اسدالجوف
29 May 2006, 06:19 PM
ازدادت معدلات الطلاق في السنوات الأخيرة بصورة ملموسة.. حتّى إنّها وصلت في بعض الأعوام لثلث عدد الزيجات!
يرى البعض أنّ عدم وجود فترة كافية للتعارف، هي سبب جوهريّ من أسباب الطلاق..
وأحبّ هنا أن أقول، إنّ الموضوع أعقد من ذلك بكثير.. فنفس عادات السعوديّة كانت سائدة في الوطن العربيّ كلّه إلى سبعين عاما مضت.. بل إنّ الرؤية الشرعيّة التي تتمّ في السعوديّة كانت تتمّ في مصر ـ في عصر سي السيد ـ في ليلة الدخلة!!!
ولكنّ ذلك لم يؤدّ أبدا إلى نسب الطلاق المرتفعة الموجودة حاليّا في السعوديّة.. بل إنّ هذه النسب المرتفعة تشكّل ظاهرة عالميّة أساسا!
فعلينا أن نبحث عن الخلل في شخصيّة الأفراد بالأساس، قبل أن نبحث في عادات المجتمع نفسه..
فمن الواضح أنّ نساء اليوم أكثر تمرّدا وتحدّيا لأزواجهم..
كما أنّ شباب اليوم أقلّ رجولة وقدرة على حسم المشاكل في بدايتها!
وأنا أعيد الأسباب دائما وأبدا للإعلام، بالصور المريضة التي يرسخها في وجدان الأطفال، مع الكثير من المراهقة غير الواقعيّة التي تسببها لقطات الحبّ المبنيّة على المظهر ولا شيء غيره..
والتعليم الذي يبعد المتعلّمين عن مواجهة واقع الحياة.. بحيث ينفقون ثلث أعمارهم (مرحلة التكوين) في لهو وعبث وحفظ وتسميع لمناهج عقيمة!!
وهذا عمل على ابتعاد الغالبيّة عن الثقافة العميقة، بل منعهم من تشرّب خبرة الحياة من الآباء والجدود، ودفعهم للتعلّق بكلّ غثّ وسطحيّ من مظاهر الرفاهية والموضة والتقليد الأعمى، وإهدار الوقت في المعاكسات والتفاهات على حساب العقل والضمير!
هذا مع شيوع روح الأنانية والفرديّة.. فالثقافة الأمريكيّة التي هيمنت على العالم كلّه، تؤكّد أنّ الإنسان هو محور الكون، وأنّ تحقيق رغباته بغضّ النظر عن تأثيرها على المحيطين به، هو الطريق الوحيد للسعادة!
ولا ننسى عمل المرأة الكارثة.. الذي ضاعف من متاعب المرأة وعصبيتها، وأبعدها عن مركز التحكّم في الأسرة، ممّا يوفّر بيئة خصبة لمشاكل معقّدة، وتعاسة مؤكّدة!!
كما أنّ إحساسها أنّها قادرة على أن تعول نفسها، يجعلها أكثر تهوّرا في طلب الطلاق!
سبب آخر جوهريّ، هو ارتفاع سن ّالزواج خاصّة للمرأة..
ففتاة تتزوّج في سنّ 14 أو 16 كانت قابلة لأنت يشكّلها زوجها على حسب عاداته وطباعه وفكره.. خاصة وأنّها مفعمة بالحياة ومقبلة عليها بسعادة.. كما أنّها ستقبل نصائح من هم أكبر وأحكم.. لتمضي الحياة بها في أمان..
أمّا فتاة تجاوزت الخامسة والعشرين، محمّلة بضغوط المجتمع ومشاكله، وبشعارات إعلاميّة وتعليميّة، وطموحات تحقيق ذات هي أوهام يحطّمها المجتمع بمنتهى القسوة.. تشعر أنّ زوجها لا يمتاز عنها بشيء لتقدّم له التنازلات.. كلّ ذلك يجعلها مرشّحة بجدارة للطلاق!
ولهذا لا يجب أن نتعجّب لو وجدنا أنّ الطلاق بين المتعلمات أعلى من الأمّيات!.. وأنّه يتناسب مع مستوى المرأة التعليميّ!!
سبب جوهريّ آخر من أسباب ارتفاع معدّلات الطلاق، هو ارتفاع معدّلات الطلاق!!!!
هذا حلزون سلبيّ شرس، يكسر حاجز الخوف الاجتماعيّ.. فامرأة واحدة مطلّقة في مجتمعها، تلاحقا أعين الناس وألسنتهم، بالغمز واللمز والإشاعات والتعيير.. أو حتّى الإشفاق!
أمّا لو صارت ثلث نساء هذا المجتمع ـ مثلا ـ مطلّقات، فهذا معناه أنّ غالبيّة العائلات تعاني من هذه المشكلة.. وهذا يجعل كلّ شخص ينشغل بهمومه وعيوبه عن الآخرين!
كما أنّ كلّ امرأة قبل أن تقدم على الطلاق تقول لنفسها: ميمي وسوسو وتوتو ولولو وكوكو و.. و.... و.... مطلّقات.. ولم تنهدّ الدنيا، ولم يقضين نحبهنّ.. الأمر ليس بشعا لهذه الدرجة!
كما أنّ الدراسات الإحصائيّة أثبتت أنّ الأبناء ينزعون في الغالب لإعادة إنتاج مشاكل آبائهم..
فلو ترّبوا على القسوة، فسيكرّرون هذا مع أبنائهم..
ولو اعتادوا منذ صغرهم على برودة العلاقة الأسريّة وسهولة تحطّم الزيجات، وعدم قدسيّة هذا الرباط، فإنّهم في الغالب سيعيدون الكرّة.. فلا العلاقة الزوجيّة في وجدانهم بهذه البهجة (بل هو مصدر من مصادر إتعاس طفولتهم) ولا الطلاق لديهم بتلك الاستحالة!
منقول
وهكذا نكتشف أنّ التصاعد في نسب الطلاق يتزايد بمعدّلات سريعة في المجتمع.. فمزيد من الطلاق يؤدّي لمزيد ومزيد من الطلاق!!
أمّا أخطر عامل أراه، فهو إقدام بعض الشباب الملتزم على الزواج من فتاة أقلّ منه التزاما، لأنّها فتنته بجمالها أو جرأتها أو دلالها.. فخدع نفسه بالادعاء بأنّه يستطيع إصلاح عيوبها ـ التي يعرفها جيّدا ـ بعد الزواج!!
على الجانب المقابل، يبحث الشباب المنحرف بجنون عن الفتيات الملتزمات، لأنّ نوعية الفتيات التي تعرّفوا عليها جعلتهم لا يثقون بسهولة بأيّ فتاة.. وتخدع الفتاة نفسها بأقوال مشابهة عن استقامته فتاها بعد الزواج.. وهو حتّى وإن حدث على المستوى الأخلاقي، لا يوازيه نضج مماثل في الشخصيّة على مستوى الطباع والفكر!
المشكلة إذن ليست في التعارف.. فكلّ شيء واضح منذ البداية.. لكنّ كلّ طرف ظلّ يخدع نفسه بأحلام وشعارات، لأنّه ببساطة ضحل المعرفة والخبرة، والمعايير الدينيّة والأخلاقيّة والقيميّة لا تشكّل في وعيه مرجعا أساسيّا في الاختيار!
في ضوء كلّ هذا لا أعتقد أنّ ما طول أو قصر مرحلة التعارف يشكّل سببا ملموسا في نسب الطلاق في أيّ مجتمع..
مرّة أخرى أكرّر:
نحتاج لإعادة إنتاج أجيالنا الجديدة بمعايير أخرى.. إعلام آخر.. تعليم آخر.. أهداف أخرى..
يرى البعض أنّ عدم وجود فترة كافية للتعارف، هي سبب جوهريّ من أسباب الطلاق..
وأحبّ هنا أن أقول، إنّ الموضوع أعقد من ذلك بكثير.. فنفس عادات السعوديّة كانت سائدة في الوطن العربيّ كلّه إلى سبعين عاما مضت.. بل إنّ الرؤية الشرعيّة التي تتمّ في السعوديّة كانت تتمّ في مصر ـ في عصر سي السيد ـ في ليلة الدخلة!!!
ولكنّ ذلك لم يؤدّ أبدا إلى نسب الطلاق المرتفعة الموجودة حاليّا في السعوديّة.. بل إنّ هذه النسب المرتفعة تشكّل ظاهرة عالميّة أساسا!
فعلينا أن نبحث عن الخلل في شخصيّة الأفراد بالأساس، قبل أن نبحث في عادات المجتمع نفسه..
فمن الواضح أنّ نساء اليوم أكثر تمرّدا وتحدّيا لأزواجهم..
كما أنّ شباب اليوم أقلّ رجولة وقدرة على حسم المشاكل في بدايتها!
وأنا أعيد الأسباب دائما وأبدا للإعلام، بالصور المريضة التي يرسخها في وجدان الأطفال، مع الكثير من المراهقة غير الواقعيّة التي تسببها لقطات الحبّ المبنيّة على المظهر ولا شيء غيره..
والتعليم الذي يبعد المتعلّمين عن مواجهة واقع الحياة.. بحيث ينفقون ثلث أعمارهم (مرحلة التكوين) في لهو وعبث وحفظ وتسميع لمناهج عقيمة!!
وهذا عمل على ابتعاد الغالبيّة عن الثقافة العميقة، بل منعهم من تشرّب خبرة الحياة من الآباء والجدود، ودفعهم للتعلّق بكلّ غثّ وسطحيّ من مظاهر الرفاهية والموضة والتقليد الأعمى، وإهدار الوقت في المعاكسات والتفاهات على حساب العقل والضمير!
هذا مع شيوع روح الأنانية والفرديّة.. فالثقافة الأمريكيّة التي هيمنت على العالم كلّه، تؤكّد أنّ الإنسان هو محور الكون، وأنّ تحقيق رغباته بغضّ النظر عن تأثيرها على المحيطين به، هو الطريق الوحيد للسعادة!
ولا ننسى عمل المرأة الكارثة.. الذي ضاعف من متاعب المرأة وعصبيتها، وأبعدها عن مركز التحكّم في الأسرة، ممّا يوفّر بيئة خصبة لمشاكل معقّدة، وتعاسة مؤكّدة!!
كما أنّ إحساسها أنّها قادرة على أن تعول نفسها، يجعلها أكثر تهوّرا في طلب الطلاق!
سبب آخر جوهريّ، هو ارتفاع سن ّالزواج خاصّة للمرأة..
ففتاة تتزوّج في سنّ 14 أو 16 كانت قابلة لأنت يشكّلها زوجها على حسب عاداته وطباعه وفكره.. خاصة وأنّها مفعمة بالحياة ومقبلة عليها بسعادة.. كما أنّها ستقبل نصائح من هم أكبر وأحكم.. لتمضي الحياة بها في أمان..
أمّا فتاة تجاوزت الخامسة والعشرين، محمّلة بضغوط المجتمع ومشاكله، وبشعارات إعلاميّة وتعليميّة، وطموحات تحقيق ذات هي أوهام يحطّمها المجتمع بمنتهى القسوة.. تشعر أنّ زوجها لا يمتاز عنها بشيء لتقدّم له التنازلات.. كلّ ذلك يجعلها مرشّحة بجدارة للطلاق!
ولهذا لا يجب أن نتعجّب لو وجدنا أنّ الطلاق بين المتعلمات أعلى من الأمّيات!.. وأنّه يتناسب مع مستوى المرأة التعليميّ!!
سبب جوهريّ آخر من أسباب ارتفاع معدّلات الطلاق، هو ارتفاع معدّلات الطلاق!!!!
هذا حلزون سلبيّ شرس، يكسر حاجز الخوف الاجتماعيّ.. فامرأة واحدة مطلّقة في مجتمعها، تلاحقا أعين الناس وألسنتهم، بالغمز واللمز والإشاعات والتعيير.. أو حتّى الإشفاق!
أمّا لو صارت ثلث نساء هذا المجتمع ـ مثلا ـ مطلّقات، فهذا معناه أنّ غالبيّة العائلات تعاني من هذه المشكلة.. وهذا يجعل كلّ شخص ينشغل بهمومه وعيوبه عن الآخرين!
كما أنّ كلّ امرأة قبل أن تقدم على الطلاق تقول لنفسها: ميمي وسوسو وتوتو ولولو وكوكو و.. و.... و.... مطلّقات.. ولم تنهدّ الدنيا، ولم يقضين نحبهنّ.. الأمر ليس بشعا لهذه الدرجة!
كما أنّ الدراسات الإحصائيّة أثبتت أنّ الأبناء ينزعون في الغالب لإعادة إنتاج مشاكل آبائهم..
فلو ترّبوا على القسوة، فسيكرّرون هذا مع أبنائهم..
ولو اعتادوا منذ صغرهم على برودة العلاقة الأسريّة وسهولة تحطّم الزيجات، وعدم قدسيّة هذا الرباط، فإنّهم في الغالب سيعيدون الكرّة.. فلا العلاقة الزوجيّة في وجدانهم بهذه البهجة (بل هو مصدر من مصادر إتعاس طفولتهم) ولا الطلاق لديهم بتلك الاستحالة!
منقول
وهكذا نكتشف أنّ التصاعد في نسب الطلاق يتزايد بمعدّلات سريعة في المجتمع.. فمزيد من الطلاق يؤدّي لمزيد ومزيد من الطلاق!!
أمّا أخطر عامل أراه، فهو إقدام بعض الشباب الملتزم على الزواج من فتاة أقلّ منه التزاما، لأنّها فتنته بجمالها أو جرأتها أو دلالها.. فخدع نفسه بالادعاء بأنّه يستطيع إصلاح عيوبها ـ التي يعرفها جيّدا ـ بعد الزواج!!
على الجانب المقابل، يبحث الشباب المنحرف بجنون عن الفتيات الملتزمات، لأنّ نوعية الفتيات التي تعرّفوا عليها جعلتهم لا يثقون بسهولة بأيّ فتاة.. وتخدع الفتاة نفسها بأقوال مشابهة عن استقامته فتاها بعد الزواج.. وهو حتّى وإن حدث على المستوى الأخلاقي، لا يوازيه نضج مماثل في الشخصيّة على مستوى الطباع والفكر!
المشكلة إذن ليست في التعارف.. فكلّ شيء واضح منذ البداية.. لكنّ كلّ طرف ظلّ يخدع نفسه بأحلام وشعارات، لأنّه ببساطة ضحل المعرفة والخبرة، والمعايير الدينيّة والأخلاقيّة والقيميّة لا تشكّل في وعيه مرجعا أساسيّا في الاختيار!
في ضوء كلّ هذا لا أعتقد أنّ ما طول أو قصر مرحلة التعارف يشكّل سببا ملموسا في نسب الطلاق في أيّ مجتمع..
مرّة أخرى أكرّر:
نحتاج لإعادة إنتاج أجيالنا الجديدة بمعايير أخرى.. إعلام آخر.. تعليم آخر.. أهداف أخرى..