الحزين للأبد
23 Nov 2006, 02:22 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
في إحدى الليالي الرمضانية ... كنتُ وصاحبتي نصلي التراويح في الجامع القريب من منزلنا ...
ولما انتهت الصلاة .. أشارت علي بأن نبقى قليلاً لنقرأ شيئاً من القرآن ... فكم نحن مقصرين بحقه ..!!
اتخذنا جداراً في آخر المسجد لنسند عليه ظهورنا ...
وبينما نحن نقرأ بصوتٍ منخفض حتى لا نزعج بعضنا ..
سمعنا صوتاً ندياً عذباً يرتل القرآن .. ألهانا الصوت عن إكمال القراءة ... فقد حلق بنا جواً إيمانياً هادئاً ...
التفتُ على من يصدر هذا الصوت النديّ ... فكانت إمرأة متلفعة بحجابها ... ممسكة بمصحفٍ أزرق كبير .. تقرأ فيه بنهم ... وقد حلقت بالآيات بعيداً عمن حولها ...
أخذنا نرقبها... بصمت...
أسرّت لي صديقتي :
- ما أجمل ترتيلها .. ماشاء الله .. لكن يبدو أنها غير عربية ..
قلتُ :
- نعم ما شاء الله ... هل تظنين أنها غربية .. هكذا يبدو من سحنتها ..
- ربما ..
أوقفت قراءتها للرد على هاتفها ... فكانت تحكي بلغة انجليزية طلقة ..
لما انتهت ... التفتت إليها صديقتي وقالت :
- عذراً على المقاطعة .. ولكن ترتيلك أعجبني .. وقراءتكِ جميلة جداً.. ماشاء الله ..
ابتسمت وقالت بلغةٍ عربيةٍ (( فصيحة)) :
-شكراً لكِ..
صمتت .. ثم قالت :
-عذراً .. ولكن أحب أن أعرف كيف تقضون عيدكم ؟ كيف هي عاداتكم في العيد ؟
- تختلف العادات هنا من عائلة لأخرى .. ولكن في الغالب .. في الصباح يجتمع أهل الحي من الرجال والأطفال في المسجد ... وبعد الصلاة يقيمون فطوراً لأهل الحي .. وكل يأتي بطعامه .. وهكذا يجتمعون ويسلمون ويتحدثون ... ثم يذهب كل إلى أسرته فيسلم على أقاربه .. وهكذا ...
- جميل .. ولكن هل تذهبون بأطفالكم إذا زرتم أحداً ...؟ لأنني وزوجي لا نعرف عاداتكم ..
- نعم .. الأطفال هم أولاً ... عفواً .. ولكن من أين أنتِ ..؟
- أنا من بريطانيا ..
- أهاااا .. ماشاء الله .. ومنذ متى وأنتِ هنا في السعودية ..؟
- منذ سنتين .. زوجي يعمل هنا في شركة الاتصالات مهندساً .. كنا في دبي .. لكنها كانت سيئة جداً ... لما حضرنا هنا .. وددتُ لو أننا لا نعود لبريطانيا مرة أخرى ...
-حقاً ... كيف وجدتِ السعودية ..؟
- جميلة والحمدلله.. والدين هنا رائع.. ولكن آلمني منظر الحجاب .. ذهبت إلى المملكة والفيصلية .. فتعجبتُ كثيراً .. اتصلتُ بالهيئة .. وقلت أين أنتم ؟ ما ذا تفعلون ..؟ قالوا : إننا ليس لدينا صلاحيات كثيرة ... لا أعلم لم يقلدون الغرب ... !!
- هذه مشكلتنا أن بعض المسلمين يقلدون الغرب .. يحسبون أن الحضارة هكذا ..
__________________________________________________ __
صمتت .. ثم قالت :
- الغرب يكرهونـ(نا) ... كيف يقلودنهم ... هل تعلمين أن الغرب يسمونهم أغبياء ..!! إنهم لا يحبون من يقلدهم ...
- !!!!!!!!!!! صحيح .. ولكن مشكلة بعض شباب المسلمين .. ضعف الهوية الإسلامية ..
- أنا استغرب كثيراً.. زوجي يعمل في شركة الاتصالات .. هل تصدقين أنهم يعطون الغربي أكثر من العربي نفسه ... فقط لأنه أشقر وعينيه زرقاء ...! هم يظنون أن أي غربي ذكي ... لا يعلمون أن كثيراً من الغرب أغبياء ... لكنهم هنا يظنون أنهم كلهم أذكياء ... لكن الحق أنهم أغبياء ...
صمتت ثم قالت بألم :
- أتألم كثيراً وأنا أرى أموال المسلمين تذهب للغرب ... !! المسلمون اليوم في الأسفل في كل شيء ..
- حقاً .. من المؤسف أننا نعيش حالة الضعف هذه ..
- أتذكر مقولة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ... لست أذكر كلامه جيداً .. ولكن مفهومه أننا المسلمون عزتنا بالإسلام .. فإن أردنا العزة بغيره أذلنا الله ...
- نعم ..لأن عزتنا بالإسلام فقط ... ونحن اليوم ابتغينا العزة بغيره لذلك أصابنا الضعف ... لكننا متفائلون .. بإذن الله ..
- الجميل هناك النظام .. لكن هنا لا يوجد نظام ... إذا كنا في الطريق نسير يتوقف زوجي حتى يتمكن غيره من السير ... توقفنا أكثر من عشرين دقيقة ... قلت له امض في الطريق.. فهنا لا يوجد نظام .. !! كذلك كنتُ أريد تسجيل ابني في مدارس الرواد العربية ... لكن برنامجهم في اللغة العربية لم يعجبني .. فذهبت به للرواد العالمية .. وهي مدارس جيدة .. اتصلوا بي وطلبوا أن أحضر لأكمل الأوراق .. وكنت من اوائل من حضر .. وكنت أظن أنهم سيحادثون الأول فالأول .. لكني تفاجئت بحضور البقية فيما بعد وتكدسهم عند مكتب التسجيل ... ونحن بقينا ننتظر ..!
ابتسمت صاحبتي بخجل !!...ثم قالت :
- ربما .. النظام ليس جيداً لدينا ..!!
- لكن هنا والحمدلله في بلاد الإسلام لا يوجد مشاكل ... هناك البلاد كلها في مشاكل ..!!
- نعم ... لا يوجد مشاكل لأن الدين هذبهم .... لكن .. هل سبق وأن أديت فريضة الحج ..؟
- نعم .. والحمدلله ... بودي لو أذهب مرة أخرى ... الحج جميل .. لكن يوجد أمر واحد محزن ... وهو دورات المياه - أكرمكم الله- ... المشكلة أن من سيستعمله بعده ((مسلم)) مثله ... لم لا يجعله بعده نظيفاً ؟...نحن مسلمون ... الغرب يفكرون في غيرهم وليس في أنفسهم فقط ؟
- نعم ... ولكن على المستوى الشخصي المسلمون أكثر نظافة ... فالغربي لا يهتم بنظافة جسده ..
- نعم هذا صحيح ... لأنهم لا يستعملون الماء ..!!
- أردت أن أسألك كيف تعلمتِ العربية .. لغتكِ جيدة ماشاء الله ؟
- حقاً .. شكراً لكِ .. درست العربية في دبي .. زوجي لغته العربية جيدة ...أفضل مني ..
- هل حفظتِ القرآن ..؟
- نعم والحمدلله ... أنا أسكن في حي النزهة وذهبت إلى دار أم سلمة في حي المصيف ... لكني الآن لم أعد أذهب بسبب أطفالي ..لكني أحفظ في المنزل.. هم في الدار يحفظون في اليوم ثلاثة أوجه ... لكني قلت لهم إن ذلك صعب علي ... لأنها ليست لغتي .. فهل يمكن أن أحفظ وجه في اليوم .. فوافقوا .. الحمدلله أنا الآن (سعيدة) لأني أفهم القرآن أكثر من قبل ...
- ماشاء الله ... جميل جداً ..
-وأنتِ هل تذهبين للدار ...؟
- نعم والحمدلله ...
- أين تدرسين ...؟
- في الجامعة ..
- في أي قسم ..؟
- قسم اللغة العربية ..
- ماشاء الله رائع ...
- وأنتِ ... هل تدرسين أم تعملين ..؟
- كنت أعمل في دبي في مستشفى .. فأنا درست الطب .. لكني لما أصبح لدي أطفال .. لم أعد أعمل ... تعلمين ليس لدي خادمة .. فيجب أن أكون مع أطفالي ..
- نعم صحيح ..... وهل حضرتِ لهذا المسجد من قبل ..؟
- نعم حضرت أكثر من مرة.. ماشاء الله صوت الإمام رائع ... لكني حضرت مرة ومعي أطفالي فمنعوني .. فصليت في الخيمة ..
واليوم قال زوجي أنا سأجلس عند الأطفال وأنتِ اذهبي وصلي ..والحمدلله ... لكن هل تعلمين عن سكن هنا بالايجار ..؟ أريد أن نسكن قرب هذا المسجد ...
- ربما تجدين ... لكن المنازل القريبة هنا في الغالب ليست للإيجار ..
- إذا انتهى عقد زوجي هنا ... أتمنى أن نسكن في مكة أو المدينة ...
- ألا تريدين العودة لبريطانيا ..لبلدكِ..؟
- لا .. هنا في بلاد الإسلام ... أريد أن يكون أبنائي هنا ... إذا ذهبنا لبريطانيا لزيارة أقاربنا .. أطفالي يستغربون ... طفلي الكبير عبدالله 7 سنوات ... إذا رأى النساء لا يلبسن جيداً .. يقول : ماما انظري لقد نست أن تلبس قميصها ...
- هههه ... ربما هي تنسى دائماً ...!!!
- هههههه .. نعم ..
قطع الحوار .. رنين هاتفها ... فأجابته ... لما انتهت .. قالت لها صاحبتي :
- عذراً إن كنت أزعجتكِ ..
- لا .. أبداً .. أنا التي أخذت من وقتكِ ..
- بالعكس .. أنا سعيدة ..
-استمتعتُ في الحديث معكِ ... هل أستطيع أخذ رقم جوالكِ...؟
- نعم ... تفضلي..
- شكراً ..
- ما اسمكِ ..؟
- اسمي طويل ... لكن اكتبي أم عبدالله ..
- وما هو اسمك ...؟
-(فخر النساء).
- لا بل سأكتب (فخر النساء) ... رائع .. لقد أعجبني كثيراً ..
ضحكت بمرح .. وقالت ..
- حقاً ...؟ أشكركِ ..
- تعالي معنا ... سنذهب لنحتسي القهوة ...
- شكراً لدعوتكِ ... في المرة القادمة بإذن الله .
ابتسمت صاحبتي وقالت :
- ستفوتكِ القهوة العربية ..!!
فضحكت بسعادة .. ثم قالت : - إنها رائعة .. لكني طلبت من زوجي أن يحضر لي COFFE.
- حسناً ... مع السلامة .. أراك قريباً ..
- مع السلامة .
كنت أستمع لهذا الحوار الشيق بين المرأة الغربية وصاحبتي .. وأتعجب من حديثها ...
أرى هيئتها وأتعجب أكثر ... أتصدقون ... أن عباءتها على الرأس ليس بها أي زينة ... عباءة قد لاتجد كثيراً من بنات المسلمين يرتدونها ...
متلفعة بعباءتها وحجابها ... بل وغطاء الرأس السميك ...!!
لم تكن تلبس عباءة على الكتف ... لم تكن تلبس عباءة على الرأس (قد خصرتها) ... لم تكن تلبس حتى النقاب....!!
أي تمسك بالدين هذا ...؟
أي إيمان هذا ...؟
أي دين يجعل هذه المرأة التي حضرت من بلاد بالكاد يسترون عوراتهم ... يجعلها تتحجب بهذا الشكل ...؟
إنه الإيمان يجعلها تتلذذ بالحجاب ... إنها طاعة الله التي تحيل هذا الحجاب .. أمر يسعدها ...
أي إيمان يجعلها تتضايق لما رأت بنات المسلمين في المملكة والفيصلية ...؟
أي إيمان يجعلها ... تستنكر على (( الهيئة)) عدم تواجدهم هناك ...؟؟
أتراها تعلم أن بعض المسلمين هنا ما فتئوا يسخرون من الهيئة ...؟ وهي التي عتبت عليهم تكاسلهم ....؟؟!!!
أتراها تعلم أن بعض المسلمين .. يتمنون ألا يروا هؤلاء الرجال ...؟؟!!
أتعجبُ.... أي دين هذا الذي يجعلها ... لا تحنّ لبلدها ...؟
هذه المرأة لم أراها أكثر من نصف ساعة ... لكن تأثيرها امتدّ أياماً ...!!!
أتفكر في حجابها ... حديثها عن المسلمين .. كرهها لدبي ... حفظها للقرآن .. اهتمامها بأطفالها .. حديثها عن الغرب ... ترتيلها للقرآن ... حرصها على صلاة التراويح والقيام ... تعلقها بالمصحف وضمها له ...حنينها إلى مكة والمدينة ... شعورها بإخوة المسلمين ...
أكثر جملة أثرت فيني ... قولها : ( الغرب يكرهوننا) ....
لم تقل يكرهونكم ... إنها تشعر أنها منا .. إن الأسلام ... يجعل الغربي والعربي إخواناً ...!!
باختصار ... كانت تلكم المرأة ..... دروس وعبر ...!!
* أتمنى أن تكونوا قد استفدتم ولو شيئاً قليلاً ... واستميحكم العذر .. فقد اختصرتُ في الحوار .. وكذلك كنت أعتمد في الكتابة على ذاكرتي .. التي تخونني كثيراً ...
أشكر لكم حسن إصغائكم ... وطيب تواجدكم ... وجزاكم الله خير ....
منقول بتصرف ...
دمتم بخير
في إحدى الليالي الرمضانية ... كنتُ وصاحبتي نصلي التراويح في الجامع القريب من منزلنا ...
ولما انتهت الصلاة .. أشارت علي بأن نبقى قليلاً لنقرأ شيئاً من القرآن ... فكم نحن مقصرين بحقه ..!!
اتخذنا جداراً في آخر المسجد لنسند عليه ظهورنا ...
وبينما نحن نقرأ بصوتٍ منخفض حتى لا نزعج بعضنا ..
سمعنا صوتاً ندياً عذباً يرتل القرآن .. ألهانا الصوت عن إكمال القراءة ... فقد حلق بنا جواً إيمانياً هادئاً ...
التفتُ على من يصدر هذا الصوت النديّ ... فكانت إمرأة متلفعة بحجابها ... ممسكة بمصحفٍ أزرق كبير .. تقرأ فيه بنهم ... وقد حلقت بالآيات بعيداً عمن حولها ...
أخذنا نرقبها... بصمت...
أسرّت لي صديقتي :
- ما أجمل ترتيلها .. ماشاء الله .. لكن يبدو أنها غير عربية ..
قلتُ :
- نعم ما شاء الله ... هل تظنين أنها غربية .. هكذا يبدو من سحنتها ..
- ربما ..
أوقفت قراءتها للرد على هاتفها ... فكانت تحكي بلغة انجليزية طلقة ..
لما انتهت ... التفتت إليها صديقتي وقالت :
- عذراً على المقاطعة .. ولكن ترتيلك أعجبني .. وقراءتكِ جميلة جداً.. ماشاء الله ..
ابتسمت وقالت بلغةٍ عربيةٍ (( فصيحة)) :
-شكراً لكِ..
صمتت .. ثم قالت :
-عذراً .. ولكن أحب أن أعرف كيف تقضون عيدكم ؟ كيف هي عاداتكم في العيد ؟
- تختلف العادات هنا من عائلة لأخرى .. ولكن في الغالب .. في الصباح يجتمع أهل الحي من الرجال والأطفال في المسجد ... وبعد الصلاة يقيمون فطوراً لأهل الحي .. وكل يأتي بطعامه .. وهكذا يجتمعون ويسلمون ويتحدثون ... ثم يذهب كل إلى أسرته فيسلم على أقاربه .. وهكذا ...
- جميل .. ولكن هل تذهبون بأطفالكم إذا زرتم أحداً ...؟ لأنني وزوجي لا نعرف عاداتكم ..
- نعم .. الأطفال هم أولاً ... عفواً .. ولكن من أين أنتِ ..؟
- أنا من بريطانيا ..
- أهاااا .. ماشاء الله .. ومنذ متى وأنتِ هنا في السعودية ..؟
- منذ سنتين .. زوجي يعمل هنا في شركة الاتصالات مهندساً .. كنا في دبي .. لكنها كانت سيئة جداً ... لما حضرنا هنا .. وددتُ لو أننا لا نعود لبريطانيا مرة أخرى ...
-حقاً ... كيف وجدتِ السعودية ..؟
- جميلة والحمدلله.. والدين هنا رائع.. ولكن آلمني منظر الحجاب .. ذهبت إلى المملكة والفيصلية .. فتعجبتُ كثيراً .. اتصلتُ بالهيئة .. وقلت أين أنتم ؟ ما ذا تفعلون ..؟ قالوا : إننا ليس لدينا صلاحيات كثيرة ... لا أعلم لم يقلدون الغرب ... !!
- هذه مشكلتنا أن بعض المسلمين يقلدون الغرب .. يحسبون أن الحضارة هكذا ..
__________________________________________________ __
صمتت .. ثم قالت :
- الغرب يكرهونـ(نا) ... كيف يقلودنهم ... هل تعلمين أن الغرب يسمونهم أغبياء ..!! إنهم لا يحبون من يقلدهم ...
- !!!!!!!!!!! صحيح .. ولكن مشكلة بعض شباب المسلمين .. ضعف الهوية الإسلامية ..
- أنا استغرب كثيراً.. زوجي يعمل في شركة الاتصالات .. هل تصدقين أنهم يعطون الغربي أكثر من العربي نفسه ... فقط لأنه أشقر وعينيه زرقاء ...! هم يظنون أن أي غربي ذكي ... لا يعلمون أن كثيراً من الغرب أغبياء ... لكنهم هنا يظنون أنهم كلهم أذكياء ... لكن الحق أنهم أغبياء ...
صمتت ثم قالت بألم :
- أتألم كثيراً وأنا أرى أموال المسلمين تذهب للغرب ... !! المسلمون اليوم في الأسفل في كل شيء ..
- حقاً .. من المؤسف أننا نعيش حالة الضعف هذه ..
- أتذكر مقولة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ... لست أذكر كلامه جيداً .. ولكن مفهومه أننا المسلمون عزتنا بالإسلام .. فإن أردنا العزة بغيره أذلنا الله ...
- نعم ..لأن عزتنا بالإسلام فقط ... ونحن اليوم ابتغينا العزة بغيره لذلك أصابنا الضعف ... لكننا متفائلون .. بإذن الله ..
- الجميل هناك النظام .. لكن هنا لا يوجد نظام ... إذا كنا في الطريق نسير يتوقف زوجي حتى يتمكن غيره من السير ... توقفنا أكثر من عشرين دقيقة ... قلت له امض في الطريق.. فهنا لا يوجد نظام .. !! كذلك كنتُ أريد تسجيل ابني في مدارس الرواد العربية ... لكن برنامجهم في اللغة العربية لم يعجبني .. فذهبت به للرواد العالمية .. وهي مدارس جيدة .. اتصلوا بي وطلبوا أن أحضر لأكمل الأوراق .. وكنت من اوائل من حضر .. وكنت أظن أنهم سيحادثون الأول فالأول .. لكني تفاجئت بحضور البقية فيما بعد وتكدسهم عند مكتب التسجيل ... ونحن بقينا ننتظر ..!
ابتسمت صاحبتي بخجل !!...ثم قالت :
- ربما .. النظام ليس جيداً لدينا ..!!
- لكن هنا والحمدلله في بلاد الإسلام لا يوجد مشاكل ... هناك البلاد كلها في مشاكل ..!!
- نعم ... لا يوجد مشاكل لأن الدين هذبهم .... لكن .. هل سبق وأن أديت فريضة الحج ..؟
- نعم .. والحمدلله ... بودي لو أذهب مرة أخرى ... الحج جميل .. لكن يوجد أمر واحد محزن ... وهو دورات المياه - أكرمكم الله- ... المشكلة أن من سيستعمله بعده ((مسلم)) مثله ... لم لا يجعله بعده نظيفاً ؟...نحن مسلمون ... الغرب يفكرون في غيرهم وليس في أنفسهم فقط ؟
- نعم ... ولكن على المستوى الشخصي المسلمون أكثر نظافة ... فالغربي لا يهتم بنظافة جسده ..
- نعم هذا صحيح ... لأنهم لا يستعملون الماء ..!!
- أردت أن أسألك كيف تعلمتِ العربية .. لغتكِ جيدة ماشاء الله ؟
- حقاً .. شكراً لكِ .. درست العربية في دبي .. زوجي لغته العربية جيدة ...أفضل مني ..
- هل حفظتِ القرآن ..؟
- نعم والحمدلله ... أنا أسكن في حي النزهة وذهبت إلى دار أم سلمة في حي المصيف ... لكني الآن لم أعد أذهب بسبب أطفالي ..لكني أحفظ في المنزل.. هم في الدار يحفظون في اليوم ثلاثة أوجه ... لكني قلت لهم إن ذلك صعب علي ... لأنها ليست لغتي .. فهل يمكن أن أحفظ وجه في اليوم .. فوافقوا .. الحمدلله أنا الآن (سعيدة) لأني أفهم القرآن أكثر من قبل ...
- ماشاء الله ... جميل جداً ..
-وأنتِ هل تذهبين للدار ...؟
- نعم والحمدلله ...
- أين تدرسين ...؟
- في الجامعة ..
- في أي قسم ..؟
- قسم اللغة العربية ..
- ماشاء الله رائع ...
- وأنتِ ... هل تدرسين أم تعملين ..؟
- كنت أعمل في دبي في مستشفى .. فأنا درست الطب .. لكني لما أصبح لدي أطفال .. لم أعد أعمل ... تعلمين ليس لدي خادمة .. فيجب أن أكون مع أطفالي ..
- نعم صحيح ..... وهل حضرتِ لهذا المسجد من قبل ..؟
- نعم حضرت أكثر من مرة.. ماشاء الله صوت الإمام رائع ... لكني حضرت مرة ومعي أطفالي فمنعوني .. فصليت في الخيمة ..
واليوم قال زوجي أنا سأجلس عند الأطفال وأنتِ اذهبي وصلي ..والحمدلله ... لكن هل تعلمين عن سكن هنا بالايجار ..؟ أريد أن نسكن قرب هذا المسجد ...
- ربما تجدين ... لكن المنازل القريبة هنا في الغالب ليست للإيجار ..
- إذا انتهى عقد زوجي هنا ... أتمنى أن نسكن في مكة أو المدينة ...
- ألا تريدين العودة لبريطانيا ..لبلدكِ..؟
- لا .. هنا في بلاد الإسلام ... أريد أن يكون أبنائي هنا ... إذا ذهبنا لبريطانيا لزيارة أقاربنا .. أطفالي يستغربون ... طفلي الكبير عبدالله 7 سنوات ... إذا رأى النساء لا يلبسن جيداً .. يقول : ماما انظري لقد نست أن تلبس قميصها ...
- هههه ... ربما هي تنسى دائماً ...!!!
- هههههه .. نعم ..
قطع الحوار .. رنين هاتفها ... فأجابته ... لما انتهت .. قالت لها صاحبتي :
- عذراً إن كنت أزعجتكِ ..
- لا .. أبداً .. أنا التي أخذت من وقتكِ ..
- بالعكس .. أنا سعيدة ..
-استمتعتُ في الحديث معكِ ... هل أستطيع أخذ رقم جوالكِ...؟
- نعم ... تفضلي..
- شكراً ..
- ما اسمكِ ..؟
- اسمي طويل ... لكن اكتبي أم عبدالله ..
- وما هو اسمك ...؟
-(فخر النساء).
- لا بل سأكتب (فخر النساء) ... رائع .. لقد أعجبني كثيراً ..
ضحكت بمرح .. وقالت ..
- حقاً ...؟ أشكركِ ..
- تعالي معنا ... سنذهب لنحتسي القهوة ...
- شكراً لدعوتكِ ... في المرة القادمة بإذن الله .
ابتسمت صاحبتي وقالت :
- ستفوتكِ القهوة العربية ..!!
فضحكت بسعادة .. ثم قالت : - إنها رائعة .. لكني طلبت من زوجي أن يحضر لي COFFE.
- حسناً ... مع السلامة .. أراك قريباً ..
- مع السلامة .
كنت أستمع لهذا الحوار الشيق بين المرأة الغربية وصاحبتي .. وأتعجب من حديثها ...
أرى هيئتها وأتعجب أكثر ... أتصدقون ... أن عباءتها على الرأس ليس بها أي زينة ... عباءة قد لاتجد كثيراً من بنات المسلمين يرتدونها ...
متلفعة بعباءتها وحجابها ... بل وغطاء الرأس السميك ...!!
لم تكن تلبس عباءة على الكتف ... لم تكن تلبس عباءة على الرأس (قد خصرتها) ... لم تكن تلبس حتى النقاب....!!
أي تمسك بالدين هذا ...؟
أي إيمان هذا ...؟
أي دين يجعل هذه المرأة التي حضرت من بلاد بالكاد يسترون عوراتهم ... يجعلها تتحجب بهذا الشكل ...؟
إنه الإيمان يجعلها تتلذذ بالحجاب ... إنها طاعة الله التي تحيل هذا الحجاب .. أمر يسعدها ...
أي إيمان يجعلها تتضايق لما رأت بنات المسلمين في المملكة والفيصلية ...؟
أي إيمان يجعلها ... تستنكر على (( الهيئة)) عدم تواجدهم هناك ...؟؟
أتراها تعلم أن بعض المسلمين هنا ما فتئوا يسخرون من الهيئة ...؟ وهي التي عتبت عليهم تكاسلهم ....؟؟!!!
أتراها تعلم أن بعض المسلمين .. يتمنون ألا يروا هؤلاء الرجال ...؟؟!!
أتعجبُ.... أي دين هذا الذي يجعلها ... لا تحنّ لبلدها ...؟
هذه المرأة لم أراها أكثر من نصف ساعة ... لكن تأثيرها امتدّ أياماً ...!!!
أتفكر في حجابها ... حديثها عن المسلمين .. كرهها لدبي ... حفظها للقرآن .. اهتمامها بأطفالها .. حديثها عن الغرب ... ترتيلها للقرآن ... حرصها على صلاة التراويح والقيام ... تعلقها بالمصحف وضمها له ...حنينها إلى مكة والمدينة ... شعورها بإخوة المسلمين ...
أكثر جملة أثرت فيني ... قولها : ( الغرب يكرهوننا) ....
لم تقل يكرهونكم ... إنها تشعر أنها منا .. إن الأسلام ... يجعل الغربي والعربي إخواناً ...!!
باختصار ... كانت تلكم المرأة ..... دروس وعبر ...!!
* أتمنى أن تكونوا قد استفدتم ولو شيئاً قليلاً ... واستميحكم العذر .. فقد اختصرتُ في الحوار .. وكذلك كنت أعتمد في الكتابة على ذاكرتي .. التي تخونني كثيراً ...
أشكر لكم حسن إصغائكم ... وطيب تواجدكم ... وجزاكم الله خير ....
منقول بتصرف ...
دمتم بخير