المهاجر إلى الله
13 Feb 2006, 12:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلي اللهم وبارك على النبي الأمين وآله وصحبه .. وبعد
أحبتي في الله نواصل في هذه الحلقة سلسلة الفوائد المستفادة من شرح الأصول الثلاثة للشيخ / محمد بن عثيمين . أجزل الله له الثواب .
الفائدة الحادية والعشرون
معنى لا إله إلا الله
معنى لا إله إلا الله: ألا معبود بحق إلا الله فشهادة أن لا إله إلا الله أن يعترف الإنسان بلسانه وقلبه بأنه لا معبود حق إلا الله عز وجل لأنه "إله" بمعنى مألوه، والتأله التعبد ، وجملة " لا إله إلا الله" مشتملة على نفي وإثبات ، أما النفي فهو " لا إله" وأمال الإثبات "إلا الله" و "الله" لفظ الجلالة بدل من خبر " لا " المحذوف والتقدير "لا إله حق إلا الله" وبتقديرنا الخبر بهذه الكلمة "حق" يتبين الجواب عن الإشكال التالي:
وهو كيف يقال " لا إله إلا الله" مع أن هناك آلهة تعبد من دون الله وقد سماها الله تعالى آلهة وسماها عابدوها آلهة قال الله تبارك وتعالى: ((فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك)) {سورة هود ، الآية: 110} وكيف يمكن أن نثبت الألوهية لغير الله عز وجل والرسل يقولون لأقوامهم ((أعبدوا الله ما لكم من إله غيره)) {سورة الأعراف، الآية: 59}
والجواب على هذا الأشكال يتبين بتقدير الخبر في " لا إله إلا الله" فنقول :
هذه الآلهة التي تعبد من دون الله هي آلهة لكنها آلهة باطلة ليست آلهة حقه وليس لها من حق الألوهية شيء ، ويدل لذلك قوله تعالى: ((ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير)) { سورة الحج ، الآية: 62} ويدل لذلك أيضاً قوله تعالى: ((أفرءيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الآخرى * ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ضيزي * إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وأباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى)) {سورة النجم ، الآيات: 19-23} وقوله تعالى عن يوسف عليه الصلاة والسلام : } ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وءاباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان)) {سورة يوسف الآية: 40}
إذن فمعنى " لا إله إلا الله " لا معبود حق إلا الله عز وجل ، فأما المعبودات سواه فإن ألوهيتها التي يزعمها عابدوها ليست حقيقة أي ألوهية باطلة.
الفائدة الثانية والعشرون
معنى شهادة أن محمداً رسول الله
معنى شهادة "أن محمداً رسول الله" هو الإقرار باللسان والإيمان بالقلب بأن محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي رسول الله – عز وجل – إلى جميع الخلق من الجن والإنس كما قال الله تعالى: ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) {سورة الذاريات، الآية: 56} ولا عبادة لله تعالى إلا عن طريق الوحي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: ((تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً)) {سورة الفرقان، الآية: 1}
ومقتضى هذه الشهادة أن تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر، وأن تمتثل أمره فيما أمر، وأن تجتنب ما عنه نهى وزجر ، وأن لا تعبد الله إلا بما شرع ، ومقتضى هذه الشهادة أيضاً أن لا تعتقد أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، حقاً في الربوبية وتصريف الكون، أو حقاً في العبادة ، بل هو صلى الله عليه وسلم عبد لا يعبد ورسول لا يكذب، ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً من النفع أو الضر إلا ما شاء الله كما قال الله تعالى: ((قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم أني ملك إن أبتغ إلا ما يوحى إلي)) {سورة الأنعام، الآية: 50}. فهو عبد مأمور يتبع ما أمر به ، وقال الله تعالى: ((قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً * قل إني لن يجبرني من الله أحد ولن أجد من دون ملتحداً)) {سورة الجن، الآيتين: 21-22} وقال سبحانه : ((قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون)) {سورة الأعراف، الآية: 188} .
وبهذا تعلم أنه لا يستحق العبادة لا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من دونه من المخلوقين، وأن العبادة ليست إلا لله تعالى وحده. ((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)) {سورة الأنعام، الآيتين: 162-163}. وأن حقه صلى الله عليه وسلم ، أن تنزله المنزلة التي أنزله الله تعالى أياها وهو أنه عبد الله ورسوله ، صلوات الله وسلامه عليه.
الفائدة الثالثة والعشرون
ما يستفاد من آية الصيام
قوله تعالى: ((يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)) وفي قوله ((كما كتب على الذين من قبلكم)) فوائد:
أولاً : أهمية الصيام حيث فرضه الله عز وجل على الأمم من قبلنا وهذا يدل على محبة الله عز وجل له وأنه لازم لكل أمة.
ثانياً: التخفيف على هذه الأمة حيث إنها لم تكلف وحدها بالصيام الذي قد يكون فيه مشقة على النفوس والأبدان.
ثالثاً : الإشارة إلى أن الله تعالى أكمل لهذه الأمة دينها حيث أكمل لها الفضائل التي سبقت لغيرها.
الفائدة الرابعة والعشرون
الجمع بين الإيمان بضع وسبعون شعبة، والإيمان وأركانه الستة
والجمع بين أن الإيمان بضع وسبعون شعبة وأن الإيمان أركانه ستة أن نقول:
الإيمان الذي هو العقيدة أصوله ستة، وأما الإيمان الذي يشمل الأعمال وأنواعها وأجناسها فهو بضع وسبعون شبعة ولهذا سمى الله تعالى الصلاة إيماناً في قوله : ((وما كان الله ليضيع إيمانكم)) {سورة البقرة، الآية: 143} قال المفسرون يعني صلاتكم إلى بيت المقدس لأن الصحابة كانوا قبل أن يؤمروا بالتوجه إلى الكعبة يصلون إلى بيت المقدس.
الفائدة الخامسة والعشرون
ما يتضمنه الإيمان بالله وثمرات هذا الإيمان
الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:
1/ الإيمان بوجود الله تعالى.
2/ الإيمان بربوبيته.
3/ الإيمان بألوهيته.
4/ الإيمان بأسمائه وصفات.
والإيمان بالله تعالى يثمر للمؤمنين ثمرات جليلة منها:
الأولى: تحقيق توحيد الله تعالى بحيث لا يتعلق بغيره رجاء، ولا خوفاً ، ولا يعبد غيره .
الثانية: كمال محبة الله تعالى ، وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
الثالثة: تحقيق عبادته بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.
الفائدة السادسة والعشرون
ما يتضمنه الإيمان بالملائكة وثمرات هذا الإيمان
الإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:
1/ الإيمان بوجودهم.
2/ الإيمان بمن علمنا اسمه ومن لم نعلم أسمه، نؤمن بهم إجمالاً.
3/ الإيمان بما علمنا من صفتهم، وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلى هيئة رجل.
4/ الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى.
والإيمان بالملائكة يثمر ثمرات جليلة منها:
1/ العلم بعظمة الله تعالى، وقوته، وسلطانه، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق.
2/ شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم، حيث وكلًّ من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم، وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم.
3/ محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى.
الفائدة السابعة والعشرون
ما يتضمنه الإيمان بالكتب وثمرات هذا الإيمان
الإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن نزولها من عند الله حقاً.
الثاني: الإيمان بما علمنا اسمه منها باسمه كالقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، والتوراة التي أنزلت على موسى صلى الله عليه وسلم ، والإنجيل الذي أنزل على عيسى صلى الله عليه وسلم، والزبور الذي أوتيه داود صلى الله عليه وسلم وأما لم نعلم اسمه فتؤمن به إجمالاً.
الثالث: تصديق ما صح من أخبارها ، كأخبار القرآن ، وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة.
الرابع: العمل بأحكام ما لم ينسخ منها ، والرضا والتسليم به سواء فهمنا حكمته أم لم نفهمها، وجميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم.
والإيمان بالكتب يثمر ثمرات جليلة منها:
الأولى: العلم بعناية الله تعالى بعباده حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.
الثانية: العلم بحكمة الله تعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم. كما قال الله تعالى : ((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً)) {سورة المائدة ، الآية: 48}.
الفائدة الثامنة والعشرون
ما يتضمنه الإيمان بالرسل وثمرات هذا الإيمان
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى، فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع.
الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه مثل: محمد وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، وهؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل ،وأما من لم نعلم أسمه منهم فنؤمن به إجمالاً .
الثالث: تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.
الرابع: العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم، وهو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم المرسل إلى جميع الناس قال الله تعالى: ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً)) {سورة النساء، الآية: 65}.
وللإيمان بالرسل ثمرات جليلة منها:
الأولى: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهم الرسل ليهدوهم إلى صراط الله تعالى ، ويبينوا لهم كيف يعبدون الله ، لأن العقل البشري لا يستقل بمعرفة ذلك.
الثانية: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.
الثالثة: محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم، والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى، ولأنهم قاموا بعبادته ، وتبليغ رسالته ، والنصح لعباده.
الفائدة التاسعة والعشرون
ما يتضمنه الإيمان باليوم الآخر وثمرات هذا الإيمان
والإيمان باليوم الآخر يتضمن ثلاثة أمور:
الأول: الإيمان بالبعث : وهو إحياء الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية، فيقوم الناس لرب العالمين ، حفاة غير منتعلين ، عراة غير مستترين ، غر لا غير مختتنين ، قال الله تعالى: ((كما بدأنا أول خلق نعيد وعداً علينا إنا كنا فاعلين)) {سورة الأنبياء، الآية: 104}. والبعث : حق ثابت دل عليه الكتاب ، والسنة ، وإجماع المسلمين .
الثاني: الإيمان بالحساب والجزاء: يحاسب العبد على عمله ، ويجازى عليه ، وقد دل على ذلك الكتاب ، والسنة ، وإجماع المسلمين .
الثالث: الإيمان بالجنة والنار، وأنهما المال الأبدي للخلق ، فالجنة دار النعيم التي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين ، الذين آمنوا بما أوجب الله عليهم الإيمان به، وقاموا بطاعة الله ورسوله ، مخلصين لله متبعين لرسوله . فيها من أنواع النعيم مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر" . وأما النار فهي دار العذاب التي أعدها الله تعالى للكافرين الظالمين ، الذين كفروا به وعصوا رسله ، فيها من أنواع العذاب والنكال مالا يخطر البال قال الله تعالى: ((واتقوا النار التي أعدت للكافرين)) وقال : ((إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً)) {سورة الكهف، الآية: 29} .
ويلتحق بالإيمان باليوم الآخر : الإيمان بكل ما يكون بعد الموت مثل:
(أ) فتنة القبر: وهي سؤال الميت بعد دفنه عن ربه، ودينه، ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ، ويضل الله الظالمين .
(ب) عذاب القبر ونعيمه: فيكون العذاب للظالمين من المنافقين والكافرين وأما نعيم القبر فللمؤمنين الصادقين .
وللإيمان باليوم الآخر ثمرات جليلة منها:
الأولى: الرغبة في فعل الطاعة والحرص عليها رجاء لثواب ذلك اليوم.
الثانية: الرهبة عند فعل المعصية والرضى بها خوفاً من عقاب ذلك اليوم.
الثالثة: تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.
الفائدة الثلاثون
ما يتضمنه الإيمان بالقدر وثمرات هذا الإيمان
والإيمان بالقدر يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن الله تعالى علم بكل شيء جملة وتفصيلاً ، أزلاً وأبداً ، سواء كان ذلك مما يتعلق بأفعاله أو بأفعال عباده.
الثاني: الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ ، وفي هذين الأمرين يقول الله تعالى : ((ألم تعلم أن الله يعلم مل في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير)) {سورة الحج، الآية: 170}.
وفي صحيح مسلم- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة".
الثالث: الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى، سواء كانت مما يتعلق بفعله أم مما يتعلق بفعل المخلوقين ،
قال الله تعالى فيما يتعلق بفعله : ((وربك يخلق ما يشاء ويختار)) {سورة القصص: 86}، وقال : ((ويفعل الله ما يشاء)) {سورة إبراهيم ، الآية: 27} وقال: ((هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء)) {سورة آل عمران الآية:6}
وقال تعالى فيما يتعلق بفعل المخلوقين: ((ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم)) {سورة النساء ، الآية: 90} وقال: ((ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون)) {سورة الأنعام، الآية: 112}.
الرابع: الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها ، وصفاتها ، وحركاتها ، قال الله تعالى: ((الله خلق كل شيء وهو على كل شيء وكيل)) {سورة الزمر ، الآية: 12} وقال: ((وخلق كل شيء فقدره تقديراً)) {سورة الفرقان، الآية: 2}. وقال عن نبي الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم أنه قال لقومه: ((والله خلقكم وما تعلمون)) {سورة الصافات، الآية: 96}.
والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الاختيارية وقدرة عليها، لأن الشرع والواقع دالان على إثبات ذلك له.
وللإيمان بالقدر ثمرات جليلة منها:
الأولى: الاعتماد على الله تعالى، عند فعل الأسباب بحيث لا يعتمد على السبب نفسه لأن كل شيء بقدر الله تعالى.
الثانية: أن لا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده، لأن حصوله نعمة من الله تعالى ، بما قدره من أسباب الخير، والنجاح ، وإعجابه بنفسه ينسيه شكر هذه النعمة.
الثالثة: الطمأنينة ، والراحة النفسية بما يجرى عليه من أقدار الله تعالى فلا يقلق بفوات محبوب، أو حصول مكروه، لأن ذلك بقدر الله الذي له ملك السماوات والأرض، وهو كائن لا محالة وفي ذلك يقول الله تعالى: ((ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فتكم ولا تفرحوا بما ءاتاكم والله لا يحب كل مختال فخور)) {سورة الحديد، الآيتين : 22-23} و يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" رواه مسلم.
وصلي اللهم وبارك على النبي الأمين وآله وصحبه .. وبعد
أحبتي في الله نواصل في هذه الحلقة سلسلة الفوائد المستفادة من شرح الأصول الثلاثة للشيخ / محمد بن عثيمين . أجزل الله له الثواب .
الفائدة الحادية والعشرون
معنى لا إله إلا الله
معنى لا إله إلا الله: ألا معبود بحق إلا الله فشهادة أن لا إله إلا الله أن يعترف الإنسان بلسانه وقلبه بأنه لا معبود حق إلا الله عز وجل لأنه "إله" بمعنى مألوه، والتأله التعبد ، وجملة " لا إله إلا الله" مشتملة على نفي وإثبات ، أما النفي فهو " لا إله" وأمال الإثبات "إلا الله" و "الله" لفظ الجلالة بدل من خبر " لا " المحذوف والتقدير "لا إله حق إلا الله" وبتقديرنا الخبر بهذه الكلمة "حق" يتبين الجواب عن الإشكال التالي:
وهو كيف يقال " لا إله إلا الله" مع أن هناك آلهة تعبد من دون الله وقد سماها الله تعالى آلهة وسماها عابدوها آلهة قال الله تبارك وتعالى: ((فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك)) {سورة هود ، الآية: 110} وكيف يمكن أن نثبت الألوهية لغير الله عز وجل والرسل يقولون لأقوامهم ((أعبدوا الله ما لكم من إله غيره)) {سورة الأعراف، الآية: 59}
والجواب على هذا الأشكال يتبين بتقدير الخبر في " لا إله إلا الله" فنقول :
هذه الآلهة التي تعبد من دون الله هي آلهة لكنها آلهة باطلة ليست آلهة حقه وليس لها من حق الألوهية شيء ، ويدل لذلك قوله تعالى: ((ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير)) { سورة الحج ، الآية: 62} ويدل لذلك أيضاً قوله تعالى: ((أفرءيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الآخرى * ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ضيزي * إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وأباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى)) {سورة النجم ، الآيات: 19-23} وقوله تعالى عن يوسف عليه الصلاة والسلام : } ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وءاباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان)) {سورة يوسف الآية: 40}
إذن فمعنى " لا إله إلا الله " لا معبود حق إلا الله عز وجل ، فأما المعبودات سواه فإن ألوهيتها التي يزعمها عابدوها ليست حقيقة أي ألوهية باطلة.
الفائدة الثانية والعشرون
معنى شهادة أن محمداً رسول الله
معنى شهادة "أن محمداً رسول الله" هو الإقرار باللسان والإيمان بالقلب بأن محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي رسول الله – عز وجل – إلى جميع الخلق من الجن والإنس كما قال الله تعالى: ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) {سورة الذاريات، الآية: 56} ولا عبادة لله تعالى إلا عن طريق الوحي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: ((تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً)) {سورة الفرقان، الآية: 1}
ومقتضى هذه الشهادة أن تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر، وأن تمتثل أمره فيما أمر، وأن تجتنب ما عنه نهى وزجر ، وأن لا تعبد الله إلا بما شرع ، ومقتضى هذه الشهادة أيضاً أن لا تعتقد أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، حقاً في الربوبية وتصريف الكون، أو حقاً في العبادة ، بل هو صلى الله عليه وسلم عبد لا يعبد ورسول لا يكذب، ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً من النفع أو الضر إلا ما شاء الله كما قال الله تعالى: ((قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم أني ملك إن أبتغ إلا ما يوحى إلي)) {سورة الأنعام، الآية: 50}. فهو عبد مأمور يتبع ما أمر به ، وقال الله تعالى: ((قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً * قل إني لن يجبرني من الله أحد ولن أجد من دون ملتحداً)) {سورة الجن، الآيتين: 21-22} وقال سبحانه : ((قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون)) {سورة الأعراف، الآية: 188} .
وبهذا تعلم أنه لا يستحق العبادة لا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من دونه من المخلوقين، وأن العبادة ليست إلا لله تعالى وحده. ((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)) {سورة الأنعام، الآيتين: 162-163}. وأن حقه صلى الله عليه وسلم ، أن تنزله المنزلة التي أنزله الله تعالى أياها وهو أنه عبد الله ورسوله ، صلوات الله وسلامه عليه.
الفائدة الثالثة والعشرون
ما يستفاد من آية الصيام
قوله تعالى: ((يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)) وفي قوله ((كما كتب على الذين من قبلكم)) فوائد:
أولاً : أهمية الصيام حيث فرضه الله عز وجل على الأمم من قبلنا وهذا يدل على محبة الله عز وجل له وأنه لازم لكل أمة.
ثانياً: التخفيف على هذه الأمة حيث إنها لم تكلف وحدها بالصيام الذي قد يكون فيه مشقة على النفوس والأبدان.
ثالثاً : الإشارة إلى أن الله تعالى أكمل لهذه الأمة دينها حيث أكمل لها الفضائل التي سبقت لغيرها.
الفائدة الرابعة والعشرون
الجمع بين الإيمان بضع وسبعون شعبة، والإيمان وأركانه الستة
والجمع بين أن الإيمان بضع وسبعون شعبة وأن الإيمان أركانه ستة أن نقول:
الإيمان الذي هو العقيدة أصوله ستة، وأما الإيمان الذي يشمل الأعمال وأنواعها وأجناسها فهو بضع وسبعون شبعة ولهذا سمى الله تعالى الصلاة إيماناً في قوله : ((وما كان الله ليضيع إيمانكم)) {سورة البقرة، الآية: 143} قال المفسرون يعني صلاتكم إلى بيت المقدس لأن الصحابة كانوا قبل أن يؤمروا بالتوجه إلى الكعبة يصلون إلى بيت المقدس.
الفائدة الخامسة والعشرون
ما يتضمنه الإيمان بالله وثمرات هذا الإيمان
الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:
1/ الإيمان بوجود الله تعالى.
2/ الإيمان بربوبيته.
3/ الإيمان بألوهيته.
4/ الإيمان بأسمائه وصفات.
والإيمان بالله تعالى يثمر للمؤمنين ثمرات جليلة منها:
الأولى: تحقيق توحيد الله تعالى بحيث لا يتعلق بغيره رجاء، ولا خوفاً ، ولا يعبد غيره .
الثانية: كمال محبة الله تعالى ، وتعظيمه بمقتضى أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
الثالثة: تحقيق عبادته بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.
الفائدة السادسة والعشرون
ما يتضمنه الإيمان بالملائكة وثمرات هذا الإيمان
الإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:
1/ الإيمان بوجودهم.
2/ الإيمان بمن علمنا اسمه ومن لم نعلم أسمه، نؤمن بهم إجمالاً.
3/ الإيمان بما علمنا من صفتهم، وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلى هيئة رجل.
4/ الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى.
والإيمان بالملائكة يثمر ثمرات جليلة منها:
1/ العلم بعظمة الله تعالى، وقوته، وسلطانه، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق.
2/ شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم، حيث وكلًّ من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم، وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم.
3/ محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى.
الفائدة السابعة والعشرون
ما يتضمنه الإيمان بالكتب وثمرات هذا الإيمان
الإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن نزولها من عند الله حقاً.
الثاني: الإيمان بما علمنا اسمه منها باسمه كالقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، والتوراة التي أنزلت على موسى صلى الله عليه وسلم ، والإنجيل الذي أنزل على عيسى صلى الله عليه وسلم، والزبور الذي أوتيه داود صلى الله عليه وسلم وأما لم نعلم اسمه فتؤمن به إجمالاً.
الثالث: تصديق ما صح من أخبارها ، كأخبار القرآن ، وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة.
الرابع: العمل بأحكام ما لم ينسخ منها ، والرضا والتسليم به سواء فهمنا حكمته أم لم نفهمها، وجميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم.
والإيمان بالكتب يثمر ثمرات جليلة منها:
الأولى: العلم بعناية الله تعالى بعباده حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.
الثانية: العلم بحكمة الله تعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم. كما قال الله تعالى : ((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً)) {سورة المائدة ، الآية: 48}.
الفائدة الثامنة والعشرون
ما يتضمنه الإيمان بالرسل وثمرات هذا الإيمان
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى، فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع.
الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه مثل: محمد وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، وهؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل ،وأما من لم نعلم أسمه منهم فنؤمن به إجمالاً .
الثالث: تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.
الرابع: العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم، وهو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم المرسل إلى جميع الناس قال الله تعالى: ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً)) {سورة النساء، الآية: 65}.
وللإيمان بالرسل ثمرات جليلة منها:
الأولى: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهم الرسل ليهدوهم إلى صراط الله تعالى ، ويبينوا لهم كيف يعبدون الله ، لأن العقل البشري لا يستقل بمعرفة ذلك.
الثانية: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.
الثالثة: محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم، والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى، ولأنهم قاموا بعبادته ، وتبليغ رسالته ، والنصح لعباده.
الفائدة التاسعة والعشرون
ما يتضمنه الإيمان باليوم الآخر وثمرات هذا الإيمان
والإيمان باليوم الآخر يتضمن ثلاثة أمور:
الأول: الإيمان بالبعث : وهو إحياء الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية، فيقوم الناس لرب العالمين ، حفاة غير منتعلين ، عراة غير مستترين ، غر لا غير مختتنين ، قال الله تعالى: ((كما بدأنا أول خلق نعيد وعداً علينا إنا كنا فاعلين)) {سورة الأنبياء، الآية: 104}. والبعث : حق ثابت دل عليه الكتاب ، والسنة ، وإجماع المسلمين .
الثاني: الإيمان بالحساب والجزاء: يحاسب العبد على عمله ، ويجازى عليه ، وقد دل على ذلك الكتاب ، والسنة ، وإجماع المسلمين .
الثالث: الإيمان بالجنة والنار، وأنهما المال الأبدي للخلق ، فالجنة دار النعيم التي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين ، الذين آمنوا بما أوجب الله عليهم الإيمان به، وقاموا بطاعة الله ورسوله ، مخلصين لله متبعين لرسوله . فيها من أنواع النعيم مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر" . وأما النار فهي دار العذاب التي أعدها الله تعالى للكافرين الظالمين ، الذين كفروا به وعصوا رسله ، فيها من أنواع العذاب والنكال مالا يخطر البال قال الله تعالى: ((واتقوا النار التي أعدت للكافرين)) وقال : ((إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً)) {سورة الكهف، الآية: 29} .
ويلتحق بالإيمان باليوم الآخر : الإيمان بكل ما يكون بعد الموت مثل:
(أ) فتنة القبر: وهي سؤال الميت بعد دفنه عن ربه، ودينه، ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ، ويضل الله الظالمين .
(ب) عذاب القبر ونعيمه: فيكون العذاب للظالمين من المنافقين والكافرين وأما نعيم القبر فللمؤمنين الصادقين .
وللإيمان باليوم الآخر ثمرات جليلة منها:
الأولى: الرغبة في فعل الطاعة والحرص عليها رجاء لثواب ذلك اليوم.
الثانية: الرهبة عند فعل المعصية والرضى بها خوفاً من عقاب ذلك اليوم.
الثالثة: تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.
الفائدة الثلاثون
ما يتضمنه الإيمان بالقدر وثمرات هذا الإيمان
والإيمان بالقدر يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بأن الله تعالى علم بكل شيء جملة وتفصيلاً ، أزلاً وأبداً ، سواء كان ذلك مما يتعلق بأفعاله أو بأفعال عباده.
الثاني: الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ ، وفي هذين الأمرين يقول الله تعالى : ((ألم تعلم أن الله يعلم مل في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير)) {سورة الحج، الآية: 170}.
وفي صحيح مسلم- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة".
الثالث: الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى، سواء كانت مما يتعلق بفعله أم مما يتعلق بفعل المخلوقين ،
قال الله تعالى فيما يتعلق بفعله : ((وربك يخلق ما يشاء ويختار)) {سورة القصص: 86}، وقال : ((ويفعل الله ما يشاء)) {سورة إبراهيم ، الآية: 27} وقال: ((هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء)) {سورة آل عمران الآية:6}
وقال تعالى فيما يتعلق بفعل المخلوقين: ((ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم)) {سورة النساء ، الآية: 90} وقال: ((ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون)) {سورة الأنعام، الآية: 112}.
الرابع: الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها ، وصفاتها ، وحركاتها ، قال الله تعالى: ((الله خلق كل شيء وهو على كل شيء وكيل)) {سورة الزمر ، الآية: 12} وقال: ((وخلق كل شيء فقدره تقديراً)) {سورة الفرقان، الآية: 2}. وقال عن نبي الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم أنه قال لقومه: ((والله خلقكم وما تعلمون)) {سورة الصافات، الآية: 96}.
والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الاختيارية وقدرة عليها، لأن الشرع والواقع دالان على إثبات ذلك له.
وللإيمان بالقدر ثمرات جليلة منها:
الأولى: الاعتماد على الله تعالى، عند فعل الأسباب بحيث لا يعتمد على السبب نفسه لأن كل شيء بقدر الله تعالى.
الثانية: أن لا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده، لأن حصوله نعمة من الله تعالى ، بما قدره من أسباب الخير، والنجاح ، وإعجابه بنفسه ينسيه شكر هذه النعمة.
الثالثة: الطمأنينة ، والراحة النفسية بما يجرى عليه من أقدار الله تعالى فلا يقلق بفوات محبوب، أو حصول مكروه، لأن ذلك بقدر الله الذي له ملك السماوات والأرض، وهو كائن لا محالة وفي ذلك يقول الله تعالى: ((ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فتكم ولا تفرحوا بما ءاتاكم والله لا يحب كل مختال فخور)) {سورة الحديد، الآيتين : 22-23} و يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" رواه مسلم.