الشمال الغاضب
06 Apr 2004, 09:27 PM
<div align="center">بسم الله الرحمن الرحيم،الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
ليس بغريب أن ينسب إلى أحد العلماء المعتبرين ما لم يقله بما يصرح بخلافه ، وهذا معلوم من عهد السلف الصالح ، ففي صحيح مسلم- في كتاب اللباس في باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة 3/1641 – أن أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما - أرسلت مولاها إلى عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما – فقالت : " بلغني عنك أنّك تُحرم أشياء ثلاثة : العلم في الثّوب ، ومَيثرةَ الأُرجُوانِ وصوْمَ رجَبٍ كُلّه " . فقال عبدالله : أمّا ما ذَكرتَ من رجبٍ ، فكيف بمن يصومُ الأبد .
وأما ما ذكرتَ من العَلمُ في الثّوبِ فإني سمعتُ عمرَ بن الخطّاب يقول :سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما يلبسُ الحرير من لا خَلاقَ له " ، فخفتُ أن يكون العَلمُ منه .
وأما ميثرةُ الأرجُوان ، فهذه ميثر ةُ عبدالله ، فإذا هي أُرجُوانُ .
فرجع مولى أسماء إليها فأخبرها بما قال عبدالله فقالت : هذه جُبّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجتْ جُبّة طيالسةِ كَسْرِوانّية لها لِبنةُ ديباجٍ وفرجيها مكفُوفين بالدّيباج ، فقالت : هذه كانت عند عائشة حتّى قُبضتْ . فلمّا قُبَضت قبضتها . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يَلبُسها فنحنُ نغسلُها للمرضى ليُستشفى بها .الميثرةُ : وطاء يجعل على الرحل ليلين للراكب من الوثارة .والأُرجُوان : بضم الهمزة والجيم هو الأحمر الشديد الحمرة .
ومعنى قول ابن عمر : " فكيف بمن يصوم الأبد" الإنكار على من نسب إليه من تحريم الثلاثة ، فأنكر صوم رجب بأنه كان يصوم الأبد ، وتحريم علم الثوب بأنه كان تركه خوفاً من أن يكون من لبس الحرير فهو حكم احتياطي ، وأنكر تحريم ميثرة الأرجوان بأنه كان له ميثرة أرجوان .والمهم أن التقول على العلماء كان من قديم الزمان وله أسباب :
1- منها أن يسأل الشخص عالماً سؤالاًً يقصد به معنى ، فيفهمُ العالمُ المجيبُ خلاف ما قصده السائل ، فيجيبُ بحسب ما فهم من السؤال ويفهم السائل الجواب على ما قصده من السؤال .2- ومنها أن يفهم العلم السؤال على ما قصده به السائل فيجيبه بحسبه لكن يفهم السائل منه خلاف ما قصده المجيب .3- ومنها أن يكون له هوى في حكم مسألة ما ، فيُشّيع نسبته إلى عالمٍ معروفٍ ليكون <span style='color:darkred'>أدعى لقبوله .4-</span> ومنها أن يكون الحكم غريباً منكراً ، فيُنسبه إلى عالمٍ ليشوه به سُمعتّهُ ويتخذ من ذلك وسيلةً إلى غيبته ، والإيقاع به ، مع أن العالم لم يكن منه فتوى في ذلك .
إلى ذلك من الأسباب وشر الأسباب التي ذكرناها هذا الأخير والذي قبله .
ولكن الجواب على من سمع من ذلك أن يتثبت أولاً من صحة نسبة القول إلى العالم ، ثم يتأمل في القول المنقول هل له حظ من النظر ، فإن كان له حظ من النظر قبله ودافع عنه ، لأنه حقٌ والحقُ يجبُ قبوله والدفاع عن القائل به .
وإن لم يكن له حظٌ من النظر ، اتصل بقائله وناقشه بأدبٍ فيقول : بلغني كذا وكذا فما وجه ذلك في شريف علمكم ، أو نحو هذه العبارة .
ثم يأخذ معه النقاش بأدب واحترام لقوله تعالى : { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } ، إلا أن يكون معانداً ظالماً فيجادل بما يستحق ، كما قال تعالى في مجادلة أهل الكتاب : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ }
وإذا تبين الحق بعد النقاش وجب على من تبين له اتباعه والدفاع عمن قال به .
فإن لم يتبين لكل واحد أن الحق مع صاحبه ، فالله تعالى حسيب الجميع وهو تعالى عند قلب كل قائل وقوله ، وليس قول كل واحد حجة على الآخر ، فليذهب كل واحد إلى ما تبين له أنه الحق ولا يُشّنعُ على صاحبه أو يُبدّعهُ أو يُفسّقُهما دامت المسألة تحت مجهر الاجتهاد .</div>
ليس بغريب أن ينسب إلى أحد العلماء المعتبرين ما لم يقله بما يصرح بخلافه ، وهذا معلوم من عهد السلف الصالح ، ففي صحيح مسلم- في كتاب اللباس في باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة 3/1641 – أن أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما - أرسلت مولاها إلى عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما – فقالت : " بلغني عنك أنّك تُحرم أشياء ثلاثة : العلم في الثّوب ، ومَيثرةَ الأُرجُوانِ وصوْمَ رجَبٍ كُلّه " . فقال عبدالله : أمّا ما ذَكرتَ من رجبٍ ، فكيف بمن يصومُ الأبد .
وأما ما ذكرتَ من العَلمُ في الثّوبِ فإني سمعتُ عمرَ بن الخطّاب يقول :سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما يلبسُ الحرير من لا خَلاقَ له " ، فخفتُ أن يكون العَلمُ منه .
وأما ميثرةُ الأرجُوان ، فهذه ميثر ةُ عبدالله ، فإذا هي أُرجُوانُ .
فرجع مولى أسماء إليها فأخبرها بما قال عبدالله فقالت : هذه جُبّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجتْ جُبّة طيالسةِ كَسْرِوانّية لها لِبنةُ ديباجٍ وفرجيها مكفُوفين بالدّيباج ، فقالت : هذه كانت عند عائشة حتّى قُبضتْ . فلمّا قُبَضت قبضتها . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يَلبُسها فنحنُ نغسلُها للمرضى ليُستشفى بها .الميثرةُ : وطاء يجعل على الرحل ليلين للراكب من الوثارة .والأُرجُوان : بضم الهمزة والجيم هو الأحمر الشديد الحمرة .
ومعنى قول ابن عمر : " فكيف بمن يصوم الأبد" الإنكار على من نسب إليه من تحريم الثلاثة ، فأنكر صوم رجب بأنه كان يصوم الأبد ، وتحريم علم الثوب بأنه كان تركه خوفاً من أن يكون من لبس الحرير فهو حكم احتياطي ، وأنكر تحريم ميثرة الأرجوان بأنه كان له ميثرة أرجوان .والمهم أن التقول على العلماء كان من قديم الزمان وله أسباب :
1- منها أن يسأل الشخص عالماً سؤالاًً يقصد به معنى ، فيفهمُ العالمُ المجيبُ خلاف ما قصده السائل ، فيجيبُ بحسب ما فهم من السؤال ويفهم السائل الجواب على ما قصده من السؤال .2- ومنها أن يفهم العلم السؤال على ما قصده به السائل فيجيبه بحسبه لكن يفهم السائل منه خلاف ما قصده المجيب .3- ومنها أن يكون له هوى في حكم مسألة ما ، فيُشّيع نسبته إلى عالمٍ معروفٍ ليكون <span style='color:darkred'>أدعى لقبوله .4-</span> ومنها أن يكون الحكم غريباً منكراً ، فيُنسبه إلى عالمٍ ليشوه به سُمعتّهُ ويتخذ من ذلك وسيلةً إلى غيبته ، والإيقاع به ، مع أن العالم لم يكن منه فتوى في ذلك .
إلى ذلك من الأسباب وشر الأسباب التي ذكرناها هذا الأخير والذي قبله .
ولكن الجواب على من سمع من ذلك أن يتثبت أولاً من صحة نسبة القول إلى العالم ، ثم يتأمل في القول المنقول هل له حظ من النظر ، فإن كان له حظ من النظر قبله ودافع عنه ، لأنه حقٌ والحقُ يجبُ قبوله والدفاع عن القائل به .
وإن لم يكن له حظٌ من النظر ، اتصل بقائله وناقشه بأدبٍ فيقول : بلغني كذا وكذا فما وجه ذلك في شريف علمكم ، أو نحو هذه العبارة .
ثم يأخذ معه النقاش بأدب واحترام لقوله تعالى : { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } ، إلا أن يكون معانداً ظالماً فيجادل بما يستحق ، كما قال تعالى في مجادلة أهل الكتاب : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ }
وإذا تبين الحق بعد النقاش وجب على من تبين له اتباعه والدفاع عمن قال به .
فإن لم يتبين لكل واحد أن الحق مع صاحبه ، فالله تعالى حسيب الجميع وهو تعالى عند قلب كل قائل وقوله ، وليس قول كل واحد حجة على الآخر ، فليذهب كل واحد إلى ما تبين له أنه الحق ولا يُشّنعُ على صاحبه أو يُبدّعهُ أو يُفسّقُهما دامت المسألة تحت مجهر الاجتهاد .</div>