فلسطين المسلمة
28 Nov 2006, 10:35 PM
مطلوب أن تبني دولة إسلامية في قلبك!..
في ليلة السابع والعشرين من رمضان احتفل أهل الإسلام بليلة القدر، لكن أغلب الفقهاء ذهبوا إلي أنها في العشر الأواخر من رمضان.. وسواء هذا أو ذاك، فأحوال المسلمين لا تسر.. خارجياً: صورتهم غاية السوء أمام العالم، واسمهم مرتبط بالإرهاب! وداخليا: الشريعة أمر ثانوي! وانظر إلي التلفزيون داخل بيتك لتتأكد من هذا الأمر.. فرغم أن الأيام الأخيرة من رمضان هي الأهم حيث إن فيها ليلة القدر إلا أن ذلك لم ينعكس علي أجهزة الإعلام التي تتبع الدولة.. طيب ليه- السبب أن إسلامنا الجميل التأثر به ضعيف في المجتمعات الإسلامية إلا ما رحم ربي. وقوته تختلف من بلد إلي آخر، وزمان كان ديننا هو الموجّه الأول لمجتمعاتنا، لكن الوضع اختلف في عصرنا الحديث.
وبدلاً من البكاء علي أطلال الماضي تعالوا ننظر إلي الحاضر والمستقبل.. كيف يستعيد الإسلام مجده- الدعوات سلاح مهم ولكن، صدق الله العظيم، القائل في كتابه الكريم: 'إن الله لا يغيّر ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم'.. فأهل الإسلام لابد أن يكونوا أهلاً للنصر حتي يأخذ الله بيدهم، عليهم بالأسباب، والنتائج علي رب العالمين.
وهناك من ينتظر القائد الإسلامي البطل الذي يعيد لديننا مجده! لكنني أقول هيهات أن يحدث ذلك! وعلي هؤلاء الانتظار طويلاً جداً.. فالدنيا تغيرت ونحن في عصر الشعوب ولسنا في عصر القادة الأبطال!
وغني عن القول رفض الثورات وسفك الدماء كوسيلة لإقامة شرع الله لأسباب ثلاثة.. أولها: رفض العنف من حيث المبدأ، وثانيها: إن نتائجها مدمرة وحكم الشوري واحترام حقوق الإنسان ستكون الضحية رقم واحد. وثالثها: إن التغيير الحقيقي لا يكون من فوق، بل يكون من قلب المجتمع.
وإذا سألتني ما هو المطلوب تحديداً حتي 'لا يتوه' الموضوع، مع عدم الاكتفاء بالشعارات العامة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. قلت لك: هناك أمران علي وجه التحديد أولهما: دور حضرتك في إعادة مجد الإسلام.. أري ابتسامة ساخرة قد تطل من وجهك! وأنت تسألني: وما هو دوري يا أستاذ-
وأقول في البداية: دقيقة من فضلك! لماذا تستهين بنفسك وتظل دوماً قابعاً في موقع المتفرجين- مطلوب منك مهمة عظيمة وعليك أن تنظر إلي هذا الأمر بجدية كاملة بدلاً من السخرية!
وكل ما أرجوه منك أن تكون إيجابيا، وتحمل إسلامنا الجميل علي كتفيك وتعيش همومه وقضاياه! فمصيبة ديننا أن معظم أتباعه عبء عليه، وأنت لا ترضي أن تكون واحداً منهم.
وقد تعترض علي كلامي من جديد قائلا: هذا كلام عام، أريد شيئاً محدداً في يدي عن المطلوب بالضبط.
والإجابة كلمة خالدة قالها المستشار حسن الهضيبي، المرشد الثاني للإخوان المسلمين، منذ سنوات بعيدة: 'أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم علي أرضكم' أري هذا الكلام تلخيصاً للمطلوب كله علي طريقة 'ما قل ودل'.
وأول خطوة لنصرة شرع الله هي التديّن الصحيح وغير معقول أن تكون مهملاً لعبادتك ، ثم تتساءل عن أسباب تخلّف المسلمين، وكيفية استعادة مجدهم!! وهناك فارق كبير بالطبع بين 'خطف' ركعتين أو أربعة في الصلاة وبين تأدية تلك العبادة بذمة وضمير لينطبق عليك قول الله سبحانه وتعالي وهو يصف أخلاقيات أهل الإيمان قائلا: 'قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون'.. سورة المؤمنون. ويشمل ذلك أيضاً سائر شعائر الإسلام الأخري من الصوم والحج والزكاة.. فالارتباط بالله والرغبة في ثوابه أولي درجات النهضة الإسلامية. ولا تستطيع الزعم بأن أغلبنا يؤدي عباداته بما يرضي الله. فهناك إذن خلل أساسي في حياتنا ينبغي علاجه.
والتديّن الصحيح يؤدي تلقائياً إلي أخلاق سليمة وتعاملات 'حلوة' مع غيرك، وهذا أيضاً ما نفتقده في مجتمعاتنا الإسلامية.. فهناك أزمة حقيقية في الضمير! والشعار السائد: أنا ومن بعدي الطوفان! والذمم الخربة ظاهرة ملحوظة!! وهناك تقصير فادح في الأخلاقيات التي دعا إليها الإسلام مثل الصدق والأمانة والاهتمام بالعمل.. وكلها أمور تفوّق فيها الغرب علينا، وأعجبني من قال: 'الحمد لله أنني دخلت الإسلام قبل أن أري المسلمين'.. ويقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: ديننا بضاعة ثمينة وقعت في يد تاجر فاشل لا يعرف كيف يعرض بضاعته! وأضيف من عندي قائلا: هذا شيء متوقع يا فضيلة الإمام لأن باب النجار مخلع!! وفاقد الشيء لا يعطيه.. وعليك ألف رحمة يا سيدنا الشيخ.
وأسألك: ماذا أنت فاعل أمام أزمة الأخلاق التي تواجه مجتمعنا.. هل تصر أن تكون حضرتك جزءاً من الأزمة- أم تقول 'وأنا مالي' وتظل جالساً في مقاعد المتفرجين تتحسّر علي الماضي- أليس الأجدي من هذا كله أن تعمل علي إصلاح نفسك لتكون جزءاً من الحل وليس المشكلة-- ويشهد الناس بأخلاقك.. ويقولون هذا الإنسان مسلم بصحيح! وأتساءل من جديد: كيف يمكن أن يستعيد الإسلام مجده، وهناك أكثر من أزمة بين أبنائه.. واحدة تتعلق بالأخلاقيات وسببها المظهرية في الدين.. يعني تأدية العبادات 'بطريقة أي كلام' فلا تنعكس علي أخلاقيات صاحبها، وهذه أزمة ثانية.
ومما يزيد من حدة المشكلة أن بعض المتدينين الذين يتطلعون إلي إعادة مجد الإسلام تراهم يستحقون 'صفراً علي الشمال' في تعاملاتهم وأخلاقهم الفظّة الغليظة، والعجيب أن درجاتهم عشرة علي عشرة في عباداتهم!! فما سر هذا التناقض-
هذه مصيبة جديدة من مصائب العصر الذي نعيش فيه!! ولا يعني كلامي أني أدعوك لليأس والإحباط وأنه 'مفيش فايدة'! بل دعوة لتقوم أنت بدورك الإيجابي من أجل نهضة ديننا بعيداً عن أولئك الذين يتعاملون مع الدين بطريقة 'أي كلام' أو المتشددين المتجهّمين الذين يعطون انطباعاً سيئاً عن الإسلام.. مطلوب أن تكون وسطاً بين هذا كله.. نموذجاً طيباً لإسلامنا الجميل في عباداتك وسلوكك وأخلاقك.. وإذا شكلت مع أمثالك القوة الغالبة في المجتمع أو علي الأقل كنت ظاهرة مؤثرة فاعلم في هذه الحالة فقط أن الدنيا بخير، وأننا في طريقنا لاستعادة مجدنا.. فدولة الإسلام والحمد لله في هذه الحالة تصبح قائمة في القلوب، وبقي أن تقوم علي الأرض ولكن كيف.. موعدي معك الأسبوع القادم بإذن الله لأقدم لك وجهة نظري، وأحاول إقناعك بها. ومن الآن أقول لك: أنا ضد الدولة الدينية!!
في ليلة السابع والعشرين من رمضان احتفل أهل الإسلام بليلة القدر، لكن أغلب الفقهاء ذهبوا إلي أنها في العشر الأواخر من رمضان.. وسواء هذا أو ذاك، فأحوال المسلمين لا تسر.. خارجياً: صورتهم غاية السوء أمام العالم، واسمهم مرتبط بالإرهاب! وداخليا: الشريعة أمر ثانوي! وانظر إلي التلفزيون داخل بيتك لتتأكد من هذا الأمر.. فرغم أن الأيام الأخيرة من رمضان هي الأهم حيث إن فيها ليلة القدر إلا أن ذلك لم ينعكس علي أجهزة الإعلام التي تتبع الدولة.. طيب ليه- السبب أن إسلامنا الجميل التأثر به ضعيف في المجتمعات الإسلامية إلا ما رحم ربي. وقوته تختلف من بلد إلي آخر، وزمان كان ديننا هو الموجّه الأول لمجتمعاتنا، لكن الوضع اختلف في عصرنا الحديث.
وبدلاً من البكاء علي أطلال الماضي تعالوا ننظر إلي الحاضر والمستقبل.. كيف يستعيد الإسلام مجده- الدعوات سلاح مهم ولكن، صدق الله العظيم، القائل في كتابه الكريم: 'إن الله لا يغيّر ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم'.. فأهل الإسلام لابد أن يكونوا أهلاً للنصر حتي يأخذ الله بيدهم، عليهم بالأسباب، والنتائج علي رب العالمين.
وهناك من ينتظر القائد الإسلامي البطل الذي يعيد لديننا مجده! لكنني أقول هيهات أن يحدث ذلك! وعلي هؤلاء الانتظار طويلاً جداً.. فالدنيا تغيرت ونحن في عصر الشعوب ولسنا في عصر القادة الأبطال!
وغني عن القول رفض الثورات وسفك الدماء كوسيلة لإقامة شرع الله لأسباب ثلاثة.. أولها: رفض العنف من حيث المبدأ، وثانيها: إن نتائجها مدمرة وحكم الشوري واحترام حقوق الإنسان ستكون الضحية رقم واحد. وثالثها: إن التغيير الحقيقي لا يكون من فوق، بل يكون من قلب المجتمع.
وإذا سألتني ما هو المطلوب تحديداً حتي 'لا يتوه' الموضوع، مع عدم الاكتفاء بالشعارات العامة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. قلت لك: هناك أمران علي وجه التحديد أولهما: دور حضرتك في إعادة مجد الإسلام.. أري ابتسامة ساخرة قد تطل من وجهك! وأنت تسألني: وما هو دوري يا أستاذ-
وأقول في البداية: دقيقة من فضلك! لماذا تستهين بنفسك وتظل دوماً قابعاً في موقع المتفرجين- مطلوب منك مهمة عظيمة وعليك أن تنظر إلي هذا الأمر بجدية كاملة بدلاً من السخرية!
وكل ما أرجوه منك أن تكون إيجابيا، وتحمل إسلامنا الجميل علي كتفيك وتعيش همومه وقضاياه! فمصيبة ديننا أن معظم أتباعه عبء عليه، وأنت لا ترضي أن تكون واحداً منهم.
وقد تعترض علي كلامي من جديد قائلا: هذا كلام عام، أريد شيئاً محدداً في يدي عن المطلوب بالضبط.
والإجابة كلمة خالدة قالها المستشار حسن الهضيبي، المرشد الثاني للإخوان المسلمين، منذ سنوات بعيدة: 'أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم علي أرضكم' أري هذا الكلام تلخيصاً للمطلوب كله علي طريقة 'ما قل ودل'.
وأول خطوة لنصرة شرع الله هي التديّن الصحيح وغير معقول أن تكون مهملاً لعبادتك ، ثم تتساءل عن أسباب تخلّف المسلمين، وكيفية استعادة مجدهم!! وهناك فارق كبير بالطبع بين 'خطف' ركعتين أو أربعة في الصلاة وبين تأدية تلك العبادة بذمة وضمير لينطبق عليك قول الله سبحانه وتعالي وهو يصف أخلاقيات أهل الإيمان قائلا: 'قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون'.. سورة المؤمنون. ويشمل ذلك أيضاً سائر شعائر الإسلام الأخري من الصوم والحج والزكاة.. فالارتباط بالله والرغبة في ثوابه أولي درجات النهضة الإسلامية. ولا تستطيع الزعم بأن أغلبنا يؤدي عباداته بما يرضي الله. فهناك إذن خلل أساسي في حياتنا ينبغي علاجه.
والتديّن الصحيح يؤدي تلقائياً إلي أخلاق سليمة وتعاملات 'حلوة' مع غيرك، وهذا أيضاً ما نفتقده في مجتمعاتنا الإسلامية.. فهناك أزمة حقيقية في الضمير! والشعار السائد: أنا ومن بعدي الطوفان! والذمم الخربة ظاهرة ملحوظة!! وهناك تقصير فادح في الأخلاقيات التي دعا إليها الإسلام مثل الصدق والأمانة والاهتمام بالعمل.. وكلها أمور تفوّق فيها الغرب علينا، وأعجبني من قال: 'الحمد لله أنني دخلت الإسلام قبل أن أري المسلمين'.. ويقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: ديننا بضاعة ثمينة وقعت في يد تاجر فاشل لا يعرف كيف يعرض بضاعته! وأضيف من عندي قائلا: هذا شيء متوقع يا فضيلة الإمام لأن باب النجار مخلع!! وفاقد الشيء لا يعطيه.. وعليك ألف رحمة يا سيدنا الشيخ.
وأسألك: ماذا أنت فاعل أمام أزمة الأخلاق التي تواجه مجتمعنا.. هل تصر أن تكون حضرتك جزءاً من الأزمة- أم تقول 'وأنا مالي' وتظل جالساً في مقاعد المتفرجين تتحسّر علي الماضي- أليس الأجدي من هذا كله أن تعمل علي إصلاح نفسك لتكون جزءاً من الحل وليس المشكلة-- ويشهد الناس بأخلاقك.. ويقولون هذا الإنسان مسلم بصحيح! وأتساءل من جديد: كيف يمكن أن يستعيد الإسلام مجده، وهناك أكثر من أزمة بين أبنائه.. واحدة تتعلق بالأخلاقيات وسببها المظهرية في الدين.. يعني تأدية العبادات 'بطريقة أي كلام' فلا تنعكس علي أخلاقيات صاحبها، وهذه أزمة ثانية.
ومما يزيد من حدة المشكلة أن بعض المتدينين الذين يتطلعون إلي إعادة مجد الإسلام تراهم يستحقون 'صفراً علي الشمال' في تعاملاتهم وأخلاقهم الفظّة الغليظة، والعجيب أن درجاتهم عشرة علي عشرة في عباداتهم!! فما سر هذا التناقض-
هذه مصيبة جديدة من مصائب العصر الذي نعيش فيه!! ولا يعني كلامي أني أدعوك لليأس والإحباط وأنه 'مفيش فايدة'! بل دعوة لتقوم أنت بدورك الإيجابي من أجل نهضة ديننا بعيداً عن أولئك الذين يتعاملون مع الدين بطريقة 'أي كلام' أو المتشددين المتجهّمين الذين يعطون انطباعاً سيئاً عن الإسلام.. مطلوب أن تكون وسطاً بين هذا كله.. نموذجاً طيباً لإسلامنا الجميل في عباداتك وسلوكك وأخلاقك.. وإذا شكلت مع أمثالك القوة الغالبة في المجتمع أو علي الأقل كنت ظاهرة مؤثرة فاعلم في هذه الحالة فقط أن الدنيا بخير، وأننا في طريقنا لاستعادة مجدنا.. فدولة الإسلام والحمد لله في هذه الحالة تصبح قائمة في القلوب، وبقي أن تقوم علي الأرض ولكن كيف.. موعدي معك الأسبوع القادم بإذن الله لأقدم لك وجهة نظري، وأحاول إقناعك بها. ومن الآن أقول لك: أنا ضد الدولة الدينية!!