ISLAMIC SERVICE
11 Nov 2005, 06:01 AM
الاُسرة وظروف التربية الاُولى
ان النظرة العلمية التي ينظرها الاسلام لنشأة ونمو وتكوين الانسان عبر مراحل وجوده تتجلى في مقومات الربط بين تلك المراحل، ومنذ انعقاد النطفة، وحتى بلوغه مراحل الشيخوخة.
فقد ربط الاسلام بين أنواع الاغذية التي يتناولها الوالدان، وبين النطفة التي يتكون منها الجنين، كما ربط بين تعامل الوالدين مع الطفل في نشأته الاولى، ومايحيط به من أجواء وظروف ومحيط، وبين تكون شخصيته.
لذا نجد الرسول الكريم (ص) يوضح أن اعتناق الانسان لفكرة معينة وسلوك معين بمرحلة البلوغ والمسؤولية، انّما يساهم في تكوينه الابوان في مرحلة النشأة والتعليم.
فالانسان عندما يكون مسلماً مستقيم السلوك والشخصية، أو عنصراً منحرفاً، انّما يشارك في ذلك تأثير الابوين والنشأة الاولى. فالانسان يولد على الفطرة النقية الصافية المتجهة نحو الاستقامة في أصل نشأتها.
الاّ أن هذه الفطرة قابلة للتكيّف، وتقبل مختلف صور الفكر والسلوك، فتتشكل الذات، وتتكون الشخصية في مرحلة النشأة الاولى .. يتضح ذلك من قول الرسول الكريم محمد (ص) : «كل
مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهوّدانه وينصّرانه ويمجسانه»(2).
ويتحدث القرآن عن هذه الحقيقة، حقيقة العلاقة بين التربية الاولى التي يتولاّها الآباء، وبين سلوك الانسان بعد مرحلة البلوغ والتكامل العقلي والجسدي.
قال تعالى: (والله أخرجكم من بطون أُمهاتكم لاتعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون). (النحل / 78)
(ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة).(التحريم / 6)
فبذا يربط القرآن بين ما يتعلمه ويكتسبه الانسان في نشأته الاولى، مما يسمع ويرى ويعقل، وبين ما تؤول اليه الشخصية فيما بعد؛ لذا دعا الآباء الى تربية أبنائهم تربية صالحة، وحذّرهم من نتيجة الاهمال.
ويربط الامام علي (ع) بين ما يكتسبه الانسان في مرحلة الطفولة، وبين ما تستقر عليه شخصيته من أوضاع فكرية ونفسية وسلوكية في مرحلة البلوغ في وصيته لولده الامام الحسن السبط(ع) قال:
«انّما قلب الحدث كالارض الخالية؛ ما أُلقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالادب قبل أن يقسو قلبك، ويشتغل لبك، لتستقبل بجدِّ رأيك من الامر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كُفيت مؤونة الطلب، وعُوفيت من علاج التجربة»(3).
ان الامام المربي يثبت لنا بذلك مبدأ تربوياً هاماً، وهو المبادرة الى تربية الطفل تربية صالحة (قبل أن يقسو قلبه، ويشتغل لبه).
ان هذا المبدأ التربوي القائم على أُسس علمية يدعونا الى المبادرة لتربية الطفل، وتعليمه قبل أن تتشكل شخصيته، وتأخذ صيغتها، وتمتلئ بالتجارب والمعلومات غير السويّة، وتتطبّع على انماط من السلوك يحتاج التخلص منها الى اعادة التربية، وتشكيل الشخصية مرة اُخرى. وفي اعادة التصحيح والاصلاح جهد ومعاناة، وتحمّل للتبعات والمشاكل التي يرتكبها الناشئ والشاب.
وربما تعذر حلّ بعضها، وذهب الانسان ضحيتها؛ ذهب ضحية المشاكل التي واجهها في تربيته واُسرته الاولى.
فإن منشأ الكثير من العقد والامراض النفسية والمشاكل السلوكية، هو مرحلة الطفولة غير السوية، التي تنشأ تحت وطأة المشاكل والاجواء المضطربة والمتأزمة، والتعامل غير السليم.
ان دراسة أُجريت على 7598 جانحاً في الولايات المتحدة الاميركية من نزلاء المؤسسات الاصلاحية سنة 1910 أظهرت أن 7ر50% أتوا من اُسر متصدِّعة. وأن 5ر50% من نزلاء المدارس الاصلاحية في انجلترا، واسكتلندا أتوا من بيوت متصدعة. وان أحصاءً قام به أحد باحثي المانيا الغربية على 144 من المجرمين الاحداث بيَّنَ أنهم جميعاً ينتمون الى اُسر متصدعة.
كما أجرى أحد الباحثين في المانيا الغربية احصاءً على 2000 حدث مجرمين تبيَّن من خلاله أن 26% منهم ينتمون الى اُسر انفصل فيها الابوان عن حياتهما الزوجية لسبب وآخر.
وأجرى باحث فرنسي عام 1942 في مدينة باريس دراسة على الاحداث المنحرفين فتبيّن أن 88% منهم كانت اُسرهم متفككة)(4).
كما ان سبب العادات الحسنة بشكل أساس هو التربية البيتية، كذلك فإن كثيراً من الحالات الانحرافية والعقد والامراض النفسية التي يعاني منها الفرد في مرحلة الشباب، مثل الحقد والشعور بالنقص، والكسل، والاتكالية، والانانية، والعدوانية، والبذاءة، وحالات الشذوذ الجنسي، والخمور، والمخدرات، والتسكع، والكذب، والسرقة، والنفاق، وسوء معاشرة الاخرين، والكسل، والانطوائية، والجبن، تعود نشأتها الى التربية البيتية في مرحلة الطفولة، فتنشأ مع الانسان عاداته وأخلاقه وصفاته، وتشب وتبقى تلازمه. وان كان التخلص منها والانتصار عليها أمر ممكن.
فالانسان كائن ذو ارادة واختيار، وقدرة على التغيير، الاّ ان ذلك يكلّفه مشقّة ومعاناة، كما انّ البعض يذهب ضحية تلك التربية.
لذا فإن من أسباب فهم الانسان لشخصيته، وللحالات التي يعاني منها، أو الاخرى الايجابية في شخصيته أن يستذكر طبيعة نشأته الاولى، ويدرس ظروف الطفولة التي نشأ فيها، ليعرف منشأ المشكلة، أو الايجابية في شخصيته.
بارك الله فيكم وحفظكم الله من كل سوء
:rose: :rose: :rose:
:rainbow:
:asl:
ان النظرة العلمية التي ينظرها الاسلام لنشأة ونمو وتكوين الانسان عبر مراحل وجوده تتجلى في مقومات الربط بين تلك المراحل، ومنذ انعقاد النطفة، وحتى بلوغه مراحل الشيخوخة.
فقد ربط الاسلام بين أنواع الاغذية التي يتناولها الوالدان، وبين النطفة التي يتكون منها الجنين، كما ربط بين تعامل الوالدين مع الطفل في نشأته الاولى، ومايحيط به من أجواء وظروف ومحيط، وبين تكون شخصيته.
لذا نجد الرسول الكريم (ص) يوضح أن اعتناق الانسان لفكرة معينة وسلوك معين بمرحلة البلوغ والمسؤولية، انّما يساهم في تكوينه الابوان في مرحلة النشأة والتعليم.
فالانسان عندما يكون مسلماً مستقيم السلوك والشخصية، أو عنصراً منحرفاً، انّما يشارك في ذلك تأثير الابوين والنشأة الاولى. فالانسان يولد على الفطرة النقية الصافية المتجهة نحو الاستقامة في أصل نشأتها.
الاّ أن هذه الفطرة قابلة للتكيّف، وتقبل مختلف صور الفكر والسلوك، فتتشكل الذات، وتتكون الشخصية في مرحلة النشأة الاولى .. يتضح ذلك من قول الرسول الكريم محمد (ص) : «كل
مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهوّدانه وينصّرانه ويمجسانه»(2).
ويتحدث القرآن عن هذه الحقيقة، حقيقة العلاقة بين التربية الاولى التي يتولاّها الآباء، وبين سلوك الانسان بعد مرحلة البلوغ والتكامل العقلي والجسدي.
قال تعالى: (والله أخرجكم من بطون أُمهاتكم لاتعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون). (النحل / 78)
(ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة).(التحريم / 6)
فبذا يربط القرآن بين ما يتعلمه ويكتسبه الانسان في نشأته الاولى، مما يسمع ويرى ويعقل، وبين ما تؤول اليه الشخصية فيما بعد؛ لذا دعا الآباء الى تربية أبنائهم تربية صالحة، وحذّرهم من نتيجة الاهمال.
ويربط الامام علي (ع) بين ما يكتسبه الانسان في مرحلة الطفولة، وبين ما تستقر عليه شخصيته من أوضاع فكرية ونفسية وسلوكية في مرحلة البلوغ في وصيته لولده الامام الحسن السبط(ع) قال:
«انّما قلب الحدث كالارض الخالية؛ ما أُلقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالادب قبل أن يقسو قلبك، ويشتغل لبك، لتستقبل بجدِّ رأيك من الامر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كُفيت مؤونة الطلب، وعُوفيت من علاج التجربة»(3).
ان الامام المربي يثبت لنا بذلك مبدأ تربوياً هاماً، وهو المبادرة الى تربية الطفل تربية صالحة (قبل أن يقسو قلبه، ويشتغل لبه).
ان هذا المبدأ التربوي القائم على أُسس علمية يدعونا الى المبادرة لتربية الطفل، وتعليمه قبل أن تتشكل شخصيته، وتأخذ صيغتها، وتمتلئ بالتجارب والمعلومات غير السويّة، وتتطبّع على انماط من السلوك يحتاج التخلص منها الى اعادة التربية، وتشكيل الشخصية مرة اُخرى. وفي اعادة التصحيح والاصلاح جهد ومعاناة، وتحمّل للتبعات والمشاكل التي يرتكبها الناشئ والشاب.
وربما تعذر حلّ بعضها، وذهب الانسان ضحيتها؛ ذهب ضحية المشاكل التي واجهها في تربيته واُسرته الاولى.
فإن منشأ الكثير من العقد والامراض النفسية والمشاكل السلوكية، هو مرحلة الطفولة غير السوية، التي تنشأ تحت وطأة المشاكل والاجواء المضطربة والمتأزمة، والتعامل غير السليم.
ان دراسة أُجريت على 7598 جانحاً في الولايات المتحدة الاميركية من نزلاء المؤسسات الاصلاحية سنة 1910 أظهرت أن 7ر50% أتوا من اُسر متصدِّعة. وأن 5ر50% من نزلاء المدارس الاصلاحية في انجلترا، واسكتلندا أتوا من بيوت متصدعة. وان أحصاءً قام به أحد باحثي المانيا الغربية على 144 من المجرمين الاحداث بيَّنَ أنهم جميعاً ينتمون الى اُسر متصدعة.
كما أجرى أحد الباحثين في المانيا الغربية احصاءً على 2000 حدث مجرمين تبيَّن من خلاله أن 26% منهم ينتمون الى اُسر انفصل فيها الابوان عن حياتهما الزوجية لسبب وآخر.
وأجرى باحث فرنسي عام 1942 في مدينة باريس دراسة على الاحداث المنحرفين فتبيّن أن 88% منهم كانت اُسرهم متفككة)(4).
كما ان سبب العادات الحسنة بشكل أساس هو التربية البيتية، كذلك فإن كثيراً من الحالات الانحرافية والعقد والامراض النفسية التي يعاني منها الفرد في مرحلة الشباب، مثل الحقد والشعور بالنقص، والكسل، والاتكالية، والانانية، والعدوانية، والبذاءة، وحالات الشذوذ الجنسي، والخمور، والمخدرات، والتسكع، والكذب، والسرقة، والنفاق، وسوء معاشرة الاخرين، والكسل، والانطوائية، والجبن، تعود نشأتها الى التربية البيتية في مرحلة الطفولة، فتنشأ مع الانسان عاداته وأخلاقه وصفاته، وتشب وتبقى تلازمه. وان كان التخلص منها والانتصار عليها أمر ممكن.
فالانسان كائن ذو ارادة واختيار، وقدرة على التغيير، الاّ ان ذلك يكلّفه مشقّة ومعاناة، كما انّ البعض يذهب ضحية تلك التربية.
لذا فإن من أسباب فهم الانسان لشخصيته، وللحالات التي يعاني منها، أو الاخرى الايجابية في شخصيته أن يستذكر طبيعة نشأته الاولى، ويدرس ظروف الطفولة التي نشأ فيها، ليعرف منشأ المشكلة، أو الايجابية في شخصيته.
بارك الله فيكم وحفظكم الله من كل سوء
:rose: :rose: :rose:
:rainbow:
:asl: