الزاد
27 Apr 2004, 04:11 AM
بيان للعلماء حول أحداث التفجير والقتل 2/3/1425
خاص المسلم
تبعاً لتداعيات جريمة تفجير مبنى الأمن، أصدر سبعة من أهل العلم بياناً، يستنكرون فيه الحادث.
وقد ذكر البيان أن هذا الحادث من قبيل الإفساد في الأرض والله قد نهى عن الفساد، كما أنه تضمن إزهاق أنفس معصومة، وإهدار أموال مصونة، واشتمل على ترويع الآمنين، وحمل السلاح على المسلمين، كما انطوى الحادث على أذية للمؤمنين، ومزيد تمزيق لوحدة صفهم، وبين الموقعون أن التكفير أمر جلل وخطير، أهل السنة فيه وسط بين طرفين، لاينبغي أن يخوض في موانعه وشروطه غير أهل العلم الراسخين، كما حذر البيان من مفارقة الجماعة وشق عصا الطاعة، وأوصى بالرجوع إلى أهل العلم عند التباس الأمور وأخذ الفتوى الشرعية منهم.
هذا وقد دعا البيان حاملي السلاح على إخوانهم المسلمين بالتوبة ومراجعة النفس، كما دعا الذين يصطادون في الماء العكر، ويستغلون الأحداث من الإعلاميين إلى أن يتقوا الله، وختم البيان بالدعوة إلى بالرجوع إلى المنهج الشرعي الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب.
وفيما يلي نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان حول أحداث التفجير والقتل
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن دين الإسلام جاء بحفظ الضرورات الخمس ؛ وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال. وحرم الاعتداء عليها بأي نوع من أنواع التعدي. وإن ما حدث من تفجير في مدينة الرياض ظهر يوم الأربعاء 2/3/1425هـ، وما سبقه من تفجيرات وأحداث حصل بسببها إزهاق للأرواح، وإضرار بالأنفس والممتلكات العامة والخاصة، لهو جرم شنيع، ومنكر عظيم، لا يشك من له أدنى بصر بنصوص الكتاب والسنة ؛ وأقوال علماء الأمة ؛ في تحريمه، وجرم فاعله. وذلك من وجوه:
أحدها: أن هذا العمل ضرب من ضروب الإفساد في الأرض. وقد نهى الله عز وجل عن ذلك في كتابه، وشنع على فاعله. قال تعالى: ﴿ ولا تعثوا في الأرض مفسدين ﴾. وقال تعالى: ﴿ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام () وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ﴾. وقال عز وجل: ﴿ ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ﴾. وقال تعالى: ﴿ ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ﴾.
الثاني: أن فيه إزهاقا للأنفس المعصومة بغير حق. وقد أجمع علماء الأمة على تحريم الاعتداء على النفس المعصومة بغير حق ـ سواء كانت نفس مسلم، أو غير مسلم من المعاهدين والمستأمنين وأهل الذمة ـ وذلك لتضافر النصوص من الكتاب والسنة الدالة على تحريم ذلك، وأنه كبيرة من كبائر الذنوب، والتحذير منه ومن سوء عاقبته.
أما المسلم فقد قال الله تعالى: ﴿ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ﴾. وقال تعالى: ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما () يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا () إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا.. ﴾ الآية. وقال تعالى: ﴿ من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ﴾. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دما حراماً)) رواه الإمام أحمد والبخاري. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أكبر الكبائر الإشراك بالله، وقتل النفس..)) الحديث. رواه البخاري. وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم)) رواه الترمذي والنسائي. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله)) رواه البخاري. وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار)) رواه الترمذي.
أما غير المسلم من المعاهدين والمستأمنين وأهل الذمة فقد أخرج البخاري عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما)).
الثالث: أن فيه إتلافاً للأموال المعصومة بغير حق. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)). وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرض)). وفي البخاري: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله)).
الرابع: أن فيه ترويعاً للمسلمين الآمنين. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لمسلم أن يروع مسلما)) رواه الإمام أحمد وأبو داود.
الخامس: أن فيه حملا للسلاح على المسلمين. وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يُشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار)). ولمسلم عنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي، وإن كان أخاه لأبيه وأمه)). فإذا كان هذا في حمل السلاح والإشارة به، فكيف بمن استعمله ضد المسلمين؟!. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حمل علينا السلاح فليس منا)) خرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
السادس: أن فيه إيذاءً للمسلمين. وقد قال الله تعالى: ﴿ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير مااكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ﴾. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)).
السابع: أن في هذه الأعمال تفرقة لصف المسلمين، ووحدة كلمتهم التي هم أحوج مايكونون إليها في زمن تكالبت فيه الأمم عليهم يبغونهم الغوائل، ويتربصون بهم الدوائر. وقد قال الله سبحانه: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا). وقال سبحانه (ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
أخيراً فإننا نوصي المسلمين جميعاً، ومن وقع في شيء من هذه الأعمال، أو وقع في روعه لوثة من هذا الفكر أن يتقي الله عز وجل في نفسه وفي إخوانه المسلمين، وأن يتوب إلى الله عز وجل، ويقلع عن كل ذنب اقترفه، ويرجع إلى جادة الصواب والحق، ويكون صفا واحداً مع إخوانه ضد أعدائهم المتربصين بهم، وأن لا يكون معول هدم لكيان الأمه.
كما نحذر كل مسلم من تكفير إخوانه المسلمين بغير حق. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر رضي الله عنه: ((من دعا رجلاً بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه)) رواه البخاري ومسلم.
وباب التكفير باب فتنة ومزلة، وأهل السنة والجماعة فيه وسط بين المرجئة الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب ؛ وبين الخوارج الوعيدية المكفرين بكل كبيرة. وله ضوابط وشروط يجب تحققها ؛ وموانع يجب انتفاؤها، يعلمها المحققون من أهل العلم.
وليعلم أيضا أن مفارقة الجماعة، وشق عصا الطاعة كبيرة من كبائر الذنوب. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية)) رواه مسلم. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)) رواه الإمام أحمد وأبو داود.
كما أن على كل مسلم الرجوع فيما أشكل عليه إلى العلماء الربانين، وسؤالهم، والصدور عن رأيهم. وقد قال الله عز وجل: ﴿ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ﴾، وقال سبحانه: ﴿ وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ﴾، كما أننا نحذر الجميع من التسرع إلى الفتيا، وقفو مالا علم لهم به، وقد قال الله سبحانه: ﴿ و لا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ﴾، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون () متاع قليل ولهم عذاب أليم ﴾.
وليُعلم أنا ما أصبنا إلا من قبل أنفسنا لما فشت المنكرات، وضُيع أمر الله، وتطاول أهل الزيغ على دينه. وسنة الله أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، جزاء وفاقا، وما ربك بظلام للعبيد ﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ﴾، ﴿ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ﴾.
وإننا لنهيب برجال الصحافة والإعلام أن يتقوا الله في معالجة مثل هذه الموضوعات الحساسة، وأن يتجنبوا التعميم والاصطياد في الماء العكر. وليعلموا أنهم موقوفون بين يدي الله فسائلهم عن كل ما تلفظه ألسنتهم. قال تعالى: ﴿ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ﴾ وقال تعالى: ﴿ وقفوهم إنهم مسؤولون ﴾.
ختاماً فإن النصيحة واجبة للمسلمين عامة وخاصة، والسعي في الإصلاح بالمنهج الشرعي ـ وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ـ طريق الرسل، ومنهج ورثتهم من العلماء الربانين، فعلى كل ساع في الإصلاح أن ينهج طريقه، وأن يحذر العوج والسبل المضلة. ﴿ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ﴾.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ولا يجعله ملتبساً علينا فنضل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
حرر في 3/3/1425هـ
الموقعون:
الشيخ / عبد الرحمن بن ناصر البراك.
الشيخ الدكتور/ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين.
الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي.
الشيخ الدكتور/ سفر بن عبدالرحمن الحوالي.
الشيخ الدكتور/ سلمان بن فهد العودة.
الشيخ الدكتور/ عبدالله بن حمود التويجري.
الشيخ الدكتور/ ناصر بن سليمان العمر.
خاص المسلم
تبعاً لتداعيات جريمة تفجير مبنى الأمن، أصدر سبعة من أهل العلم بياناً، يستنكرون فيه الحادث.
وقد ذكر البيان أن هذا الحادث من قبيل الإفساد في الأرض والله قد نهى عن الفساد، كما أنه تضمن إزهاق أنفس معصومة، وإهدار أموال مصونة، واشتمل على ترويع الآمنين، وحمل السلاح على المسلمين، كما انطوى الحادث على أذية للمؤمنين، ومزيد تمزيق لوحدة صفهم، وبين الموقعون أن التكفير أمر جلل وخطير، أهل السنة فيه وسط بين طرفين، لاينبغي أن يخوض في موانعه وشروطه غير أهل العلم الراسخين، كما حذر البيان من مفارقة الجماعة وشق عصا الطاعة، وأوصى بالرجوع إلى أهل العلم عند التباس الأمور وأخذ الفتوى الشرعية منهم.
هذا وقد دعا البيان حاملي السلاح على إخوانهم المسلمين بالتوبة ومراجعة النفس، كما دعا الذين يصطادون في الماء العكر، ويستغلون الأحداث من الإعلاميين إلى أن يتقوا الله، وختم البيان بالدعوة إلى بالرجوع إلى المنهج الشرعي الذي جاءت به الرسل ونزلت به الكتب.
وفيما يلي نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان حول أحداث التفجير والقتل
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن دين الإسلام جاء بحفظ الضرورات الخمس ؛ وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال. وحرم الاعتداء عليها بأي نوع من أنواع التعدي. وإن ما حدث من تفجير في مدينة الرياض ظهر يوم الأربعاء 2/3/1425هـ، وما سبقه من تفجيرات وأحداث حصل بسببها إزهاق للأرواح، وإضرار بالأنفس والممتلكات العامة والخاصة، لهو جرم شنيع، ومنكر عظيم، لا يشك من له أدنى بصر بنصوص الكتاب والسنة ؛ وأقوال علماء الأمة ؛ في تحريمه، وجرم فاعله. وذلك من وجوه:
أحدها: أن هذا العمل ضرب من ضروب الإفساد في الأرض. وقد نهى الله عز وجل عن ذلك في كتابه، وشنع على فاعله. قال تعالى: ﴿ ولا تعثوا في الأرض مفسدين ﴾. وقال تعالى: ﴿ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام () وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ﴾. وقال عز وجل: ﴿ ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ﴾. وقال تعالى: ﴿ ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ﴾.
الثاني: أن فيه إزهاقا للأنفس المعصومة بغير حق. وقد أجمع علماء الأمة على تحريم الاعتداء على النفس المعصومة بغير حق ـ سواء كانت نفس مسلم، أو غير مسلم من المعاهدين والمستأمنين وأهل الذمة ـ وذلك لتضافر النصوص من الكتاب والسنة الدالة على تحريم ذلك، وأنه كبيرة من كبائر الذنوب، والتحذير منه ومن سوء عاقبته.
أما المسلم فقد قال الله تعالى: ﴿ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ﴾. وقال تعالى: ﴿ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما () يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا () إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا.. ﴾ الآية. وقال تعالى: ﴿ من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ﴾. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دما حراماً)) رواه الإمام أحمد والبخاري. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أكبر الكبائر الإشراك بالله، وقتل النفس..)) الحديث. رواه البخاري. وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم)) رواه الترمذي والنسائي. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)) رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله)) رواه البخاري. وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار)) رواه الترمذي.
أما غير المسلم من المعاهدين والمستأمنين وأهل الذمة فقد أخرج البخاري عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما)).
الثالث: أن فيه إتلافاً للأموال المعصومة بغير حق. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)). وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرض)). وفي البخاري: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله)).
الرابع: أن فيه ترويعاً للمسلمين الآمنين. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لمسلم أن يروع مسلما)) رواه الإمام أحمد وأبو داود.
الخامس: أن فيه حملا للسلاح على المسلمين. وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يُشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار)). ولمسلم عنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي، وإن كان أخاه لأبيه وأمه)). فإذا كان هذا في حمل السلاح والإشارة به، فكيف بمن استعمله ضد المسلمين؟!. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حمل علينا السلاح فليس منا)) خرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
السادس: أن فيه إيذاءً للمسلمين. وقد قال الله تعالى: ﴿ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير مااكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ﴾. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)).
السابع: أن في هذه الأعمال تفرقة لصف المسلمين، ووحدة كلمتهم التي هم أحوج مايكونون إليها في زمن تكالبت فيه الأمم عليهم يبغونهم الغوائل، ويتربصون بهم الدوائر. وقد قال الله سبحانه: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا). وقال سبحانه (ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
أخيراً فإننا نوصي المسلمين جميعاً، ومن وقع في شيء من هذه الأعمال، أو وقع في روعه لوثة من هذا الفكر أن يتقي الله عز وجل في نفسه وفي إخوانه المسلمين، وأن يتوب إلى الله عز وجل، ويقلع عن كل ذنب اقترفه، ويرجع إلى جادة الصواب والحق، ويكون صفا واحداً مع إخوانه ضد أعدائهم المتربصين بهم، وأن لا يكون معول هدم لكيان الأمه.
كما نحذر كل مسلم من تكفير إخوانه المسلمين بغير حق. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر رضي الله عنه: ((من دعا رجلاً بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه)) رواه البخاري ومسلم.
وباب التكفير باب فتنة ومزلة، وأهل السنة والجماعة فيه وسط بين المرجئة الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب ؛ وبين الخوارج الوعيدية المكفرين بكل كبيرة. وله ضوابط وشروط يجب تحققها ؛ وموانع يجب انتفاؤها، يعلمها المحققون من أهل العلم.
وليعلم أيضا أن مفارقة الجماعة، وشق عصا الطاعة كبيرة من كبائر الذنوب. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية)) رواه مسلم. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)) رواه الإمام أحمد وأبو داود.
كما أن على كل مسلم الرجوع فيما أشكل عليه إلى العلماء الربانين، وسؤالهم، والصدور عن رأيهم. وقد قال الله عز وجل: ﴿ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ﴾، وقال سبحانه: ﴿ وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ﴾، كما أننا نحذر الجميع من التسرع إلى الفتيا، وقفو مالا علم لهم به، وقد قال الله سبحانه: ﴿ و لا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ﴾، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون () متاع قليل ولهم عذاب أليم ﴾.
وليُعلم أنا ما أصبنا إلا من قبل أنفسنا لما فشت المنكرات، وضُيع أمر الله، وتطاول أهل الزيغ على دينه. وسنة الله أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، جزاء وفاقا، وما ربك بظلام للعبيد ﴿ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ﴾، ﴿ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ﴾.
وإننا لنهيب برجال الصحافة والإعلام أن يتقوا الله في معالجة مثل هذه الموضوعات الحساسة، وأن يتجنبوا التعميم والاصطياد في الماء العكر. وليعلموا أنهم موقوفون بين يدي الله فسائلهم عن كل ما تلفظه ألسنتهم. قال تعالى: ﴿ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ﴾ وقال تعالى: ﴿ وقفوهم إنهم مسؤولون ﴾.
ختاماً فإن النصيحة واجبة للمسلمين عامة وخاصة، والسعي في الإصلاح بالمنهج الشرعي ـ وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ـ طريق الرسل، ومنهج ورثتهم من العلماء الربانين، فعلى كل ساع في الإصلاح أن ينهج طريقه، وأن يحذر العوج والسبل المضلة. ﴿ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ﴾.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ولا يجعله ملتبساً علينا فنضل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
حرر في 3/3/1425هـ
الموقعون:
الشيخ / عبد الرحمن بن ناصر البراك.
الشيخ الدكتور/ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين.
الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي.
الشيخ الدكتور/ سفر بن عبدالرحمن الحوالي.
الشيخ الدكتور/ سلمان بن فهد العودة.
الشيخ الدكتور/ عبدالله بن حمود التويجري.
الشيخ الدكتور/ ناصر بن سليمان العمر.