محب الإسلام
31 Mar 2006, 03:18 PM
تسفيه المسلمين!!28/2/1427
د/ محمد يحي
استغلت بعض الأقلام في الصحف العربية ردود الأفعال التي حدثت في العالم الإسلامي عقب نشر الرسوم المستقيمة للرسول صلى الله عليه وسلم لكي تنطلق في حملة تسفيه وهجوم على عموم المسلمين لا تخلو من حقد ينم عن تشويه المواقف والمغالطات. ومن أمثال هذه المغالطات ما ذهبت إليه هذه الأقلام من أن ردود أفعال الجماهير المسلمة اتسمت بالغوغائية بل وبالهمجية وعدم الانتظام في خطة, وكأن الغضب والانفعال المتصاعدين نتيجة لتصاعد الاستفزاز والتكرار المتعمد للإساءة كان يجب تجميدهما ووضع خطة خمسية كخطط التنمية لتصريفهما.
والطبيعي أن الهبات الجماهيرية في كل أنحاء العالم لا توضع لها خطط منهجية, إلا أنه قد وصل ببعض الكتاب في خضم الغمز واللمز إلى أن الجماهير المسلمة المحتجة انحطت في همجيتها إلى ما دون مستويات التحضر المعهود عند الأوروبيين مثلا. وتكذب الحقائق هذا الطرح لأن الغوغائية والهمجية بالذات هي ما تتسم به الجماهير الغربية من أوروبية وأمريكية ولسنا في حاجة إلى العودة للماضي لكي نتحدث عن سلوك جماهير الثورات الفرنسية أو الروسية بل تكفى الإشارة إلى سلوكيات جماهير كرة القدم في الملاعب الأوروبية والتي تتسبب من وقت لآخر في حوادث تدافع يضيع ضحيتها الكثيرون, وتكفى الإشارة إلى سلوكيات المحتجين في شوارع العواصم الأوروبية والأمريكية ضد العولمة حيث تقترن المظاهرات بحرق الرموز والإعلام والشارات الرسمية للدول المنخرطة في حركة الرأسمالية العالمية وتحطم المحال التابعة لتلك الدول ومنها ممتلكات عامة كثيرة دون أن يجرؤ صوت هناك على أن يصم المحتجين بالغوغائية بل على العكس ينظر الإعلام لهم على أنهم يمثلون فئة واعية ومثقفة حتى لو اختلفت مع موقفهم في العولمة .
كأن الغضب والانفعال المتصاعدين نتيجة لتصاعد الاستفزاز والتكرار المتعمد للإساءة كان يجب تجميدهما ووضع خطة خمسية كخطط التنمية لتصريفهما.
والاحتجاج بطبعه عمل ينم عن العنف لاسيما إذا كان سببه استفزاز متعمد وجرم متكرر وكذلك إذا اقترن بنظرة ترى تخاذل الجهات الرسمية والمسئولة, والتي كان يجب أن تبادر إلى رفع القضية للانتباه الدولي وردع المسيئين .
وكان من الواضح على خلفية مواقف المسفهين للاحتجاجات الإسلامية أنهم يريدون رفض واستنكار رمزي باهت محدد لا يجرح إحساس المسيئين. وبدا هذا الموقف وكأنه انعكاس للمواقف السياسية لمعظم ـ إن لم يكن كل ـ الحكومات العربية والإسلامية التي أصبحت تقيم سياستها الآن على تحسب ردود أفعال الحكومات الغربية وتعمل على تلبية ما تراه مرضيا لمطالب وأهداف تلك الحكومات . ولا يقف هذا الموقف عند حد المجاملة والدبلوماسية كما قد يتصور, بل هو في جوهره تعبير عن تبعية وذيلية لا تجرؤ معها الحكومات في البلاد الإسلامية على معارضة مواقف ورغبات وسياسات الدول الغربية حتى في الأمور التي تمثل أدق الشئون الداخلية للبلدان الإسلامية, بما في ذلك دينها وعقيدتها. وهذا هو السبب الحقيقي وراء حملة التسفيه الصحفي والاعلامى الواسعة التي دارت عقب الاحتجاجات على الرسوم المسيئة.
صحيح أن المسفهين أشاروا إلى عبارات حول التحضر والرقى لكن هذه الإشارات كانت بمثابة الحجج الزائفة التي تخفى وراءها ذلك الخنوع للغرب والخوف منه.
وإذا كان الخنوع والخوف يبدو بلا مبرر في أعين الناس إلا أن الحكومات لها حسابات أخرى, حيث ترى أن نفوذ الغرب ورضاه يضمن لها استقرارها واستمرارها في الحكم, ما يدفع إلى إرضاء الغرب بأي ثمن والتزلف للدوائر ذات النفوذ هناك, وأبرزها الآن دوائر العداء للإسلام في المجالات الكنسية والفكرية والسياسية وهذا هو السبب الأكبر في انطلاق حملة التسفيه لردود أفعال المسلمين عبر الإعلام الرسمي في البلاد الإسلامية وعبر الدوائر العلمانية والمتغربة داخل تلك البلاد.
وقد صاحب حملة التسفيه هذه طرح لأفكار تحتمل الكثير من المناقشة منها مثلا ما قيل حول ضرورة الحوار مع الغرب وتوضيح حقيقة الإسلام كسبيل لتجاوز الأزمة.
وتزامن مع هذا المطلب دعوات لمواصلة ودعم ما يسمى بحوار الحضارات وما شابه.
وأمثال هذه الأفكار تدور وتلف حول القضية الأساسية التي أثارت الضجة وهى قضية ظهور الرسوم المسيئة في البداية, ثم الإطراء على ترويجها بعد ذلك في العديد من الصحف والمجلات الغربية بعدما "ثبت" أنها مسيئة لمشاعر المسلمين وعقيدتهم فيما يشبه التحدي السافر والمتعمد .
وأمثال هذه الإساءات المتعمدة والتي تتكرر كلما ظهر أنها تؤدي الهدف الذي تتوجه إليه الإساءة لا يصلح معها الحديث حول الحوار وتوضيح المواقف أو تقديم الأدلة على إن النبي
صلى الله عليه وسلم لم يكن إرهابياً!!
فالذين تحركوا بتعمد لتكرار نشر الرسوم لم يفعلوا ذلك لسبب أنهم يجهلون الإسلام بل بسبب أنهم يتعمدون الاستفزاز والإساءة والسب لأهداف متعددة أبرزها وضع حملة ما يسمى بمكافحة الإرهاب قدما, ومقاومة ما ينظر إليه على أنه زحف إسلامي داخل أوروبا نفسها .. الخ. والذين دافعوا عن هذه المواقف ورفضوا وقف تكرار النشر أو الاعتذار عنه لم يفعلوا ذلك بدافع الجهل بالإسلام بحيث يكون الرد عليهم هو توضيح مواقفه كما لم يفعلوا ذلك بدافع من الإيمان بحرية الرأي والتعبير بل فعلوه لغياب الرادع الإسلامي لمعرفتهم بأن مواقف الحكومات الإسلامية الضعيفة لن تنتج أي أثر بمعرفتهم أن تلك الحكومات تسيطر على شعوبها وبالتالي لن ينتظر من هذه الشعوب أي رد فعل مؤثر.
والحق إن الدوائر الغربية المتحفزة فوجئت برد الفعل الشعبي الاسلامى العنيف الذي كان هو السبب الوحيد لأية تراجعات أوروبية حدثت وليست أي حوار لم يحدث أو حدث.
إن الرد الشعبي وما صاحبه من مقاطعة وصحوة في الشارع الاسلامى هو الذي أدى إلى التراجع الاوروبى حتى لو لم يكن كاملا, وهو الذي أخاف الغرب لأنه لم يكن متوقعا ولأنه أنتج عكس الأثر المرجو من تكرار نشر الرسوم المسيئة, وهو أثر التحدي والإذلال والإهانة.
ولا يمكن مواجهة مثل هذا الأثر المرجو لدى دوائر العداء للإسلام في الغرب من خلال ما يسمى بالحوار الحضاري الذي كان مستمرا على مدى سنوات ولم ينتج أي شيء سوى تقديم تنازلات فكرية من الأطراف المحسوبة على الإسلام لصالح الفكر الاوروبى بشقيه الكنسي والعلماني.
ومما يذكر في هذا الصدد إن محطة فرنسية تليفزيونية ذكرت في 11 مارس إن محكمة حكمت بغرامة قدرها خمسة آلاف يورو على رسام كاريكاتير لأنه نشر رسما يصور اليهود كالزنوج, مما اعتبر إهانة لليهودية وضربا من العداء للسامية يجرمه القانون .
وفى هذه الحالة لم يتحدث أحد عن حماية حرية التعبير, ولم يطالب أحد اليهود بالحوار الحضاري وتوضيح أنهم لا يشبهون الزنوج (وكان في هذا التشبيه تهمة أو سبة!!)
الأمور مضت بسهولة بمجرد تطبليق قانون رادع ضد حرية التعبير وهو قانون لم يسمح بتشبيه اليهود بالزنوج ولكنه سمح بإهانة الزنوج أو السود باعتبارهم موضع سبة واعتبار المقارنة بهم تهمة وعار!!
إن رد الفعل الإسلامي العارم ضد الرسوم المسيئة حدث لأنه لم تكن هناك قوة قانونية في أوروبا أو قوة سياسية في بلادهم تحمى وتصون عقيدتهم ضد الإساءة التي تتصورهم لقمة سائغة .
د/ محمد يحي
استغلت بعض الأقلام في الصحف العربية ردود الأفعال التي حدثت في العالم الإسلامي عقب نشر الرسوم المستقيمة للرسول صلى الله عليه وسلم لكي تنطلق في حملة تسفيه وهجوم على عموم المسلمين لا تخلو من حقد ينم عن تشويه المواقف والمغالطات. ومن أمثال هذه المغالطات ما ذهبت إليه هذه الأقلام من أن ردود أفعال الجماهير المسلمة اتسمت بالغوغائية بل وبالهمجية وعدم الانتظام في خطة, وكأن الغضب والانفعال المتصاعدين نتيجة لتصاعد الاستفزاز والتكرار المتعمد للإساءة كان يجب تجميدهما ووضع خطة خمسية كخطط التنمية لتصريفهما.
والطبيعي أن الهبات الجماهيرية في كل أنحاء العالم لا توضع لها خطط منهجية, إلا أنه قد وصل ببعض الكتاب في خضم الغمز واللمز إلى أن الجماهير المسلمة المحتجة انحطت في همجيتها إلى ما دون مستويات التحضر المعهود عند الأوروبيين مثلا. وتكذب الحقائق هذا الطرح لأن الغوغائية والهمجية بالذات هي ما تتسم به الجماهير الغربية من أوروبية وأمريكية ولسنا في حاجة إلى العودة للماضي لكي نتحدث عن سلوك جماهير الثورات الفرنسية أو الروسية بل تكفى الإشارة إلى سلوكيات جماهير كرة القدم في الملاعب الأوروبية والتي تتسبب من وقت لآخر في حوادث تدافع يضيع ضحيتها الكثيرون, وتكفى الإشارة إلى سلوكيات المحتجين في شوارع العواصم الأوروبية والأمريكية ضد العولمة حيث تقترن المظاهرات بحرق الرموز والإعلام والشارات الرسمية للدول المنخرطة في حركة الرأسمالية العالمية وتحطم المحال التابعة لتلك الدول ومنها ممتلكات عامة كثيرة دون أن يجرؤ صوت هناك على أن يصم المحتجين بالغوغائية بل على العكس ينظر الإعلام لهم على أنهم يمثلون فئة واعية ومثقفة حتى لو اختلفت مع موقفهم في العولمة .
كأن الغضب والانفعال المتصاعدين نتيجة لتصاعد الاستفزاز والتكرار المتعمد للإساءة كان يجب تجميدهما ووضع خطة خمسية كخطط التنمية لتصريفهما.
والاحتجاج بطبعه عمل ينم عن العنف لاسيما إذا كان سببه استفزاز متعمد وجرم متكرر وكذلك إذا اقترن بنظرة ترى تخاذل الجهات الرسمية والمسئولة, والتي كان يجب أن تبادر إلى رفع القضية للانتباه الدولي وردع المسيئين .
وكان من الواضح على خلفية مواقف المسفهين للاحتجاجات الإسلامية أنهم يريدون رفض واستنكار رمزي باهت محدد لا يجرح إحساس المسيئين. وبدا هذا الموقف وكأنه انعكاس للمواقف السياسية لمعظم ـ إن لم يكن كل ـ الحكومات العربية والإسلامية التي أصبحت تقيم سياستها الآن على تحسب ردود أفعال الحكومات الغربية وتعمل على تلبية ما تراه مرضيا لمطالب وأهداف تلك الحكومات . ولا يقف هذا الموقف عند حد المجاملة والدبلوماسية كما قد يتصور, بل هو في جوهره تعبير عن تبعية وذيلية لا تجرؤ معها الحكومات في البلاد الإسلامية على معارضة مواقف ورغبات وسياسات الدول الغربية حتى في الأمور التي تمثل أدق الشئون الداخلية للبلدان الإسلامية, بما في ذلك دينها وعقيدتها. وهذا هو السبب الحقيقي وراء حملة التسفيه الصحفي والاعلامى الواسعة التي دارت عقب الاحتجاجات على الرسوم المسيئة.
صحيح أن المسفهين أشاروا إلى عبارات حول التحضر والرقى لكن هذه الإشارات كانت بمثابة الحجج الزائفة التي تخفى وراءها ذلك الخنوع للغرب والخوف منه.
وإذا كان الخنوع والخوف يبدو بلا مبرر في أعين الناس إلا أن الحكومات لها حسابات أخرى, حيث ترى أن نفوذ الغرب ورضاه يضمن لها استقرارها واستمرارها في الحكم, ما يدفع إلى إرضاء الغرب بأي ثمن والتزلف للدوائر ذات النفوذ هناك, وأبرزها الآن دوائر العداء للإسلام في المجالات الكنسية والفكرية والسياسية وهذا هو السبب الأكبر في انطلاق حملة التسفيه لردود أفعال المسلمين عبر الإعلام الرسمي في البلاد الإسلامية وعبر الدوائر العلمانية والمتغربة داخل تلك البلاد.
وقد صاحب حملة التسفيه هذه طرح لأفكار تحتمل الكثير من المناقشة منها مثلا ما قيل حول ضرورة الحوار مع الغرب وتوضيح حقيقة الإسلام كسبيل لتجاوز الأزمة.
وتزامن مع هذا المطلب دعوات لمواصلة ودعم ما يسمى بحوار الحضارات وما شابه.
وأمثال هذه الأفكار تدور وتلف حول القضية الأساسية التي أثارت الضجة وهى قضية ظهور الرسوم المسيئة في البداية, ثم الإطراء على ترويجها بعد ذلك في العديد من الصحف والمجلات الغربية بعدما "ثبت" أنها مسيئة لمشاعر المسلمين وعقيدتهم فيما يشبه التحدي السافر والمتعمد .
وأمثال هذه الإساءات المتعمدة والتي تتكرر كلما ظهر أنها تؤدي الهدف الذي تتوجه إليه الإساءة لا يصلح معها الحديث حول الحوار وتوضيح المواقف أو تقديم الأدلة على إن النبي
صلى الله عليه وسلم لم يكن إرهابياً!!
فالذين تحركوا بتعمد لتكرار نشر الرسوم لم يفعلوا ذلك لسبب أنهم يجهلون الإسلام بل بسبب أنهم يتعمدون الاستفزاز والإساءة والسب لأهداف متعددة أبرزها وضع حملة ما يسمى بمكافحة الإرهاب قدما, ومقاومة ما ينظر إليه على أنه زحف إسلامي داخل أوروبا نفسها .. الخ. والذين دافعوا عن هذه المواقف ورفضوا وقف تكرار النشر أو الاعتذار عنه لم يفعلوا ذلك بدافع الجهل بالإسلام بحيث يكون الرد عليهم هو توضيح مواقفه كما لم يفعلوا ذلك بدافع من الإيمان بحرية الرأي والتعبير بل فعلوه لغياب الرادع الإسلامي لمعرفتهم بأن مواقف الحكومات الإسلامية الضعيفة لن تنتج أي أثر بمعرفتهم أن تلك الحكومات تسيطر على شعوبها وبالتالي لن ينتظر من هذه الشعوب أي رد فعل مؤثر.
والحق إن الدوائر الغربية المتحفزة فوجئت برد الفعل الشعبي الاسلامى العنيف الذي كان هو السبب الوحيد لأية تراجعات أوروبية حدثت وليست أي حوار لم يحدث أو حدث.
إن الرد الشعبي وما صاحبه من مقاطعة وصحوة في الشارع الاسلامى هو الذي أدى إلى التراجع الاوروبى حتى لو لم يكن كاملا, وهو الذي أخاف الغرب لأنه لم يكن متوقعا ولأنه أنتج عكس الأثر المرجو من تكرار نشر الرسوم المسيئة, وهو أثر التحدي والإذلال والإهانة.
ولا يمكن مواجهة مثل هذا الأثر المرجو لدى دوائر العداء للإسلام في الغرب من خلال ما يسمى بالحوار الحضاري الذي كان مستمرا على مدى سنوات ولم ينتج أي شيء سوى تقديم تنازلات فكرية من الأطراف المحسوبة على الإسلام لصالح الفكر الاوروبى بشقيه الكنسي والعلماني.
ومما يذكر في هذا الصدد إن محطة فرنسية تليفزيونية ذكرت في 11 مارس إن محكمة حكمت بغرامة قدرها خمسة آلاف يورو على رسام كاريكاتير لأنه نشر رسما يصور اليهود كالزنوج, مما اعتبر إهانة لليهودية وضربا من العداء للسامية يجرمه القانون .
وفى هذه الحالة لم يتحدث أحد عن حماية حرية التعبير, ولم يطالب أحد اليهود بالحوار الحضاري وتوضيح أنهم لا يشبهون الزنوج (وكان في هذا التشبيه تهمة أو سبة!!)
الأمور مضت بسهولة بمجرد تطبليق قانون رادع ضد حرية التعبير وهو قانون لم يسمح بتشبيه اليهود بالزنوج ولكنه سمح بإهانة الزنوج أو السود باعتبارهم موضع سبة واعتبار المقارنة بهم تهمة وعار!!
إن رد الفعل الإسلامي العارم ضد الرسوم المسيئة حدث لأنه لم تكن هناك قوة قانونية في أوروبا أو قوة سياسية في بلادهم تحمى وتصون عقيدتهم ضد الإساءة التي تتصورهم لقمة سائغة .