خالد أبو زبيدة
16 Oct 2006, 04:21 PM
:0: الحمد لله العظيم في قدره العزيز في قهره ..
نحمده على القضاء حلوه ومره ..
لا إله إلا هو مالك الملك ..
يؤتي الملك من يشاء ..
وينزع الملك ممن يشاء ..
ويعز من يشاء ..
ويذل من يشاء ..
كل ملوك الأرض عبيد عند الله ولا يملكون شبراً من أرضه لولاه ..
وكل أغنياء الأرض فقراء عند الله حفاة عراة لا يجدوا ما يأكلون ولا ما يشربون لو لم يكسهم ويطعمهم الله ..
وكل أقوياء الأرض والسماء ضعفاء عند الله ..
وما حرّك مفاصلي ومفاصلكم ومفاصلهم إلّاه ..
الملك من ولّاه !!..
والغني من أغناه !!..
والقوي من قوَّاه !!..
والعاصي على عصيانه من يحلم عليه وهو قادر عليه من يراه ..
سبحانه لا ربَّ يُعبد ولا ربَّ يُخشى سواه ..
ما أعظمه ، وما أحلمه ..
عصاه العاصي ؛ فرآه ؛ ثم أمهله ؛ ثم عصاه ..
ستر عليه ؛ فعصاه ..
استصلحه ؛ فعصاه ..
ضيَّق عليه ؛ وعصاه ..
أغدق عليه من النعم ؛ فعصاه ..
ثم بلا موعد ..
ثم بلا موعد ..
أخذه فلم ينفعه تحت الأرض دعاه ولا بكاه ..
{ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } ..
رأيت ما لم يره الكثير منكم ..
وقفت أنا ومَلَك من ملائكة السماء ..
خُلق من نور يا من خُلقنا من تراب ونسينا ..
ما عصى الله قط ..
يا من حُمّلنا جبال الذنوب على عواتقنا ونسينا ؛ إلا من رحم الله ..
وقفت أنا وملك الموت في نفس التوقيت ، ونفس المكان ؛ في المستشفى ؛ وخارجها إلى هذا اليوم ( 24 ) مرة ..( 24 ) مرة ..
ليس هذا بغريب أن أقف أنا وملك الموت وأرى إنسان يحتضر أو إنسانة ( 24 ) مرة ..
هذا ليس غريب ..
{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } ..
فالجميع سيرحل ..
والجميع بعدها سوف يُسأل ..
{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } ..
أما قال ربنا عز وجلّ : { إِنَّكَ مَيِّتٌ } لمحمد عليه الصلاة والسلام وهو حي يمشي فمات ..
{ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} ..
فهذا ليس بغريب ..
إذاً ما الغريب !!..
الغريب ..ما خُتمت من هذه الصحائف بلا إله إلا الله إلا صحيفة ..
صحيفة واحدة هي التي ختمت بلا إله إلا الله ..
لا تجرب الآن ..
أخي لا تجرب الآن ..
تستطيع أن تقول مليون مرة لا إله إلا الله ..
الموعد أخي ليس الآن ..
الموعد { كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ ، وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ، وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ } ..
أخي ..أختي ..
سوف تذكرون هذا الكلام ولكن على أي حال !!..
هذه إحداهن كانت في المستشفى تتحدث ؛ تتحرك ..
آخر من كشف عليها أنا حين نزعت السماعة من أذني ..
إذا بها تقول بالحرف الواحد : الله يعافيكم شلون التحاليل ؟!..ترى والله ملينا من ذا المستشفى ؛ متى نطلع ؟..
فأرسلنا تحاليلها إلى المختبر في الأرض ..
وأرسل من في السماء {مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ }رسولاً لا يعصي له أمراً ..
ما هي إلا لحظات ..
العينة تُفحص تحت المختبر ..
وملك الموت عندها في الغرفة ..
لحظات ..
وأنا أُقلب في ملفها خارج الغرفة ..
إذا بالممرضة تأتي بسرعة فزعة ..
قالت : تعال شف ..
فلما دخلت الغرفة ..
رأيت فتاة غير التي رأيت ..
التي رأيت قبل قليل تحرك اليدين وتقول ملينا ، ومتى بنطلع ..
هذه الأيادي التي أُرسلت ، ثم أُقبضت والله ما رأيتها إلا تعطلت ..
اللون شاحب ..
والبصر خاشع شاخص ..
الأطراف ممدة ..
والشفاه ترتعش ..
نظرة سريعة لجهاز المراقبة إذا بنبضات القلب كانت 80 – 62 – 45 ..
ضغط الدم ينزل ..
بدأت أرى معالم الفراق على وجهها ..
خشيت أن تُغلق الصحيفة بغير لا إله إلا الله ..
كما أغلقت الصحف من قبلها ..
( 24 ) حالة _ والذي نفسي بيده _ ما قال لا إله إلا الله إلا واحد ..
لا تستغرب الآن ولا تجرب ..
تستطيع الآن أن تقول مليون مرة ..
الموعد ما هو الآن ..
فأسرعت قلت : لا إله إلا الله ..
وإذا بالشفاه ترتعش كأنَّ عليها جبل لا تتزحزح ..ترتعش بلا أحرف ..
كررتها الثانية ..
الثالثة ..
ما بقي إلا عدة نبضات ..
خشيت أن تُغلق الصحيفة بغير لا إله إلا الله ..
أسرعت عند أذنها يا أخوان ولقنتها في المرة هذه تلقين قلت:قولي لا إله إلا الله ..
ولا أحرف تخرج ..
لما كررت عليها ، واشتد النزع ، وإذا بالمرأة تعالج السكرات ..
الحنجرة تدخل وتخرج ..
وإذا بالنزع يشتد ..
فما هو الملك ينزع الروح إلا وبدأت أسمع حشرجة ، وبعض الحروف تخرج ..
كررتها لا إله إلا الله ..
سمعت أحرف ، وصوت متحشرج ..
هل كانت لا إله إلا الله !!..
لا والذي نفسي بيده ..
والروح تُنزع ، والصوت المتحشرج ببيت يُغنى مُلحن بصوت متحشرج ..
وإذا بها تغني بيت حتى لا يدعها تُكمل البيت الثاني إلا والروح قد خرجت من المستشفى ..
ماتت ..
هل تعرف آخر صفحة في السجل ..
في سجل حياتها آخر صفحة ..
غنّت قبل أن تموت ..
تعرض يوم القيامة على الجبار مغنية ..
طبعاً لا نعرف هذا المعنى الآن ..
ها هي الآن لها قرابة السنة تحت الأرض ..
والله لو تصطرخ في كل يوم وتعض الأصابع وتبكي الدم ..
ربي أخرجني ..
والله ما أسمع إلا ما يرضيك ..
ولا أرى إلا ما يرضيك ..
وأقوم الليل ما أنام ..
وأصوم النهار حتى أموت ..
هل ترجع ؟!..
{ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ..
قال رسولنا عليه الصلاة والسلام كلمات عربية ؛ ونحن عرب ويا ليتنا نعي بقلوبنا لا بأسماعنا ..
قال رسولنا عليه الصلاة والسلام :
(من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ) ..
ضع تحت ( آخر كلامه ) عشرين خط ..
ما قال الرسول عليه الصلاة والسلام من كان أول كلامه ..
ولا قال من كان أوسط كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ..
لأنهم أمم يقولها في الأول ، ويقولها في النصف ، وآخر فرض لحق عليه فوق الأرض رفع السبابة في التحيات قال : أشهد أن لا إله إلا الله ؛ حرَّك السبابة ، وحرَّك الشفاه ؛ وقلبه ما تحرك ..
فهيهات ..هيهات ..
أحدهم اسمه محمد على محمد صلى الله عليه وسلم ..
والآخر اسمه خالد على خالد بن الوليد ..
ما نفعتهم أسماؤهم ..
هل تعرف ماذا كنت أنت يا من ظلمت نفسك قبل أن تتكبر ..
والله الذي لا إله إلا هو لو وعينا هذا الكلام لتغيرت أحوالنا ..
خذ أصلك وأصلي ..
لم تكن شيئاً مذكوراً ..
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ } ..
هل رأيت التراب الذي تمشي عليه ، ولو علق بثوبك لأزلته ..
هذا هو أصلك ..
وغداً يكون فوقك تراب ، وعن يمينك تراب ، وعن يسارك تراب ، ومن تحتك تراب ..كأنك ما خرجت من التراب ..
ثم بعدها ..
{ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } كنت في يوم من الأيام لو غُسلت من الثياب لأُزلت ..تُغسل ..نطفة .. لم تكن شيئاً مذكوراً ..
ثم بعدها ..
كنت علقة { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } قطرة دم _ ما أضعفك _ متعلقة في الرحم ..
والله لو اجتمع الإنس والجن بعلمائهم وخبرائهم وأجهزتهم وقالوا نخلق له شعرة ؛ ما خلقوا لك شعرة ..
ما هو قلب ينبض ( 115000 ) نبضة في اليوم ..
ولا كلى تُغّسل ( 36 ) مرة في اليوم ..
شعرة ..لا يخلقون لك شعرة !!..
ثم بعدها ..
منَّ عليك المنَّان ..
كتب لك الحياة ..
ثم كنت قطعة لحم متعرجة { ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} مضغة ..كأنها مُضغت ثم أُلقيت ؛ لا لها يد ، ولا قدم ، ولا عين ، ولا أذن ، ولا تملك شيء
{ وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ..}..
ليه ؟!!..
حتى تخرج تقول : لا تدقق !! _ ما أضعفك _ { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ..
ثم تسعة أشهر في هذا الرحم ظلمات ثلاثة ..
ظلمة المشيمة ، وظلمة بطن الأم ، وظلمة الرحم ..
من يراك ؟!..
{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء ، هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ } ..
أمك ما تراك !!..
{ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ..
ثم بعدها ..
تخرج _ ما أضعفك _ ما بين خمس مليار هو خلقهم وشقَّ سمعهم وأبصارهم لكن ..
أنت يختصك من بين الخمسة مليار ويجعلك مسلم ..
لا بيد منك ، ولا بحسب ، ولا بنسب ..
{ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ } ..
ثم من بين هؤلاء المسلمين يجعلك سنّي ؛ على سنة محمد صلى الله عليه وسلم ..
{ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ } ..
{ ولَكنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَاْ يَعْلَمُونَ } ..
ها هو أحدهم ..
أخوتي رأيته في أحد الممرات في المستشفى ..
بعد ( 27 ) سنة ..
كما متعك الجبار اليوم يتحرك منك الآن ( 360 ) مفصل متى ما أردت أن ترسل اليد أو تقبضها لا تعصيك ..
أعطاها الله ( 27 ) سنة ما تعصيه أطرافه ..
هو بنفسه يقول: أنا أدبني الجبار..ويا ليته يعيد لي ما سلب مني والله لا أعصيه ..
وأنا أقول في نفسي { آلآنَ} ..
كيف رأيته يا ترى بعد القوة !!..
والله لقد رأيته قد انطوى في أحد ممرات المستشفى على العربية ..
أول ما رآني استبشر ..فرح ..
لأنه ما يستطيع يروح مثلي ومثلك ويناظر الناس ..
فيفرح إذا رأى إنسان مرَّ من عنده ..
أفضل نزهة له في ممر المستشفى ..
فأول ما رآني قال لي بالحرف الواحد : الله يعافيك دقيقة ..
فلما أتيت عنده قال : ابطلب منك خدمة الله يعافيك ..الله يجزاك عني خير ؛ تكفى بس تدفني لين باب الحمام _ أعزكم الله _ ..
المشوار ما أخذ مني سبع خطوات ..
فلما وصلنا عند الباب ؛ وإذا به يرفع الأعين ينظر بحياء ..
يحس إني صاحب أفضال عليه ..
وإذ بالعيون تلمع قال : جعلك الله في جنات النعيم ؛ والله ما قصرت ، وأنا أدري تعبتك ؛ بس تكفى معليش تدخلني جوّا الحمام _ أعزكم الله _ ..
فلما أدخلته ؛ وإذا بالرأس طأطأ ، والدموع تذرف؛ عله كان يتذكر يوم كان يمشي ما يحتاج أحد يدفعه ،ولا لأحد فضل عليه ؛وما كان يشكر الله عز وجل..
فجلس يدعو بحرارة ، ثم قال : آخر طلب ؛ والله ما عاد أطلبك غيره ، تكفى ؛ أنا عارف إني تعبتك ؛ بس طلب أخير ؛ تكفى بس تشيلني عن الكرسي وشيل ملابسي ؛ بس تكفى لا تناظرني ..
انظر إلى هذا المشوار ..
كم أقضيه أنا وأنت في اليوم ..
خمس مرات .. أربع مرات .. أقل .. أكثر ..
من يفتح لك الباب !!..
من يدفعك إلى هناك !!..
من أغلق الباب !!..
من نزع ملابسك !!..
من نظفك !!..
هل في يوم من الأيام _ أسألك بالله وأسألكِ أختي بالله _ في يوم من الأيام هل تذكر أنت أنك بعدما خرجت ، بعد هذه النعم ؛ ما رآك أحد ؛ عند الباب وأنت خارج استشعرت هذه النعم التي حُرم منها ملاييـن ..
ثم ارتفعت بقلبك إلى المنَّان ، وقلت : اللهم لك الحمد على أن فضلتني على كثير من العالمين ..تذكر في يوم !!..
{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ } ..
ما هي سبع خطوات !!..
أربعين سنة يحركك !.. يطعمك !.. يسقيك !.. { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ } ..
و { إنَّ َرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } ..
تعرف كم ينبض قلبك في السنة ( 42 ) مليون نبضة في السنة ..
ما تملك منها واحدة !..
لو ملكت الكون ما ملكت نبضة واحدة ..
أنا لن أقول ستُسأل وساُسأل أنا عن كل نبضة ..
لا .. والله الذي لا إله إلا هو كل قطرة دم ضخها قلبك إلى عينك فأبصرت حرام ستُسأل عنها ..
وكل قطرة دم ضخها قلبك إلى أذنك فمسعت حرام ستُسأل عنها ..
سواء اقتنعنا أو ما اقتنعنا ..
{ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} ..
هل تعرف كم تُغّسل كلاك في اليوم ..
بدون مواعيد ..
وبدون فتح ملف ..
وبدون واسطات ..
ولا بكاء عند الناس ..الله يعافيكم جددوا لي الملف ..قربوا لي الموعد ..
بدون هذه كلها تُغّسل في اليوم الواحد ( 36 ) مرة ..
تعرف كم يغسل غيرك ؟!..
مواعيد وتعب ..
يأتون أهله يجدونه قد سقط في السلم ؛ تسمم دمه ..
يسقط عليهم في السيارة مغمى عليه ..
يأتي ، يجول المكاتب ؛ يطلب الناس : تكفون يا أخوان أنا ملفي ينتهي اليوم وعندي غسيل بكرة تكفون لو شهر جددوا لي ..
بعد كل هذا في خلال شهرين تعرف كم يُغّسل ؟!..
يجلس ( 8 ) ساعات .. أنت تقضيها ؛ وأنا مع أهلونا ؛ والكثير منا _ إلا من رحم الله _ يقضيها بالمعاصي ..
تعرف ال( 8 ) ساعات أين يقضيها ؟!..
( 8 ) ساعات أمام الجهاز يخرج الدم من جسمه إلى الجهاز خلال ( 8 ) ساعات حتى يعود ..
تعرف كم يُغّسل في خلال الشهرين ؟!..
( 30 ) مرة ..
وأنت في اليوم الواحد ( 36 ) مرة لا غير ..
ليست مجاناً !!..{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } ..
الله ..الله بالأدب مع الله ..
ما دمتم فوق الأرض فالفرص عندكم ..
والذي نفسي بيده يوم تبلغ الحلقوم تسحب منك الصلاحيات كلها ..
أبتوب ..
{ رَبِّ ارْجِعُونِ } ..
تبكي الدم ..
يُقال { اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } ..
فوالذي ينفسي بيده ستذكرون هذه الكلمة ..
كل منا سيذكرها لأنها عامة ليست خاصة ..
كل من لم يتأدب مع الله فوق الأرض ..
سيُأدب في كفنه تحت الأرض ..
ثم يؤدب خمسين ألف سنة يوم العرض ..
ليس بعض ؛ بل كل ..
ها هو قريب لي جداً آخر ما كلمته أمس ..
جلس يتكلم معه أخوه فقال له : احمد ربك ..
فهذا الشاب قال : وش أحمد الله عليه ..
سمعه من ؟!..
سمعه { مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ }..
سمعه من حرّكه ؛ وغيره ما يتحرك ..
سمعه من شق َّ بصره ؛ وغيره ما يبصر ..
سمعه { رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } وهو يجحد نعمة الله ..
يقول : وش أحمد الله عليه ..
اتصل علي أخوه مباشرة قال:الله يعافيك تعال كلمه،أنا ما أقدر أكلمه خلاص ..
فلما أتيت فإذا بأمه تبكي ..
علمت أنه أساء الأدب مع جبَّار السماوات والأرض ، والله التجأت إلى الله أن يلطف بحاله ..
الأم تبكي هناك ..
والأخ يدعو ..
فإذا بي لم أره ؛ قد خرج ..
في نفس اليوم ..
يمشي بسرعة ( 180 ) ..
فإذا بالجبار يقدر القدر حتى يُعرّفه كلامه ..
فإذا بالسيارة بعد أن قال الجبار : { كُنْ } .. تنقلب ..
والله خرَّق الزجاج أجزاء جسمه ..
أنا من أخرج في غرفة الإسعاف ؛ أخرجت من رأسه زجاجة بهذا الحجم ..
وأخرجت من عينه _ والله _ حجر بهذا الحجم ..
وأنا أقول له : تذكر كلامك يا فهد اليوم ..
هو يبكي ويصطرخ ..
جسمه كله مخرَّق ..
ثم قذفت به السيارة واشتعلت بجانبه ..
صارت تدور من لطف الله عز وجل ما بينه وبينها إلا خطوة ..
رأى الموت ..
{ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } ..
يا غافلاً تتمادى ؛ غداً عليك يُنادى هذا الذي لم يُقدّم قبل المنية زادا
قال العزيز ربنا الله سبحانه جلَّ في سماه ؛ قال في الحديث الصحيح :
( وعزتي وجلالي لا أجمع لعبد _ وأنت عبد ، وأنا عبد وأنتِ ، أختي أمة ؛ فمن ينسى ذلك يهلك _ لا أجمع لعبدي خوفين ولا أمنين فإنَّ أمنني في الدنيا _ صح يصلي لكن ضامن الجنة _ فإن أمنني في الدنيا خوَّفته في الآخرة ) ..
أسألك بالله سؤال ..
من منا اليوم منذ أصبح أحسّ قلبه بوجل من النار فدعا الله في أي سجود من كل قلبه : اللهم أجرني من النار ..من منا !!..
{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } ..
أي واحد يأمن ويضمن الجنة !!..
لعب علي وعليك إبليس قال : مسلم !..عربي !.. في الجنة أنت !.. مكتوب اسمك في الفردوس !..
من منا حاسب نفسه ..
في اليوم مرة ..
في الأسبوع مرة ..
في الشهر ..
في السنة مرة ..
( فإن أمنني في الدنيا خوَّفته في الآخرة ) ..
ولما يُذكر الإيمان ..
ياتي إبليس ويكتب اسمك في المقدمة ..
تريد أن تعرف أنت مؤمن أولا ؟!..
دعك من تزكيات إبليس ..
اعرض نفسك على كلام الجبار العظيم ..
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } ؛ قف !!..هل نخشع في صلاتنا وتخشع في صلاتك ؟!..
{ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } ؛ كيف هي مجالسنا ؟!..
منا من يتورع عن الزنا ، ويتورع عن أكل الحرام ولسانه يفري في خلق الله ..
لما نزل هذا الحديث عُلم أن وعد الله حق ..
كيف لا وهو يقسم بعزته وبجلاله ، فصار النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه :
( اللهم اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم ) سبعين مرة ..
لأنه علم أنه إذا ما خاف في الدنيا سيُخوَّف في الآخرة ..
أبو بكر رضي الله عنه خير من وطات قدمه الثرى بعد الرسل والأنبياء ..
موعود بأن يدخل الجنة مع أي أبوابها الثمانية شاء ..
قال فيه المولى : { وَلَسَوْفَ يَرْضّى } ..
ما قال والله أنا على خير ، وأحسن من غيري وأموري طيبة ..
كان جالس أبو بكر _ ولك أن تتخيل هذا المنظر _ جالس أبو بكر ممسك بلسان نفسه ويهزه ..
دخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : مالك يا أمير المؤمنين ؟!..
قال : هذا _ يعني لسان نفسه ؛ اللسان الذي ما فتر عن ذكر الله ، ولا تلاوة القرآن ، ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر _ ..
يقول : هذا أوردني الموارد ..
عله أن يكون زلَّ بكلمة ..
من منا حاسب نفسه عن لسانه في يوم ؟!..
عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه ..
فُتحت على يديه الأمصار لكنه علم رغم أنه المُبشر الثاني ..
ثاني رجل في الأمة لكنه علم أنه مع منزلته هذه ..
إذا ما خاف في الدنيا سيُخوَّف في الآخرة ..
فلما سمع أنَّ حذيفة بن اليمان الصحابي الصغير اللي ما هو مبشر بالجنة ..
سمع أنه عنده أسماء بعض المنافقين ..
ما هو كلهم ..
بعض المنافقين ..
هل ارتاح عمر !!..
والله ما ارتاح ..
وجل قلب عمر ..
ما قرّ في مكانه ..
سعى سعي إلى بيت حذيفة يطرق على حذيفة الباب ..
يفتح حذيفة الباب : عمر ..تفضل ..
قال :لا !..حذيفة إني أسألك بالله ..
اسألك بالله هل ذكرني النبي صلى الله عليه وسلم مع المنافقين ..
ما عندهم مجاملات ..
عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه يخشى على نفسه النفاق ..
ومنا من اجتمعت فيه صفات المنافقين كلها لكن إبليس يقول له :
لا يا أخي !..أنت أحسن واحد عند الله عزَّ وجلّ !..ما بينك وبين الجنة إلا أن تُنزع روحك !..
كم منا إذا حدَّث كذب ؟!..
كم منا من إذا أؤتمن خان ؟!..
وإلا أنت خارج هؤلاء ؟!!..
أنت مُزكّى ؟!!..
أنت خاص عند الله ؟!..
تكذب على كيفك ، وتغدر على كيفك ؟!..
كم منا من إذا وعد أخلف ، وإذا خاصم فجر ؟!..
كم منا بالله من { إِِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } ؟!..
في الدندنة خذ رجال ؛ في خلواته يدندن ..
ويبغى إذا جاءت سكرة الموت يقول : لا إله إلا الله..
أخوتي ..
ما الذي أحضر عمر يسعى !!..
لأنه علم ولا بدَّ أن نعلم ..
من لم يخف في الدنيا يُخوَّف في الآخرة ..
هذه واحدة أخوتي بالرياض كنت مناوب فجاءني اتصال ودعيت إلى وحدة الطوارئ ..
فلما أتيت إذا بي أرى موقف ما {ايت مثله في حياتي ..
فتحت الستارة فإذا بي أرى فتاة عمرها ( 22 ) سنة ..
كان لها معالم في وجهها كما لي ولك ..
كان لها أنف ، ولها عينين ، ولها يدين ..
يد فتكت بها النيران حتى انقطعت ..
واليد الأخرى أكلت النيران الجلد ثم عاثت وفرت في اللحم والعضلات وقطّعت الشرايين وأكلت الأعصاب ؛ ما بقي إلا عصب واحد ، فقُطعت اليد الأخرى ..
هذا الأنف ..هذا الغضروف _ يا ضعفاء ..يا بشر .. يا من لا يطيق نار الدنيا فضلاً عن نار الآخرة _ ..
والله هذا الغضروف قد ذاب حتى التصق بخدها الأيسر ..
أرى لسانها مع فتحة الأنف _ منظر مريع _ ..
العين اليمنى فُضخت حتى التحم جفنها الأعلى بجفنها الأسفل _ألحمها من شقها أول مرة ؛ولو أراد عيني وعينك اليوم لن نعجزه في الأرض ولن نعجزه طلباً _ ..
الأذن كبر رأس أصبعي ..
والجهة الأمامية من الرأس ترى الجلد تكشف؛ليس الشعر فقط بل الجلد تكشف.
وضعت السماعة على صدرها والدمعات تسبق السماعة ؛ فلما رفعت السماعة فإذا بها !!..
ماذا بها يا ترى !!..
سماعة ..والله بها قشور من جلد صدرها قد التصقت في السماعة ..
هذه نار الدنيا !!..
طبعاً الذنوب اللي عندنا قال إبليس ياخذها عنا !!..
سيُحاسب هو !!..
أنت عزيز عند إبليس !!..
يتحمل عنك !!..
فصدقت..
نار الدنيا اللي صورها إبليس في عقلي وعقلك ..
قال : إيه ..تدخل وتطلع .. أنت مسلم ؛ قائل لا إله إلا الله ..
اسمع ماذا يقول الملك وهو الحق :{ وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً }..
أسألك بالله ..
في يوم من الأيام هل جلست مع نفسك وتخيلت حالك فوق الصراط !!..
الصراط أسود ، والكون ظلام ، والنار تغلي وتزفر سوداء ..
ظلام في ظلام ..
{ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ } ..
هل تخيلت حالك ، وأنت تسمع الصراخ ، وتسمع هذا يهوي !!..
قد وضعت أول قدم على الصراط ثم رفعت اليمنى ..
هل تفكرت في حالك !!..
هل تنزل على الصراط ، أو تهوي كما هوى الكثير منا خلف شهواته ؟!..
أو عندنا واسطة ..
إلى الآن لأننا ضامنين الجنة _ إلا من رحم الله _ ما نفكر في الأشياء هذه ..
نسمع { قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ } ..
نتخيل ناس ثانيين !!..نحن لا تمسنا النار !!..
لكن لما تذكر الجنة ، وتذكر القصور والحور يا أخوان ؛ والرجال على وجوه القمر يا أخوات {تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ}،والثمار،{وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } ..
يتخيل الواحد منا جلسته على الأرائك ..
لمَ !!..أم اتخذوا عند الرحمن عهدا !!..
{ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ } ..
:18:
نحمده على القضاء حلوه ومره ..
لا إله إلا هو مالك الملك ..
يؤتي الملك من يشاء ..
وينزع الملك ممن يشاء ..
ويعز من يشاء ..
ويذل من يشاء ..
كل ملوك الأرض عبيد عند الله ولا يملكون شبراً من أرضه لولاه ..
وكل أغنياء الأرض فقراء عند الله حفاة عراة لا يجدوا ما يأكلون ولا ما يشربون لو لم يكسهم ويطعمهم الله ..
وكل أقوياء الأرض والسماء ضعفاء عند الله ..
وما حرّك مفاصلي ومفاصلكم ومفاصلهم إلّاه ..
الملك من ولّاه !!..
والغني من أغناه !!..
والقوي من قوَّاه !!..
والعاصي على عصيانه من يحلم عليه وهو قادر عليه من يراه ..
سبحانه لا ربَّ يُعبد ولا ربَّ يُخشى سواه ..
ما أعظمه ، وما أحلمه ..
عصاه العاصي ؛ فرآه ؛ ثم أمهله ؛ ثم عصاه ..
ستر عليه ؛ فعصاه ..
استصلحه ؛ فعصاه ..
ضيَّق عليه ؛ وعصاه ..
أغدق عليه من النعم ؛ فعصاه ..
ثم بلا موعد ..
ثم بلا موعد ..
أخذه فلم ينفعه تحت الأرض دعاه ولا بكاه ..
{ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } ..
رأيت ما لم يره الكثير منكم ..
وقفت أنا ومَلَك من ملائكة السماء ..
خُلق من نور يا من خُلقنا من تراب ونسينا ..
ما عصى الله قط ..
يا من حُمّلنا جبال الذنوب على عواتقنا ونسينا ؛ إلا من رحم الله ..
وقفت أنا وملك الموت في نفس التوقيت ، ونفس المكان ؛ في المستشفى ؛ وخارجها إلى هذا اليوم ( 24 ) مرة ..( 24 ) مرة ..
ليس هذا بغريب أن أقف أنا وملك الموت وأرى إنسان يحتضر أو إنسانة ( 24 ) مرة ..
هذا ليس غريب ..
{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } ..
فالجميع سيرحل ..
والجميع بعدها سوف يُسأل ..
{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } ..
أما قال ربنا عز وجلّ : { إِنَّكَ مَيِّتٌ } لمحمد عليه الصلاة والسلام وهو حي يمشي فمات ..
{ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} ..
فهذا ليس بغريب ..
إذاً ما الغريب !!..
الغريب ..ما خُتمت من هذه الصحائف بلا إله إلا الله إلا صحيفة ..
صحيفة واحدة هي التي ختمت بلا إله إلا الله ..
لا تجرب الآن ..
أخي لا تجرب الآن ..
تستطيع أن تقول مليون مرة لا إله إلا الله ..
الموعد أخي ليس الآن ..
الموعد { كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ ، وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ، وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ } ..
أخي ..أختي ..
سوف تذكرون هذا الكلام ولكن على أي حال !!..
هذه إحداهن كانت في المستشفى تتحدث ؛ تتحرك ..
آخر من كشف عليها أنا حين نزعت السماعة من أذني ..
إذا بها تقول بالحرف الواحد : الله يعافيكم شلون التحاليل ؟!..ترى والله ملينا من ذا المستشفى ؛ متى نطلع ؟..
فأرسلنا تحاليلها إلى المختبر في الأرض ..
وأرسل من في السماء {مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ }رسولاً لا يعصي له أمراً ..
ما هي إلا لحظات ..
العينة تُفحص تحت المختبر ..
وملك الموت عندها في الغرفة ..
لحظات ..
وأنا أُقلب في ملفها خارج الغرفة ..
إذا بالممرضة تأتي بسرعة فزعة ..
قالت : تعال شف ..
فلما دخلت الغرفة ..
رأيت فتاة غير التي رأيت ..
التي رأيت قبل قليل تحرك اليدين وتقول ملينا ، ومتى بنطلع ..
هذه الأيادي التي أُرسلت ، ثم أُقبضت والله ما رأيتها إلا تعطلت ..
اللون شاحب ..
والبصر خاشع شاخص ..
الأطراف ممدة ..
والشفاه ترتعش ..
نظرة سريعة لجهاز المراقبة إذا بنبضات القلب كانت 80 – 62 – 45 ..
ضغط الدم ينزل ..
بدأت أرى معالم الفراق على وجهها ..
خشيت أن تُغلق الصحيفة بغير لا إله إلا الله ..
كما أغلقت الصحف من قبلها ..
( 24 ) حالة _ والذي نفسي بيده _ ما قال لا إله إلا الله إلا واحد ..
لا تستغرب الآن ولا تجرب ..
تستطيع الآن أن تقول مليون مرة ..
الموعد ما هو الآن ..
فأسرعت قلت : لا إله إلا الله ..
وإذا بالشفاه ترتعش كأنَّ عليها جبل لا تتزحزح ..ترتعش بلا أحرف ..
كررتها الثانية ..
الثالثة ..
ما بقي إلا عدة نبضات ..
خشيت أن تُغلق الصحيفة بغير لا إله إلا الله ..
أسرعت عند أذنها يا أخوان ولقنتها في المرة هذه تلقين قلت:قولي لا إله إلا الله ..
ولا أحرف تخرج ..
لما كررت عليها ، واشتد النزع ، وإذا بالمرأة تعالج السكرات ..
الحنجرة تدخل وتخرج ..
وإذا بالنزع يشتد ..
فما هو الملك ينزع الروح إلا وبدأت أسمع حشرجة ، وبعض الحروف تخرج ..
كررتها لا إله إلا الله ..
سمعت أحرف ، وصوت متحشرج ..
هل كانت لا إله إلا الله !!..
لا والذي نفسي بيده ..
والروح تُنزع ، والصوت المتحشرج ببيت يُغنى مُلحن بصوت متحشرج ..
وإذا بها تغني بيت حتى لا يدعها تُكمل البيت الثاني إلا والروح قد خرجت من المستشفى ..
ماتت ..
هل تعرف آخر صفحة في السجل ..
في سجل حياتها آخر صفحة ..
غنّت قبل أن تموت ..
تعرض يوم القيامة على الجبار مغنية ..
طبعاً لا نعرف هذا المعنى الآن ..
ها هي الآن لها قرابة السنة تحت الأرض ..
والله لو تصطرخ في كل يوم وتعض الأصابع وتبكي الدم ..
ربي أخرجني ..
والله ما أسمع إلا ما يرضيك ..
ولا أرى إلا ما يرضيك ..
وأقوم الليل ما أنام ..
وأصوم النهار حتى أموت ..
هل ترجع ؟!..
{ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ..
قال رسولنا عليه الصلاة والسلام كلمات عربية ؛ ونحن عرب ويا ليتنا نعي بقلوبنا لا بأسماعنا ..
قال رسولنا عليه الصلاة والسلام :
(من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ) ..
ضع تحت ( آخر كلامه ) عشرين خط ..
ما قال الرسول عليه الصلاة والسلام من كان أول كلامه ..
ولا قال من كان أوسط كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة ..
لأنهم أمم يقولها في الأول ، ويقولها في النصف ، وآخر فرض لحق عليه فوق الأرض رفع السبابة في التحيات قال : أشهد أن لا إله إلا الله ؛ حرَّك السبابة ، وحرَّك الشفاه ؛ وقلبه ما تحرك ..
فهيهات ..هيهات ..
أحدهم اسمه محمد على محمد صلى الله عليه وسلم ..
والآخر اسمه خالد على خالد بن الوليد ..
ما نفعتهم أسماؤهم ..
هل تعرف ماذا كنت أنت يا من ظلمت نفسك قبل أن تتكبر ..
والله الذي لا إله إلا هو لو وعينا هذا الكلام لتغيرت أحوالنا ..
خذ أصلك وأصلي ..
لم تكن شيئاً مذكوراً ..
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ } ..
هل رأيت التراب الذي تمشي عليه ، ولو علق بثوبك لأزلته ..
هذا هو أصلك ..
وغداً يكون فوقك تراب ، وعن يمينك تراب ، وعن يسارك تراب ، ومن تحتك تراب ..كأنك ما خرجت من التراب ..
ثم بعدها ..
{ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } كنت في يوم من الأيام لو غُسلت من الثياب لأُزلت ..تُغسل ..نطفة .. لم تكن شيئاً مذكوراً ..
ثم بعدها ..
كنت علقة { ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } قطرة دم _ ما أضعفك _ متعلقة في الرحم ..
والله لو اجتمع الإنس والجن بعلمائهم وخبرائهم وأجهزتهم وقالوا نخلق له شعرة ؛ ما خلقوا لك شعرة ..
ما هو قلب ينبض ( 115000 ) نبضة في اليوم ..
ولا كلى تُغّسل ( 36 ) مرة في اليوم ..
شعرة ..لا يخلقون لك شعرة !!..
ثم بعدها ..
منَّ عليك المنَّان ..
كتب لك الحياة ..
ثم كنت قطعة لحم متعرجة { ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} مضغة ..كأنها مُضغت ثم أُلقيت ؛ لا لها يد ، ولا قدم ، ولا عين ، ولا أذن ، ولا تملك شيء
{ وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ..}..
ليه ؟!!..
حتى تخرج تقول : لا تدقق !! _ ما أضعفك _ { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ..
ثم تسعة أشهر في هذا الرحم ظلمات ثلاثة ..
ظلمة المشيمة ، وظلمة بطن الأم ، وظلمة الرحم ..
من يراك ؟!..
{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء ، هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ } ..
أمك ما تراك !!..
{ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ..
ثم بعدها ..
تخرج _ ما أضعفك _ ما بين خمس مليار هو خلقهم وشقَّ سمعهم وأبصارهم لكن ..
أنت يختصك من بين الخمسة مليار ويجعلك مسلم ..
لا بيد منك ، ولا بحسب ، ولا بنسب ..
{ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ } ..
ثم من بين هؤلاء المسلمين يجعلك سنّي ؛ على سنة محمد صلى الله عليه وسلم ..
{ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ } ..
{ ولَكنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَاْ يَعْلَمُونَ } ..
ها هو أحدهم ..
أخوتي رأيته في أحد الممرات في المستشفى ..
بعد ( 27 ) سنة ..
كما متعك الجبار اليوم يتحرك منك الآن ( 360 ) مفصل متى ما أردت أن ترسل اليد أو تقبضها لا تعصيك ..
أعطاها الله ( 27 ) سنة ما تعصيه أطرافه ..
هو بنفسه يقول: أنا أدبني الجبار..ويا ليته يعيد لي ما سلب مني والله لا أعصيه ..
وأنا أقول في نفسي { آلآنَ} ..
كيف رأيته يا ترى بعد القوة !!..
والله لقد رأيته قد انطوى في أحد ممرات المستشفى على العربية ..
أول ما رآني استبشر ..فرح ..
لأنه ما يستطيع يروح مثلي ومثلك ويناظر الناس ..
فيفرح إذا رأى إنسان مرَّ من عنده ..
أفضل نزهة له في ممر المستشفى ..
فأول ما رآني قال لي بالحرف الواحد : الله يعافيك دقيقة ..
فلما أتيت عنده قال : ابطلب منك خدمة الله يعافيك ..الله يجزاك عني خير ؛ تكفى بس تدفني لين باب الحمام _ أعزكم الله _ ..
المشوار ما أخذ مني سبع خطوات ..
فلما وصلنا عند الباب ؛ وإذا به يرفع الأعين ينظر بحياء ..
يحس إني صاحب أفضال عليه ..
وإذ بالعيون تلمع قال : جعلك الله في جنات النعيم ؛ والله ما قصرت ، وأنا أدري تعبتك ؛ بس تكفى معليش تدخلني جوّا الحمام _ أعزكم الله _ ..
فلما أدخلته ؛ وإذا بالرأس طأطأ ، والدموع تذرف؛ عله كان يتذكر يوم كان يمشي ما يحتاج أحد يدفعه ،ولا لأحد فضل عليه ؛وما كان يشكر الله عز وجل..
فجلس يدعو بحرارة ، ثم قال : آخر طلب ؛ والله ما عاد أطلبك غيره ، تكفى ؛ أنا عارف إني تعبتك ؛ بس طلب أخير ؛ تكفى بس تشيلني عن الكرسي وشيل ملابسي ؛ بس تكفى لا تناظرني ..
انظر إلى هذا المشوار ..
كم أقضيه أنا وأنت في اليوم ..
خمس مرات .. أربع مرات .. أقل .. أكثر ..
من يفتح لك الباب !!..
من يدفعك إلى هناك !!..
من أغلق الباب !!..
من نزع ملابسك !!..
من نظفك !!..
هل في يوم من الأيام _ أسألك بالله وأسألكِ أختي بالله _ في يوم من الأيام هل تذكر أنت أنك بعدما خرجت ، بعد هذه النعم ؛ ما رآك أحد ؛ عند الباب وأنت خارج استشعرت هذه النعم التي حُرم منها ملاييـن ..
ثم ارتفعت بقلبك إلى المنَّان ، وقلت : اللهم لك الحمد على أن فضلتني على كثير من العالمين ..تذكر في يوم !!..
{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ } ..
ما هي سبع خطوات !!..
أربعين سنة يحركك !.. يطعمك !.. يسقيك !.. { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ } ..
و { إنَّ َرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } ..
تعرف كم ينبض قلبك في السنة ( 42 ) مليون نبضة في السنة ..
ما تملك منها واحدة !..
لو ملكت الكون ما ملكت نبضة واحدة ..
أنا لن أقول ستُسأل وساُسأل أنا عن كل نبضة ..
لا .. والله الذي لا إله إلا هو كل قطرة دم ضخها قلبك إلى عينك فأبصرت حرام ستُسأل عنها ..
وكل قطرة دم ضخها قلبك إلى أذنك فمسعت حرام ستُسأل عنها ..
سواء اقتنعنا أو ما اقتنعنا ..
{ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} ..
هل تعرف كم تُغّسل كلاك في اليوم ..
بدون مواعيد ..
وبدون فتح ملف ..
وبدون واسطات ..
ولا بكاء عند الناس ..الله يعافيكم جددوا لي الملف ..قربوا لي الموعد ..
بدون هذه كلها تُغّسل في اليوم الواحد ( 36 ) مرة ..
تعرف كم يغسل غيرك ؟!..
مواعيد وتعب ..
يأتون أهله يجدونه قد سقط في السلم ؛ تسمم دمه ..
يسقط عليهم في السيارة مغمى عليه ..
يأتي ، يجول المكاتب ؛ يطلب الناس : تكفون يا أخوان أنا ملفي ينتهي اليوم وعندي غسيل بكرة تكفون لو شهر جددوا لي ..
بعد كل هذا في خلال شهرين تعرف كم يُغّسل ؟!..
يجلس ( 8 ) ساعات .. أنت تقضيها ؛ وأنا مع أهلونا ؛ والكثير منا _ إلا من رحم الله _ يقضيها بالمعاصي ..
تعرف ال( 8 ) ساعات أين يقضيها ؟!..
( 8 ) ساعات أمام الجهاز يخرج الدم من جسمه إلى الجهاز خلال ( 8 ) ساعات حتى يعود ..
تعرف كم يُغّسل في خلال الشهرين ؟!..
( 30 ) مرة ..
وأنت في اليوم الواحد ( 36 ) مرة لا غير ..
ليست مجاناً !!..{ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } ..
الله ..الله بالأدب مع الله ..
ما دمتم فوق الأرض فالفرص عندكم ..
والذي نفسي بيده يوم تبلغ الحلقوم تسحب منك الصلاحيات كلها ..
أبتوب ..
{ رَبِّ ارْجِعُونِ } ..
تبكي الدم ..
يُقال { اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } ..
فوالذي ينفسي بيده ستذكرون هذه الكلمة ..
كل منا سيذكرها لأنها عامة ليست خاصة ..
كل من لم يتأدب مع الله فوق الأرض ..
سيُأدب في كفنه تحت الأرض ..
ثم يؤدب خمسين ألف سنة يوم العرض ..
ليس بعض ؛ بل كل ..
ها هو قريب لي جداً آخر ما كلمته أمس ..
جلس يتكلم معه أخوه فقال له : احمد ربك ..
فهذا الشاب قال : وش أحمد الله عليه ..
سمعه من ؟!..
سمعه { مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ }..
سمعه من حرّكه ؛ وغيره ما يتحرك ..
سمعه من شق َّ بصره ؛ وغيره ما يبصر ..
سمعه { رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } وهو يجحد نعمة الله ..
يقول : وش أحمد الله عليه ..
اتصل علي أخوه مباشرة قال:الله يعافيك تعال كلمه،أنا ما أقدر أكلمه خلاص ..
فلما أتيت فإذا بأمه تبكي ..
علمت أنه أساء الأدب مع جبَّار السماوات والأرض ، والله التجأت إلى الله أن يلطف بحاله ..
الأم تبكي هناك ..
والأخ يدعو ..
فإذا بي لم أره ؛ قد خرج ..
في نفس اليوم ..
يمشي بسرعة ( 180 ) ..
فإذا بالجبار يقدر القدر حتى يُعرّفه كلامه ..
فإذا بالسيارة بعد أن قال الجبار : { كُنْ } .. تنقلب ..
والله خرَّق الزجاج أجزاء جسمه ..
أنا من أخرج في غرفة الإسعاف ؛ أخرجت من رأسه زجاجة بهذا الحجم ..
وأخرجت من عينه _ والله _ حجر بهذا الحجم ..
وأنا أقول له : تذكر كلامك يا فهد اليوم ..
هو يبكي ويصطرخ ..
جسمه كله مخرَّق ..
ثم قذفت به السيارة واشتعلت بجانبه ..
صارت تدور من لطف الله عز وجل ما بينه وبينها إلا خطوة ..
رأى الموت ..
{ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } ..
يا غافلاً تتمادى ؛ غداً عليك يُنادى هذا الذي لم يُقدّم قبل المنية زادا
قال العزيز ربنا الله سبحانه جلَّ في سماه ؛ قال في الحديث الصحيح :
( وعزتي وجلالي لا أجمع لعبد _ وأنت عبد ، وأنا عبد وأنتِ ، أختي أمة ؛ فمن ينسى ذلك يهلك _ لا أجمع لعبدي خوفين ولا أمنين فإنَّ أمنني في الدنيا _ صح يصلي لكن ضامن الجنة _ فإن أمنني في الدنيا خوَّفته في الآخرة ) ..
أسألك بالله سؤال ..
من منا اليوم منذ أصبح أحسّ قلبه بوجل من النار فدعا الله في أي سجود من كل قلبه : اللهم أجرني من النار ..من منا !!..
{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } ..
أي واحد يأمن ويضمن الجنة !!..
لعب علي وعليك إبليس قال : مسلم !..عربي !.. في الجنة أنت !.. مكتوب اسمك في الفردوس !..
من منا حاسب نفسه ..
في اليوم مرة ..
في الأسبوع مرة ..
في الشهر ..
في السنة مرة ..
( فإن أمنني في الدنيا خوَّفته في الآخرة ) ..
ولما يُذكر الإيمان ..
ياتي إبليس ويكتب اسمك في المقدمة ..
تريد أن تعرف أنت مؤمن أولا ؟!..
دعك من تزكيات إبليس ..
اعرض نفسك على كلام الجبار العظيم ..
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } ؛ قف !!..هل نخشع في صلاتنا وتخشع في صلاتك ؟!..
{ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ } ؛ كيف هي مجالسنا ؟!..
منا من يتورع عن الزنا ، ويتورع عن أكل الحرام ولسانه يفري في خلق الله ..
لما نزل هذا الحديث عُلم أن وعد الله حق ..
كيف لا وهو يقسم بعزته وبجلاله ، فصار النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه :
( اللهم اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم ) سبعين مرة ..
لأنه علم أنه إذا ما خاف في الدنيا سيُخوَّف في الآخرة ..
أبو بكر رضي الله عنه خير من وطات قدمه الثرى بعد الرسل والأنبياء ..
موعود بأن يدخل الجنة مع أي أبوابها الثمانية شاء ..
قال فيه المولى : { وَلَسَوْفَ يَرْضّى } ..
ما قال والله أنا على خير ، وأحسن من غيري وأموري طيبة ..
كان جالس أبو بكر _ ولك أن تتخيل هذا المنظر _ جالس أبو بكر ممسك بلسان نفسه ويهزه ..
دخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : مالك يا أمير المؤمنين ؟!..
قال : هذا _ يعني لسان نفسه ؛ اللسان الذي ما فتر عن ذكر الله ، ولا تلاوة القرآن ، ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر _ ..
يقول : هذا أوردني الموارد ..
عله أن يكون زلَّ بكلمة ..
من منا حاسب نفسه عن لسانه في يوم ؟!..
عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه ..
فُتحت على يديه الأمصار لكنه علم رغم أنه المُبشر الثاني ..
ثاني رجل في الأمة لكنه علم أنه مع منزلته هذه ..
إذا ما خاف في الدنيا سيُخوَّف في الآخرة ..
فلما سمع أنَّ حذيفة بن اليمان الصحابي الصغير اللي ما هو مبشر بالجنة ..
سمع أنه عنده أسماء بعض المنافقين ..
ما هو كلهم ..
بعض المنافقين ..
هل ارتاح عمر !!..
والله ما ارتاح ..
وجل قلب عمر ..
ما قرّ في مكانه ..
سعى سعي إلى بيت حذيفة يطرق على حذيفة الباب ..
يفتح حذيفة الباب : عمر ..تفضل ..
قال :لا !..حذيفة إني أسألك بالله ..
اسألك بالله هل ذكرني النبي صلى الله عليه وسلم مع المنافقين ..
ما عندهم مجاملات ..
عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه يخشى على نفسه النفاق ..
ومنا من اجتمعت فيه صفات المنافقين كلها لكن إبليس يقول له :
لا يا أخي !..أنت أحسن واحد عند الله عزَّ وجلّ !..ما بينك وبين الجنة إلا أن تُنزع روحك !..
كم منا إذا حدَّث كذب ؟!..
كم منا من إذا أؤتمن خان ؟!..
وإلا أنت خارج هؤلاء ؟!!..
أنت مُزكّى ؟!!..
أنت خاص عند الله ؟!..
تكذب على كيفك ، وتغدر على كيفك ؟!..
كم منا من إذا وعد أخلف ، وإذا خاصم فجر ؟!..
كم منا بالله من { إِِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } ؟!..
في الدندنة خذ رجال ؛ في خلواته يدندن ..
ويبغى إذا جاءت سكرة الموت يقول : لا إله إلا الله..
أخوتي ..
ما الذي أحضر عمر يسعى !!..
لأنه علم ولا بدَّ أن نعلم ..
من لم يخف في الدنيا يُخوَّف في الآخرة ..
هذه واحدة أخوتي بالرياض كنت مناوب فجاءني اتصال ودعيت إلى وحدة الطوارئ ..
فلما أتيت إذا بي أرى موقف ما {ايت مثله في حياتي ..
فتحت الستارة فإذا بي أرى فتاة عمرها ( 22 ) سنة ..
كان لها معالم في وجهها كما لي ولك ..
كان لها أنف ، ولها عينين ، ولها يدين ..
يد فتكت بها النيران حتى انقطعت ..
واليد الأخرى أكلت النيران الجلد ثم عاثت وفرت في اللحم والعضلات وقطّعت الشرايين وأكلت الأعصاب ؛ ما بقي إلا عصب واحد ، فقُطعت اليد الأخرى ..
هذا الأنف ..هذا الغضروف _ يا ضعفاء ..يا بشر .. يا من لا يطيق نار الدنيا فضلاً عن نار الآخرة _ ..
والله هذا الغضروف قد ذاب حتى التصق بخدها الأيسر ..
أرى لسانها مع فتحة الأنف _ منظر مريع _ ..
العين اليمنى فُضخت حتى التحم جفنها الأعلى بجفنها الأسفل _ألحمها من شقها أول مرة ؛ولو أراد عيني وعينك اليوم لن نعجزه في الأرض ولن نعجزه طلباً _ ..
الأذن كبر رأس أصبعي ..
والجهة الأمامية من الرأس ترى الجلد تكشف؛ليس الشعر فقط بل الجلد تكشف.
وضعت السماعة على صدرها والدمعات تسبق السماعة ؛ فلما رفعت السماعة فإذا بها !!..
ماذا بها يا ترى !!..
سماعة ..والله بها قشور من جلد صدرها قد التصقت في السماعة ..
هذه نار الدنيا !!..
طبعاً الذنوب اللي عندنا قال إبليس ياخذها عنا !!..
سيُحاسب هو !!..
أنت عزيز عند إبليس !!..
يتحمل عنك !!..
فصدقت..
نار الدنيا اللي صورها إبليس في عقلي وعقلك ..
قال : إيه ..تدخل وتطلع .. أنت مسلم ؛ قائل لا إله إلا الله ..
اسمع ماذا يقول الملك وهو الحق :{ وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً }..
أسألك بالله ..
في يوم من الأيام هل جلست مع نفسك وتخيلت حالك فوق الصراط !!..
الصراط أسود ، والكون ظلام ، والنار تغلي وتزفر سوداء ..
ظلام في ظلام ..
{ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ } ..
هل تخيلت حالك ، وأنت تسمع الصراخ ، وتسمع هذا يهوي !!..
قد وضعت أول قدم على الصراط ثم رفعت اليمنى ..
هل تفكرت في حالك !!..
هل تنزل على الصراط ، أو تهوي كما هوى الكثير منا خلف شهواته ؟!..
أو عندنا واسطة ..
إلى الآن لأننا ضامنين الجنة _ إلا من رحم الله _ ما نفكر في الأشياء هذه ..
نسمع { قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ } ..
نتخيل ناس ثانيين !!..نحن لا تمسنا النار !!..
لكن لما تذكر الجنة ، وتذكر القصور والحور يا أخوان ؛ والرجال على وجوه القمر يا أخوات {تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ}،والثمار،{وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } ..
يتخيل الواحد منا جلسته على الأرائك ..
لمَ !!..أم اتخذوا عند الرحمن عهدا !!..
{ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ } ..
:18: