في هذا "التقريب المزعوم" ، فكان الأجدر بهم تخفيف ضغينتهم بالصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم جميعًا ـ ، ولكن كان الأمر كما ذُكر لكم آنفًا.
فهذا وغيره يدل دلالة واضحة على كذب هؤلاء في دعواهم "التقريب" ، وأنها خدعة ليتمكنوا من خلالها التسلل إلى ديار المسلمين لتشييعهم .
ثانيًا ـ مقارنة بين معتقد " أهل السنة " و" الشيعة " .
بلا ريب أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، ومن ثَـمَّ يجب على كل منتسب لأهل السنة والجماعة ويعتقد فكرة "التقريب" أن يعلم مضمون عقيدة الشيعة أولاً ؛ حتى يكون على بصيرة من أمره ؛ عملاً بقول الله تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (يوسف:108).
وحتى يتضح شنيع عقيدة " الشيعة الروافض " ـ ونعني بذلك الإمامية الجعفرية الاثنا عشرية الحاكمة في إيران والمسيطرة على جنوب لبنان ـ سوف نعقد مقارنة بين اعتقاد الفريقين ؛ لكي نتأمل إمكان هذا التقريب من عدمه.
أولا ـ " القرآن الكريم " :
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
1 ـ الاتفاق على صحته وسلامته من الزيادة والنقصان .
2 ـ ويفهم طبقا لأصول اللغة العربية .
3 ـ ويؤمنون بكل حرف منه ، وبأنه كلام الله غير مخلوق ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
4 ـ وهو المصدر الأول في العقائد والتشريع .
5 ـ وأن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ جمعوا القرآن .
ملخص معتقد " الشيعة الروافض " هو :
1 ـ مطعون في صحته عند بعضهم .
وتولى كبر ذلك عالمهم المفضل الحاج ميرزا حسين الطبرسي (ت1320هـ) في كتابه "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب" جمع فيه مئات النصوص عن علماء الشيعة ومجتهديهم في مختلف العصور بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه !!.
من ذلك زعمه بحذف "سورة الولاية" ص 180 . وقد استبشر المستشرقون والمنصرون بهذا الكتاب وترجموه بلغاتهم ونشروه في الآفاق ؛ للبرهنة على تحريف القرآن !!.
غير أن كثيرًا منهم يتبرأ من هذه التهمة ، وبلا ريب لا يمكننا تصديقهم في ذلك بسبب عقيدتهم " بالتقية " كما سيأتي بيانه لاحقًا .
2 ـ وإذا اصطدم بشيء من معتقداتهم يؤولونه تأويلات عجيبة تتفق مع مذهبهم .
3 ـ استغناء آل بيت وشيعتهم عن القرآن الكريم بما عند آل البيت من الكتب الإلهية الأولى التي هي التوراة والزبور والإنجيل !.
والدليل على زعمنا هذا ما جاء في كتاب " الكافي " ـ الذي يعد بمنزلة الصحيحين عندهم ـ 1/207 قال : (إن الأئمة عليهم السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من الله ـ عز وجل ـ ، وأنهم يعرفونها كلها على اختلاف ألسنتها)، واستدل على ذلك بحديثين يرفعهما إلى أبي عبد الله وأنه كان يقرأ الإنجيل والتوراة والزبور بالسريانية.
وقصد المؤلف ـ كما هو ظاهر ـ هو أن آل البيت وشيعتهم تبع لهم ، يمكنهم الاستغناء عن القرآن الكريم بما يعملون من كتب الأولين.
وبلا ريب أن ذلك فيصل بين الكفر والإيمان ، فلا حظّ لمسلم في الإسلام إذا اعتقد الاستغناء عن القرآن الكريم بأي وجه من الوجوه!!.
4 ـ الاعتقاد بأن القرآن الكريم لم يجمعه ولم يحفظه أحد من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ والأئمة من آل البيت!!.
والدليل على زعمنا هذا ما جاء في كتاب " الكافي " 1/26 عقب تصريحه بذلك قال : (عن جابر قال : سمعت أبا جعفر ـ عليه السلام ـ يقول : ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله إلا كذّاب، وما جمعه وحفظه كما نزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده)!!.
ولازم هذا الاعتقاد أن ما تواتر من جمع الصحابة للقرآن من الأكاذيب والدّجل !! .
فهل يعقل أن ما تواترت به الأخبار والآثار كذب ، وما جاءنا عن الآحاد صحيح لا ريب فيه ؟! .
ثم ألا يفضي ذلك إلى تكذيب قول الله تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر:9) ؟! بلا ريب هذا يناقض الإيمان وهو كفر ظاهر للعيان.
ثانيًا ـ " السنة النبوية " :
ملخص معتقد "أهل السنة" هو :
1 ـ أنه المصدر الثاني للتشريع .
2 ـ المفسر للقرآن الكريم ، ولا تجوز مخالفة أحكام أي حديث صحت نسبته للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ويعتمد في معرفة حال الحديث : الأصول التي اتفق عليها المحدثون في علم مصطلح الحديث ودراسة الأسانيد.
ملخص معتقد "الشيعة" هو :
1 ـ لا يعتمدون إلا الأحاديث المنسوبة لآل بيت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وبعض الأحاديث لمن كانوا مع عليّ ـ رضي الله عنه ـ في معاركه . ويرفضون ما سوى ذلك .
2 ـ ولا يهتمون بصحة السند ، ولا الأسلوب العلمي في نقدها ودراسة أسانيدها، وعلى هذه الأقوال الضعيفة والمكذوبة بنوا دينهم وعقيدتهم. وردوا ثلاثة أرباع السنة الصحيحة.
ثالثا ـ "الصحابة" :
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
أجمع "أهل السنة" على ما يلي :
1 ـ أن خير القرون قرن الصحابة ، ثم الذين يلونهم على ما قال صلى الله عليه وسلم : ((خير الناس قرني)) رواه الشيخان من حديث عمران بن حصين .
2 ـ أن خير الصحابة أهل بدر ، وخير أهل بدر العشرة ، وخير العشرة الأئمة الأربعة أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي ـ رضي الله عنهم جميعا ـ .
3 ـ أن إمامتهم كانت عن رضى من جماعتهم .
4 ـ وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة ـ عليهم السلام ـ إلا بخير ما يذكرون به ، وعلى أنهم أحق أن ينشر محاسنهم ، ويلتمس لأفعالهم أفضل المخارج ؛ لما ثبت من حديث ابن مسعود مرفوعا : ((إذا ذكر أصحابي فأمسكوا)) رواه الطبراني في "الكبير".
قال أهل العلم : معنى ذلك لا تذكروهم إلا بخير الذكر .
ولما رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا : ((لا تسبوا أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ، ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه)) .
ولذلك قال أبو زرعة ـ رحمه الله ـ : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاعلم أنه زنديق ؛ وذلك أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حق ، والقرآن حق ، وما جاء به حق ، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة ، فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة ، فيكون الجرح به ألصق ، والحكم عليه بالزندقة والضلالة والكذب والفساد هو الأقوم الأحق . اهـ .
ملخص معتقد "الشيعة" هو :
1 ـ يرون أن الصحابة قد كفروا بعد رسول الله إلا نفرًا قليلاً لا يتجاوز أصابع اليدين .
2 ـ يلعن " الشيعة الروافض " أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وكل من تولى الحكم في الإسلام غير عليّ ، ولقبوا الصديق والفاروق بـ "الجبت والطاغوت" كما في كتابهم "مفتاح الجنان" ص 114 ونصه : "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، والعن صنمي قريش ، وجبتيهما ، وطاغوتيهما وابنتيهما …الخ" ، ويعنون بابنتيهما "عائشة" و"حفصة" ـ رضي الله عنهما وسائر أمهات المؤمنين ـ .
3 ـ يعظمون " أبا لؤلؤة المجوسي " قاتل عمر ، ويلقبون يوم مقتل الفاروق بـ " يوم العيد الأكبر " ، و" يوم المفاخرة " ، و" يوم البركة " …الخ .
4 ـ يضعون عليًا في مكانة خاصة الخاصة .. فبعضهم يراه وصيًا ، وبعضهم يراه نبيًا …الخ .
رابعًا ـ " عقيدة التوحيد " .
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
1 ـ أن الله الواحد القهار ، لا شريك له ، وند ولا نظير ، هو وحده المستحق للعبادة .
2 ـ ويؤمنون بما جاء في الوحيين من الأسماء والصفات من غير تأويل أو تشبيه أو تحريف (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى:11) .
3 ـ وأن الشفاعة مشروطة مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ (البقرة:255).
ملخص معتقد "الشيعة" هو :
1 ـ يؤمنون بوحدانية الله ، ولكنهم يشركون معه غيره في بعض العبادات كالدعاء والتوسل بقولهم : (يا علي ، ويا حسين) .
2 ـ من شركهم في العبادة ذبحهم ونذرهم لأوليائهم .
3 ـ يعتقدون العصمة في الأئمة ، وأنهم يعلمون الغيب ، ولهم في الكون تدبير وتصريف .
خامسًا ـ عقيدة التقية ، وهي " أن يظهر الإنسان غير ما يبطن " :
ملخص معتقد " أهل السنة " هو :
1 ـ " التقية " لا تجوز بين المسلمين ؛ لأنها من الخداع والحيلة لما ثبت (من غش فليس منا) .
فيجب على المسلم أن يكون صادقًا ، شجاعًا في الحق .
2 ـ وتجوز " التقية " : مع الكفار أعداء الدين ، وفي حالة الحرب فقط ؛ لأن (الحرب خدعة) .
ملخص معتقد " الشيعة الروافض " هو :
1 ـ بالاتفاق يرونها من الواجبات الشرعية لا يقوم المذهب إلا بها ، وغالبًا ما يتعاملون بها إذا أحاطت بهم ظروف قاسية .
2 ـ الكذب والمكر من السمات الرئيسة لمذهبهم ؛ ولذلك يقال : أصدق فرق المبتدعة " الخوارج " ، وأكذبها " الشيعة الروافض " .
يقول ابن تيمية في هذا الصدد في " منهاج السنة" : (وليس المنافقون في طائفة أكثر منهم في الرافضة حتى أنه ليس في الروافض إلا من فيه شعبة من شعب النفاق ).اهـ .
ولعل هذه العقيدة هي السبب الرئيسي الذي خدع بعض أهل السنة سليمي القلب في " الشيعة الروافض " عندما أظهر بعضهم هذه " التقية " برغبتهم في التفاهم والتقارب !!.
يتبع ......
.