strawberry
19 Sep 2006, 04:28 AM
زهرة من بستان الواعظين ورياض السامعين
للإمام ابن الجوزي
حكي عن ذي النون المصري بن إبراهيم الأخميمي رحمه الله تعالي أنه قال :
خرجت مرة من المرات إلى ناحية الأردن من أرض الشام فلما علوت الوادي فإذا أنا بسواد قد أقبل وهو يقول " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " (الزمر : 47)
فلما قرب مني السواد إذا هو شخص فتأملته فإذا هو امرأة عليها جبة صوف وخمار من صوف وبيدها ركوة وبيدها الأخرى عكاز فقالت لي غير فازعة مني : من أنت ؟
فقلت : لها رجل غريب
فقالت : يا هذا وهل يوجد مع الله غربة وهو مؤنس الغرباء ومعين الضعفاء فاجعله أنيسك إذا استوحشت وهاديك إذا ضللت وصاحبك إذا احتجت .
قال ذو النون : فبكيت من كلامها
فقالت : مم بكاؤك ؟
قلت لها : وقع دواؤك علي دائي و أنا أرجوا أن يكون سببا لشفائي قالت: فان كنت صادقا في دوؤاك علي دائي وأنا أرجوا أن يكون سببا لشفائي
قالت : فإن كنت صادقا في مقالتك فلم بكيت ؟
قلت لها : رحمك الله والصادق لا يبكي ؟!
قالت : لا
قلت لها : لم لا يبكي الصادق ؟
قالت : لأن البكاء راحة للقلب وملجأ يلجأ إليه وما كتم القلب أحر من الزفير والشهيق وذلك ضعيف عند أوليائه .
قال ذو النون : فبقيت والله متعجبا من قولها
فقالت لي : ما لك ؟
قلت : أنا والله متعجب من قولك
قالت : وهل نسيت القرحة التي ذكرتها ؟
قال : قلت لها : رحمك الله إن رأيت أن تمني علي بالزيادة .
فقالت : وما أفادك الحكيم في مقامك بين يديه من الفوائد ما يستغني به عن طلب الزوائد
قال : قلت لها : رحمك الله ما أنا بمستغن عن طلب الزوائد
قالت: صدقت يا مسكين حب مولاك واشتق إليه فإن له يوما يذيق فيه أولياءه كأسا لا يظمئون بعده أبدا ثم علا شهيقها ثم قالت : يا حبيب قلبي إلى كم تخلفني في دار لا أجد فيها صادقا بريئا من الدعاوي الكاذبة يسعدني البكاء علي أيام حياتي . ثم تركتني وانحدرت في الوادي وهي تقول : اللهم إليك لا إلى النار حتى غاب شخصها عن بصري وانقطع صوتها عن سمعي .
قال ذو النون : فو الله ما ذكرت كلامها قط إلا كدر علي أحشائي وعيشي .
قال ذو النون: فلقد أدبتني واستقام حالي منذ رأيتها .
وأنشدوا :
أريد وأنت تعلم ما مــرادي وتعلم ما تلجلج في فؤادي
فهب لي زلتي واغفر ذنوبي وسامحني بها يوم التنادي
للإمام ابن الجوزي
حكي عن ذي النون المصري بن إبراهيم الأخميمي رحمه الله تعالي أنه قال :
خرجت مرة من المرات إلى ناحية الأردن من أرض الشام فلما علوت الوادي فإذا أنا بسواد قد أقبل وهو يقول " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " (الزمر : 47)
فلما قرب مني السواد إذا هو شخص فتأملته فإذا هو امرأة عليها جبة صوف وخمار من صوف وبيدها ركوة وبيدها الأخرى عكاز فقالت لي غير فازعة مني : من أنت ؟
فقلت : لها رجل غريب
فقالت : يا هذا وهل يوجد مع الله غربة وهو مؤنس الغرباء ومعين الضعفاء فاجعله أنيسك إذا استوحشت وهاديك إذا ضللت وصاحبك إذا احتجت .
قال ذو النون : فبكيت من كلامها
فقالت : مم بكاؤك ؟
قلت لها : وقع دواؤك علي دائي و أنا أرجوا أن يكون سببا لشفائي قالت: فان كنت صادقا في دوؤاك علي دائي وأنا أرجوا أن يكون سببا لشفائي
قالت : فإن كنت صادقا في مقالتك فلم بكيت ؟
قلت لها : رحمك الله والصادق لا يبكي ؟!
قالت : لا
قلت لها : لم لا يبكي الصادق ؟
قالت : لأن البكاء راحة للقلب وملجأ يلجأ إليه وما كتم القلب أحر من الزفير والشهيق وذلك ضعيف عند أوليائه .
قال ذو النون : فبقيت والله متعجبا من قولها
فقالت لي : ما لك ؟
قلت : أنا والله متعجب من قولك
قالت : وهل نسيت القرحة التي ذكرتها ؟
قال : قلت لها : رحمك الله إن رأيت أن تمني علي بالزيادة .
فقالت : وما أفادك الحكيم في مقامك بين يديه من الفوائد ما يستغني به عن طلب الزوائد
قال : قلت لها : رحمك الله ما أنا بمستغن عن طلب الزوائد
قالت: صدقت يا مسكين حب مولاك واشتق إليه فإن له يوما يذيق فيه أولياءه كأسا لا يظمئون بعده أبدا ثم علا شهيقها ثم قالت : يا حبيب قلبي إلى كم تخلفني في دار لا أجد فيها صادقا بريئا من الدعاوي الكاذبة يسعدني البكاء علي أيام حياتي . ثم تركتني وانحدرت في الوادي وهي تقول : اللهم إليك لا إلى النار حتى غاب شخصها عن بصري وانقطع صوتها عن سمعي .
قال ذو النون : فو الله ما ذكرت كلامها قط إلا كدر علي أحشائي وعيشي .
قال ذو النون: فلقد أدبتني واستقام حالي منذ رأيتها .
وأنشدوا :
أريد وأنت تعلم ما مــرادي وتعلم ما تلجلج في فؤادي
فهب لي زلتي واغفر ذنوبي وسامحني بها يوم التنادي