الأنصار
05 Mar 2004, 05:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنعم على عباده بنعمة الخلق ، واختص الثقلين - الجن والإنس - بالتكليف، فأرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، إرشاداً وبياناً وإقامة للحجة، وكان آخر رسله محمداً صلى الله عليه وسلم.
وقد أيّد الله رسله بما يناسب كل رسول من الآيات الباهرات التي هي خوارق للعادات، فكانت معجزة موسى عليه السلام العصى، ومعجزة صالح عليه السلام الناقة، ومعجزة عيسى عليه السلام إحياء الموتى بإذن الله وغيرها، وهكذا كانت معجزة كل نبي مما يتوافق مع حال قومه ، ولما كان العرب أهل فصاحةٍ وبلاغةٍ وشعرٍ وبيان، كانت معجزة محمدٍ صلى الله عليه وسلم قرآناً يتحدى به القوم فيما علموا وأتقنوا.
فالقرآن الكريم معجزة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العظمى، دالة على صدقه، قد عجز البشر عن الإتيان بمثله، وهي معجزةٌ باقية مستمرة محفوظة، ببقاء رسالة الإسلام نفسها، لكونها خاتمة الرسالات، وآخر النبوات، وهي سبيل عز المسلمين ونصرهم
ومع أنّ حروف القرآن التي منها رُكِّبت كلماته وآياته هي نفس الحروف التي ركب منها كلام العرب ، إلا إنهم لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله، وتحداهم الله بذلك، قال تعالى: { فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ } (الطور:34)، بل إنّ الله تحدّاهم أن يأتوا بعشرِ سورٍٍ مثله، قال تعالى :{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (هود:13)
واستمر التحدي في الإتيان بأقل من ذلك، بسورة من مثله، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (البقرة:23).
إنه القرآن العظيم المعجز في تركيبه وتنسيقه إلى جانب إعجازة في موضوعه وبيانه، مما حيَّر الفصحاء والبلغاء والشعراء، فجعلهم يذعنون له، ويستسلمون أمامه، ويعلنون عجزهم وقصورهم، يسمعه بعض القوم، فلا يملك إلا إعلان الحقيقة:
فيقول مقالته المشهورة : " إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وما يقول هذا بشر".
ويسمعه الوليد بن المغيرة المخزومي فيقول مقسماً بالله : "فو الله ما هو بشعر، ولا بسحر، ولا بهذي من الجنون، وإنّ قوله لمن كلام الله". ويسمعه عتبة بن ربيعة فيذهل، ويسمعه الجن فيؤمنون به ويصدقونه ، قال تعالى { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً } (الجـن:1-2).
وقد جمع بعض أهل العلم إعجاز القرآن في أربعة أشياء، كما ذكر ذلك ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" :
1- حسن تأليفه ، والتئام كلمه مع الإيجاز والبلاغة .
2- صورة سياقه وأسلوبه المخالف لأساليب كلام أهل البلاغة من العرب نظماً ونثراً حتى حارت فيه عقولهم، ولم يهتدوا إلى الإتيان بشيء مثله مع توفر دواعيهم على تحصيل ذلك.
3- ما اشتمل عليه من الإخبار عما مضى من أحوال الأمم السالفة والشرائع الداثرة مما لا يُعلم كثير منه.
4- الإخبار بما هو كائنٌ في المستقبل ، سواءً مما وقع في العصر النبوي ، أو بعده.
إنه كلام الله المنزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم، القائل: ( ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ) رواه البخاري و مسلم .
إنه كتاب الله تعالى، المتعبد بتلاوته، يقصم الله به كل جبار، من اعتصم به نجا، ومن تركه هلك، إنه قولٌ فصلٌ وليس بالهزل، لا تختلقه الألسن، ولا تفنى أعاجيبه، فيه نبأ السابقين، وفصل المتخاصمين، وخبر ما هو كائن إلى يوم الدين.
من المعجزات والآيات التي أُعطي إياها النبي صلى الله عليه وسلم ، تأييداً لدعوته، وإكراماً له، وإعلاءً لقدره، إنطاق الجماد له، وتكلم الحيوان إليه، الأمر الذي ترك أثره في النفوس، وحرك العقول، ولفت انتباه أصحابها نحو دعوته التي جاء بها، وأثبت لهم أنها دعوة صادقة مؤيدة بالحجج والأدلة والبراهين، فلا يليق بالعقلاء إلا الاستجابة لها، واتباع هذا الدين العظيم الذي يجلب لهم النفع، ويدفع عنهم الضر، ويرقى بهم بين الأمم، ويضمن لهم سعادة الدارين.
نعم لقد نطق الجماد والحيوان حقاً، فسبّح الطعام، وسلّم الحجر والشجر، وحنَّ الجذع، واشتكى الجمل، إنها آياتٌ وعبر، حصلت وثبتت في صحيح الخبر، فلا بد من تصديقها وقبولها، وإن خالفت عقول البشر.
فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الطعام الذي سبح الله وهو يُؤكل ، وقد سمع الصحابة تسبيحه ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) رواه البخاري ، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح تسبيح العنب والرطب والحصى
ومن ذلك تسليم الحجر والجبال والشجر عليه صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إني لأعرف حجراً بمكة كان يُسلِّم عليّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن ) رواه مسلم .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله ) رواه الترمذي و الدارمي ، وصححه الألباني
ومن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الجذع الذي كان يخطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذعٍ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحنَّ الجذع، فأتاه فمسح يده عليه ) رواه البخاري .
وفي سنن الدارمي : (خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد) ، وفي "مسند" أحمد : ( خار الجذع حتى تصدع وانشق ) .
أما نطق الحيوان، فهي معجزة وآية أخرى أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد اشتكى الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم صاحبه له، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال ( أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسرَّ إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً- كل ما ارتفع من بناء وغيره-، أو حائش نخل-بستان فيه نخل صغار-، قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح ذفراه- أصل أذنيه وطرفاهما- فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار، فقال: لي يا رسول الله، فقال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي أنك تجيعه، وتدئبه- تَكُدُّهُ وتُتعبه-) رواه الإمام أحمد و أبوداود ، وصححه الألباني
فسبحان من أنطق لنبيه الجماد والحيوان ، وصلى الله وسلم على من كان رحمة للخلق أجمعين،
من المعجزات التي أيَّد الله بها نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، معجزة انشقاق القمر إلى شقين، حتى رأى بعض الصحابة جبل حراء بينهما. وكان وقوع هذه المعجزة قبل الهجرة النبوية عندما طلب منه كفار مكة آية تدل على صدق دعوته ، ففي الحديث : ( أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما ) متفق عليه، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهدوا ) متفق عليه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لقد رأيت جبل حراء من بين فلقتي القمر.
وقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة التي اعتنت بدراسة سطح القمر أنه يوجد به آثار انشقاق وانقسام، مما كان له أثر في إسلام البعض لمـّا علم أن القرآن تكلم عن ذلك قبل قرون ، فسبحان الذي أظهر الدلائل والآيات الدالة على ألوهيته وعظيم خلقه، قال تعالى : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } (فصلت:53)
من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم إخباره عن الكثير من المغيبات ، سواء ما حدث منها قبل بعثته أم بعدها، أو ما تعلق بأخبار حياة البرزخ سي، وأحداث يوم القيامة والجنة والنار، أو الإخبار عن العوالم الأخرى، كالجن وغيرها.
فمما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن الأمم السابقة قصة جريج العابد، التي ثبتت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كان رجل في بني إسرائيل يقال له جريج يصلي، فجاءته أمه، فدعته، فأبى أن يجيبها، فقال: أجيبها أو أصلي؟ ثم أتته، فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، وكان جريج في صومعته، فقالت امرأة: لأفتنن جريجاً، فتعرضت له، فكلمته، فأبى، فأتت راعياً، فأمكنته من نفسها، فولدت غلاماً، فقالت: هو من جريج، فأتوه، وكسروا صومعته، فأنزلوه، وسبوه، فتوضأ، وصلى، ثم أتى الغلام، فقال: من أبوك يا غلام؟ قال: الراعي، قالوا: نبني صومعتك من ذهب، قال: لا إلا من طين ) فهذه من الأخبار الماضية التي وقعت في الأمم السابقة وأخبر عنها صلى الله عليه وسلم.
ومن المغيبات ما بشر به صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بذكر منازلهم في الجنة، كما فعل صلى الله عليه وسلم مع الخلفاء الراشدين ، وبقية العشرة المبشرين بالجنة، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم جميعاً مما لا يسع المجال لذكره ، وكذلك ما بشر به صلى الله عليه وسلم بعض زوجاته ، فقال: ( بشروا خديجة ببيت من الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب ) متفق عليه. وبشر مؤذنه بلال رضي الله عنه بقوله: ( فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة ) متفق عليه.
ومن المغيبات إخباره صلى الله عليه وسلم عن أناسٍ أنهم من أهل النار، من ذلك ما ثبت في الصحاح من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون، فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة، ولا فاذة، إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقال: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه من أهل النار، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه، كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، فجرح الرجل جرحاً شديداً، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه- أي طرفه- بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وما ذاك؟ قال: الرجل الذي ذكرت آنفاً، أنه من أهل النار- وذكرنا قصته - ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة ) متفق عليه ، وهذا لفظ البخاري
ومن المغيبات - غير ما تقدم- إخباره صلى الله عليه وسلم عن الفتن وعلامات الساعة وهذا كثير؛ من ذلك ما رواه أسامة رضي الله عنه قال: ( أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم- أي حصن - من آطام المدينة، فقال: هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر ) متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أحدثكم حديثاً عن الدجال، ما حدث به نبي قومه، إنه أعور، وإنه يجيء معه بمثال الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة هي النار، وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه ) متفق عليه.
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم - خيمة من جلد-، فقال: اعدد ستاً بين يدي الساعة، موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص- أي مثل داء يميت الدواب فجأة- الغنم، ثم استفاضة المال، حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة، تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية -راية-، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا ) رواه البخاري .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تقاتلون اليهود، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول يا عبد الله هذا يهودي ورائي فاقتله ) متفق عليه.
ومن المغيبات إخباره صلى الله عليه وسلم عن العوالم الأخرى؛ كالجن والملائكة وغيرها، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه، فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير ) رواه مسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ) رواه مسلم .
تلك المغيبات وغيرها كثير من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، التي خُصَّ بها، كان لها من الفوائد العظيمة، والآثار الجليلة، ما جعل رسالة الإسلام مميزة على غيرها من الشرائع ، محفوظة بحفظ الله لها ومؤيدة بتأييده إياها، لا يعرفها أحد معرفة صحيحة إلا سلّم القياد لها وأذعن لحكمها، ولا ينصفها شخص إلا دخل في ركابها وسار على هديها، إنها الرسالة الخاتمة، العامة، الشاملة، اللهم اهدِ عبادك لما أكرمت به خاتم رسلك، والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله الذي أنعم على عباده بنعمة الخلق ، واختص الثقلين - الجن والإنس - بالتكليف، فأرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، إرشاداً وبياناً وإقامة للحجة، وكان آخر رسله محمداً صلى الله عليه وسلم.
وقد أيّد الله رسله بما يناسب كل رسول من الآيات الباهرات التي هي خوارق للعادات، فكانت معجزة موسى عليه السلام العصى، ومعجزة صالح عليه السلام الناقة، ومعجزة عيسى عليه السلام إحياء الموتى بإذن الله وغيرها، وهكذا كانت معجزة كل نبي مما يتوافق مع حال قومه ، ولما كان العرب أهل فصاحةٍ وبلاغةٍ وشعرٍ وبيان، كانت معجزة محمدٍ صلى الله عليه وسلم قرآناً يتحدى به القوم فيما علموا وأتقنوا.
فالقرآن الكريم معجزة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العظمى، دالة على صدقه، قد عجز البشر عن الإتيان بمثله، وهي معجزةٌ باقية مستمرة محفوظة، ببقاء رسالة الإسلام نفسها، لكونها خاتمة الرسالات، وآخر النبوات، وهي سبيل عز المسلمين ونصرهم
ومع أنّ حروف القرآن التي منها رُكِّبت كلماته وآياته هي نفس الحروف التي ركب منها كلام العرب ، إلا إنهم لم يستطيعوا أن يأتوا بمثله، وتحداهم الله بذلك، قال تعالى: { فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ } (الطور:34)، بل إنّ الله تحدّاهم أن يأتوا بعشرِ سورٍٍ مثله، قال تعالى :{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (هود:13)
واستمر التحدي في الإتيان بأقل من ذلك، بسورة من مثله، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (البقرة:23).
إنه القرآن العظيم المعجز في تركيبه وتنسيقه إلى جانب إعجازة في موضوعه وبيانه، مما حيَّر الفصحاء والبلغاء والشعراء، فجعلهم يذعنون له، ويستسلمون أمامه، ويعلنون عجزهم وقصورهم، يسمعه بعض القوم، فلا يملك إلا إعلان الحقيقة:
فيقول مقالته المشهورة : " إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وما يقول هذا بشر".
ويسمعه الوليد بن المغيرة المخزومي فيقول مقسماً بالله : "فو الله ما هو بشعر، ولا بسحر، ولا بهذي من الجنون، وإنّ قوله لمن كلام الله". ويسمعه عتبة بن ربيعة فيذهل، ويسمعه الجن فيؤمنون به ويصدقونه ، قال تعالى { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً } (الجـن:1-2).
وقد جمع بعض أهل العلم إعجاز القرآن في أربعة أشياء، كما ذكر ذلك ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" :
1- حسن تأليفه ، والتئام كلمه مع الإيجاز والبلاغة .
2- صورة سياقه وأسلوبه المخالف لأساليب كلام أهل البلاغة من العرب نظماً ونثراً حتى حارت فيه عقولهم، ولم يهتدوا إلى الإتيان بشيء مثله مع توفر دواعيهم على تحصيل ذلك.
3- ما اشتمل عليه من الإخبار عما مضى من أحوال الأمم السالفة والشرائع الداثرة مما لا يُعلم كثير منه.
4- الإخبار بما هو كائنٌ في المستقبل ، سواءً مما وقع في العصر النبوي ، أو بعده.
إنه كلام الله المنزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم، القائل: ( ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ) رواه البخاري و مسلم .
إنه كتاب الله تعالى، المتعبد بتلاوته، يقصم الله به كل جبار، من اعتصم به نجا، ومن تركه هلك، إنه قولٌ فصلٌ وليس بالهزل، لا تختلقه الألسن، ولا تفنى أعاجيبه، فيه نبأ السابقين، وفصل المتخاصمين، وخبر ما هو كائن إلى يوم الدين.
من المعجزات والآيات التي أُعطي إياها النبي صلى الله عليه وسلم ، تأييداً لدعوته، وإكراماً له، وإعلاءً لقدره، إنطاق الجماد له، وتكلم الحيوان إليه، الأمر الذي ترك أثره في النفوس، وحرك العقول، ولفت انتباه أصحابها نحو دعوته التي جاء بها، وأثبت لهم أنها دعوة صادقة مؤيدة بالحجج والأدلة والبراهين، فلا يليق بالعقلاء إلا الاستجابة لها، واتباع هذا الدين العظيم الذي يجلب لهم النفع، ويدفع عنهم الضر، ويرقى بهم بين الأمم، ويضمن لهم سعادة الدارين.
نعم لقد نطق الجماد والحيوان حقاً، فسبّح الطعام، وسلّم الحجر والشجر، وحنَّ الجذع، واشتكى الجمل، إنها آياتٌ وعبر، حصلت وثبتت في صحيح الخبر، فلا بد من تصديقها وقبولها، وإن خالفت عقول البشر.
فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الطعام الذي سبح الله وهو يُؤكل ، وقد سمع الصحابة تسبيحه ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) رواه البخاري ، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح تسبيح العنب والرطب والحصى
ومن ذلك تسليم الحجر والجبال والشجر عليه صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إني لأعرف حجراً بمكة كان يُسلِّم عليّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن ) رواه مسلم .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله ) رواه الترمذي و الدارمي ، وصححه الألباني
ومن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الجذع الذي كان يخطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذعٍ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحنَّ الجذع، فأتاه فمسح يده عليه ) رواه البخاري .
وفي سنن الدارمي : (خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد) ، وفي "مسند" أحمد : ( خار الجذع حتى تصدع وانشق ) .
أما نطق الحيوان، فهي معجزة وآية أخرى أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد اشتكى الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم صاحبه له، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال ( أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسرَّ إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً- كل ما ارتفع من بناء وغيره-، أو حائش نخل-بستان فيه نخل صغار-، قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح ذفراه- أصل أذنيه وطرفاهما- فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار، فقال: لي يا رسول الله، فقال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي أنك تجيعه، وتدئبه- تَكُدُّهُ وتُتعبه-) رواه الإمام أحمد و أبوداود ، وصححه الألباني
فسبحان من أنطق لنبيه الجماد والحيوان ، وصلى الله وسلم على من كان رحمة للخلق أجمعين،
من المعجزات التي أيَّد الله بها نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، معجزة انشقاق القمر إلى شقين، حتى رأى بعض الصحابة جبل حراء بينهما. وكان وقوع هذه المعجزة قبل الهجرة النبوية عندما طلب منه كفار مكة آية تدل على صدق دعوته ، ففي الحديث : ( أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما ) متفق عليه، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهدوا ) متفق عليه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لقد رأيت جبل حراء من بين فلقتي القمر.
وقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة التي اعتنت بدراسة سطح القمر أنه يوجد به آثار انشقاق وانقسام، مما كان له أثر في إسلام البعض لمـّا علم أن القرآن تكلم عن ذلك قبل قرون ، فسبحان الذي أظهر الدلائل والآيات الدالة على ألوهيته وعظيم خلقه، قال تعالى : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } (فصلت:53)
من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم إخباره عن الكثير من المغيبات ، سواء ما حدث منها قبل بعثته أم بعدها، أو ما تعلق بأخبار حياة البرزخ سي، وأحداث يوم القيامة والجنة والنار، أو الإخبار عن العوالم الأخرى، كالجن وغيرها.
فمما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن الأمم السابقة قصة جريج العابد، التي ثبتت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كان رجل في بني إسرائيل يقال له جريج يصلي، فجاءته أمه، فدعته، فأبى أن يجيبها، فقال: أجيبها أو أصلي؟ ثم أتته، فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، وكان جريج في صومعته، فقالت امرأة: لأفتنن جريجاً، فتعرضت له، فكلمته، فأبى، فأتت راعياً، فأمكنته من نفسها، فولدت غلاماً، فقالت: هو من جريج، فأتوه، وكسروا صومعته، فأنزلوه، وسبوه، فتوضأ، وصلى، ثم أتى الغلام، فقال: من أبوك يا غلام؟ قال: الراعي، قالوا: نبني صومعتك من ذهب، قال: لا إلا من طين ) فهذه من الأخبار الماضية التي وقعت في الأمم السابقة وأخبر عنها صلى الله عليه وسلم.
ومن المغيبات ما بشر به صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بذكر منازلهم في الجنة، كما فعل صلى الله عليه وسلم مع الخلفاء الراشدين ، وبقية العشرة المبشرين بالجنة، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم جميعاً مما لا يسع المجال لذكره ، وكذلك ما بشر به صلى الله عليه وسلم بعض زوجاته ، فقال: ( بشروا خديجة ببيت من الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب ) متفق عليه. وبشر مؤذنه بلال رضي الله عنه بقوله: ( فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة ) متفق عليه.
ومن المغيبات إخباره صلى الله عليه وسلم عن أناسٍ أنهم من أهل النار، من ذلك ما ثبت في الصحاح من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون، فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة، ولا فاذة، إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقال: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه من أهل النار، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه، كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، فجرح الرجل جرحاً شديداً، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه- أي طرفه- بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وما ذاك؟ قال: الرجل الذي ذكرت آنفاً، أنه من أهل النار- وذكرنا قصته - ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة ) متفق عليه ، وهذا لفظ البخاري
ومن المغيبات - غير ما تقدم- إخباره صلى الله عليه وسلم عن الفتن وعلامات الساعة وهذا كثير؛ من ذلك ما رواه أسامة رضي الله عنه قال: ( أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم- أي حصن - من آطام المدينة، فقال: هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر ) متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أحدثكم حديثاً عن الدجال، ما حدث به نبي قومه، إنه أعور، وإنه يجيء معه بمثال الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة هي النار، وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه ) متفق عليه.
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم - خيمة من جلد-، فقال: اعدد ستاً بين يدي الساعة، موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص- أي مثل داء يميت الدواب فجأة- الغنم، ثم استفاضة المال، حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة، تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية -راية-، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا ) رواه البخاري .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تقاتلون اليهود، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول يا عبد الله هذا يهودي ورائي فاقتله ) متفق عليه.
ومن المغيبات إخباره صلى الله عليه وسلم عن العوالم الأخرى؛ كالجن والملائكة وغيرها، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه، فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير ) رواه مسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ) رواه مسلم .
تلك المغيبات وغيرها كثير من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، التي خُصَّ بها، كان لها من الفوائد العظيمة، والآثار الجليلة، ما جعل رسالة الإسلام مميزة على غيرها من الشرائع ، محفوظة بحفظ الله لها ومؤيدة بتأييده إياها، لا يعرفها أحد معرفة صحيحة إلا سلّم القياد لها وأذعن لحكمها، ولا ينصفها شخص إلا دخل في ركابها وسار على هديها، إنها الرسالة الخاتمة، العامة، الشاملة، اللهم اهدِ عبادك لما أكرمت به خاتم رسلك، والحمد لله رب العالمين.