بيرق السعدي
16 May 2006, 09:25 PM
استشارة الطبيب ضرورة وليست ترفاً للطفل حديث الولادة
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
لعل فحص المولود خلال اليوم الأول أو لنقل خلال الأسبوع الأول يحمل في طياته أهمية كبيرة وغاية نبيلة تهدف إلى كشف بعض العيوب الصحية التي قد تحمل خطراً يهدد حياة الطفل ومستقبله فيما لو تأخر اكتشافها لفترة من الزمن تطول أو تقصر. وسوف نعرج خلال السطور القادمة على بعض عناصر الفحص وجزئياته مما قد يراه بعضهم أمراً سطحياً بينما هو في الواقع من أهم الجزئيات التي قد يغفو عنها بعضهم فتترك لاحقاً بصمات مؤلمة على مستقبل الطفل.
فحص الوركين
يعتبر خلع الورك عند المولود من الحالات المهمة التي يمكن كشفها من اليوم الأول بعد الولادة، وذلك من خلال فحص بسيط يجريه طبيب الأطفال في أثناء فحص متكامل للمولود، مع العلم أن هناك بعض العلامات قد لا تكتشف فيما لو تأخر الفحص لأسابيع وبناء عليه ينصح بفحص الوركين لكشف أية علامات قد تشير لخلع في الورك خصوصاً في بعض الحالات المؤهبة لحدوث الخلع مثل وجود حالات مشابهة في العائلة، أو في حالة المجيء المقعدي وتوضع الجنين المعيب داخل الرحم، ونقص في كمية السائل الأمينوسي المحيط بالجنين داخل الرحم، أو بعض الأمراض العضلية.
فلو تأخر كشف الحالة إلى أشهر عدة أو حتى إلى ما بعد عمر السنة عندما يبدأ الطفل المشي وتظهر المشية المعيبة ففي هذه الحالة نكون قد أضعنا على الطفل الفرصة الذهبية في علاج شاف في كل الحالات فيما لو تم كشف المرض مبكراً، وبدلاً من أن يتم تدبير الحالة بشكل بسيط عن طريق أجهزة بسيطة ولفترة محددة، يكون العلاج لاحقاً معقداً عن طريق إجراء عمليات جراحية قد لا تحمل في معظم الحالات نتيجة مرضية وذلك بالنسبة للناحية الصحية والنفسية عندما تضطرب المشية ويستمر العرج فيلقي المريض حينئذ باللوم على والديه اللذين لم ينشدا العون الطبي بعد الولادة ظناً منهما أن لا ضرورة لمثل هذا الفحص طالما جاء الطفل صحيح الجسم والوزن والبنية وطالما كانت رضاعته وحركاته طبيعية.
العين
قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا الفحص غير ضروري إذا كان الطفل يتمتع بالصحة والعافية، وخصوصاً إذا كان سليماً من الناحية الظاهرية، ولعل أهم فحص هنا هو فحص المنعكس الأحمر لبؤبؤ العين. ولتقريب هذه الفكرة يمكن القول أن ما نفحصه عند المولود شبيه بما نراه عند التقاط صورة وظهور بؤبؤ العين بلون أحمر، هذا اللون الأحمر يجب أن يكون موجوداً عند كل الأطفال ومنذ اليوم الأول من الحياة، وهذا اللون مهم جداً لأنه دليل على سلامة العين مبدئياً وعدم ظهوره يحمل خطورة كبيرة بل قد يكون في غيابه دليل على مرض قد يهدد حياة العين أو بشكل أكثر خطورة حياة الطفل كاملة.
فمثلاً قد يغيب هذا اللون في حالات كثيرة ويظهر بلون أبيض نذكر بعضها فيما يلي:
ـ النزف داخل العين كما في حالات الولادات الصعبة مثلاً.
ـ وجود كثافة في بلورة العين وهو ما يدعى بالساد، وهذه الحالة قد تحدث بسبب بعض الأمراض مثل الالتهابات الحادة داخل الرحم كالحصبة الألمانية مثلاً أو بعض الأمراض الاستقلابية المسببة لنقص سكر الدم عند المولود «مرض الفالاكتوزيميا»، وأحياناً دون سبب واضح، وكل هذه الحالات لابد من كشفها مبكراً لأن تأخر العلاج يهدد العين بالعمى بسبب ضمور العصب البصري وشبكية العين.
ـ التهاب باطن العين ونقصد به التهاب الشبكية والمشيمية في العين وهي الطبقات الداخلية الحساسة للبصر، وهذا قد يحدث في بعض الالتهابات التي تصيب الجنين داخل الرحم مثل مرض التوكسوبلازموز أو الفيروس المضخم للخلايا (ضح) وغير ذلك. ـ بقاء بعض عناصر العين البدئية دون تطور مثل بقاء السائل الزجاجي البدئي للعين، أو بعض الأنسجة الجنينية في العين أو العصب البصري بشكله البدئي، وهذه التبدلات تعطي لوناً أبيض بدلاً من اللون الأحمر عند فحص البؤبؤ.
ـ ولعل أهم هذه الحالات وأخطرها مرض الريتنوبلاستوما وهو مرض ورمي خبيث يصيب القسم الخلفي من العين «شبكية العين» ويحمل خطورة على البصر أولاً، وعلى البدن ثانياً من خلال إمكانية البدن وقد يكون العلاج في الحالات وحيدة الجانب استئصال العين قبل استفحال خطر هذا الورم وتهديد الحياة.
فحص الخصيتين
قد يظن بعضهم أن هذا الفحص غير مهم لأن الخصيتين واضحتان للعيان ولكن هناك بعض الحالات لم يكن في كيس الخصية سوى خصية واحدة ولم تكتشف إلا في وقت متأخر، وفي بعضها الآخر كان في كيس الخصية فتق بدلاً من الخصية نفسها، وحيث إن الخصية المختفية قد تكون ضمن البطن وهذه الظروف غير مناسبة لنمو النطاف خصوصاً حرارة البطن المرتفعة مقارنة مع الحرارة خارج البطن، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الخصية داخل البطن تكون غير مستقرة وغير ثابتة ومعرضة لحدوث الانفتال والتموت في بعض الحالات، ويجب إنزالها إلى كيس الخصية خلال السنة الأولى أو الثانية لنضمن وظيفة طبيعية للخصية ولكن لو تأخر نزول الخصية وكشفها إلى ما بعد البلوغ فإنها تحمل خطورة كبيرة في حدوث تحولات سرطانية تهدد في كل لحظة حياة الإنسان بخطر محتم، كما أن انفتال الخصية يعتبر حالة إسعافية نظراً للألم الشديد من جهة، وخوف تموت الخصية والتهاب البطن من جهة أخرى. ـ وقد يخشى بعضهم من عرض طفلهم على الطبيب عند غياب إحدى الخصيتين أو كلتيهما حياء وتكون العاقبة وخيمة في معظم الحالات.
الشريان الفخذي
ويتم ذلك بشكل بسيط من خلال جس الشريان الفخذي بالأصابع من خلال طبيب الأطفال المتمرس والخبير وعندما يكون النبض ضعيفاً في هذا الشريان الذي يتوضع في أعلى الفخذ (ويكون جسه سهلاً) فإنه قد يكون العلامة الأولى على أحد الأمراض القلبية وهو تضيق الشريان الأبهري وهو ما يدعى بتضيق برزخ الأبهر والذي يؤدي لاحقاً إلى اختراطات كثيرة قد لا تكتشف إلا متأخرة مثل وهط القلب، واختراطات ارتفاع ضغط الدم والنزوف الدماغية... وهكذا يمكن من خلال دقائق معدودة من تقويم مهم وشامل لأجهزة البدن عند الطفل أن نجنبه مشكلات ومخاطر صحية لاحقة ونضمن له حياة سعيدة ملؤها الصحة والعافية بإذن الله.
د. عبدالدايم الشحود _ اختصاصي أول أطفال وحديثي الولادة
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
لعل فحص المولود خلال اليوم الأول أو لنقل خلال الأسبوع الأول يحمل في طياته أهمية كبيرة وغاية نبيلة تهدف إلى كشف بعض العيوب الصحية التي قد تحمل خطراً يهدد حياة الطفل ومستقبله فيما لو تأخر اكتشافها لفترة من الزمن تطول أو تقصر. وسوف نعرج خلال السطور القادمة على بعض عناصر الفحص وجزئياته مما قد يراه بعضهم أمراً سطحياً بينما هو في الواقع من أهم الجزئيات التي قد يغفو عنها بعضهم فتترك لاحقاً بصمات مؤلمة على مستقبل الطفل.
فحص الوركين
يعتبر خلع الورك عند المولود من الحالات المهمة التي يمكن كشفها من اليوم الأول بعد الولادة، وذلك من خلال فحص بسيط يجريه طبيب الأطفال في أثناء فحص متكامل للمولود، مع العلم أن هناك بعض العلامات قد لا تكتشف فيما لو تأخر الفحص لأسابيع وبناء عليه ينصح بفحص الوركين لكشف أية علامات قد تشير لخلع في الورك خصوصاً في بعض الحالات المؤهبة لحدوث الخلع مثل وجود حالات مشابهة في العائلة، أو في حالة المجيء المقعدي وتوضع الجنين المعيب داخل الرحم، ونقص في كمية السائل الأمينوسي المحيط بالجنين داخل الرحم، أو بعض الأمراض العضلية.
فلو تأخر كشف الحالة إلى أشهر عدة أو حتى إلى ما بعد عمر السنة عندما يبدأ الطفل المشي وتظهر المشية المعيبة ففي هذه الحالة نكون قد أضعنا على الطفل الفرصة الذهبية في علاج شاف في كل الحالات فيما لو تم كشف المرض مبكراً، وبدلاً من أن يتم تدبير الحالة بشكل بسيط عن طريق أجهزة بسيطة ولفترة محددة، يكون العلاج لاحقاً معقداً عن طريق إجراء عمليات جراحية قد لا تحمل في معظم الحالات نتيجة مرضية وذلك بالنسبة للناحية الصحية والنفسية عندما تضطرب المشية ويستمر العرج فيلقي المريض حينئذ باللوم على والديه اللذين لم ينشدا العون الطبي بعد الولادة ظناً منهما أن لا ضرورة لمثل هذا الفحص طالما جاء الطفل صحيح الجسم والوزن والبنية وطالما كانت رضاعته وحركاته طبيعية.
العين
قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا الفحص غير ضروري إذا كان الطفل يتمتع بالصحة والعافية، وخصوصاً إذا كان سليماً من الناحية الظاهرية، ولعل أهم فحص هنا هو فحص المنعكس الأحمر لبؤبؤ العين. ولتقريب هذه الفكرة يمكن القول أن ما نفحصه عند المولود شبيه بما نراه عند التقاط صورة وظهور بؤبؤ العين بلون أحمر، هذا اللون الأحمر يجب أن يكون موجوداً عند كل الأطفال ومنذ اليوم الأول من الحياة، وهذا اللون مهم جداً لأنه دليل على سلامة العين مبدئياً وعدم ظهوره يحمل خطورة كبيرة بل قد يكون في غيابه دليل على مرض قد يهدد حياة العين أو بشكل أكثر خطورة حياة الطفل كاملة.
فمثلاً قد يغيب هذا اللون في حالات كثيرة ويظهر بلون أبيض نذكر بعضها فيما يلي:
ـ النزف داخل العين كما في حالات الولادات الصعبة مثلاً.
ـ وجود كثافة في بلورة العين وهو ما يدعى بالساد، وهذه الحالة قد تحدث بسبب بعض الأمراض مثل الالتهابات الحادة داخل الرحم كالحصبة الألمانية مثلاً أو بعض الأمراض الاستقلابية المسببة لنقص سكر الدم عند المولود «مرض الفالاكتوزيميا»، وأحياناً دون سبب واضح، وكل هذه الحالات لابد من كشفها مبكراً لأن تأخر العلاج يهدد العين بالعمى بسبب ضمور العصب البصري وشبكية العين.
ـ التهاب باطن العين ونقصد به التهاب الشبكية والمشيمية في العين وهي الطبقات الداخلية الحساسة للبصر، وهذا قد يحدث في بعض الالتهابات التي تصيب الجنين داخل الرحم مثل مرض التوكسوبلازموز أو الفيروس المضخم للخلايا (ضح) وغير ذلك. ـ بقاء بعض عناصر العين البدئية دون تطور مثل بقاء السائل الزجاجي البدئي للعين، أو بعض الأنسجة الجنينية في العين أو العصب البصري بشكله البدئي، وهذه التبدلات تعطي لوناً أبيض بدلاً من اللون الأحمر عند فحص البؤبؤ.
ـ ولعل أهم هذه الحالات وأخطرها مرض الريتنوبلاستوما وهو مرض ورمي خبيث يصيب القسم الخلفي من العين «شبكية العين» ويحمل خطورة على البصر أولاً، وعلى البدن ثانياً من خلال إمكانية البدن وقد يكون العلاج في الحالات وحيدة الجانب استئصال العين قبل استفحال خطر هذا الورم وتهديد الحياة.
فحص الخصيتين
قد يظن بعضهم أن هذا الفحص غير مهم لأن الخصيتين واضحتان للعيان ولكن هناك بعض الحالات لم يكن في كيس الخصية سوى خصية واحدة ولم تكتشف إلا في وقت متأخر، وفي بعضها الآخر كان في كيس الخصية فتق بدلاً من الخصية نفسها، وحيث إن الخصية المختفية قد تكون ضمن البطن وهذه الظروف غير مناسبة لنمو النطاف خصوصاً حرارة البطن المرتفعة مقارنة مع الحرارة خارج البطن، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الخصية داخل البطن تكون غير مستقرة وغير ثابتة ومعرضة لحدوث الانفتال والتموت في بعض الحالات، ويجب إنزالها إلى كيس الخصية خلال السنة الأولى أو الثانية لنضمن وظيفة طبيعية للخصية ولكن لو تأخر نزول الخصية وكشفها إلى ما بعد البلوغ فإنها تحمل خطورة كبيرة في حدوث تحولات سرطانية تهدد في كل لحظة حياة الإنسان بخطر محتم، كما أن انفتال الخصية يعتبر حالة إسعافية نظراً للألم الشديد من جهة، وخوف تموت الخصية والتهاب البطن من جهة أخرى. ـ وقد يخشى بعضهم من عرض طفلهم على الطبيب عند غياب إحدى الخصيتين أو كلتيهما حياء وتكون العاقبة وخيمة في معظم الحالات.
الشريان الفخذي
ويتم ذلك بشكل بسيط من خلال جس الشريان الفخذي بالأصابع من خلال طبيب الأطفال المتمرس والخبير وعندما يكون النبض ضعيفاً في هذا الشريان الذي يتوضع في أعلى الفخذ (ويكون جسه سهلاً) فإنه قد يكون العلامة الأولى على أحد الأمراض القلبية وهو تضيق الشريان الأبهري وهو ما يدعى بتضيق برزخ الأبهر والذي يؤدي لاحقاً إلى اختراطات كثيرة قد لا تكتشف إلا متأخرة مثل وهط القلب، واختراطات ارتفاع ضغط الدم والنزوف الدماغية... وهكذا يمكن من خلال دقائق معدودة من تقويم مهم وشامل لأجهزة البدن عند الطفل أن نجنبه مشكلات ومخاطر صحية لاحقة ونضمن له حياة سعيدة ملؤها الصحة والعافية بإذن الله.
د. عبدالدايم الشحود _ اختصاصي أول أطفال وحديثي الولادة