الحزين للأبد
04 Jun 2006, 08:44 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
قال الراوي:
الكثير منا لا يعرف من هو جليبيب ...
جليبيب هو رجل من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كان دميم الوجه قصير القامة غير معلوم النسب ، قال ابن سعد : ( وسمعت من يذكر ان جليبيبا كان رجلا في بني ثعلبة حليفا في الأنصار ) .
وهذا الصحابي الجليل مع دمامته وقصره كان محبوبا لدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يزوجه .
روى أبو يعلي في مسنده قال :
- حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا ديلم بن غزوان ، حدثنا ثابت ، عن أنس ، قال : كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : جليبيب ، في وجهه دمامة فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم التزويج فقال : إذا تجدني كاسدا ، فقال : « غير أنك عند الله لست بكاسد » حدثناه القواريري ، حدثنا ديلم بن غزوان ، حدثنا ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، قال : كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : جليبيب ، فذكر نحوه .
إلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم قدر جليبيب ، فخطب له امرأة من الأنصار ، وكما يقول أبو برزة - رضي الله عنه - كما جاء في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم ( 6/421) : ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان لأحدهم أيم لم يزوجها حتى يعلم ألرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها حاجة أم لا ) .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم لرجل من الأنصار : ( يا فلان زوجني ابنتك ) ، فسر الرجل سرورا عظيما ، و قال : ( نعم ونعمين ) ، فقال - صلى الله عليه وسلم - موضحا : ( إني لست أريدها لنفسي ) ، قال الأنصاري : فلمن ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : ( لجليبيب ) .
فحينما سمع الأنصاري اسم ( جليبيب ) تغير وتعذر ثم قال : يا رسول الله حتى استأمر أمها ، فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
فأتى الرجل زوجته فقال لها : إن رسول الله يخطب ابنتك قالت : نعم ونعمين زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال الرجل : إنه ليس يريدها لنفسه قالت : فلمن ؟ قال : يريدها لجليبيب .
فاستنكرت الأم ذلك استنكارا عظيما ، فكيف تزوجها لجليبيب وفيه ما فيه من الدمامة والجهالة ، وابنتهم ذات النسب والجمال وقد خطبها فلان وفلان فلم يزوجوها ، فقالت : حلقى لجليبيب لاهية مرتين لا لعمر الله لا أزوج جليبيبا .
فلما قام أبوها ليأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت الفتاة من خدرها، وقد سمعت الحوار الذي دار بين أمها وأبيها : من خطبني إليكما ؟ قالا : رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهنا يظهر الإيمان والحب العظيم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقالت الفتاة لوالديها : أتردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ، ادفعوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لن يضيعني .
فتذكر أبواهما وكأنهما استيقظا من سبات ورضيا قولها ثم ذهب أبوها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : شأنك بها فزوجها جليبيبا .
فعندما علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم بقصتها دعا لها دعاء عظيما . قال حماد : قال إسحاق بن أبي طلحة : هل تدري ما دعا لها به النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : وما دعا به قال : قال - صلى الله عليه وسلم - : ( اللهم صب عليهما الخير صبا ولا تجعل عيشهما كدا كدا ) . فكان الجزاء من الله تعالى : قال ثابت : (وما كان في الأنصار أيم أنفق منها ) أي أكثر كرما وإنفاقا منها .
ثم بعد زرواجه استشهد جليبيب - رضي الله عنه - بعد أن قتل سبعة من أعداء الله في غزوة من غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - وحين كان أهل كل بيت يتفقدون أبناءهم لم يكن أحدا يتفقد جليبيبا البطل الشهيد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكفى به أهلا وسندا .
روى مسلم في صحيحه : من حديث أَبِي بَرْزَةَ - رضي الله عنه - :
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَعَمْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا ثُمَّ قَالَ هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَعَمْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا ثُمَّ قَالَ هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا لَا قَالَ لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا فَاطْلُبُوهُ فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ قَالَ فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا سَاعِدَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَحُفِرَ لَهُ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلًا
قال االنووي في شرح صحيح مسلم : (8/235)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ )
مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَة فِي اِتِّحَاد طَرِيقَتهمَا ، وَاتِّفَاقهمَا فِي طَاعَة اللَّه تَعَالَى .
رضي الله عن جليبيب ، ورضي الله عن المرأة الأنصارية المؤمنة التي قالت بلسانها مؤمنة بقلبها وصدقت قولها بالعمل : ( إدفعوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لن يضيعني ) .
وكل من كان محبا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناصرا له ، يضحي بالغالي والثمين من أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كتلك الأنصارية المحبة ، جعلنا الله وإياكم من أنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
نعم ....
ادفعوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لن يضيعني .
تم كلام الراوي ... نقلا عنه رحمه الله ...
قال الحزين للأبد ... غفر الله له ... لمثل هذا فليعمل العاملون ...
دمتم بخير
قال الراوي:
الكثير منا لا يعرف من هو جليبيب ...
جليبيب هو رجل من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كان دميم الوجه قصير القامة غير معلوم النسب ، قال ابن سعد : ( وسمعت من يذكر ان جليبيبا كان رجلا في بني ثعلبة حليفا في الأنصار ) .
وهذا الصحابي الجليل مع دمامته وقصره كان محبوبا لدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يزوجه .
روى أبو يعلي في مسنده قال :
- حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا ديلم بن غزوان ، حدثنا ثابت ، عن أنس ، قال : كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : جليبيب ، في وجهه دمامة فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم التزويج فقال : إذا تجدني كاسدا ، فقال : « غير أنك عند الله لست بكاسد » حدثناه القواريري ، حدثنا ديلم بن غزوان ، حدثنا ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، قال : كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : جليبيب ، فذكر نحوه .
إلا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم قدر جليبيب ، فخطب له امرأة من الأنصار ، وكما يقول أبو برزة - رضي الله عنه - كما جاء في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم ( 6/421) : ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان لأحدهم أيم لم يزوجها حتى يعلم ألرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها حاجة أم لا ) .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم لرجل من الأنصار : ( يا فلان زوجني ابنتك ) ، فسر الرجل سرورا عظيما ، و قال : ( نعم ونعمين ) ، فقال - صلى الله عليه وسلم - موضحا : ( إني لست أريدها لنفسي ) ، قال الأنصاري : فلمن ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : ( لجليبيب ) .
فحينما سمع الأنصاري اسم ( جليبيب ) تغير وتعذر ثم قال : يا رسول الله حتى استأمر أمها ، فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
فأتى الرجل زوجته فقال لها : إن رسول الله يخطب ابنتك قالت : نعم ونعمين زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال الرجل : إنه ليس يريدها لنفسه قالت : فلمن ؟ قال : يريدها لجليبيب .
فاستنكرت الأم ذلك استنكارا عظيما ، فكيف تزوجها لجليبيب وفيه ما فيه من الدمامة والجهالة ، وابنتهم ذات النسب والجمال وقد خطبها فلان وفلان فلم يزوجوها ، فقالت : حلقى لجليبيب لاهية مرتين لا لعمر الله لا أزوج جليبيبا .
فلما قام أبوها ليأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت الفتاة من خدرها، وقد سمعت الحوار الذي دار بين أمها وأبيها : من خطبني إليكما ؟ قالا : رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهنا يظهر الإيمان والحب العظيم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقالت الفتاة لوالديها : أتردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ، ادفعوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لن يضيعني .
فتذكر أبواهما وكأنهما استيقظا من سبات ورضيا قولها ثم ذهب أبوها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : شأنك بها فزوجها جليبيبا .
فعندما علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم بقصتها دعا لها دعاء عظيما . قال حماد : قال إسحاق بن أبي طلحة : هل تدري ما دعا لها به النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : وما دعا به قال : قال - صلى الله عليه وسلم - : ( اللهم صب عليهما الخير صبا ولا تجعل عيشهما كدا كدا ) . فكان الجزاء من الله تعالى : قال ثابت : (وما كان في الأنصار أيم أنفق منها ) أي أكثر كرما وإنفاقا منها .
ثم بعد زرواجه استشهد جليبيب - رضي الله عنه - بعد أن قتل سبعة من أعداء الله في غزوة من غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - وحين كان أهل كل بيت يتفقدون أبناءهم لم يكن أحدا يتفقد جليبيبا البطل الشهيد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكفى به أهلا وسندا .
روى مسلم في صحيحه : من حديث أَبِي بَرْزَةَ - رضي الله عنه - :
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَعَمْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا ثُمَّ قَالَ هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَعَمْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا ثُمَّ قَالَ هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا لَا قَالَ لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا فَاطْلُبُوهُ فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ قَالَ فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا سَاعِدَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَحُفِرَ لَهُ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلًا
قال االنووي في شرح صحيح مسلم : (8/235)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ )
مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَة فِي اِتِّحَاد طَرِيقَتهمَا ، وَاتِّفَاقهمَا فِي طَاعَة اللَّه تَعَالَى .
رضي الله عن جليبيب ، ورضي الله عن المرأة الأنصارية المؤمنة التي قالت بلسانها مؤمنة بقلبها وصدقت قولها بالعمل : ( إدفعوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لن يضيعني ) .
وكل من كان محبا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناصرا له ، يضحي بالغالي والثمين من أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كتلك الأنصارية المحبة ، جعلنا الله وإياكم من أنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
نعم ....
ادفعوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لن يضيعني .
تم كلام الراوي ... نقلا عنه رحمه الله ...
قال الحزين للأبد ... غفر الله له ... لمثل هذا فليعمل العاملون ...
دمتم بخير