أبوالزبير
25 Sep 2006, 03:39 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
فاعلية هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
د . نورة السعد
يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله حول أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثره الاجتماعي على الفرد والمجتمع : " إن موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موضوع عظيم جدير بالعناية لأن فيه تحقيق مصلحة الأمة ونجاتها، وفي إهماله الخطر العظيم والفساد الكبير واختفاء الفضائل وظهور الرذائل".
وسماحته استمد هذا من الآيات القرآنية الكريمة والسنة النبوية الشريفة..
ولا يخفى على جاهل وليس ذا علم فقط أن الهدي القرآني (يلزم) بهذا الأمر ولا يتركه (خياراً) للأمة.. فالآية الكريمة تنص على {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} فهل الأمر الرباني قابل للتفاوض ولمتغيرات العصر كما ينادي البعض ممن ينساق إلى تبعية الغرب!؟
بل هناك توضيح بجزاء من يقومون بهذه المهمة فهم (المفلحون) دلالة على أن من يجافيهم فهو من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع.
المجتمعات تتغير في مؤسساتها وأنظمتها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.. ولكن جانبها (العقدي) غير قابل للتغيير.. نعم قد تتغير وسائل الهداية والتوجيه والضبط للسلوك.. ولكن لا يتغير المنطلق.. والمنطلق هو الأمر الإلهي القائل { يابني أقم الصلاة وامر بالمعروف وانه عن المنكر وأصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور}.
ثم ققال سبحانه وتعالى: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر}.. وقال القرطبي في تفسيرها (هو شرط شرطه الله عز وجل على من أتاه الله الملك).. ومن ترك هذا الواجب فإنه لا وعد له من الله بالنصر.. والآيات القرآنية متعددة والأحاديث الشريفة مثلها تؤكد على وجوب هذا التناصح بالمعروف والنهي عن المنكر..
ولهذا كانت (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) في مجتمعنا تمثل علامة فارقة لضبط السلوك المنحرف وكم من جرائم أخلاقية وانحرافات سلوكية تم حماية المجتمع من مرتكبيها عن طريق رجال الهيئة.. وما هو مطلوب من المجتمع الآن هو تعزيز هذا الدور والبقاء عليه متميزا ومستقلا عن بقية الأجهزة الأمنية ولكن مدعوما بالأجهزة الحديثة التي تساعد منسوبيه على أداء أدوارهم بفعالية وتميز.
فهم المجاهدون لحماية أمن المجتمع.. وكم من حالات انحرافية لجأت فيها بعض الأسر إلى رجال الهيئة طلبا للحلول، لعلمهم بكيفية أدائهم وحسن نيتهم بل هناك دراسة اجتماعية أكدت على أن ما نسبته 70% من الجرائم الأخلاقية تم ضبطها من قبل رجال الهيئة (عيون المجتمع الساهرة).. والمجتمع حاليا يمر بتغيرات اقتصادية وثقافية، وتعيش في أحيائه ومتاجره جنسيات مختلفة بعضها غير مسلم، وكل هؤلاء يختلفون في توجهاتهم ومصادر عيشهم.. وهم يشكلون نقاط ضعف في نسيج المجتمع مع من انحرفوا من المواطنين.. وهؤلاء المنحرفون لا يخلو منهم أي مجتمع.. ولابد من إسهام كافة المؤسسات والهيئات لإصلاحهم وعقابهم إن تعذر التوجيه ولم تفد وسائل الوقاية..
إن ما يقوم به (رجال الهيئة) عمل أمني وواجب ديني ووطني، وقبل محاسبة بعضهم.. ينبغي أن نستوعب ما الذي قدم لهم من آليات الأداء المتميز، حتى نساعدهم على هذا الدور؟!
ولهذا أعيد مطالبتي بضرورة تعزيز دورهم في المجتمع، وتأهيلهم فنياً، وتزويدهم الهواتف النقالة ووسائل الأمن لحمايتهم، من المجرمين والخارجين عن قوانين المجتمع..
ولابد من وجود بطاقات خاصة بهم.. ولن أقول (زي خاص) بهم.. لأن ما قصدته في مقالتي السابقة عن تميزهم بزي معين.. لا أقصد فيه تغيير ملابسهم الحالية.. ولكن وجود ما يميزهم من بطاقة مثلا..
ربما مشكلة رجال الهيئة الأفاضل حاليا أنهم لا يتقنون (فن الإعلان عن خدماتهم ودورهم).. لأنهم يعملون بصمت يحملون هموم المجتمع الى منازلهم، لا يعيشون الحياة العائلية مع زوجاتهم وأطفالهم.. فهم جنود في الظل وقتهم متاح للجميع.. ولكل من يستنجد بهم..
حتى أننا أصبحنا نتداول عبارات: أين رجال الهيئة؟ عندما نرى تصرفات غير منضبطة من البعض سواء في الأسواق أو المنتزهات، وأصبح معروفا أن بعض (المواقع الترفيهية) التي لا يسمح لرجال الهيئة في دخولها تنتشر فيها الوقائع الانحرافية وإيذاء الآخرين، بل إن مجرد مرور رجال الهيئة في الأسواق يحدث انضباطا لدى المنحرفين الذين يتجولون في الأسواق طلبا للإيذاء أو صيد الفريسة..
وهناك دراسة اجتماعية للدكتور محمد السيف حول هذا الجانب في مؤلفه (الظاهرة الإجرامية في ثقافة وبناء المجتمع السعودي)..
ما أردت التأكيد عليه هو أن هذه الهيئة ووجودها أو عدمه في المجتمع ليس أمرا يخضع لرغبة هذا وهذا.. بل (هي ضرورة) وماهو مطلوب هو العمل على تحسين مستوى أداء أفرداها، ومساعدتهم في تقديم النصح وتوفير وسائل حديثة تعزز دورهم الديني للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وليس الهجوم عليها كما حدث مؤخرا.
وكنت أتوقع أن تتاح الفرصة لمن يوضح دورها في الصحافة بالقدر الذي أتيح لمن هاجمها بعنف!!
إيمانا بحرية التعبير.. فأمام هذا الكم الهائل من الهجوم عليها وادعاء أنها المسؤولة عن موت الطالبات.. رغم ظهور حقيقة الموقف بعد ذلك.. ورغم توضيح الأمير نايف بن عبدالعزيز هذا الجانب إلا أن معظم الصحف أغلقت صفحاتها عن نشر آراء من يوضحون (دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) في المجتمع.. وهيمنت على الصحافة النظرة الأحادية في التحليل والتوجه.. وهذا موقف غير موضوعي.. لا يلحق الضرر بالهيئة قدر ما يجره على المجتمع ومؤسساته وجماعاته.. ولتكن الآية الكريمة القائلة: {لعن الله الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يصنعون}.. خير مرشد لنا في هذا الواقع المعاصر الذي يتطلب منا التمسك بالثوابت والحرص على تطبيقها اجتماعيا.. حتى لا ننساق لمرحلة {لبئس ما كانوا يصنعون}..
أبوالزبير
25 Sep 2006, 03:42 AM
عندما تكون الهيئة أباً وأماً..!!
ندى بنت عبدالعزيز اليوسفي
هي أكف حانية.. أعين ساهرة.. أم رؤوم وأب عطوف.. يحز في نفسها أن ترى أبناءها يتجرعون السم من أيدي ضعاف النفوس, ويكدر نفسها أن تضيع زهرات أعمار شبابنا فيما لا يفيد, ويضيق صدرها وهي ترى الصلاة تقام ورجل واقف مكانه لا يتجه للمسجد, ويثير غيرتها على أعراض المسلمين رؤيتها لبنات المسلمين وهن يوجدن بلباسهن المتبرج في مركز تجاري أو مطعم ما في وقت غير مناسب أو بلا محرم أو بلا أدب, بل بتبرج فاضح, ويثير حميتها رؤية الشباب المستهتر وتهافتهم على المعاكسات والنيل من أعراض نساء المسلمين.. نعم هي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أثاب الله القائمين عليها.
إنها هيئة للتعديل والتقويم والإصلاح, ليست عدالة جائرة ولا نظاما مفروضا لم يرد واضعه إلا المعاقبة, بل هي أسمى من ذلك بكثير, إنها هيئة بنيت على أحكام الكتاب والسن ة, فما هو مأمور به تأمر به, وما هو منهي عنه تنهى عنه, وضعت نصب أعينها قوله تعالى: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون )[آل عمران: 110], وقوله صلى الله عليه وسلم : ؛ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره, ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن, ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل«.
هذه الهيئة عندما وضعت سفينة النجاة شعارا لها وطوقت جيدها بقوله تعالى: ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ )[آل عمران: 104], لم تكن تمزح ولم تكن أهدافها فراغا , بل كانت وما زالت كالقائد الذي يقود دفة الأمة إلى بر النجاة وأكرم به من بر, حيث الأعراض مصانة والخمور مراقة والمعاكسون مقو مون والأمن مستتب ولا متخلف عن الصلاة أو تارك لها..
واسألوا من وقع في قبضة رجال الهيئة, وأنا أتحفظ على استخدام مفردة قبضة, لأن القبضة عادة تطلق على القوي بظلم, ذي البطش غير المأمون تجاوزه الحد في العقاب, والهيئة بعيدة عن ذلك فهي تستعمل الإصلاح بالدرجة الأولى وتطبق حدود الله دون هوادة مع من يستحقها, فهي هيئة تقويمية وليست سجنا .. نعم اسألوا من وقع في أيديهم من الفتيات وهم على حال منكر.. كيف انتشلوهن من بحور الظلمات.. كيف صانوا أعراضهن.. كيف أنقذوهن من براثن الذئاب التي لا ترحم. لم ينهوهن عن تبرجهن في الأسواق تعد على حرية شخصية أو تحكما بهن, بل صيانة لهن وحفظا لهن وتحقيقا لأمر سماوي ومصلحة عليا لا يخطىء في الوصول إليها متأمل.. وكذلك اسألوا الشباب كم تائب تاب على أيديهم وكم ضائع اهتدى بسببهم - بعد الله - وكم حائر أخذوا بيده إلى الطريق القويم.. كم مدمن للخمر ضربوا على يديه حفاظا على دينه وصحته.. وكم من تارك للصلاة أرجعوه إلى حظيرة الدين.. كم من معاكس أوقفوه عند حده ومنعوه من اللعب بأعراض الناس, وكم من متشبه قوموه وأرشدوه , كم من فرد كان على شفا الوقوع في الفاحشة والهاوية فوجد رجال الهيئة له بالمرصاد. كم مروج للأشرطة الفاضحة والسموم وقع في أيديهم فمنع شره عن فتيان كثر.. كم وكم..
ألا تروهم في الأسواق وفي أماكن التجمعات آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر.. أهم ينتظرون مكافأة وجزاء? يكفيهم المكافأة التي وعدهم بها القائل: ؛من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا « وحسبك أن تنتشي فرحا وأنت ترى كيف تبدأ بعض النساء هداهن الله بإصلاح غطائهن عندما يسمعن بقرب وصول رجال الهيئة إلى مكان ما في سوق أو مكان عام, ويكفيك أيضا ما تراه من خوف بعض أصحاب المحلات عند الأذان ومسارعتهم لإغلاق المحلات, قد تختلف نيات هؤلاء, ولكن المتفق عليه أن لرجال الهيئة هيبة واحتراما أينما حلوا وفي نظر حتى أصحاب المعاصي ولو أبدوا غير ذلك, لأنهم على حق ويدعون إلى حق وبالحق مساندون وله مساندون!! وعجبا لمن تناول أفرادها سبا وتأثيما , وتعرض لهم قذفا وتلفيقا وحسبه من الإثم أن يقف في طريق من يأمر بحدود الله ونهى عن محارمه وإذا قيل أنها تتعدى على خصوصيات الناس وحرياتهم الشخصية, فنقول أي حرية في التعدي على حدود الله ومحارمه.. أي حرية في التعرض لأعراض المسلمين.. أي حرية في العبث بفتيات الأمة.. أي حرية في شرب الخمر والمتاجرة بها.. أي حرية في التبرج والسفور وإشاعة الفاحشة بين المؤمنين.. أي حرية في التشبه بالنساء وإضاعة حقوق الله والتعدي على محارمه.. نعم أي حرية هذه? إن الحرية الشخصية لها حدود مقيدة بالكتاب والسن ة ونحن نقرأ قوله صلى الله عليه وسلم : ؛كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه« وإلى متهمي الهيئة بالتعدي على الحرية الشخصية نسوق قوله صلى الله عليه وسلم : ؛مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها مثل قوم استهموا سفينة فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها فكان الذي في أسفلها يمرون بالماء على الذين في أعلاها فتأذوا به فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه فقالوا ما لك قال تأذيتم بي ولا بد لي من الماء فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم« نعم.. لهذا وذاك كان يجب أن يكون هناك من الأمة من يقوم بهذا الدور المهم.. الضرب على أيدي المفسدين وثني الضالين عن ضلالاتهم. وليقل من قال وليبع من باع, وليكتب بقلمه من كتب.. فهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هيئة أساسية في كل منشأة, لا تقبل المساومة على أهدافها ولا تخاف في الله لومة لائم.
لك أن تتصور كيف يتحول حال الأمة إذا تصرف كل فرد فيها على هواه وأتى من المحارم ما أراد ومتى شاء, كم من الأعراض ستنتهك.. وكم من الأمانات ستضيع.. وكم طاقات للشباب ستستنزف.. وكم هو الوقت المهدر من عمر هذه الأمة القصير آجال أصحابها سيكون.. ولك أن ترى حال بعض الدول التي ظلمت نفسها بتركها هذا الواجب وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إما جهلا أو تجاهلا , انظروا كيف يعانون ومن تحت الأنقاض يصرخون ويطالبون بالأمان ولا أمن, يطالبون بصون الأعراض.. يطالبون بوقف نزيف تضييع الدين ولكن لا فائدة, فالحمد لله الذي قيض لنا تحقيق هذا الواجب وألهم رجالا مقتدرين على حمله بأمانة, ففي كل وقت تراهم يجوبون الأحياء بحثا عن معروف يؤمر به ومعصية ينهى عنها, قد يقوم بعضهم بهذا الواجب على حساب نفسه, وأكثرهم متطوعون وما زلنا نستشرف أن ينضم المزيد والمزيد من رجال الأمة الصالحين ونسائها إلى ركب هذه الهيئة المنصورة بإذن الله التي تتبع اسما ومضمونا سياسة دولتنا الرشيدة المبنية على الحكم بالكتاب والسنة وتجد منها كل دعم وتعزيز, ومع توسع المدن وأحيائها وزيادة أعداد المراكز التجارية والصروح المختلفة وقوة التيار الخارجي المنحرف المحرق عبر وسائل الإعلام المختلفة, كان لزاما على الهيئة أن تتوسع وتزيد من فروعها ورجالها حتى يكون في كل بقعة مركز إشعاع يشيع نورا وهدى وحقا ..
أخي في الله.. لتتعاون مع هذه الهيئة في تحقيق الخير للأمة, فالتعاون على البر والتقوى أمر واجب مطلوب مقترن بواجب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فلا تقصر في التبليغ عن أي مخالفة شرعية في بضاعة أو متجر أو فرد أو منشأة, وتذكر أن هذا من النصيحة والدين النصيحة, فلنتعاون نساء ورجالا في تحقيق هذه الخيرية التي اختصنا الله بها, وتذكروا أنه كم من أب أوقظ من غفلته وكم من أم ذكرت بمسؤوليتها وكم من أخ أوقظ من نومه العميق وكم من عائلة شتت شملها ونالت الأمرين واستيقظت على فاجعة كانت تحاك من تحتها وهي لا تدري, فلنسهم معا في منع الضرر قبل أن يقع ولنحقق معا شعار سفينة النجاة فنحمل أمتنا إلى بر النجاة ودنيا الأمان.. لماذا ننتظر حتى تقع الجريمة لماذا ننتظر حتى ينتشر الفساد.. لنسهم قبل استفحال الضرر وقبل أن لا ينفع معه العلاج ولا يجدي معه حتى العقاب.
وأخيرا جزاكم الله خيرا يا رجال الهيئة.. وبارك الله في جهودكم أيها المحتسبون, اصبروا وصابروا ورابطوا, واحتسبوا الأجر عند الله فحسبكم دعوة أم لكم بالسداد بعد أن أنقذتم ابنتها من غائلة الانحلال, ودعوة أب أنقذتم ابنه من براثن الفساد, ودعوات أسرة سرتم بربها إلى بر النجاة وأنقذتموها من التشرد, والضياع, فكنتم وما زلتم كالأب الذي يتابع أبناءه فيقوم من يخطىء ويرشد من ينحرف وكالأم التي يؤلمها أن يصيب فلذات أبنائها الشر, قد يقابلكم البعض بالنكران والجحود, وقد يتهمكم البعض بالقسوة والجمود, ولكن حسبكم من عملكم دعوة صالحة كما أسلفت وأجركم على الله ولا تسمحوا لمن يثنيكم عن عملكم أن ينال منكم.. سيروا والله يوفقكم ويرعاكم ويسدد على طريق الحق خطاكم.
أبوالزبير
25 Sep 2006, 03:44 AM
يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ
ناصر بن يحيى الحنيني
الحمد لله ولي الصابرين ، وناصرِ المؤمنين ، ورافعِ درجات عباده المتقين ، الذين أمرو بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ، والصلاة والسلام على قائدِ الغرِّ المحجلين ، خيرِ من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، وصبر على الأذى حتى أتاه اليقين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم من المحتسبين إلى يوم الدين أما بعد :
أيها المؤمنون : لقد قص الله لنا في كتابه سيرَ الصالحين ونصائحَ الحكماءِ من عباده المؤمنين حتى تكون نبراساً ومنهجاً في حياة الناس ، ليسلكوا الطريق المستقيم ، ويعرفوا الطريق الموصلَ إلى رب العالمين ، فتسلمَ لهم أمورُ دينِهم ودنياهم ، ومما قصَّهُ الله في كتابه تلكم الوصايا التي أوصاها لقمان الحكيم لابنه ، وأقف معكم اليوم مع وصية من وصياه نحن في أمس الحاجة إلى التذكير بها وهي ما جاء في قوله سبحانه : ( يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ).
ولنا مع هذه الوصية العظيمة عدة وقفات :
الوقفة الأولى : أيها المؤمنون لنكن على علم ويقين أن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمرٌ افترضه الله على هذه الأمة وجعلَ شعارَها الذي تعرف به ووسامَها الذي تفخر به (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) ، بل هو أخص صفات المؤمنين وشعارهم الذي به يعرفون ، وإلى الله به يتقربون (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ ) ، بل إنه هذه الصفة العظيمة والعبادَة الرفيعة هي مما مُدح به سيد الخلق وعُرف حتى في الديانات السابقة المبشرة به (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ) فأمة هذا شعارها وهذه صفة أفرادها ، وهذا الوسام الذي عرف به نبيها فأكرم بها من أمة وأكرم به من مجتمع ، فيا عباد الله لا خيار لنا فإن الله أختار لنا هذا الطريق فلا منة لنا أن عملنا به ولا راد لعقوبة الله عنا إن نحن تخلينا عنه .
الوقفة الثانية : ليعلم أيها المسلمون أن الأمرَ بالمعروف والنهي عن المنكر واجبٌ على الأمة إذا قام به البعض سقط عن الباقين وإذا رأى الإنسان منكراً أو علم عنه ولم ينكره فإنه آثم ومخالف لنص رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )
وتأمل معي قوله صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم ) لم يقل جهاز الهيئة أو جهاز الأمن بل هي مسؤولية كل واحد من فاتق الله الله يا عبد الله هذا امر مولاك وهذه وصية رسولك وحبيبك فلا تفرط في أي مكان فالمدير في إدارته والمسؤول في عمله والوزير في وزارته والإمام في مسجده والمعلم في فصله وكل فرد في حيه ومسكنه وسوقه والأب في بيته ومع أبناءه وأهله فلا تبخلوا على أنفسكم بالتقرب إلى الله بإحياء هذه الشعيرة .
الوقفة الثالثة : أيها المسلمون : إن من نعم الله على هذه الامة أنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فبالأمر والنهي تدفع العقوبات وتستجلب الرحمات ، بالأمر والنهي تنعم الأمة وتكثر خيراتها ، وإن تركته لا تسل عنها في أي واد هلكت ، فأمم أهلكت لما قصرت في هذا الأمر بل لعنت وطردت من رحمة الله ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم إن بني إسرائيل لما وقع فيهم النقص كان الرجل يرى أخاه على الذنب فينهاه عنه ، فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون أكيلُه وشريبُه وخليطُه فضرب الله قلوب بعضهم ببعض )،ورسولنا قد حذرنا فقال بصريح العبارة صلى الله عليه وسلم: ( ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز منهم وأمنع لا يغيرون إلا عمهم الله بعقاب) وقال أيضاً : ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه فتدعونه فلا يستجيب لكم ) ، ولا تدفع العقوبة إلا بالأمر والنهي والإصلاح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لزينب بنت جحش : ( ويل للعرب من شر قد اقترب ...) فلما قالت : أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : ( نعم إذا كثر الخبث ) ، وكان عمر بن عبدالعزيز يقول : ( إن الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة ، ولكن إذا عمل المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلَّهم ).
الوقفة الرابعة : يا علماء الأمة يا طلاب العلم أيها المربون أيها الآباء إلى كل مسلم يغار على أمته ويريد لها العز والتمكين إجعلوا الامرَ بالمعروف والنهي عن المنكر من أولويات مناهجِكم التربوية ودروسِكم العلمية وتطبيقاتِكم العملية ، ربو الأمة صغارَها وكبارها رجالَها ونساءها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واعلموا أن الفضل كلَّ الفضل والخير كلَّ الخير في نشر وترسيخ هذه العبادة العظيمة ، كيف لا وربكم دعاكم لذلك فقال (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) فاسعوا إلي إيجاد هذه الأمة وتلكم الفئة التي بها تدفع العقوبات وتنزل الرحمات، واحذروا -وأنتم أعلم بذلك من دعوات المخذلين وإرجاف المرجفين واربأوا بأنفسكم عن تلكم الصفة المشينة التي لا تليق بعلمكم ولا حلمكم وهي التقاعس عن الأمر والنهي والصدع بكلمة الحق واعلموا أنه قد صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إِنَّ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ أَلَا وَأَكْبَرُ الْغَدْرِ غَدْرُ أَمِيرِ عَامَّةٍ أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا مَهَابَةُ النَّاسِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ إِذَا عَلِمَهُ أَلَا إِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ ) وجاء في الحديث الآخر أنه سئل أي الجهاد أفضل فقال : ( كلمة عدل عند سلطان جائر ) ولعلي أسوق لكم كلاماً يكتب بماء الذهب لابن القيم رحمه الله إذ يقول : "وأي دين وأي خير فيمن يرى محارمَ الله تنتهك وحدودَه تضاع ودينَه يترك وسنةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها وهو بارد القلب ، ساكت اللسان ، شيطانٌ أخرس ، كما أن المتكلم بالباطل شيطانٌ ناطق ، وهل بليَّة الدين إلا من هؤلاء الذين إن سلمت لهم مآكلهم ورياساتهم فلا مبالاة بما جرى على الدين وخيارهم المتحزِّن المتلمِّظ لو نوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذَّل وجد واجتهد واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة حسب وسعه وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقتِ الله لهم قد بلوا في هذه الدنيا بأعظم بلية تكون وهم لا يشعرون وهو موت القلب فإن القلبَ كلما كانت حياته أتم كان غضبُه لله ورسوله أقوى وانتصارُه للدين أكمل "أ.هـ
الوقفة الخامسة : إليكم ياشامة الزمن وياقرة العين أيها الأبطال المجهولون والمجاهدون الصامدون أيها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر إنني أقف خجلاً منكم نحن نتكلم وأنتم تعملون ، ونحن ننام وأنتم تسهرون ، تتعرضون للأذى ونحن في أتم العافية ، نصركم الله وسدد خطاكم ، اعلموا أن أجركم على الله وليس عند الناس ، ولئن فاتكم شيءٌ من الدنيا فما عند الله خير لكم وأبقى ، وأذكركم بوصية لقمان لابنه ( واصبر على ما أصابك) هي وصية لكم ولكل داعية إن هذا الطريق ليس مفروشاً بالورود كما يظنه من لافقه عنده بحقيقة هذا الدين وعظمته إن تكاليف الطريق إلى الله ونصر المسلمين كبيرة ولا يستطيعها كل أحد ، وهذه التكاليف هي التي تنقي صف المسلمين من المتخاذلين والذين يعيشون ليأكلوا ويشربوا ويناموا ويتناكحوا وأنتم حزتم قصب السبق والدرجات الرفيعة عند الله وعند خلقه ، إن مثل هذه التكاليف لا يستطيعها إلا العظماء والقادة الذين يؤهلون لقيادة الأمة إلى بر الأمان أما الجبناء والكسالى فليسوا أهلاً للسيادة ولا للريادة فالله يحفظكم ويرعاكم ويكبت عدوكم .
الوقفة السادسة : إليكم يا أيها الإعلاميون ، لقد آلمنا تلكم الأقلام الجائرة التي قدحت في أنقى وأطهر فئات المجتمع التي قدحت في الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ، ونقول لهم تذكروا قول الله سبحانه( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) وتذكروا قول نبيكم الكريم صلى الله عليه وسلم : ( من عادي لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) فكفوا أقلامكم وقبلها ألسنتكم ولا تلفقوا الأكاذيب عليهم ستكتب شهادتكم وتسألون ، واعلموا أنكم إن أردتم إرضاء المخلوقين أو كسب شيء من لعاعة الدنيا فإن الدائرة سوف تدور عليكم فمن أرضى الناس بسخط الله سخط الله وأسخط عليه الناس ، أيها الإعلاميون : إن من الواجب عليكم تجاه إخوانكم شدُّ أزرهم ونشرُ فضائلهم وتقريبُ جهودهم والتعريفُ بها في الوسائل الإعلامية المختلفة فهذا حقهم عليكم ، لكي تنالوا رضاء ربكم.
وليعلم المنافقون الذين يتربصون بالمؤمنين أن الأمة كلَّها أدركت وعلمت أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم ومسلمة وهو خيارها الذي اختاره الله لها، واعلموا أن هذه الدعوة المباركة التي شرقتم بها قد شبت عن الطوق وعمت السهل والوعر والبر والبحر بل عمت أرجاء الدنيا كلِّها ولن تتراجع بإذن الله لأنها عرفت طريق الخلاص وجربت كل المناهج فلا نجاة ولا عز لها إلا بمنهج ربها ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهو اعن المنكر ولله عاقبة الأمور )
الوقفة السابعة والأخيرة: إلى عموم الأمة علينا واجب عظيم تجاه إخواننا الذين بذلوا أنفسهم واحتسبوا أجرهم على الله ليأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ، بل علينا واجبات كثيرة منها :
أولاً : الكفُّ عن أعراضهم وتجنب قدحهم ،وعدم إعانة أعداء الله من المنافقين وأصحاب الشهوات عليهم ، بل يجب علينا الدفاعَ عن أعراضهم إذا ذكروا في مجلس أو قدح فيهم في أي مكان معلن أو مسر ولنتذكر قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من امريء يخذل امرأً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته ، وما من أمرءٍ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته ) رواه أحمد وأبوداود ، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من أذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة ) رواه أحمد
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من نصر أخاه بالغيب وهو يستطيع نصره الله في الدنيا والآخرة ) رواه البزار
ثانياً : الوقوف معهم عند الأزمات وتلمس حاجاتهم المادية ودعمهم ورفع معنوياتهم والدعاء لهم والوقوف معهم بالمال والنفس والجاه وبكل ما نستطيع فاللهم انصرهم ووفقهم وثبتهم.
أبوالزبير
25 Sep 2006, 03:45 AM
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ....
وتمكين المجتمع الحضاري من البقاء !
( في كل مجتمع يبزغ منه طائفة مؤمنة مخلصة تحمل على عاتقها مهمة الإصلاح ، ذلك الإصلاح العظيم الذي يتناول جميع جوانب الحياة العلمية والعملية ، فهناك الإصلاح الفكري ، وهناك الإصلاح الاقتصادي ، وهناك الإصلاح الأسري والاجتماعي ، وعلى رأس كل هذا الإصلاح يأتي الإصلاح الديني والأخلاقي ، ذلك الإصلاح الذي يعد الثمن الغالي لتحقيق الوعد الإلهي بالبقاء والتمكين ) .
حين يكتب الله لأمة - مسلمة أو كافرة - النهوض ، فإنها تهب عليها رياح الجد والعمل ونكران الذات ، والبعد عن الشهوات ، فإذا بدأ " العد التنازلي " ولاحت علامات التدهور ، فإن الصفات الجادة الجيدة تختفي ، لتحل مكانها صفات الكسل ، وحب الذات والأنانية المفرطة والتواكل وحب إشباع الشهوات الشخصية على حسابا انحلال المجتمع ، حتى ليصبح أداء الواجب من أصعب الأمور ، وتنطلق الشهوات ، ويطرح الإيمان والفكر في زاوية هامشية ...
هكذا يقرر علماء الاجتماع وكتّاب التاريخ ، وما المجتمع اليوناني والروماني بالأمس والغربي اليوم عنا ببعيد ، هذا وهو قد دخلوا الحضارة من أوسع أبوابها ولكن أمراض الحضارة أهلكتهم فبادوا ، فما بالكم بمجتمعات شبه متخلفة حضاريا قد سكرت حتى الثمالة بأمراض الحضارة ، دون أن تسجل توقيعا في سجل التاريخ الحضاري !!
يقول المفكر ( مالك بن نبي ) : إن النهضة تبدأ روحية قوية ، يعمل فيها الكل بدافع ذاتي ، لا يطلب مغنما ولا يطمع في أجر ، ثم يعقب هذه المرحلة مرحلة ثانية ، تفلسف المرحلة الأولى فتنتشر العلوم والمعارف أعظم انتشار ، وفي المرحلة الثالثة والأخيرة ، تهيج الغرائز ، ويصبح هم الإنسان إشباع غرائزة ، عندها تتدهور وتسقط الحضارة ؛؛؛ انتهى !
هكذا الحالة في جميع المجتمعات الإنسانية ، هناك أقطاب تتصارع من أجل كسب أرض الواقع ، قطب يمثل أنصار الإصلاح ، وقطب يمثل أنصار الشهوات ، والتاريخ يخبرنا أن أنصار الشهوات لا يترددون في استخدام أي سلاح ولو غير أخلاقي ضد خصومهم ، كما أن التاريخ أيضا يخبرنا بأن أنصار الإصلاح أحيانا يشوهون عملهم الإصلاحيّ بممارسات سيئة قد تعود على عملهم كله بالويل والخراب .
ومن العجيب أنه على مر التاريخ لم تتم فيه عملية إصلاح حقيقية وناجعة وناجحة كانت تستلهم إصلاحها من الخارج أو تستورد الإصلاح من الغرباء ، بل كانت العمليات الإصلاحية تنبع من الداخل وفي صميم ضمير الأمة وعلى أكتاف أبنائها البررة .
وفي كل مجتمع يبزغ منه طائفة مؤمنة مخلصة تحمل على عاتقها مهمة الإصلاح ، ذلك الإصلاح العظيم الذي يتناول جميع جوانب الحياة العلمية والعملية ، فهناك الإصلاح الفكري ، وهناك الإصلاح الاقتصادي ، وهناك الإصلاح الأسري والاجتماعي ، وعلى رأس كل هذا الإصلاح يأتي الإصلاح الديني والأخلاقي ، ذلك الإصلاح الذي يعد الثمن الغالي لتحقيق الوعد الإلهي بالبقاء والتمكين ، وكانت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي العلامة البارزة لذلك التحقيق ؛ قال الله تعالى : ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) .
وهذا الوعد هو في حقيقته أمر إلهي عظيم ، نزلت به السماء على قلب النبي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم ؛ قال الحق عز وجل : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) .
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة فرضها الله عز وجل في محكم التنزيل ، لأنه بهذه الفريضة يبقى المجتمع المسلم مصونا ومحفوظا من الفواحش والمنكرات .
قال الحبيب صلى الله عليه وسلم ؛ في الحديث الصحيح : ( لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم ) !
( نظام الحسبة ... في ظل الدولة السعودية )
حينما مكن الله للملك عبدالعزيز - رحمه الله - فتح الرياض عام ( 1319هـ) كانت عملية الاحتساب يقوم بها رجال متطوعون احتسابا لوجه الله .
وكان أشهرهم الشيخ عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ - رحمه الله - الذي كان يقود عملية الإصلاح الديني والاجتماعي في الرياض وما حولها .
ولقد علم الملك المؤمن عبدالعزيز آل سعود أهمية هذه الفريضة في حفظ المجتمع المسلم من الجرائم والمنكرات فأصدر أمره بتأسيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
فأمر الملك عبدالعزيز الشيخ عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ بمتابعة أعمال الحسبة ، وزوده برجال يساعدونه في مهمته ، وبذلك انتقل عمله من مرتبة التطوع إلى مرتبة التكليف الرسميّ .
ومن تلك اللحظة المهمة أخذت البلاد ُتعنى بأمر الحسبة من قبل قادتها - وفقهم الله - حتى تطورت الهيئة والحسبة بشكل عظيم وكبير وصدرت الأوامر الملكية المتلاحقة على مر العقود في التمكين لهذا العمل النبيل .
حتى صدر المرسوم الملكي الكريم رقم ( م/37 وتاريخ 26/10/1400هـ ) المبني على قرار مجلس الوزراء رقم ( 161) وتاريخ 16/9/1400هـ بالموافقة على نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالصيغة التي لا يزال يعمل بها الآن .
ويمكن أن نلخص للقارئ العزيز بعض ما جاء في المرسوم الملكي الكريم ؛ كالتالي :
- الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاز مستقل يرتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء .
- يكون الرئيس العام للهيئة بمرتبة وزير .
- ينشأ في كل منطقة هيئة فرعية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
- للرئيس العام تشكيل لجان من الأعضاء والمحققين تتولى النظر في : المخالفات الشرعية ، والقضايا الأخلاقية ، وتحديد التهم ونوع العقوبات ، ويتولى المشرفون التأديب بموافقة الأمير .
- مادة رقم 10 : على الهيئات القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكل حزم وعزم .
- مادة 11 : تقوم هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بضبط مرتكبي المحرمات أو المتهمين بذلك ، أو المتهاونين بواجبات الشريعة الإسلامية والتحقيق معهم .
- مادة 12 : للهيئة حق المشاركة في مراقبة الممنوعات مما له تأثير على العقائد أو السلوك أو الآداب العامة مع الجهات المختصة .
- مادة 17 : تزود الهيئات بعدد كاف من رجال الشرطة .
* ومن متابعة مواد المرسوم الملكي نجد أن الهيئات أعطيت سلطات مهمة لتحقيق مهمتها ومن ذلك : سلطة الضبط ، والتحقيق ، وتوقيع العقوبة ، والرقابة على الممنوعات .
وللهيئة دور مهم في الاحتساب غي مجالات عدة منها : الاحتساب في مجال العبادات ، والآداب العامة ، والعقائد .
( أهمية نظام الحسبة في المجتمعات الحضارية )
أي مجتمع حضاري فإنه بحاجة ماسة إلى أنظمة إصلاحية في كافة مجالاته ، وعلى رأس هذه الأنظمة النظام الخاص برعاية الآداب والأخلاق .
ولا يخلو مجتمع من المجتمعات من أنظمة أمنية تحميه من الأخطار ، كذلك الأنظمة الرقابية سواء كانت تجارية أو إدارية أو أخلاقية .
ومن أهم المميزات للمجتمعات الإسلامية - وخاصة مجتمعنا ولله الحمد - وجود نظام الحسبة وإقامة فريضة الاحتساب ، ورعاية الدولة الإسلامية لهذا النظام الحساس .
ولو ذهبنا نعدد الفوائد والمميزات والثمرات العظيمة لجهاز الحسبة في بلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية لطال بنا المقام ، وأقل ما يوصف به هذا النظام أنه " صمام الأمان " و " ضمير المجتمع " و " مرآته الصافية " .
ولأن كانت التكتلات العلمانية والليبرالية تعادي أو تظهر العداء لهذا النظام ولهذه الفريضة ، فإن من الإنصاف أن لا نعمم ذلك ، فهناك من يسميهم البعض - علمانيين - يحسون بخطورة وأهمية هذا الجهاز بعد تحسسهم للواقع وهذه - في نظري - خطوة إيجابية من هؤلاء ومنصفة لهذا الجهاز الخطير .
أما بقية من يحمل العداء والكراهية والحقد للهيئة لأسباب أخلاقية أو عقائدية أو مرضية ، فإن أقل ما يقال في حقه أنه شخص حطمت الهيئة - وفقها الله - آماله في الوصول إلى أعراض وحرمات المؤمنين فكان الحقد يغلي في قلبه تجاه نظام الحسبة .
وقد كشف أحد رموز العلمانية وأقطابها الكبار حقيقة دعاوى هؤلاء الذين يزعمون أنهم أنصار المرأة والحرية ، فشهد على نفسه وعلى حزبه بأنهم كاذبون مخادعون يتربصون بالمرأة كي ينهشوا لحمها ويمزقوا شرفها !!
يقول المفكر العلماني ( بوعلي ياسين ) :
( الرجل - العلماني - المثقف في مجتمعنا يدعو إلى المساواة ويطالب المرأة بأن تكون ندا للرجل ولكنه نادرا ما يتزوج هذه المرأة المتساوية معه أو الند له ، إنه يقبلها صديقة ورفيقة وزميلة لكنه يخافها ويبتعد عنها كزوجة ، والفتاة التي تعقد صداقة مع شاب على طريق الزواج تخاطر بأن لا يقبلها رجل حتى لو حافظت على غشاء البكارة إنه يريدها غرّة ، ولذلك تراه يركض وراء المراهقات ) !!
شهادة من الداخل ... تبين الازدواجية النكدة التي يتعامل بها الرجل العلماني مع المرأة ، والمسكينة تظن أن وراء هذا العلماني ملاكا أبيضا وقلبا طاهرا !
هذا هو صنف من يحارب ويعادي فريضة الحسبة ومن يقوم بها ، ولكن الحسبة أصبحت هي صمام الأمان الذي بدونه ستغرق سفينة المجتمع الحضاري .
يقول الأخ الفاضل رجل الأمن ؛ اللواء ( جميل الميمان ) بشهادة رائعة تجسد حقيقة ثمار الهيئة ونظام الحسبة :
( بصفتي أحد رجال الأمن في المملكة العربية السعودية ، أسجل هنا بكل صراحة كلمة حق هي أنه لولا وجود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقيامها بواجبها ورسالتها السامية دون كلل أو ملل بتأييد من الحكومة ، لكانت المجتمعات السعودية في وضع مخل أخلاقيا ، ولما أمن المواطن على عرضه ، وهي بما تقوم به من أعمال جليلة هادفة إلى الخير والإصلاح ومحاربة الرذيلة بصورها المختلفة).
هذه شهادة من مسؤول أمني كبير يعرف قيمة الأمن والأعراض ، يسجل ما للهيئة من أهمية واقعية للحفاظ على أمن وسلامة وأخلاق المجتمع السعودي الحضاري .
( معوقات وعثرات في طريق الحسبة )
ومع أهمية هذا النظام الذي فرضه الله علينا ، إلا أنه يواجه بعض العقبات والعثرات التي تعيق تطوره وتقدمه وترسخه بما يجعله مواكبا للعصر وما فيه من تراجع قيميّ وأخلاقي .
ويمكن أن نوجز تلك المعوقات والعقبات والملاحظات كالتالي :
(1) أن الهيئة وفروعها بحاجة ماسة إلى كثير من الدعم المادي والمعنوي لتحقيق أهدافها على أتم وجه ، كما تحتاج إلى تزويدها بالعناصر الشبابية المؤهلة علميا وتدريبيا على أعمال الاحتساب ، لأن لدهم القدرة على فهم مشاكل العصر .
(2) حاجة رؤساء المراكز للتدريب المستمر والمكثف لتخطي عقبات ومشاكل العصر ، وتأدية أعمالهم بأسلوب يجمع الحكمة والالتزام ، الحكمة في إقناع المخالف بمخالفته ، والالتزام بأوامر الشرع ونواهيه .
(3) إن بعض أعضاء الهيئة أصيب بحالة فتور لإحساسهم بأنهم لا يجدون الاهتمام مثل غيرهم من موظفي الدولة ، من حيث الرواتب والمكافآت ، والبدلات ، وغيرها من الحوافز ، وأنهم يعانون في عملهم أكثر من غيرهم ، نظرا لاحتكاكهم بالجمهور ، وعلاقتهم بالقضايا الأمنية التي قد يدفع الإنسان نفسه في سبيلها .
(4) مهمة التحقيق في هذا العصر فن من الفنون وعلم له قواعده وطرقه نظرا لتعقد المشاكل وتمرس المجرمين في طرق الفساد ومقدرتهم على التخفيّ ، وهذا يتطلب أن يتعلم الأعضاء في الهيئة فن التحقيق المتطور .
(5) حاجة الهيئة لوسائل نقل واتصالات حديثة تمكنهم من الاتصال المباشر والسريع مع بقية الأجهزة الأمنية الأخرى مثل الشرطة والأمارة والمباحث .
(6) حالة الإحباط التي أصيب بها بعض أعضاء الهيئة بسبب ازدواجية الآداب الاجتماعية !
فحين يجد نفسه في فجوة بين القيم العالية المثالية التي يتعلمها ويعلمها وبين الواقع المرير المتناقض لما يعلمه ويتعلمه ، ولذلك اضطر كثير من أعضاء الهيئة لترك الهيئة بسبب عدم تحمل أنفسهم لحجم وكمية وكيفية الجرائم التي يشاهدها في مركزه .
كلمة أخيرة أوجها لكل عضو من أعضاء الهيئة - حفظهم الله - في بلادنا الغالية والحبيبة :
مهمة الإصلاح ليست هينة ، وتذكروا أن الله معكم ، وتذكروا أن قلوبنا معكم ، فلتسر قافلتكم الإصلاحية تقود المجتمع إلى بر الأمان، ولتبقى الأصوات النشاز تنطلق فهي عما قريب ستكون من الماضي بمشيئة الله .
صقر الأحبة
29 Sep 2006, 03:36 AM
أسأل الله أن يعظم أجرك أبا الزبير و يرفع قدرك
أبوالزبير
29 Sep 2006, 04:03 AM
أسأل الله أن يعظم أجرك أبا الزبير و يرفع قدرك
اللهم آمين وإياك أخي صقر
وهذا أقل شيء نساهم به في
حق هذا الجهاز المبارك
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
نسأل الله أن يبارك فيهم وفي جهدهم
أبو مشاري
01 Oct 2006, 01:46 AM
بارك الله فيك وأكثر الله من امثالك وأحسن الله اليك ونفع بك على هذا الجهد الرائع
البركات
01 Oct 2006, 01:52 PM
جزيت الجنة
اخوي الغالي
ابوالزبير
وبارك الله فيك
وأكثر الله من امثالك
وأحسن الله اليك
ونفع بك
وجميع المسلمين
على هذا الجهد الرائع
وننتظر المزيد
أبوالزبير
01 Oct 2006, 07:34 PM
بارك الله فيك وأكثر الله من امثالك وأحسن الله اليك ونفع بك على هذا الجهد الرائع
وفيكَ باركَ الله أبو مشاري
أبوالزبير
01 Oct 2006, 07:35 PM
جزيت الجنة
اخوي الغالي
ابوالزبير
وبارك الله فيك
وأكثر الله من امثالك
وأحسن الله اليك
ونفع بك
اللهم آمين وإياكَ أخي البركات
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir