سيف الاسلام_1
11 Apr 2004, 06:07 PM
هل نتعامل مع أبنائنا بخلفيات تربيتنا؟الآباء والأمهات هنا بين موقفين أساسيين تتفرع عنهما أشكال عديدة:فمدرسة من الآباء والأمهات شعارها 'هكذا تربينا وتعلمنا من أهلنا فكان نتاجهم نحن، وهكذا ينبغي أن يتربوا هم ويتعلموا'.ومدرسة أخرى شعارها 'لا نريد أن يتعرضوا لنماذج من سوء التربية التي تعرضنا نحن لها'.وما بين هذه المدرسة وتلك يقع الأبناء فريسة لأفهام في التربية لا تعرف مدى صحتها ومدى مطابقتها لواقع الأبناء والبنات، وتلبيتها لحاجاتهم ومتطلباتهم النفسية والمادية.وهي عودة مرة أخرى إلى التعامل معهم بمنطق الآلات والأدوات، لا بمنطق الكيان البشري الذي هو خليط من المشاعر والأفكار وتقلبات الجسد المادية.* ولكي نفهم أبناءنا ونحسن تربيتهم لا بد لنا من فهم أنفسنا وفهم دوافعنا في تصرفاتنا. وفهم الخلفيات التربوية التي نتعامل بها مع أبنائنا.ما هي مرجعياتنا التربوية؟[1] مرجعياتنا: خبراتنا المكتسبة وخبرة الآباء والأجداد.أو كما يقال: مدرسة 'هذا ما تربينا عليه نحن وأخرجنا آباء وأمهات متحملين للمسئولية .. وهذا ما ينبغي أن يتربى عليه أبناؤنا'.لكن أيها الأب أيتها الأم إنكما بهذه المرجعية وحدها تحققان جانبًا مهمًا من جوانب التربية وطرق علاج المشاكل، لكن عدم تقبل هذا الجيل لهذه المرجعية وطرق العلاج يجعلنا بدون شك نتنبه أننا نغفل عوامل أخرى تضعف من إمكانية الاعتماد على هذه المرجعية كأساس للتربية وحل المشاكل.ومن ضمن هذه العوامل اختلاف البيئات وانتشار الفساد على مستوى ونطاق لم نعهده من قبل ـ على الأقل في فترات نشوئنا نحن ـ وكذا تنوع مؤسسات الفساد والإفساد ومنها ما افتقدناه من احترام الكبار بل وتعمد إهانتهم واعتبار سماع كلامهم أو نصائحهم تعبيرًا عن الضعف وذوبان الشخصية.فأنى لخبراتنا أن تكون كافية أو قادرة على مقاومة طوفان الفساد والإفساد الحالي أو تصلح بمفردها لمواجهة تربية هذا الجيل الفريد في اضطرابه وحيرته وتذبذبه.[2] مرجعياتنا: التقاليد والعادات والأعراف.إن العادات والتقاليد والأعراف وإن كانت تشكل جانبًا رئيسيًا في صياغة الفرد فكره وشعوره وثقافته وتربيته إلا أننا يجب أن ننتبه إلى التغير الجذري في التعامل مع العادات والتقاليد في مجتمعنا الحاضر وطبيعة توصيفها بين الغالب أبناء هذا الجيل ـ بالأخص ـ على أنها من دلائل الرجعية والتخلف.هذا مع مراعاة أمر آخر أن مجرد اختلاف البيئات ينعكس بشدة على اختلاف التقاليد والعادات.مثال:ـ مجرد الانتقال بالإقامة من الريف إلى المدن نجد المتنقل سرعان يخلع ثوب العادات والتقاليد بمجرد ملابسته للمدن وأخلاقياتها، ما لم يكن الدين هو دافعه للتمسك بهذه العادات والتقاليد.فهذه المرجعية لتربية أبنائنا لم تعد بالقوة الكافية لصيانتهم والحفاظ عليهم من غوائل هذه الدهر.[3] مرجعياتنا: الوسائل الإعلامية المختلفة وعلى رأسها التلفاز.هذه الوسائل يعتمد عليها كثير من الأباء والأمهات في البحث عن حلول لمشكلاتهم مع أبنائهم وحتى حل بعض خلافاتهم، والبعض الآخر لا إراديًا ـ يتأثرون بهذه التوجهات الإعلامية كل المشاكل، وذلك كثرة الاحتكاك بوسائل الإعلام.ولكن لحظة ... تابعوا معي ... المشاهد الآتية:ممثلون يدخنون [السجائر ـ الشيشة] ـ أناس يجلسون على المقاهي يتقابلون عليها ـ شباب يعاكسون ـ تمثيليات تروج أن منطق القوة والمكر والخديعة والغش هو الذي يفوز ـ نماذج لا تصل إلى المناصب العليا إلا بالتدليس والكذب والرياء والمداهنة ومدح الناس بما ليس فيهم ـ تروج وسائل الفساد من تعليم طرق شرب المخدرات وغيرها ـ عرض أزياء الموضة الحديثة التي رسالتها: تعالوا نتعرى زيادة ـ كيف تجذب المرأة الرجل؟ بالطبع ليس زوجها ـ كيف تسيطر المرأة على الرجل؟ ـ تحويل الزواج إلى مؤسسة عسكرية صراعية ـ تعظيم قضيا الصراع على الفتاة بين الشباب وافتح صفحات الحوادث واقرأ و..... و...... و........ أليست واحدة مما سبق إذا ترسخت لدينا ولدى أبنائنا بكافية لتدمير حياة أسرة كاملة فضلاً عن حياة شاب واحد من أبنائنا.وعلى الرغم مما قد يذكره البعض من فوائد متناثرة هنا وهنا في أجهزة إعلامنا إلا أننا بالمقارنة بحجم الفساد لا نملك إلا أن نقف متوجهين وخائفين من حجم الإفساد الحقيقي لعقول الأمة رجالاً ونساءً وشبابًا الذي يهدف إلى تعليمهم أساليب حياة لا تناسب ديننا وقيمنا ومجتمعنا.ولكن لا نملك في الوقت ذاته إلا الإشارة إلى القنوات الإسلامية الخالصة التي بدأت في النشوء حديثًا لتوجد البديل الإسلامي الراقي الخالي من المنغصات والمفسدات للحياة البشرية. وبذا أخي الأب أختي الأم يترجح لدي أن الاعتماد على وسائل الإعلام وعلى رأسها التلفاز كوسيلة لاستقاء الحلول لمشاكل الحياة اليومية إنما يعد إقدامًا متعمدًا على ما نعلم أنه يفسد حياتنا بصورة أو بأخرى.[4] مرجعياتنا: ما قام به الغربيون في علم النفس من دراسات متخصصة.إن ما قام به علماء الغرب من دراسات متخصصة في علم النفس والاجتماع، وفهم النفس وسبر أغوارها ومعالجة إشكالاتها تثير الإعجاب.ولكن علينا التنبه إلى أن الأصول التي اعتمدت عليها تلك الدراسات تختلف كلية عن الأصول والقيم والمبادئ التي تقود مجتمعاتنا الغربية والإسلامية.مثال على ذلك:تضخيم حجم الجسد وحاجاته ورغباته وتلبيتها له بدون قيد أو رقيب بدعوى أنه لا بد من إطلاق العنان للنفس لتحقيق ما تريده، لأن الكبت لحاجات النفس ومطالبها هو أول الطرق لتدمير النفس، وعدم توفير الجو المناسب لها للتحرر والإبداع، وفي المقابل إهمال جذري لحاجات الروح وغذائها وعقيدتها، وتفاعلها مع الكون من حولها.ومن هنا فإننا قد نؤيد الاستفادة بخلاصة الخبرات الغربية لكننا ننبه أنه لا بد أن تفهم في إطار من قيمنا ومبادئنا وأفكارنا.[أنصح بقراءة مقدمة كتاب دراسات في النفس الإنسانية للأستاذ/ محمد قطب حيث يوضح هذا الاختلاف تفصيلاً بين علم النفس الغربي وعلم النفس الإسلامي].[5] مرجعياتنا: استشارة أهل الاختصاص:ما هي نوعية مرجعية أهل الاختصاص المستشارين؟أهي دراستهم النفسية العلمية الغربية؟أم دراستهم العلمية الغربية المشبعة بدارسة واقعنا العربي الإسلامي؟ أم هي الدراسة العلمية الشرعية الإسلامية المستفيدة من النظريات الغربية الموافقة للتصور الرباني عن النفس والحياة والكون؟على أساس الإجابة يتحدد موقفنا من الاعتماد على هذا الشق كمرجعية.ولكن عندما تستشير كن صادقًًا في عرض شكواك، ومدى مساهمتك في هذه المشكلة سواء مساهمة سلبية أو إيجابية حتى تحصل على الاستشارة الدقيقة من أهل الاختصاص، والذين ذكرنا سابقًا أنهم لا بد وأن يكونوا من العلماء الشرعيين التربويين الذين أحاطوا بأصول التربية الإسلامية ومبادئها، واستفادوا من النظريات العلمية النفسية الغربية بما يوافق أصول الشرع الحنيف. وما خاب من استشار.[6] مرجعياتنا: التربية الإسلامية.كل المرجعيات التي سبق عرضها تتفق في أنها عوامل مرجعية متغيرة تبعًا للبيئة الزمانية والمكانية، كما أنها لا تملك من القدسية والثقة في النفوس البشرية درجة ثابتة.وهذا كله يؤدي إلى حدوث تضارب شديد في اعتمادها كمرجعيات تربوية، وحتى في مدى التسليم بما ينتج عنها من آراء وخبرات.فنحن بحاجة إلى مصدر ومرجعية تربوية ثابتة تمتلك من القدسية والاحترام في نفسية الجميع ما يجعلها تملأ مكانها، وكذا يمكن زراعة هذه القدسية والمرجعية في نفوس الأبناء والبنات لتكون قاعدة يتحاكم إليها الجميع، بها توضع الأمور في مواضعها وحجمها الحقيقي ونصابها. وهذه المرجعية هي التربية الإسلامية.ـ ولنا هنا لفته مؤداها أننا وإن كنا نقر بالتربية الإسلامية الموافقة لشرع الله تعالى باعتبارها المصدر الأساسي والمرجعية الأم لتربية أبنائنا وبناتنا، إلا أنه لا ينبغي إنكار الدور الحقيقي للعوامل السابقة كعوامل مساعدة في التربية، بقدر ما تحقق من التوافق مع التربية الإسلامية وتدعمها.ـ إن ما يعرف بمأساة الصراع بين الأجيال أو بمعنى آخر ظهور الفجوات في الحوار والفهم بين الآباء والأمهات من جهة والأبناء والبنات من الجهة الأخرى، هذه المشكلة لو بحثنا في أسبابها لأجملناها في سبب رئيس وهو عدم وجود القيادة الثابتة الواحدة التي يتحاكم إليها كافة الأطراف في معرفة الصواب والخطأ.وإذا وجدت فليس لديها من القدسية والتقدير لدى كلا الطرفين ما يجعلها قادرة على الإلزام بأحكامها.ـ لكننا نلاحظ أن كثيرًا مما نعتبره من المشاكل ونقوم بتوصيفه على أنه أزمات ما هو في الحقيقة إلا استيراد لتلك المشاكل وهذه الأزمات مع مجتمع يختلف في واقعة الحياتي وثوابته ومبادئه عن مجتمعنا وديننا وقيمنا.ـ لذا فنحن لسنا بحاجة لخلق أزمة كي نقوم بعلاجها, إنما بإقرارنا لثوابت تربيتنا الإسلامية، ونشوء الأبناء والبنات عليها يقينا الله تعالى كثيرًا من الشرور وتتحول الأزمات التي قد تصيب أبناءنا إلى أزمات عابرة لا حقيقية.ـ ولا يفوتني هنا أن ألفت انتباهك عزيزي الأب وعزيزتي الأم إلى أنه في ظل التربية الإسلامية فإن القدسية إنما تكون للشرع وتحقيق رضا الله تعالى، وإن احترام الأبناء للأبوين لا ينبثق أو ينبع من ذات الأبوين بل هو مما يضفيه عليهما الشرع الرباني، فيكون تحصيل رضاهما قربة أكثر منه واجب يؤدى، بل هو شرف يسعى إليه الابن والابنة.
منقووووووووول
منقووووووووول