اثير
11 May 2004, 12:30 PM
لماذا العفة يافتاة العصر؟
مقال اعجبني
عزيزتي فتاة هذا العصر:
في هذا المقام سأعرض لك إذا اخترت طريق العفة إشراقات من النور مضيئة وإطلالات تبهج النفوس من القرآن والسنة المطهرة، ومنها سنستشف لماذا طريق العفة هو الطريق ولا طريق غيره للفتاة المسلمة؟
لأن العفة هي الحياء والحياء من الإيمان.
لأن العفة هي الفطرة السوية.
لأن العفة هي الحياة الطيبة.
لأن العفة هي الطريق إلى الرزق من الله بالزواج والمال أيضًا.
وقبل ذلك كله لأن العفة هي الطريق إلى رضا الله و إلى الجنة.
1ـ وإليك هذه الومضات القرآنية:
1ـ يقول الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33].
هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد تزويجًا بالتعفف عن الحرام كما قال صلى الله عليه وسلم: 'يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء'.
عزيزتي الفتاة المسلمة .. لا تتوهمي أن طريق الشهوات هو الطريق الأسهل لإرضاء النفس والوصول إلى ما تتمنين، بل طريق العفة هو الطريق الأسهل والأضمن لهذا القصد. لماذا؟
لأن مع المتعفف عون من الله ووعد منه أيضا بالرزق والإغناء.
لقد تكفل الله بإغناء الرجال والنساء إن هم اختاروا طريق العفة النظيف: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:32].
وقال صلى الله عليه وسلم: 'ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف'.
إذن فلا يقف الفقر عائقًا عن الزواج فالرزق بيد الله يزرق من يشاء بغير حساب فهل تستغني عن عون الله وكفالة الله لك بالرزق والإعفاف من أجل نزوة وشهوة سريعة تنفض في دقائق معدودة؟
2ـ يقول الله تعالى: {غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء:25] قال ابن عباس: المسافحات هن الزواني اللاتي لا يمنعن أحدًا أرادهم بالفاحشة، {مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} يعني أخلاء، وقال الحسن البصري: يعني الصديق.
ثم تأتي الآيات بعد ذلك: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً[27]يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:27ـ28].
إن الله يتلطف مع عباده ويريد لحياتهم الخير ويكرمهم ويطهر المجتمع ويحدد الصورة النظيفة الوحيدة التي يحب الله أن يلتقي عليها الرجال والنساء 'الزواج' وتصان نفوسهم بالزواج، وتحريم ما عدا ذلك من الصور.
أما ما يريده الذين يتبعون الشهوات فهو أن يطلقوا الغرائز من كل عقال: ديني أو أخلاقي أو اجتماعي، يريدون أن ينطلق السعار الجنسي المحموم بلا حاجز ولا كابح، الذي لا يقر معه قلب ولا يسكن معه عصب، ولا يطمئن معه بيت ولا تقوم معه أسرة كل هذا الفساد وهذا الشر باسم الحرية، والنظر إلى الواقع في حياة المجتمعات التي 'تحررت' من قيود الدين والأخلاق والحياء في هذه العلاقة يكفي لإلقاء الرعب في القلوب لو كانت هنالك قلوب.
وتخفيف الله سبحانه وتعالى يتمثل في الاعتراف بدوافع الفطرة وتصريف طاقتها في الجو الطاهر النظيف الرفيع 'الزواج الشرعي' المأمون المثمر، دون مشقة أو عنت دون أن يطلقهم ينحدرون في الاستجابة لها بغير حد أو قيد. [في ظلال القرآن ـ سيد قطب ـ بتصرف]
3ـ يقول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور:30].
ألم يكن يكفي هذا النداء من الله للمؤمنين، وإذا جاء لفظ المؤمنين فإنه للرجال وللنساء أيضًا، ولكن الله خص النساء بالآية لأهمية وقدر المرأة العظيم عند الله الشارع العظيم فقال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:31].
وهذا أمر من الله للنساء بغض البصر عما حرم الله من النظر إلى غير أزواجهن، وأيضًا أمر من الله بحفظ فروجهن، قال سعيد بن جبير: عن الفواحش، وقال قتادة وسفيان: عما لا يحل لهن، وقال مقاتل: عن الزنا.
إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف لا يهاج فيه الشهوات كل لحظة، ولا تستثار فيه دفعات اللحم والدم في كل حين، فعمليات الاستثارة المستمرة تنتهي إلى سعار شهواني لا ينطفئ ولا يرتوي، والنظرة الخائنة والحركة المثيرة والزينة المتبرجة والجسد العاري .... كلها لا تصنع شيئًا إلا أن تهيج ذلك السعار الحيواني وينفلت زمام الأعصاب والإرادة.
لقد أمر الله الرجال بغض البصر ثم خص النساء أيضًا بآية غض البصر لتقليل فرص الغواية والفتنة والاستثارة من الجانبين، وغض البصر أدب نفسي ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الاطلاع على محاسن الغير كما أن فيه إغلاقًا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة [وهي البصر]، وهو الخطوة الأولى لتحيكم الإرادة ويقظة الرقابة، ثم بعد ذلك لا يبحن فروجهن إلا في حلال طيب، يلبي داعي الفطرة في جو نظيف، لا يخجل الأطفال الذين يجيئون عن طريقه من مواجهة المجتمع والحياة.
4ـ يقول تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المعارج:29].
وهذه الآية تعني طهارة النفس والجماعة، فالإسلام يريد مجتمعًا طاهرًا نظيفًا تلبى فيه كل دوافع الفطرة ولكن بغير فوضى ترفع الحياء الجميل، مجتمعًا يقوم على البيت العلني والعلاقات الجنسية النظيفة الصريحة طويلة الأمد، واضحة الأهداف، مجتمعًا يعرف فيه كل طفل أباه ولا يخجل من مولده.
وفي نهاية سياق هذه الآيات يبشرنا الله بجزاء من يفعل ما ذكر في الآيات والذين هم ....... والذين هم ........... والذين هم.........
وما الجزاء؟
{أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج:35].
إذن جزاء الذين هم لفروجهم حافظون هو [أولئك في جنات مكرمون] فجزاء العفة هو الجنة أيتها الفتاة المسلمة.
2ـ عزيزتي فتاة العصر .... هذه وقفات مع رسولنا الكريم:
الوقفة الأولى:
هذا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ـ يصف لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيقول: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشد حياء من العذراء في خدرها' [متفق عليه].
أي أشد حياءً من البكر حال اختلائها بالزوج الذي لم تعرفه قبل واستحيائها منه.
أليس لكِ في رسول الله أسوة حسنة؟ أليس حري بك أن تكوني في حياء الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو رجل وأنت امرأة؟
الوقفة الثانية:
هذا مشهد الصحابي يعاتب أخاه على شدة حيائه وكأنما يقول له 'قد أضر بك الحياء' فيقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ 'دعه ... فإن الحياء من الإيمان'.
وانظري إلى تفسير الإمام أبي عبيد الهروي لهذا الحديث بقوله:
'معناه أن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي' ومن يستحي يتعفف عن فعل كل قبيح يقول الشاعر:
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء
الوقفة الثالثة:
وفي بيعة العقبة بايع الرسول صلى الله عليه وسلم النساء على ماذا؟ على أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يأتين ببهتان، وكانت هند بنت عتبة تراجع الرسول صلى الله عليه وسلم وترد عليه ومن هذه الردود، قال هند بنت عتبة: أوَتزني الحرة؟
وهذا سؤال استنكاري تعجبي، هذا هو حال المرأة في الإسلام عفيفة شريفة تفكر وتتعلم وتسأل، وليست كمًا مهملاً أو قطعة أثاث لا حياة فيها صماء بكماء، إنها امرأة فاعلة لها دورها في الحياة تحيا في بيتها في سياج العفة والطهر.
الوقفة الرابعة:
ورد في صحيح سنن النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 'إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر........'
إذن حيث وجد الحياء وجد الستر والعفاف، وحيث تحل الجرأة على القبائح يحل معها التكشف والفضائح، وستبقي الفطرة السوية مقترنة بالعفة والحياء.
ومن الجميل يا فتاة العصر أن نجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعو بدعائه المشهور 'اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى'.
الوقفة الخامسة والأخيرة:
هذا المشهد العجيب لامرأة قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إنها من أهل الجنة.
فعن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت إني أصرع وإني أتكشف فادع الله ـ تعالى ـ لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله ـ تعالى ـ أن يعافيك. فقالت: أصبر. فقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها'. [متفق عليه ]
فتاة هذا العصر .. إن هذه امرأة وعدها الرسول بالجنة وهي: سوداء، تصرع، تتكشف.
لقد خيرها رسول الله بين الجنة أو المعافاة من الصرع فاختارت الجنة.
ولكن أرَّقها أنها حين تصرع تتكشف، فسألت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدعاء ألا تتكشف، لماذا؟ إنه الحياء، إنها العفة، إنها امرأة حقيقية مع أنها سوداء.
إذن جمال المرأة ليس في كون لونها أبيض أو أسود، ولكن الجمال الحقيقي في الحياء والعفة، حياء الفتاة قوة وليس ضعفًا، وهو عنصر جمال عند الفتاة لا يقل أهمية عن لونها وشكلها.
وأنت أيتها الفتاة: ماذا تختارين طريق العفة والحياء الذي ينتهي بك إلى الرزق والسكن الحقيقي في الدنيا والجنة في الآخرة،أم تختارين طريق النزوة والشهوة واللذة السريعة الخاطفة التي يعقبها سواد في القلب وضنك في الحياة؟! .. فسبحان الله شتان بين النور والظلمات.
ولا تنسي قصة الكريمة العفيفة مريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فرزقها الله برسول وهو عيسى عليه السلام ـ ورزقها في الدنيا الرزق الواسع الوفير، وفي الآخرة هي من أهل الجنة، إذن الحجاب والصلاة والعفة والحياء هم سبب الرزق بالزواج والسكن والاستمتاع الحقيقي النظيف، أما اتباع الهوى واتباع المتحررات من الشرق والغرب والتخلي عن الحجاب والصلاة والعفاف هي طريق إلى ضنك الحياة وشتات وضياع وحيرة وقلق في الدنيا وسخط الله تعالى وعذابه في الآخرة.
فتاتي العزيزة ....
تذكري قول الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33].
أي اطلبي العفة، واسعي وابذلي الجهد وادعى الله تعالى أن يرزقك العفة، والاستعفاف يكون إما بالصوم أو بالزواج لمن استطاع الزواج.
اللهم ارزقنا جميعًا 'الهدى والتقى والعفاف والغنى'.
منقول
مقال اعجبني
عزيزتي فتاة هذا العصر:
في هذا المقام سأعرض لك إذا اخترت طريق العفة إشراقات من النور مضيئة وإطلالات تبهج النفوس من القرآن والسنة المطهرة، ومنها سنستشف لماذا طريق العفة هو الطريق ولا طريق غيره للفتاة المسلمة؟
لأن العفة هي الحياء والحياء من الإيمان.
لأن العفة هي الفطرة السوية.
لأن العفة هي الحياة الطيبة.
لأن العفة هي الطريق إلى الرزق من الله بالزواج والمال أيضًا.
وقبل ذلك كله لأن العفة هي الطريق إلى رضا الله و إلى الجنة.
1ـ وإليك هذه الومضات القرآنية:
1ـ يقول الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33].
هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد تزويجًا بالتعفف عن الحرام كما قال صلى الله عليه وسلم: 'يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء'.
عزيزتي الفتاة المسلمة .. لا تتوهمي أن طريق الشهوات هو الطريق الأسهل لإرضاء النفس والوصول إلى ما تتمنين، بل طريق العفة هو الطريق الأسهل والأضمن لهذا القصد. لماذا؟
لأن مع المتعفف عون من الله ووعد منه أيضا بالرزق والإغناء.
لقد تكفل الله بإغناء الرجال والنساء إن هم اختاروا طريق العفة النظيف: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:32].
وقال صلى الله عليه وسلم: 'ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف'.
إذن فلا يقف الفقر عائقًا عن الزواج فالرزق بيد الله يزرق من يشاء بغير حساب فهل تستغني عن عون الله وكفالة الله لك بالرزق والإعفاف من أجل نزوة وشهوة سريعة تنفض في دقائق معدودة؟
2ـ يقول الله تعالى: {غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء:25] قال ابن عباس: المسافحات هن الزواني اللاتي لا يمنعن أحدًا أرادهم بالفاحشة، {مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} يعني أخلاء، وقال الحسن البصري: يعني الصديق.
ثم تأتي الآيات بعد ذلك: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً[27]يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:27ـ28].
إن الله يتلطف مع عباده ويريد لحياتهم الخير ويكرمهم ويطهر المجتمع ويحدد الصورة النظيفة الوحيدة التي يحب الله أن يلتقي عليها الرجال والنساء 'الزواج' وتصان نفوسهم بالزواج، وتحريم ما عدا ذلك من الصور.
أما ما يريده الذين يتبعون الشهوات فهو أن يطلقوا الغرائز من كل عقال: ديني أو أخلاقي أو اجتماعي، يريدون أن ينطلق السعار الجنسي المحموم بلا حاجز ولا كابح، الذي لا يقر معه قلب ولا يسكن معه عصب، ولا يطمئن معه بيت ولا تقوم معه أسرة كل هذا الفساد وهذا الشر باسم الحرية، والنظر إلى الواقع في حياة المجتمعات التي 'تحررت' من قيود الدين والأخلاق والحياء في هذه العلاقة يكفي لإلقاء الرعب في القلوب لو كانت هنالك قلوب.
وتخفيف الله سبحانه وتعالى يتمثل في الاعتراف بدوافع الفطرة وتصريف طاقتها في الجو الطاهر النظيف الرفيع 'الزواج الشرعي' المأمون المثمر، دون مشقة أو عنت دون أن يطلقهم ينحدرون في الاستجابة لها بغير حد أو قيد. [في ظلال القرآن ـ سيد قطب ـ بتصرف]
3ـ يقول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور:30].
ألم يكن يكفي هذا النداء من الله للمؤمنين، وإذا جاء لفظ المؤمنين فإنه للرجال وللنساء أيضًا، ولكن الله خص النساء بالآية لأهمية وقدر المرأة العظيم عند الله الشارع العظيم فقال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:31].
وهذا أمر من الله للنساء بغض البصر عما حرم الله من النظر إلى غير أزواجهن، وأيضًا أمر من الله بحفظ فروجهن، قال سعيد بن جبير: عن الفواحش، وقال قتادة وسفيان: عما لا يحل لهن، وقال مقاتل: عن الزنا.
إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف لا يهاج فيه الشهوات كل لحظة، ولا تستثار فيه دفعات اللحم والدم في كل حين، فعمليات الاستثارة المستمرة تنتهي إلى سعار شهواني لا ينطفئ ولا يرتوي، والنظرة الخائنة والحركة المثيرة والزينة المتبرجة والجسد العاري .... كلها لا تصنع شيئًا إلا أن تهيج ذلك السعار الحيواني وينفلت زمام الأعصاب والإرادة.
لقد أمر الله الرجال بغض البصر ثم خص النساء أيضًا بآية غض البصر لتقليل فرص الغواية والفتنة والاستثارة من الجانبين، وغض البصر أدب نفسي ومحاولة للاستعلاء على الرغبة في الاطلاع على محاسن الغير كما أن فيه إغلاقًا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة [وهي البصر]، وهو الخطوة الأولى لتحيكم الإرادة ويقظة الرقابة، ثم بعد ذلك لا يبحن فروجهن إلا في حلال طيب، يلبي داعي الفطرة في جو نظيف، لا يخجل الأطفال الذين يجيئون عن طريقه من مواجهة المجتمع والحياة.
4ـ يقول تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المعارج:29].
وهذه الآية تعني طهارة النفس والجماعة، فالإسلام يريد مجتمعًا طاهرًا نظيفًا تلبى فيه كل دوافع الفطرة ولكن بغير فوضى ترفع الحياء الجميل، مجتمعًا يقوم على البيت العلني والعلاقات الجنسية النظيفة الصريحة طويلة الأمد، واضحة الأهداف، مجتمعًا يعرف فيه كل طفل أباه ولا يخجل من مولده.
وفي نهاية سياق هذه الآيات يبشرنا الله بجزاء من يفعل ما ذكر في الآيات والذين هم ....... والذين هم ........... والذين هم.........
وما الجزاء؟
{أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج:35].
إذن جزاء الذين هم لفروجهم حافظون هو [أولئك في جنات مكرمون] فجزاء العفة هو الجنة أيتها الفتاة المسلمة.
2ـ عزيزتي فتاة العصر .... هذه وقفات مع رسولنا الكريم:
الوقفة الأولى:
هذا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ـ يصف لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيقول: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشد حياء من العذراء في خدرها' [متفق عليه].
أي أشد حياءً من البكر حال اختلائها بالزوج الذي لم تعرفه قبل واستحيائها منه.
أليس لكِ في رسول الله أسوة حسنة؟ أليس حري بك أن تكوني في حياء الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو رجل وأنت امرأة؟
الوقفة الثانية:
هذا مشهد الصحابي يعاتب أخاه على شدة حيائه وكأنما يقول له 'قد أضر بك الحياء' فيقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ 'دعه ... فإن الحياء من الإيمان'.
وانظري إلى تفسير الإمام أبي عبيد الهروي لهذا الحديث بقوله:
'معناه أن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي' ومن يستحي يتعفف عن فعل كل قبيح يقول الشاعر:
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء
الوقفة الثالثة:
وفي بيعة العقبة بايع الرسول صلى الله عليه وسلم النساء على ماذا؟ على أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يأتين ببهتان، وكانت هند بنت عتبة تراجع الرسول صلى الله عليه وسلم وترد عليه ومن هذه الردود، قال هند بنت عتبة: أوَتزني الحرة؟
وهذا سؤال استنكاري تعجبي، هذا هو حال المرأة في الإسلام عفيفة شريفة تفكر وتتعلم وتسأل، وليست كمًا مهملاً أو قطعة أثاث لا حياة فيها صماء بكماء، إنها امرأة فاعلة لها دورها في الحياة تحيا في بيتها في سياج العفة والطهر.
الوقفة الرابعة:
ورد في صحيح سنن النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 'إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر........'
إذن حيث وجد الحياء وجد الستر والعفاف، وحيث تحل الجرأة على القبائح يحل معها التكشف والفضائح، وستبقي الفطرة السوية مقترنة بالعفة والحياء.
ومن الجميل يا فتاة العصر أن نجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعو بدعائه المشهور 'اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى'.
الوقفة الخامسة والأخيرة:
هذا المشهد العجيب لامرأة قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إنها من أهل الجنة.
فعن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت إني أصرع وإني أتكشف فادع الله ـ تعالى ـ لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله ـ تعالى ـ أن يعافيك. فقالت: أصبر. فقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها'. [متفق عليه ]
فتاة هذا العصر .. إن هذه امرأة وعدها الرسول بالجنة وهي: سوداء، تصرع، تتكشف.
لقد خيرها رسول الله بين الجنة أو المعافاة من الصرع فاختارت الجنة.
ولكن أرَّقها أنها حين تصرع تتكشف، فسألت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدعاء ألا تتكشف، لماذا؟ إنه الحياء، إنها العفة، إنها امرأة حقيقية مع أنها سوداء.
إذن جمال المرأة ليس في كون لونها أبيض أو أسود، ولكن الجمال الحقيقي في الحياء والعفة، حياء الفتاة قوة وليس ضعفًا، وهو عنصر جمال عند الفتاة لا يقل أهمية عن لونها وشكلها.
وأنت أيتها الفتاة: ماذا تختارين طريق العفة والحياء الذي ينتهي بك إلى الرزق والسكن الحقيقي في الدنيا والجنة في الآخرة،أم تختارين طريق النزوة والشهوة واللذة السريعة الخاطفة التي يعقبها سواد في القلب وضنك في الحياة؟! .. فسبحان الله شتان بين النور والظلمات.
ولا تنسي قصة الكريمة العفيفة مريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فرزقها الله برسول وهو عيسى عليه السلام ـ ورزقها في الدنيا الرزق الواسع الوفير، وفي الآخرة هي من أهل الجنة، إذن الحجاب والصلاة والعفة والحياء هم سبب الرزق بالزواج والسكن والاستمتاع الحقيقي النظيف، أما اتباع الهوى واتباع المتحررات من الشرق والغرب والتخلي عن الحجاب والصلاة والعفاف هي طريق إلى ضنك الحياة وشتات وضياع وحيرة وقلق في الدنيا وسخط الله تعالى وعذابه في الآخرة.
فتاتي العزيزة ....
تذكري قول الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33].
أي اطلبي العفة، واسعي وابذلي الجهد وادعى الله تعالى أن يرزقك العفة، والاستعفاف يكون إما بالصوم أو بالزواج لمن استطاع الزواج.
اللهم ارزقنا جميعًا 'الهدى والتقى والعفاف والغنى'.
منقول