الأسيف
09 Feb 2006, 04:52 AM
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
إخواني : اسمعوا نصيحة من قد جرب وخبر.
إنه بقدر إجلالكم لله عز وجل يجلكم ، وبمقدار تعظيم قدره واحترامه يعظم أقداركم وحرمتكم.
ولقد رأيت والله من أنفق عمره في العلم إلى أن كبرت سنه ، ثم تعدى الحدود فهان عند الخلق . وكانوا لايلتفتون إليه مع غزاراة علمه وقوة مجاهدته.
ولقد رأيت من كان يراقب الله عز وجل في صبوته - مع قصوره بإلاضافة إلى ذلك العالم -فعظم الله قدره في القلوب حتى علقته النفوس ، ووصفته بما يزيد على مافيه من الخير.
ورأيت من كان يرى ألاستقامة إذا أستقام فإذا زاغ مال عنه اللطف.
ولولا عموم الستر وشمول رحمة الكريم لافتضح هولاء المذكورون.
غير أنه في الاغلب تأديب أو تلطف في العقاب كما قيل:
ومن كان في سخطه محسنا فكيف يكون إذا ما رضي
غير أن العدل لايجابى. وحكم الجزاء لايجوز. ومايضيع عند الأمين شيء.
أيها المذنب : إذا أحسست نفحات الجزاء فلا تكثرن الضجيج ، ولاتقولن قد تبت وندمت فهلا زال عني من الجزاء ماأكره ! فلعل توبتك ماتحققت .
وإن للمجازاة زمانا يمتد امتداد المرض الطويل . فلا تنجع فيه الحيل حتى ينقضي أوانه .
وإن بين زمان :(وعصى) إلى إبان (فتلقى) مدة مديدة . (1)
فأصبر أيها الخاطي ء حتى يتخلل ماء عينك خلال ثوب القلب المتنجس .فإذا عصرته كف الأسى ، ثم تكررت دفع الغسلات حكم بالطهارة .
بقي آدم يبكي على زلله ثلاث مائة سنة
ومكث أيوب عليه السلام في بلائه ثماني عشر سنة.
وأقام يقوب يبكي على يوسف عليهما السلام ثمانين سنة .
وللبلايا أوقات ثم تنصرم ، ورب عقوبة امتدت إلى زمان الموت .
فاللازم لك أن تلازم محراب الإنابة ، وتجلس جلسة المستجدي . وتجعل طعامك القلق ، وشرابك البكاء، فربما قدم بشير القبول فارتد يعقوب الحزن بصيرا.(2)
وإن مت في سجنك فربما ناب حزن الدنيا عن حزن الاخرة وفي ذلك ربح عظيم .
(1) إشارة إلى قوله تعالى ( وعصى آدم ربه فغوى) وإلى قوله سبحانه (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه)
(2) الكلا فيه تشبيه حالة التائب بحالة يعقوب فشبه قبول التوبة بالبشير الذي جاء إلى يعقوب.كما شبه الحزن الذي في قلب التائب بيعقوب في حالة فقد بصره فإن القبول يزيل الحزن كما أزال حضور البشير فقد البصر من يقوب. والله أعلم
مقتبس من صيد الخاطر لإبن الجوزي.
إخواني : اسمعوا نصيحة من قد جرب وخبر.
إنه بقدر إجلالكم لله عز وجل يجلكم ، وبمقدار تعظيم قدره واحترامه يعظم أقداركم وحرمتكم.
ولقد رأيت والله من أنفق عمره في العلم إلى أن كبرت سنه ، ثم تعدى الحدود فهان عند الخلق . وكانوا لايلتفتون إليه مع غزاراة علمه وقوة مجاهدته.
ولقد رأيت من كان يراقب الله عز وجل في صبوته - مع قصوره بإلاضافة إلى ذلك العالم -فعظم الله قدره في القلوب حتى علقته النفوس ، ووصفته بما يزيد على مافيه من الخير.
ورأيت من كان يرى ألاستقامة إذا أستقام فإذا زاغ مال عنه اللطف.
ولولا عموم الستر وشمول رحمة الكريم لافتضح هولاء المذكورون.
غير أنه في الاغلب تأديب أو تلطف في العقاب كما قيل:
ومن كان في سخطه محسنا فكيف يكون إذا ما رضي
غير أن العدل لايجابى. وحكم الجزاء لايجوز. ومايضيع عند الأمين شيء.
أيها المذنب : إذا أحسست نفحات الجزاء فلا تكثرن الضجيج ، ولاتقولن قد تبت وندمت فهلا زال عني من الجزاء ماأكره ! فلعل توبتك ماتحققت .
وإن للمجازاة زمانا يمتد امتداد المرض الطويل . فلا تنجع فيه الحيل حتى ينقضي أوانه .
وإن بين زمان :(وعصى) إلى إبان (فتلقى) مدة مديدة . (1)
فأصبر أيها الخاطي ء حتى يتخلل ماء عينك خلال ثوب القلب المتنجس .فإذا عصرته كف الأسى ، ثم تكررت دفع الغسلات حكم بالطهارة .
بقي آدم يبكي على زلله ثلاث مائة سنة
ومكث أيوب عليه السلام في بلائه ثماني عشر سنة.
وأقام يقوب يبكي على يوسف عليهما السلام ثمانين سنة .
وللبلايا أوقات ثم تنصرم ، ورب عقوبة امتدت إلى زمان الموت .
فاللازم لك أن تلازم محراب الإنابة ، وتجلس جلسة المستجدي . وتجعل طعامك القلق ، وشرابك البكاء، فربما قدم بشير القبول فارتد يعقوب الحزن بصيرا.(2)
وإن مت في سجنك فربما ناب حزن الدنيا عن حزن الاخرة وفي ذلك ربح عظيم .
(1) إشارة إلى قوله تعالى ( وعصى آدم ربه فغوى) وإلى قوله سبحانه (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه)
(2) الكلا فيه تشبيه حالة التائب بحالة يعقوب فشبه قبول التوبة بالبشير الذي جاء إلى يعقوب.كما شبه الحزن الذي في قلب التائب بيعقوب في حالة فقد بصره فإن القبول يزيل الحزن كما أزال حضور البشير فقد البصر من يقوب. والله أعلم
مقتبس من صيد الخاطر لإبن الجوزي.