نبض باقى
03 Oct 2005, 07:35 PM
الصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو أيضًا امتناع عن معصية الله .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن
يدع طعامه وشرابه"، أي من لم يترك قول الكذب والعمل به فلا فائدة من صيامه.
ويقول كذلك: "كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش"، فالصيام ينقّي
القلب وعلى المسلم أن يلتزم بالأخلاق الطيبة والسلوك القويم في رمضان.
ومن المهم أن نتذكر أنه على المسلم أن يتصف بالأخلاق الحميدة دائمًا وأن يستغل
شهر رمضان لتدريب النفس على هذه الأخلاق.
1- الأخلاص
المقصود بالإخلاص: إرادة وجه الله تعالى بالعمل، وتصفيته من كل شوب ذاتي أو دنيوي، فلا ينبعث العمل إلا لله تعالى، غير مشوب برغبة للنفس، ظاهرة أو خفية.
وأساس إخلاص العمل تجريد النية فيه لله تعالى.
وقد أمر الله عباده بالإخلاص له، قال تعالى:"وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة" "البينة : 5"
ويأمر نبيه بأن يوضح:"قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له"."الأنعام :162-163"
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" "رواه مسلم"
ويبعث على الإخلاص: العلم بأهميته وضرورته وثمراته في الدنيا والآخرة، وأن الله تعالى لا يقبل عملا إلا بإخلاص مهما تكن صورته.
كما يعين على الإخلاص صحبة أهل الإخلاص ومعايشتهم، وقراءة سير المخلصين، ومجاهدة النفس الأمارة بالسوء، والدعاء والاستعانة بالله تعالى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله فيقول: "اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه"رواه الإمام أحمد
ومن دلائل الإخلاص:
ألا يطلب المدح ولا يغتر به, الخوف من الشهرة، واتهام النفس بالتقصير، وجعل الرضا والسخط لله لا للنفس، والصبر على طول الطريق والحرص على العمل الأنفع، والسلامة من آفة العجب والحذر من تزكية النفس.
ومن ثمرات الإخلاص:
- السكينة النفسية وانشراح الصدر وذلك لانحصار الهموم في هم واحد، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة""رواه ابن ماجة"
- الاستمرار في العمل، وذلك لأن الذي يعمل للناس يكف عن العمل إذا لم يجد ما يبغي وفي هذا يقول أحد الصالحين: ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل.
- تحويل العادات إلى عبادات وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إنك ما تنفق نفقة تبغي بها وجه الله تعالى إلا أثبت عليها، حتى اللقمة تضعها في في (أي فم) امرأتك""متفق عليه"
- إحراز ثواب العمل وإن لم يتمه أو لم يعمله، وفي ذلك يقول الله تعالى:
"ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله، وكان الله غفورا رحيما"(النساء: 10)
لذلك ينبغي على المؤمن أن يبتغي وجه الله دائما وأن يكون الإخلاص شعاره، والنية الصالحة مسلكه.
2- الصبر
في رمضان – شهر الصبر- يتذكر الصائمون فضيلة الصبر، ومنزلة الصبر عند ربهم، فما من قربة إلا وأجرها بتقدير وحساب، إلا الصبر
ولأجل كون الصوم من الصبر قال تعالى في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"رواه البخاري.
و يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر"رواه البخاري ومسلم.
وقد وردت آيات كثيرة تحث على الصبر وتأمر به، ومن ذلك قوله تعالى:
"واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين""البقرة :153"
وقوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"
"آل عمران :200"
ولم ينل الصبر والصابرون هذه المكانة العظيمة إلا لأهمية الصبر في استقرار الحياة، وحماية النفس من الانزلاق في أعمال غير مأمونة العواقب، ولصعوبة الصبر على المكاره وعلى سوء القضاء، ولذلك كان الصبر خيرا دائما للمؤمن، وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، "رواه مسلم.
وللصبر آداب ، منها:
- استعماله في أول صدمة لقوله صلى الله عليه وسلم :"إنما الصبر عند الصدمة الأولى"رواه مسلم.
- سكون الجوارح واللسان، فمن حسن الصبر ألا يظهر أثر المصيبة على المصاب.
- الاسترجاع وهو قول المصاب إنا لله وإنا إليه راجعون، قال تعالى:
"الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون" "البقرة:156"
وللصبر فوائد وبشريات كثيرة للصابرين، منها:
- معية الله تعالى للصابرين، قال تعالى:
"إن الله مع الصابرين" "البقرة: 153"
وهي معية خاصة تتضمن الحفظ والرعاية والتأييد والحماية.
- محبة الله تعالى لهم: قال تعالى: "والله يحب الصابرين" "آل عمران: 146"
- إطلاق البشرى لهم، قال تعالى:
"وبشر الصابرين" "البقرة:155"
- إيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم، قال تعالى: "ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" "النحل: 96"
- وتوفيتهم أجرهم بغير حساب، قال تعالى: "إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب" "الزمر: 10"
- وضمان النصرة والمدد لهم، قال تعالى:
"بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"."آل عمران: 125"
- الحصول على درجة الإمامة في الدين، قال تعالى: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون" "السجدة :24"
- والثناء عليهم بأنهم أهل العزائم، قال تعالى: "وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور" "آل عمران: 186"
- وحفظهم من كيد الأعداء، قال تعالى:
"وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط"
"آل عمران: 120"
- واستحقاقهم دخول الجنة، قال تعالى:
"وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا" "الإنسان: 12"
وفي شهر الصبر ينبغي للمؤمن أن يتخذ الصبر شعارا له، فيصبر على طاعة الله عز وجل ويصبر عن معاصي الله عز وجل، ويصبر على أقدار الله عز وجل.
3- البذل والإنفاق
يحث الإسلام على البذل والإنفاق والجود، حتى لا يبقى أحد متمتعاً بمباهج الحياة وحده، ولا أحد يتضور جوعاً يقاسي ويلات الحياة، وقد جاءت آيات القرآن الكريم كثيرة تحض على الإنفاق في سبيل الله، وتوجب الأجر وتضمن الأمن والسلامة للمنفقين في سبيل الله، قال تعال: "الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"[البقرة: 274].
وعنه –صلي الله عليه وسلم ،قال:"السخي قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، بعيد من النار، والبخيل بعيد عن الله، بعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب من النار، ولجاهل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً "رواه البخاري ومسلم.
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: "يا عبدي أنفق أنفق عليك".رواه البخاري ومسلم.
ولذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحض على الإنفاق في سبيل الله ويرغب في أن تكون هذه الصدقة في السر لا عن مراءاة ومباهاة ، فعنه صلى الله عليه وسلم "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر"رواه الطبراني.
وفي شهر الخير والبركات تجود النفس بالطيب من الأموال، فاحرص أخي المسلم على الإنفاق في سبيل الله، وتخير لصدقتك المحتاج لها، ولا تنس صدقة الفطر.
4- المحافظة على الوقت
الوقت هو الحياة، ومتى ضاع الوقت لم يعوض، ولا أدل على أهمية الوقت من أن الله عز وجل أقسم في سور عديدة بأجزاء منه، مثل الليل والنهار والفجر والضحى والعصر، والله عز وجل إذا أقسم بشيء من خلقه فذلك ليلفت الأنظار إليه ولينبه على جليل منفعته وآثاره.
كما أكدت السنة النبوية على قيمة الوقت، وقررت مسئولية الإنسان عنه أمام الله يوم القيامة، حتى إن الأسئلة الأساسية التي توجه إلى المكلف يوم الحساب يخص الوقت منها سؤالان رئيسيان عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه.
واجب المسلم نحو الوقت:
1- الحرص على الاستفادة منه فيما ينفع في الدين والدنيا والمحافظة عليه فهو رأس مال العبد.
2- اغتنام الفراغ، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ"رواه البخاري.
3- المسارعة إلى الخيرات في همة ونشاط، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"رواه البخاري
4- تنظيم الوقت بين الواجبات والأعمال المختلفة، حتى لا يطغى عمل على آخر ولا مهم على أهم، ومما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن صحف إبراهيم: "ينبغي للعاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له أربع ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر في صنع الله عز وجل، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب"
رواه ابن حبان والحاكم.
فاحرص أخي المسلم على الوقت، لأن الوقت مهما طال فهو قصير، والواجبات أكثر من الأوقات واحرص على التبكير وبدء اليوم من أوله، ومن كلمات الحسن البصري:
ما من يوم ينشق فجره إلا ينادي منادٍ من قبل الحق : يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني بعمل صالح، فإني لا أعود إلى يوم القيامة".
5- القصد والأعتدال
القصد والاعتدال هو دستور الإسلام الذي يحرص على الوسطية، لا إفراط ولا تفريط، وفي هذا يقول الحق تبارك وتعالى:"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"(البقرة : 143).
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم -يقول:"اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الإخلاص في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى""رواه النسائي".
وقال صلى الله عليه وسلم: "ما أحسن القصد في الغنى، وما أحسن القصد في الفقر، وأحسن القصد في العبادة"رواه البزار.
والإسلام إذ يحث على السعي إلى ما يضمن للمسلم طريق النجاة في الآخرة فإنه لا يحرمه من التمتع بلذات الدنيا لكن دون إسراف وفساد في الأرض، يقول الله سبحانه وتعالى: "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين"(القصص: 77)
فينبغي على المسلم ألا يكون عبدا لشهواته أسيرا لها، فلا يسرف في الأكل؛ فإن المعدة بيت الداء كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن لم يكن فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" "رواه الترمذي"
وكذلك يوصي الإسلام بالاعتدال في الملبس ويكره للمسلم أن يباهي بملبسه أو يختال فيه وحتى في الطاعات يحث الإسلام على القصد والاعتدال فيها، فقليل دائم خير من كثير منقطع، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى"
أي أن الفارس الذي يجد في الجري بفرسه ربما أتعب فرسه فمنعه من أن يكمل المسير، وبذلك يكون قد خسر الاثنين هدفه وفرسه.
وحتى الحقوق لم تخرج عن قاعدة الاعتدال، وفي هذا يقول الله تعالى:
"وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورًأ" (الإسراء: 27)
ومن العجب أن الناس تنسى فضيلة القصد والاعتدال في هذا الشهر الكريم، وكأنه موعد للإسراف والتبذير.
فعليك أخي المؤمن أن تتخذ من القصد والاعتدال شعارا لك في هذا الشهر الكريم المبارك
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن
يدع طعامه وشرابه"، أي من لم يترك قول الكذب والعمل به فلا فائدة من صيامه.
ويقول كذلك: "كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش"، فالصيام ينقّي
القلب وعلى المسلم أن يلتزم بالأخلاق الطيبة والسلوك القويم في رمضان.
ومن المهم أن نتذكر أنه على المسلم أن يتصف بالأخلاق الحميدة دائمًا وأن يستغل
شهر رمضان لتدريب النفس على هذه الأخلاق.
1- الأخلاص
المقصود بالإخلاص: إرادة وجه الله تعالى بالعمل، وتصفيته من كل شوب ذاتي أو دنيوي، فلا ينبعث العمل إلا لله تعالى، غير مشوب برغبة للنفس، ظاهرة أو خفية.
وأساس إخلاص العمل تجريد النية فيه لله تعالى.
وقد أمر الله عباده بالإخلاص له، قال تعالى:"وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة" "البينة : 5"
ويأمر نبيه بأن يوضح:"قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له"."الأنعام :162-163"
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" "رواه مسلم"
ويبعث على الإخلاص: العلم بأهميته وضرورته وثمراته في الدنيا والآخرة، وأن الله تعالى لا يقبل عملا إلا بإخلاص مهما تكن صورته.
كما يعين على الإخلاص صحبة أهل الإخلاص ومعايشتهم، وقراءة سير المخلصين، ومجاهدة النفس الأمارة بالسوء، والدعاء والاستعانة بالله تعالى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله فيقول: "اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه"رواه الإمام أحمد
ومن دلائل الإخلاص:
ألا يطلب المدح ولا يغتر به, الخوف من الشهرة، واتهام النفس بالتقصير، وجعل الرضا والسخط لله لا للنفس، والصبر على طول الطريق والحرص على العمل الأنفع، والسلامة من آفة العجب والحذر من تزكية النفس.
ومن ثمرات الإخلاص:
- السكينة النفسية وانشراح الصدر وذلك لانحصار الهموم في هم واحد، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة""رواه ابن ماجة"
- الاستمرار في العمل، وذلك لأن الذي يعمل للناس يكف عن العمل إذا لم يجد ما يبغي وفي هذا يقول أحد الصالحين: ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل.
- تحويل العادات إلى عبادات وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إنك ما تنفق نفقة تبغي بها وجه الله تعالى إلا أثبت عليها، حتى اللقمة تضعها في في (أي فم) امرأتك""متفق عليه"
- إحراز ثواب العمل وإن لم يتمه أو لم يعمله، وفي ذلك يقول الله تعالى:
"ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله، وكان الله غفورا رحيما"(النساء: 10)
لذلك ينبغي على المؤمن أن يبتغي وجه الله دائما وأن يكون الإخلاص شعاره، والنية الصالحة مسلكه.
2- الصبر
في رمضان – شهر الصبر- يتذكر الصائمون فضيلة الصبر، ومنزلة الصبر عند ربهم، فما من قربة إلا وأجرها بتقدير وحساب، إلا الصبر
ولأجل كون الصوم من الصبر قال تعالى في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"رواه البخاري.
و يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر"رواه البخاري ومسلم.
وقد وردت آيات كثيرة تحث على الصبر وتأمر به، ومن ذلك قوله تعالى:
"واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين""البقرة :153"
وقوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"
"آل عمران :200"
ولم ينل الصبر والصابرون هذه المكانة العظيمة إلا لأهمية الصبر في استقرار الحياة، وحماية النفس من الانزلاق في أعمال غير مأمونة العواقب، ولصعوبة الصبر على المكاره وعلى سوء القضاء، ولذلك كان الصبر خيرا دائما للمؤمن، وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، "رواه مسلم.
وللصبر آداب ، منها:
- استعماله في أول صدمة لقوله صلى الله عليه وسلم :"إنما الصبر عند الصدمة الأولى"رواه مسلم.
- سكون الجوارح واللسان، فمن حسن الصبر ألا يظهر أثر المصيبة على المصاب.
- الاسترجاع وهو قول المصاب إنا لله وإنا إليه راجعون، قال تعالى:
"الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون" "البقرة:156"
وللصبر فوائد وبشريات كثيرة للصابرين، منها:
- معية الله تعالى للصابرين، قال تعالى:
"إن الله مع الصابرين" "البقرة: 153"
وهي معية خاصة تتضمن الحفظ والرعاية والتأييد والحماية.
- محبة الله تعالى لهم: قال تعالى: "والله يحب الصابرين" "آل عمران: 146"
- إطلاق البشرى لهم، قال تعالى:
"وبشر الصابرين" "البقرة:155"
- إيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم، قال تعالى: "ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" "النحل: 96"
- وتوفيتهم أجرهم بغير حساب، قال تعالى: "إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب" "الزمر: 10"
- وضمان النصرة والمدد لهم، قال تعالى:
"بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"."آل عمران: 125"
- الحصول على درجة الإمامة في الدين، قال تعالى: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون" "السجدة :24"
- والثناء عليهم بأنهم أهل العزائم، قال تعالى: "وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور" "آل عمران: 186"
- وحفظهم من كيد الأعداء، قال تعالى:
"وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط"
"آل عمران: 120"
- واستحقاقهم دخول الجنة، قال تعالى:
"وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا" "الإنسان: 12"
وفي شهر الصبر ينبغي للمؤمن أن يتخذ الصبر شعارا له، فيصبر على طاعة الله عز وجل ويصبر عن معاصي الله عز وجل، ويصبر على أقدار الله عز وجل.
3- البذل والإنفاق
يحث الإسلام على البذل والإنفاق والجود، حتى لا يبقى أحد متمتعاً بمباهج الحياة وحده، ولا أحد يتضور جوعاً يقاسي ويلات الحياة، وقد جاءت آيات القرآن الكريم كثيرة تحض على الإنفاق في سبيل الله، وتوجب الأجر وتضمن الأمن والسلامة للمنفقين في سبيل الله، قال تعال: "الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"[البقرة: 274].
وعنه –صلي الله عليه وسلم ،قال:"السخي قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، بعيد من النار، والبخيل بعيد عن الله، بعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب من النار، ولجاهل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً "رواه البخاري ومسلم.
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: "يا عبدي أنفق أنفق عليك".رواه البخاري ومسلم.
ولذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحض على الإنفاق في سبيل الله ويرغب في أن تكون هذه الصدقة في السر لا عن مراءاة ومباهاة ، فعنه صلى الله عليه وسلم "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر"رواه الطبراني.
وفي شهر الخير والبركات تجود النفس بالطيب من الأموال، فاحرص أخي المسلم على الإنفاق في سبيل الله، وتخير لصدقتك المحتاج لها، ولا تنس صدقة الفطر.
4- المحافظة على الوقت
الوقت هو الحياة، ومتى ضاع الوقت لم يعوض، ولا أدل على أهمية الوقت من أن الله عز وجل أقسم في سور عديدة بأجزاء منه، مثل الليل والنهار والفجر والضحى والعصر، والله عز وجل إذا أقسم بشيء من خلقه فذلك ليلفت الأنظار إليه ولينبه على جليل منفعته وآثاره.
كما أكدت السنة النبوية على قيمة الوقت، وقررت مسئولية الإنسان عنه أمام الله يوم القيامة، حتى إن الأسئلة الأساسية التي توجه إلى المكلف يوم الحساب يخص الوقت منها سؤالان رئيسيان عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه.
واجب المسلم نحو الوقت:
1- الحرص على الاستفادة منه فيما ينفع في الدين والدنيا والمحافظة عليه فهو رأس مال العبد.
2- اغتنام الفراغ، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ"رواه البخاري.
3- المسارعة إلى الخيرات في همة ونشاط، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"رواه البخاري
4- تنظيم الوقت بين الواجبات والأعمال المختلفة، حتى لا يطغى عمل على آخر ولا مهم على أهم، ومما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن صحف إبراهيم: "ينبغي للعاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له أربع ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر في صنع الله عز وجل، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب"
رواه ابن حبان والحاكم.
فاحرص أخي المسلم على الوقت، لأن الوقت مهما طال فهو قصير، والواجبات أكثر من الأوقات واحرص على التبكير وبدء اليوم من أوله، ومن كلمات الحسن البصري:
ما من يوم ينشق فجره إلا ينادي منادٍ من قبل الحق : يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني بعمل صالح، فإني لا أعود إلى يوم القيامة".
5- القصد والأعتدال
القصد والاعتدال هو دستور الإسلام الذي يحرص على الوسطية، لا إفراط ولا تفريط، وفي هذا يقول الحق تبارك وتعالى:"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"(البقرة : 143).
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم -يقول:"اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الإخلاص في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى""رواه النسائي".
وقال صلى الله عليه وسلم: "ما أحسن القصد في الغنى، وما أحسن القصد في الفقر، وأحسن القصد في العبادة"رواه البزار.
والإسلام إذ يحث على السعي إلى ما يضمن للمسلم طريق النجاة في الآخرة فإنه لا يحرمه من التمتع بلذات الدنيا لكن دون إسراف وفساد في الأرض، يقول الله سبحانه وتعالى: "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين"(القصص: 77)
فينبغي على المسلم ألا يكون عبدا لشهواته أسيرا لها، فلا يسرف في الأكل؛ فإن المعدة بيت الداء كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن لم يكن فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" "رواه الترمذي"
وكذلك يوصي الإسلام بالاعتدال في الملبس ويكره للمسلم أن يباهي بملبسه أو يختال فيه وحتى في الطاعات يحث الإسلام على القصد والاعتدال فيها، فقليل دائم خير من كثير منقطع، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى"
أي أن الفارس الذي يجد في الجري بفرسه ربما أتعب فرسه فمنعه من أن يكمل المسير، وبذلك يكون قد خسر الاثنين هدفه وفرسه.
وحتى الحقوق لم تخرج عن قاعدة الاعتدال، وفي هذا يقول الله تعالى:
"وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورًأ" (الإسراء: 27)
ومن العجب أن الناس تنسى فضيلة القصد والاعتدال في هذا الشهر الكريم، وكأنه موعد للإسراف والتبذير.
فعليك أخي المؤمن أن تتخذ من القصد والاعتدال شعارا لك في هذا الشهر الكريم المبارك