alfares_almuslim
13 Jan 2006, 02:58 AM
قال ابن القيم رحمه الله : مفاسد العشق من وجوه : ـ
أحدها : الإشتغال بذكر المخلوق وحبه عن حب الرب تعالى وذكره فلا يجتمع في القلب هذا وهذا إلا ويقهر أحدهما صاحبه ويكون السلطان والغلبة له .
الثاني : عذاب قلبه بمعشوقه فإن من أحب شيئا غير الله عذب به ولا بد كما قيل : ـ
فما في الأرض أشقى من محب
وإن وجد الهوى حلو المذاق
تراه باكيا في كل حيـــن
مخافة فرقة أو لإشتيــــــــاق
فيبكي إن نئا شوقا إليهـــم
ويبكي إن دنوا خوف الفـراق
فتسخن عينه عند الفـــــراق
وتسخن عينه عنـــد التلاق
الثالث أن العاشق قلبه أسير في قبضة معشوقه يسومه الهوان ولكن لسكرة العشق لا يشعر بمصابه فقلبه كالعصفورة في كف الطفل يسومها حياض الردى والطفل يلهو ويلعب فيعيش العاشق عيش الأسير الموثق ويعيش الخلي عيش المسيب المطلق والعاشق كما قيل : ـ
طليق برأي العين وهو أسير
عليل على قطب الهلاك يدور
وميت يرى في صورةالحي غاديا
وليس له حتى النشور نشور
أخو غمرات ضاع فيهن قلبه
فليس له حتى الممات حضور
الرابع : ـ
أنه يشتغل به عن مصالح دينه ودنياه فليس شيء أضيع لمصالح الدين والدنيا من العشق ، أما مصالح الدين فإنها منوطة بلم شعث القلب وإقباله على الله العشق أعظم شيئا تشعيثا وتشتيتا له ـ
وأما مصالح الدنيا فهي تابعة في الحقيقة لمصالح الدين فمن انفرطت عليه مصالح دينه وضاعت عليه فمصالح دنياه أضيع وأضيع
الخامس أن آفات الدنيا والآخرة أسرع إلى العشاق من النار في يابس الحطب وسبب ذلك إن القلب كلما قرب من العشق قوى اتصاله به بعد من الله فأبعد القلوب من الله قلوب عشاق الصور وإذا بعد القلب من الله طرقته الآفات من كل ناحية فإن الشيطان يتولاه من تولاه عدوه واستولى عليه لم يأله وبالا ولم يدع أذى يمكنه إيصاله إليه إلا أوصله فما الظن من قلب تمكن منه عدوه وأحرص الخلق على عيبه وفساده وبعده من وليه ومن لا سعادة له ولا فلاح ولا سرور إلا بقربه ولا ولايته
السادس أنه إذا تمكن من القلب واستحكم وقوى سلطانه أفسد الذهن وأحدث الوساوس وربما التحق صاحبه بالمجانين الذين فسدت عقولهم فلا ينتفعون به وأخبار العشاق في ذلك موجودة في مواضعها بل بعضها يشاهد بالعيان وأشرف ما في الإنسان عقله وبه يتميز عن سائر الحيوانات فإذا عدم عقله التحق بالبهائم بل ربما كان حال الحيوان أصلح من حاله وهل أذهب عقل مجنون ليلى وأضرابه إلا العشق وربما زاد جنونه على جنون غيره كما قيل
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم
العشق أعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه
وإنما يصرع المجنـون بالحين
السابع أنه ربما أفسد الحواس أو نقصها إما فسادا معنويا أو صوريا أما الفساد المعنوي فهو تابع لفساد القلب فإن القلب إذا فسد فسدت العين والأذن واللسان فيرى القبيح حسنا منه ومن معشوقه كما في المسند مرفوعا حبك الشيء يعمي ويصم فهو يعمي عين القلب عن رؤية مساوي المحبوب وعيوبه فلا ترى العين ذلك ويصم أذنه عن الإصغاء الى العذل فيه فلا تسمع الأذن ذلك والرغبات تستر العيوب فإن الراغب في شيء لا يرى عيوبه حتى إذ زالت رغبته فيه أبصر عيوبه فشدت الرغبة غشاوة على العين تمنع من رؤية الشيء على ما هو عليه كما قيل .
هويتك إذ عينى عليها غشاوة
فلما انجلت قطعت نفسي ألومها
والداخل في الشيء لا يرى عيوبه والخارج منه الذي لم يدخل فيه لا يرى عيوبه ولا يرى عيوبه إلا من دخل فيه ثم خرج منه
ولهذا كان الصحابة الذين دخلوا في الاسلام بعد الكفر خير من الذين ولدوا في الاسلام قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما ينتقض عرى الاسلام عروة عروة إذا ولد في الاسلام من لا يعرف الجاهلية وأما فساده للحواس ظاهرا فإنه يمرض البدن وينهكه وربما أدى الى تلفه كما هو المعروف في أخبار من قتله العشق .
ثم ذكر ان العشق يترقى من حال إلى أسوء كما قيل : ـ
الحب أول ما يكون لجاجة
يأتى بها وتسوقـه الأقدار
حتى إذا خاض الفتى لجج الهوى
جاءت أمور لا تطاق كبار
والعشق مباديه سهلة حلوة وأوسطه هم وشغل قلب وسقم وآخره عطب وقتل إن لم يتداركه عناية من الله كما قيل
وعش خاليا فالحب أوله عنا
وأوسطه سقم وآخره قتل
وقال آخر : ـ
تولع بالعشق حتى عشق
فلما استقل به لم يطق
رأى لجة ظنها موجة
فلما تمكن منها غــرق
أحدها : الإشتغال بذكر المخلوق وحبه عن حب الرب تعالى وذكره فلا يجتمع في القلب هذا وهذا إلا ويقهر أحدهما صاحبه ويكون السلطان والغلبة له .
الثاني : عذاب قلبه بمعشوقه فإن من أحب شيئا غير الله عذب به ولا بد كما قيل : ـ
فما في الأرض أشقى من محب
وإن وجد الهوى حلو المذاق
تراه باكيا في كل حيـــن
مخافة فرقة أو لإشتيــــــــاق
فيبكي إن نئا شوقا إليهـــم
ويبكي إن دنوا خوف الفـراق
فتسخن عينه عند الفـــــراق
وتسخن عينه عنـــد التلاق
الثالث أن العاشق قلبه أسير في قبضة معشوقه يسومه الهوان ولكن لسكرة العشق لا يشعر بمصابه فقلبه كالعصفورة في كف الطفل يسومها حياض الردى والطفل يلهو ويلعب فيعيش العاشق عيش الأسير الموثق ويعيش الخلي عيش المسيب المطلق والعاشق كما قيل : ـ
طليق برأي العين وهو أسير
عليل على قطب الهلاك يدور
وميت يرى في صورةالحي غاديا
وليس له حتى النشور نشور
أخو غمرات ضاع فيهن قلبه
فليس له حتى الممات حضور
الرابع : ـ
أنه يشتغل به عن مصالح دينه ودنياه فليس شيء أضيع لمصالح الدين والدنيا من العشق ، أما مصالح الدين فإنها منوطة بلم شعث القلب وإقباله على الله العشق أعظم شيئا تشعيثا وتشتيتا له ـ
وأما مصالح الدنيا فهي تابعة في الحقيقة لمصالح الدين فمن انفرطت عليه مصالح دينه وضاعت عليه فمصالح دنياه أضيع وأضيع
الخامس أن آفات الدنيا والآخرة أسرع إلى العشاق من النار في يابس الحطب وسبب ذلك إن القلب كلما قرب من العشق قوى اتصاله به بعد من الله فأبعد القلوب من الله قلوب عشاق الصور وإذا بعد القلب من الله طرقته الآفات من كل ناحية فإن الشيطان يتولاه من تولاه عدوه واستولى عليه لم يأله وبالا ولم يدع أذى يمكنه إيصاله إليه إلا أوصله فما الظن من قلب تمكن منه عدوه وأحرص الخلق على عيبه وفساده وبعده من وليه ومن لا سعادة له ولا فلاح ولا سرور إلا بقربه ولا ولايته
السادس أنه إذا تمكن من القلب واستحكم وقوى سلطانه أفسد الذهن وأحدث الوساوس وربما التحق صاحبه بالمجانين الذين فسدت عقولهم فلا ينتفعون به وأخبار العشاق في ذلك موجودة في مواضعها بل بعضها يشاهد بالعيان وأشرف ما في الإنسان عقله وبه يتميز عن سائر الحيوانات فإذا عدم عقله التحق بالبهائم بل ربما كان حال الحيوان أصلح من حاله وهل أذهب عقل مجنون ليلى وأضرابه إلا العشق وربما زاد جنونه على جنون غيره كما قيل
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم
العشق أعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه
وإنما يصرع المجنـون بالحين
السابع أنه ربما أفسد الحواس أو نقصها إما فسادا معنويا أو صوريا أما الفساد المعنوي فهو تابع لفساد القلب فإن القلب إذا فسد فسدت العين والأذن واللسان فيرى القبيح حسنا منه ومن معشوقه كما في المسند مرفوعا حبك الشيء يعمي ويصم فهو يعمي عين القلب عن رؤية مساوي المحبوب وعيوبه فلا ترى العين ذلك ويصم أذنه عن الإصغاء الى العذل فيه فلا تسمع الأذن ذلك والرغبات تستر العيوب فإن الراغب في شيء لا يرى عيوبه حتى إذ زالت رغبته فيه أبصر عيوبه فشدت الرغبة غشاوة على العين تمنع من رؤية الشيء على ما هو عليه كما قيل .
هويتك إذ عينى عليها غشاوة
فلما انجلت قطعت نفسي ألومها
والداخل في الشيء لا يرى عيوبه والخارج منه الذي لم يدخل فيه لا يرى عيوبه ولا يرى عيوبه إلا من دخل فيه ثم خرج منه
ولهذا كان الصحابة الذين دخلوا في الاسلام بعد الكفر خير من الذين ولدوا في الاسلام قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما ينتقض عرى الاسلام عروة عروة إذا ولد في الاسلام من لا يعرف الجاهلية وأما فساده للحواس ظاهرا فإنه يمرض البدن وينهكه وربما أدى الى تلفه كما هو المعروف في أخبار من قتله العشق .
ثم ذكر ان العشق يترقى من حال إلى أسوء كما قيل : ـ
الحب أول ما يكون لجاجة
يأتى بها وتسوقـه الأقدار
حتى إذا خاض الفتى لجج الهوى
جاءت أمور لا تطاق كبار
والعشق مباديه سهلة حلوة وأوسطه هم وشغل قلب وسقم وآخره عطب وقتل إن لم يتداركه عناية من الله كما قيل
وعش خاليا فالحب أوله عنا
وأوسطه سقم وآخره قتل
وقال آخر : ـ
تولع بالعشق حتى عشق
فلما استقل به لم يطق
رأى لجة ظنها موجة
فلما تمكن منها غــرق