عبيد المبين
22 Sep 2005, 04:46 PM
http://forum.eyelash.ps/images/smilies/w_bism.gif
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا جزء موثق من بحث علمي قيم يكشف لنا حقائق ربما لا يعرفها الكثيرون عن أثر حضارتنا الدينية الدنيوية على الحضارة الغربية المادية العلمانية ..
ومع التحفظ على بعض الأسماء الواردة فيه لتأثرها بالنوع المذموم من الفلسفة ..
أدعكم مع مقطوعة من هذا البحث الناطق الذي يستحق القراءة ..
دور الحضارة العربية الإسلامية في مجال الغذاء والتغذية في الحضارة الغربية :
التراث الغذائي والتغذوي في الحضارة العربية الإسلامية كبير في كميته, عظيم في قيمته, عظيم في تأثيره على الحضارة الغربية بشكل خاص والعالمية بشكل عام. وفي هذه المقالة الصغيرة لا نؤرخ لعلوم الغذاء والتغذية في تاريخ الإنجازات العلمية العربية الإسلامية, بل يهمنا أن نشير إلى دورها في صنع الحضارة الغربية من خلال استعراض بعض أسماء العلماء العرب المسلمين الذين عرفهم العالم الغربي وكتب عنهم وأن نذكر بعض مؤلفاتهم وهي قطرة من بحر. وقد جرى نقل المعارف التي تحويها من قبل الأوربيين أنفسهم وقد قاموا بتدريس كتب هؤلاء العلماء وتطبيق معارفهم وخبراتهم في "معاهد التعليم الأوروبية المتقدمة" آنذاك وحتى القرن السابع عشر. ويصعب علينا أن نتخطى بعض المراكز العلمية العربية الإسلامية في البحث والتدريس والتطبيق التي بقيت لعدة قرون منارة عالية, وإن انطفأت شعلتها فيما بعد.
إنه من الثابت أن أول مستشفى بني واستخدم فيه المنهج العلمي التطبيقي المستعمل في أنظمة المستشفيات الحديثة كان في عهد الرشيد ببغداد, تلاه مستشفى عضد الدولة الذي عملت فيه فرق الأطباء وطواقمهم وكانت تطبق فيهما أنظمة التغذية والعلاج التغذوي من خلال تحضير الأطعمة والأدوية الغذائية العلاجية على أيدي مختصين مهرة, وكانت هناك خدمة يتكفل بها المستشفى بكرة وعشية تقدم من خلالها الأطعمة والأشربة ما يليق بالأشخاص والمرضى وحالاتهم المرضية.
كما استمرت نشاطات المستشفيات في دمشق حتى عهد الأيوبيين, وقدألحق بها مطابخ لإعداد الأطعمة العادية لموظفي المستشفى والأطعمة الخاصة بالمرضى; ما يطلق عليه الآن بالحميات الغذائية العلاجية ويستعمل حاضراً في المستشفيات الغربية, وقد وضع حوالي 36 مجلداً في الطب والصيدلة والأغذية والأعشاب وطرق التداوي بها, كمراجع علمية في مكتبة المستشفى تحت تصرف المختصين والعاملين في مجالاتها.
كانت أحوال الغذاء والتغذية ما قبل الإسلام في البادية والحضر سيئة للغاية, ندرة في الماء والطعام وسوء نوعية الماء, وبساطة في الغذاء, ونقص مزمن في التغذية واعتماد على الغذاء الشعبي الذي كان ينقصه التنوع. ولم تكن ظروف الصحة والسلامة للغذاء وظروف النظافة الشخصية بشكل أفضل وكانت وسائل العلاج للأمراض التغذوية وغير التغذوية مستمدة من الطب الشعبي بدون أساس علمي والذي كانت تبدو بعض الصلات بينه وبين السحر.
ظهر مع بداية عصر الإسلام الانتفاع بالقرآن والسنة وما اشتملت على تعاليم الممنوع والمسموح به من الأغذية والأساليب السليمة في التعامل معها, فظهر كتاب الطب النبوي في العهد الأموي. ومن المعلوم أن هذا العصر كان بداية الترجمة والنقل عن الأمم الأخرى, فكان كتاب الطب النبوي بمثابة مرجع علمي سليم في مجال الغذاء والتغذية بنيت عليه الكثير من التصحيحات وتنقية الشوائب الموجودة في العلوم المنقولة.
وفي العصر العباسي وما تلاه من العصر الأندلسي والأيوبي والعثماني, رسخت في المجتمع الإسلامي العلوم المختلفة وأصبحت المصدر الوحيد في العالم آنذاك وحتى القرن السابع عشر, أي لفترة عشرة قرون, حتى أنه في إيطاليا كان العلماء العرب المسلمون يحضرون للعمل في التدريس والعمل في المراكز العلمية وعند الملوك وباللغة العربية, بعد أن نسيت الكتب القديمة اليونانية والفارسية والهندية والسريانية. وتجلى دور الحضارة العربية الإسلامية وأثرها على العلوم الغربية عندما اعتمد الغربيون آنذاك الكتب العربية بنصوص ومصطلحات علمية واضحة بدلاً من النصوص المبعثرة والمنسية في الكتب الأخرى المذكورة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه خلال مرحلة استعادة النصوص المفقودة من خلال الترجمة والنقل والاستيعاب قام العلماء العرب المسلمون بتصحيح وتعديل المفاهيم القديمة الخاطئة, فعلى سبيل المثال صحح إسحق بن عمر ما كتبه جالينوس وأرسطو وروفوس عن اضطرابات الهضم وتجمع المرّة السوداء تحت الأضلاع وصعودها في صورة أبخرة إلى الدماغ لتسبب مرض الكآبة عند المريض. كما صحح الرازي المعلومات الخاطئة التي تتعلق بتنشئة الطفل وتغذيته, وصحح أحمد بن محمد البلدي في كتابه "تدبير الحبالى والأطفال" في مجال الرضاعة وتغذية المرضع ونوع حليبها المعلومات الخاطئة لكل من روفوس واوريانوس عن التغذية الإسبارطية ومضمونها تفسير علاقة التغذية الكثيرة بالنمو والطول وإعطاء الأطفال الرضع والشباب المراهقين الخمر قدر ما يتحملون نظراً لكثرة الرطوبة في أجسامهم, و قام ابن النديم بعد الرازي في كتابه" قطب السرور في أوصاف الخمور" أيضاً بتصحيح وتعديل هذا الخطأ الفادح في تغذية الأطفال. هذه المعلومات المعدلة السليمة استفاد منها الغربيون بعد أن ترجموا الكتب العربية التي وجدوها في صورة جاهزة وصحيحة.
كان الرومان واليونان يعتقدون بخرافة احتراق الدم عند الكآبة وفي حالة البوليميا أو الشره الغذائي الذي كان مصدره الإفراط في تناول الطعام ثم تقيؤه في سهرات اللهو لأمراء الرومان إلا أن العلماء العرب والمسلمون دحضوا هذا الادعاء وحذفوه ثم تطور إلى أبعد من ذلك الآن فأصبح يعامل في الوقت الحاضر على أنه مرض تغذوي ينتشر في الغرب تجب معالجته.
وصف علماء اليونان مرض اليرقان بشكل اسطوري خرافي ثم جاء العلماء العرب فشخصوه ووضعوا النصيحة الغذائية والوصفة الدوائية المناسبة له.
.... تابع ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا جزء موثق من بحث علمي قيم يكشف لنا حقائق ربما لا يعرفها الكثيرون عن أثر حضارتنا الدينية الدنيوية على الحضارة الغربية المادية العلمانية ..
ومع التحفظ على بعض الأسماء الواردة فيه لتأثرها بالنوع المذموم من الفلسفة ..
أدعكم مع مقطوعة من هذا البحث الناطق الذي يستحق القراءة ..
دور الحضارة العربية الإسلامية في مجال الغذاء والتغذية في الحضارة الغربية :
التراث الغذائي والتغذوي في الحضارة العربية الإسلامية كبير في كميته, عظيم في قيمته, عظيم في تأثيره على الحضارة الغربية بشكل خاص والعالمية بشكل عام. وفي هذه المقالة الصغيرة لا نؤرخ لعلوم الغذاء والتغذية في تاريخ الإنجازات العلمية العربية الإسلامية, بل يهمنا أن نشير إلى دورها في صنع الحضارة الغربية من خلال استعراض بعض أسماء العلماء العرب المسلمين الذين عرفهم العالم الغربي وكتب عنهم وأن نذكر بعض مؤلفاتهم وهي قطرة من بحر. وقد جرى نقل المعارف التي تحويها من قبل الأوربيين أنفسهم وقد قاموا بتدريس كتب هؤلاء العلماء وتطبيق معارفهم وخبراتهم في "معاهد التعليم الأوروبية المتقدمة" آنذاك وحتى القرن السابع عشر. ويصعب علينا أن نتخطى بعض المراكز العلمية العربية الإسلامية في البحث والتدريس والتطبيق التي بقيت لعدة قرون منارة عالية, وإن انطفأت شعلتها فيما بعد.
إنه من الثابت أن أول مستشفى بني واستخدم فيه المنهج العلمي التطبيقي المستعمل في أنظمة المستشفيات الحديثة كان في عهد الرشيد ببغداد, تلاه مستشفى عضد الدولة الذي عملت فيه فرق الأطباء وطواقمهم وكانت تطبق فيهما أنظمة التغذية والعلاج التغذوي من خلال تحضير الأطعمة والأدوية الغذائية العلاجية على أيدي مختصين مهرة, وكانت هناك خدمة يتكفل بها المستشفى بكرة وعشية تقدم من خلالها الأطعمة والأشربة ما يليق بالأشخاص والمرضى وحالاتهم المرضية.
كما استمرت نشاطات المستشفيات في دمشق حتى عهد الأيوبيين, وقدألحق بها مطابخ لإعداد الأطعمة العادية لموظفي المستشفى والأطعمة الخاصة بالمرضى; ما يطلق عليه الآن بالحميات الغذائية العلاجية ويستعمل حاضراً في المستشفيات الغربية, وقد وضع حوالي 36 مجلداً في الطب والصيدلة والأغذية والأعشاب وطرق التداوي بها, كمراجع علمية في مكتبة المستشفى تحت تصرف المختصين والعاملين في مجالاتها.
كانت أحوال الغذاء والتغذية ما قبل الإسلام في البادية والحضر سيئة للغاية, ندرة في الماء والطعام وسوء نوعية الماء, وبساطة في الغذاء, ونقص مزمن في التغذية واعتماد على الغذاء الشعبي الذي كان ينقصه التنوع. ولم تكن ظروف الصحة والسلامة للغذاء وظروف النظافة الشخصية بشكل أفضل وكانت وسائل العلاج للأمراض التغذوية وغير التغذوية مستمدة من الطب الشعبي بدون أساس علمي والذي كانت تبدو بعض الصلات بينه وبين السحر.
ظهر مع بداية عصر الإسلام الانتفاع بالقرآن والسنة وما اشتملت على تعاليم الممنوع والمسموح به من الأغذية والأساليب السليمة في التعامل معها, فظهر كتاب الطب النبوي في العهد الأموي. ومن المعلوم أن هذا العصر كان بداية الترجمة والنقل عن الأمم الأخرى, فكان كتاب الطب النبوي بمثابة مرجع علمي سليم في مجال الغذاء والتغذية بنيت عليه الكثير من التصحيحات وتنقية الشوائب الموجودة في العلوم المنقولة.
وفي العصر العباسي وما تلاه من العصر الأندلسي والأيوبي والعثماني, رسخت في المجتمع الإسلامي العلوم المختلفة وأصبحت المصدر الوحيد في العالم آنذاك وحتى القرن السابع عشر, أي لفترة عشرة قرون, حتى أنه في إيطاليا كان العلماء العرب المسلمون يحضرون للعمل في التدريس والعمل في المراكز العلمية وعند الملوك وباللغة العربية, بعد أن نسيت الكتب القديمة اليونانية والفارسية والهندية والسريانية. وتجلى دور الحضارة العربية الإسلامية وأثرها على العلوم الغربية عندما اعتمد الغربيون آنذاك الكتب العربية بنصوص ومصطلحات علمية واضحة بدلاً من النصوص المبعثرة والمنسية في الكتب الأخرى المذكورة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه خلال مرحلة استعادة النصوص المفقودة من خلال الترجمة والنقل والاستيعاب قام العلماء العرب المسلمون بتصحيح وتعديل المفاهيم القديمة الخاطئة, فعلى سبيل المثال صحح إسحق بن عمر ما كتبه جالينوس وأرسطو وروفوس عن اضطرابات الهضم وتجمع المرّة السوداء تحت الأضلاع وصعودها في صورة أبخرة إلى الدماغ لتسبب مرض الكآبة عند المريض. كما صحح الرازي المعلومات الخاطئة التي تتعلق بتنشئة الطفل وتغذيته, وصحح أحمد بن محمد البلدي في كتابه "تدبير الحبالى والأطفال" في مجال الرضاعة وتغذية المرضع ونوع حليبها المعلومات الخاطئة لكل من روفوس واوريانوس عن التغذية الإسبارطية ومضمونها تفسير علاقة التغذية الكثيرة بالنمو والطول وإعطاء الأطفال الرضع والشباب المراهقين الخمر قدر ما يتحملون نظراً لكثرة الرطوبة في أجسامهم, و قام ابن النديم بعد الرازي في كتابه" قطب السرور في أوصاف الخمور" أيضاً بتصحيح وتعديل هذا الخطأ الفادح في تغذية الأطفال. هذه المعلومات المعدلة السليمة استفاد منها الغربيون بعد أن ترجموا الكتب العربية التي وجدوها في صورة جاهزة وصحيحة.
كان الرومان واليونان يعتقدون بخرافة احتراق الدم عند الكآبة وفي حالة البوليميا أو الشره الغذائي الذي كان مصدره الإفراط في تناول الطعام ثم تقيؤه في سهرات اللهو لأمراء الرومان إلا أن العلماء العرب والمسلمون دحضوا هذا الادعاء وحذفوه ثم تطور إلى أبعد من ذلك الآن فأصبح يعامل في الوقت الحاضر على أنه مرض تغذوي ينتشر في الغرب تجب معالجته.
وصف علماء اليونان مرض اليرقان بشكل اسطوري خرافي ثم جاء العلماء العرب فشخصوه ووضعوا النصيحة الغذائية والوصفة الدوائية المناسبة له.
.... تابع ...