نور الدين زنكي
16 Apr 2006, 03:10 AM
خطبة الجمعة لهنية: الإيمان لعبور النفق
17/3/1427
حلة القداسة لا ينبغي أن تخلع على حكومة حماس, غير أن القداسة هي لهذا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, والذي استشهد رئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية ببعض آياته أثناء خطبة الجمعة الماضية التي ألقاها على مسلمي مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين, مذكراً إياهم بضرورة الصمود بوجه العالم الراغب بتركيع الشعب الفلسطيني وحمله على الإذعان لشروط الكيان الصهيوني.
"وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" [28 التوبة], هذه إحدى الآيات التي استحضرها هنية في خطبته لحث الحضور على التوكل على الله سبحانه, والاسترزاق منه وحده.. وقد يعتري أداء حكومة حماس الخلل في حل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي لم تمهل الشعب الفلسطيني يوماً يهنأ فيه باختياره الجديد, أو تحسن حماس في إدارة هذه الأزمة كما أحسنت مراراً في إدارة أزمات سابقة وهي خارج الحكم.. وقد يفيء الشعب الفلسطيني إلى ظل رفاه, أو يغدو إلى حرب خبز ضروس, أو يضجر بحكومة التقشف هذه, بيد أن المؤكد هو ذاك التوفيق الذي صاحب هينة في استحضار هذا الحدث من قلب التاريخ المضيء لهذه الأمة قبل أربعة عشر قرناً.. حينها كان المسلمون يعالجون مع نبيهم موقفاً مشابهاًَ, إذ نزل القرآن عليهم بآياته فأبردت على الفور الصدور الوجلة من عيلة (افتقار) دولتهم الناشئة بسبب منعهم خصومهم من الاقتراب من المسجد الحرام وما ترتب عليه من فقدانهم لمزية التبادل التجاري معهم في موسم الحج..
ولعل المشهد يعاود استنساخ نفسه اليوم بعيلة جديدة يحاذرها الفلسطينيون لتمسكهم الصلب بعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني بما ألب عليهم "قبائل" العالم البعيدة الأنساب والقريبة الأرحام سواء بسواء.. ومفتاح الحل بنظرة الأرض واحدة: "الاقتراب من المسجد الحرام" أو "الاعتراف بالكيان الغاصب".. لكن معيار السماء جد مختلف "فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"..
والرب الرزاق الوهاب رحيم.. لم يعنف المسلمين إبان أزمتهم الأولى على هذا الخوف من العيلة, بل بشرهم بالخير القادم, يقول الإمام القرطبي: "في هذه الآية دليل على أن تعلق القلب بالأسباب في الرزق جائز, وليس ذلك بمناف للتوكل, وإن كان الرزق مقدراً, وأمر الله وقَسْمه مفعولاً, ولكنه علقه بالأسباب حكمة؛ ليعلم القلوب التي تتعلق بالأسباب مِن القلوب التي تتوكل على رب الأرباب, (..فـ) السبب لا ينافي التوكل, قال صلى الله عليه وسلم: ( لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّه حَقّ تَوَكُّله لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُق الطَّيْر تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوح بِطَانًا)..
ومن هنا كان تفهم هذا القلق الذي يعتري الفلسطينيين اليوم منطقياً, وإنما الاسترسال في هواجسه أمر يتسامى عنه شعب عرفه العالم كله بالصلابة والصمود في لأواء طريق المقاومة والنضال في طلب حقوقه المشروعة.. فالوقوف مع الأشقاء في فلسطين اليوم في محنتهم نعم هو واجب الوقت الآن في ربوع بلدان العالم الإسلامي, لكن الفلسطينيين من جهة أخرى مدعوون لأن يستلهموا المعنى العظيم لهذه الآية الكريمة بالتوازي مع جهد الآخرين في حلها سواء من داخل الحكومة الفلسطينية أو من الأشقاء المسلمين المحبين لأهل البلد الطيب المبارك/فلسطين.
بقلم: أمير سعيد
المصدر/ موقع المسلم (http://www.almoslim.net)
17/3/1427
حلة القداسة لا ينبغي أن تخلع على حكومة حماس, غير أن القداسة هي لهذا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, والذي استشهد رئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية ببعض آياته أثناء خطبة الجمعة الماضية التي ألقاها على مسلمي مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين, مذكراً إياهم بضرورة الصمود بوجه العالم الراغب بتركيع الشعب الفلسطيني وحمله على الإذعان لشروط الكيان الصهيوني.
"وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" [28 التوبة], هذه إحدى الآيات التي استحضرها هنية في خطبته لحث الحضور على التوكل على الله سبحانه, والاسترزاق منه وحده.. وقد يعتري أداء حكومة حماس الخلل في حل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي لم تمهل الشعب الفلسطيني يوماً يهنأ فيه باختياره الجديد, أو تحسن حماس في إدارة هذه الأزمة كما أحسنت مراراً في إدارة أزمات سابقة وهي خارج الحكم.. وقد يفيء الشعب الفلسطيني إلى ظل رفاه, أو يغدو إلى حرب خبز ضروس, أو يضجر بحكومة التقشف هذه, بيد أن المؤكد هو ذاك التوفيق الذي صاحب هينة في استحضار هذا الحدث من قلب التاريخ المضيء لهذه الأمة قبل أربعة عشر قرناً.. حينها كان المسلمون يعالجون مع نبيهم موقفاً مشابهاًَ, إذ نزل القرآن عليهم بآياته فأبردت على الفور الصدور الوجلة من عيلة (افتقار) دولتهم الناشئة بسبب منعهم خصومهم من الاقتراب من المسجد الحرام وما ترتب عليه من فقدانهم لمزية التبادل التجاري معهم في موسم الحج..
ولعل المشهد يعاود استنساخ نفسه اليوم بعيلة جديدة يحاذرها الفلسطينيون لتمسكهم الصلب بعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني بما ألب عليهم "قبائل" العالم البعيدة الأنساب والقريبة الأرحام سواء بسواء.. ومفتاح الحل بنظرة الأرض واحدة: "الاقتراب من المسجد الحرام" أو "الاعتراف بالكيان الغاصب".. لكن معيار السماء جد مختلف "فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"..
والرب الرزاق الوهاب رحيم.. لم يعنف المسلمين إبان أزمتهم الأولى على هذا الخوف من العيلة, بل بشرهم بالخير القادم, يقول الإمام القرطبي: "في هذه الآية دليل على أن تعلق القلب بالأسباب في الرزق جائز, وليس ذلك بمناف للتوكل, وإن كان الرزق مقدراً, وأمر الله وقَسْمه مفعولاً, ولكنه علقه بالأسباب حكمة؛ ليعلم القلوب التي تتعلق بالأسباب مِن القلوب التي تتوكل على رب الأرباب, (..فـ) السبب لا ينافي التوكل, قال صلى الله عليه وسلم: ( لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّه حَقّ تَوَكُّله لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُق الطَّيْر تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوح بِطَانًا)..
ومن هنا كان تفهم هذا القلق الذي يعتري الفلسطينيين اليوم منطقياً, وإنما الاسترسال في هواجسه أمر يتسامى عنه شعب عرفه العالم كله بالصلابة والصمود في لأواء طريق المقاومة والنضال في طلب حقوقه المشروعة.. فالوقوف مع الأشقاء في فلسطين اليوم في محنتهم نعم هو واجب الوقت الآن في ربوع بلدان العالم الإسلامي, لكن الفلسطينيين من جهة أخرى مدعوون لأن يستلهموا المعنى العظيم لهذه الآية الكريمة بالتوازي مع جهد الآخرين في حلها سواء من داخل الحكومة الفلسطينية أو من الأشقاء المسلمين المحبين لأهل البلد الطيب المبارك/فلسطين.
بقلم: أمير سعيد
المصدر/ موقع المسلم (http://www.almoslim.net)