ابوعزام
31 May 2004, 10:34 AM
<div align="center">بسم الله الرحمن اررحيم </div>
إن الحمد لله نحمده نستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ،
هذه مشاركتي الاولى في هذا المنتدى الذي اسئل الله ان ينفع به ويجزء القائمين عليه خير الجزا.
فا احببت ان تكون المشاركة عن ظاهرة يعاني منها الكثير منا والله المستعان الا وهي ظاهرة ضعف الايمان . وهي من سلسلة محاضرات ودروس للشيخ / محمد بن صالح المنجد . واحببت ان تكون على شكل اجزء نبدائها معكم وبالله التوفيق
<div align="center">أولاً : مظاهر ضعف الإيمان </div>
إن مرض ضعف الإيمان له أعراض ومظاهر متعددة فمنها :
1- الوقوع في المعاصي وارتكاب المحرمات : ومن العصاة من يرتكب معصية يصر عليها ومنهم من يرتكب أنواعاً من المعاصي ، وكثرة الوقوع في المعصية يؤدي إلى تحولها عادة مألوفة ثم يزول قبحها من القلب تدريجياً حتى يقع العاصي في المجاهرة بها ويدخل في حديث ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا ، وكذا ، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ) رواه البخاري : فتح 10/486 .
2- ومنها : الشعور بقسوة القلب وخشونته : حتى ليحس الإنسان أن قلبه قد انقلب حجراً صلداً لا يترشح منه شيء ولا يتأثر بشيء ، والله جل وعلا يقول : {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة } البقرة /74 ،وصاحب القلب القاسي لا تؤثر فيه موعظة الموت ولا رؤية الأموات ولا الجنائز ، وربما حمل الجنازة بنفسه وواراها بالتراب ، ولكن سيره بين القبور كسيره بين الأحجار .
3-ومنها : عدم إتقان العبادات : ومن ذلك شرود الذهن أثناء الصلاة وتلاوة القرآن والأدعية ونحوها ، وعدم التدبر والتفكر في معاني الأذكار ، فيقرؤها بطريقة رتيبة مملة هذا إذا حافظ عليها ، ولو اعتاد أن يدعو بدعاء معين في وقت معين أتت به السنة فإنه لا يفكر في معاني هذا الدعاء والله سبحانه وتعالى : ( … لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه ) رواه الترمذي رقم 3479 وهو في السلسة الصحيحة 594 .
4- ومن مظاهر ضعف الإيمان : التكاسل عن الطاعات والعبادات ، وإضاعتها ، وإذا أداها فإنما هي حركات جوفاء لا روح فيها ، وقد وصف الله عز وجل المنافقين بقوله:{ وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} النساء /142 . ويدخل في ذلك عدم الاكتراث لفوات مواسم الخير وأوقات العبادة وهذا يدل على عدم اهتمام الشخص بتحصيل الأجر، فقد يؤخر الحج وهو قادر ويتفارط الغزو وهو قاعد ، ويتأخر عن صلاة الجماعة ثم عن صلاة الجمعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يخلفهم الله في النار ) رواه أبو داود رقم : 679 وهو في صحيح الترغيب رقم 510 .ومثل هذا لا يشعر بتأنيب الضمير إذا نام عن الصلاة المكتوبة ، وكذا لو فاتته سنة راتبة أو وِرْد من أوراده فإنه لا يرغب في قضائه ولا تعويض ما فاته ، وكذا يتعمد تفويت كل ما هو سنة أو من فروض الكفاية ، فربما لا يشهد صلاة العيد ( مع قول بعض أهل العم بوجوب شهودها)ولا يصلي الكسوف والخسوف ، ولا يهتم بحضور الجنازة ولا الصلاة عليها ، فهو راغب عن الأجر ، مستغن عنه على النقيض ممن وصفهم الله بقوله :{إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين } الأنبياء /90 .
ومن مظاهر التكاسل في الطاعات ، التكاسل عن فعل السنن الرواتب ، وقيام الليل ، والتبكير إلى المساجد وسائر النوافل فمثلاً صلاة الضحى لا تخطر له ببال فضلاً عن ركعتي التوبة وصلاة الاستخارة .
5- ومن المظاهر:ضيق الصدر وتغير المزاج وانحباس الطبع حتى كأن على الإنسان ثقلاً كبيراً ينوء به ، فيصبح سريع التضجر والتأفف من أدنى شيء ، ويشعر بالضيق من تصرفات الناس حوله وتذهب سماحة نفسه ، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم ، الإيمان بقوله :( الإيمان : الصبر والسماحة ) السلسلة الصحيحة رقم 554 ، 2/86 . ووصف المؤمن بأنه : ( يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ) السلسلة الصحيحة رقم 427 .
6- ومن مظاهر ضعف الإيمان : عدم التأثر بآيات القرآن ، لا بوعده ولا بوعيده ولا بأمره ولا نهيه ولا في وصفه للقيامة ، فضعيف الإيمان يمل من سماع القرآن ، ولا تطيق نفسه مواصلة قراءته فكلما فتح المصحف كاد أن يغلقه .
7- ومنها : الغفلة عن الله عز وجل في ذكره ودعائه سبحانه وتعالى : فيثقل الذكر على الذاكر ، وإذا رفع يده للدعاء سرعان ما يقبضهما ويمضي وقد وصف الله المنافقين بقوله:{ ولا يذكرون الله إلا قليلاً } النساء /142 .
8- ومن مظاهر ضعف الإيمان : عدم الغضب إذا انتهكت محارم الله عز وجل لأن لهب الغيرة في القلب قد انطفأ فتعطلت الجوارح عن الإنكار فلا يأمر صاحبه بمعروف ولا ينهى عن منكر ولا يتمعر وجهه قط في الله عز وجل ،والرسول صلى الله عليه وسلم يصف هذا القلب المصاب بالضعف بقوله في الحديث الصحيح : ( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها ) أي : دخلت فيه دخولاً تاماً { نكت فيه نكتة سوداء } أي : نقط فيه نقطة { حتى يصل الأمر إلى أن يصبح كما أخبر عليه الصلاة والسلام في آخر الحديث : ( أسود مربادا ( بياض يسير يخالطه السواد ) كالكوز مجخياً( مائلاً منكوساً } لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه ) رواه مسلم رقم 144 . فهذا زال من قلبه حب المعروف وكراهية المنكر واستوت عنده الأمور فما الذي يدفعه إلى الأمر والنهي . بل إنه ربما سمع بالمنكر يعمل في الأرض فيرضى به فيكون عليه من الوزر مثل وزر شاهده فأقره كما ذكر عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : ( إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة أنكرها - كمن غاب عنها ، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها ) رواه أبو داود رقم 4345 ، وهو في صحيح الجامع 689 . فهذا الرضا منه وهو - عمل قلبي - أورثه منزلة الشاهد في الإثم .
9- ومنها حب الظهور وهذا له صور منها :
- الرغبة في الرئاسة والإمارة وعدم تقدير المسؤولية والخطر ، وهذا الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بقوله : ( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئس الفاطمة ) ( قوله :نعم المرضعة أي أولها لأن معها المال والجاه واللذات، وقوله : بئس الفاطمة أي : آخرها لأن معه القتل والعزل والمطالبة بالتبعات يوم القيامة ) رواه البخاري رقم 6729.وقال عليه الصلاة والسلام:(إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي ،أولها ملامة، وثانيها ندامة ، وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل )رواه الطبراني في الكبير 18/72 وهو في صحيح الجامع 1420 . ولو كان الأمر قياماً بالواجب وحملاً للمسؤولية في موضع لا يوجد من هو أفضل منه مع بذل الجهد والنصح والعدل كما فعل يوسف عليه السلام إذاً لقلنا أنعم وأكرم ، ولكن الأمر في كثير من الأحيان رغبة جامحة في الزعامة وتقدم على الأفضل وغمط أهل الحقوق حقوقهم واستئثار بمركز الأمر والنهي .
- محبة تصدر المجالس والاستئثار بالكلام وفرض الاستماع على الآخرين وأن يكون الأمر له ، وصدور المجالس هي المحاريب التي حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( اتقوا هذه المذابح - يعني المحاريب - ) رواه البيهقي 2/439 وهو في صحيح الجامع 120 .
- محبة أن يقوم له الناس إذا دخل عليهم لإشباع حب التعاظم في نفسه المريضة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سره أن يمثل ) أي ينتصف ويقوم ( له عباد الله قياماً فليتبوأ بيتاً من النار ) رواه البخاري في الأدب المفرد 977 انظر السلة الصحيحة 357 . ولذلك لما خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير ( وفي رواية : وكان أرزنهما ) فقال معاوية لابن عامر : اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار ) رواه أبو داود رقم 5229 والبخاري في الأدب المفرد 977 وهو في السلسلة الصحيحة 357 . ومثل هذا النوع من الناس يعتريه الغضب لو طبقت السنة فبدئ باليمين ، وإذا دخل مجلساً فلا يرضى إلا بأن يقوم أحدهم ليجلس هو رغم نهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله:(لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه )رواه البخاري فتح 11/62 .
10- ومنها : الشح والبخل ولقد مدح الله الأنصار في كتابه فقال : { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } وبين أن المفلحين هم الذين وقوا شح أنفسهم ولا شك أن ضعف الإيمان يولد الشح بل قال عليه الصلاة والسلام : ( لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبداً ) رواه النسائي : المجتبي 6/13وهو في صحيح الجامع2678.أما خطورة الشح وآثاره على النفس فقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :(إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح ،أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالفجور ففجروا ) رواه أبو داود 2/324 وهو في صحيح الجامع رقم 2678 . وأما البخل فإن صاحب الإيمان الضعيف لا يكاد يخرج شيئاً لله ولو دعى داعي الصدقة وظهرت فاقة إخوانه المسلمين وحلت بهم المصائب ، ولا أبلغ من كلام الله في هذا الشأن قال عز وجل : { ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } سورة محمد /38 .
11- ومنها : أن يقول الإنسان ما لا يفعل قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } الصف /2،3 . ولا شك أن هذا نوع النفاق ، ومن خالف قوله عمله صار مذموماً عند الله مكروهاً عند الخلق ، وأهل النار سيكتشفون حقيقة الذي يأمر بالمعروف في الدنيا ولا يأتيه ، وينهاهم عن المنكر ويأتيه .
12- ومنها : السرور والغبطة بما يصيب إخوانه المسلمين من فشل أو خسارة أو مصيبة أو زوال نعمة ، فيشعر بالسرور لأن النعمة قد زالت ، ولأن الشيء الذي كان يتميز عليه غيره به قد زال عنه .
13- ومن مظاهر ضعف الإيمان : النظر إلى الأمور من جهة وقوع الإثم فيها أو عدم وقوعه فقط وغض البصر عن فعل المكروه ، فبعض الناس عندما يريد أن يعمل عملاً من الأعمال لا يسأل عن أعمال البر وإنما يسأل : هل هذا العمل يصل إلى الإثم أم لا؟ هل هو حرام أم أنه مكروه فقط ؟ وهذه النفسية تؤدي إلى الوقوع في شرك الشبهات والمكروهات ، مما يؤدي إلى الوقوع في المحرمات يوماً ما ، فصاحبها ليس لديه مانع من ارتكاب عمل مكروه أو مشتبه فيه ما دام أنه ليس محرماً ،وهذا عين ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، بقوله :(من وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه..)الحديث في الصحيحين واللفظ لمسلم رقم 1599بل إن بعض الناس إذا استفتى في شيء وأخبر أنه محرم ،يسأل هل حرمته شديدة أو لا ؟! وكم الإثم المترتب عليه ؟ فمثل هذا لا يكون لديه اهتمام بالابتعاد عن المنكر والسيئات بل عنده استعداد لارتكاب أول مراتب الحرام ، واستهانة بمحقرات الذنوب مما ينتج عنه الاجتراء على محارم الله ، وزوال الحواجز بينه وبين المعصية ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً ، فيجعلها الله عز وجل هباء منثوراً ) قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا ، جلهم لنا ، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال : ( أما أنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلو بمحارم الله انتهكوها ) رواه ابن ماجة رقم 4245 قال في الزوائد إسناده صحيح ورجاله ثقات وهو في صحيح الجامع 5028 .
فتجده يقع في المحرم دون تحفظ ولا تردد ، وهذا أسوأ من الذي يقع في الحرام بعد تردد وتحرج وكلا الشخصين على خطر ، ولكن الأول أسوأ من الثاني ، وهذا النوع من الناس يستسهل الذنوب نتيجة لضعف إيمانه ولا يرى أنه عمل شيئاً منكراً ولذلك يصف ابن مسعود رضي الله عنه حال المؤمن وحال المنافق بقوله : ( إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا ) أي دفعه بيده . رواه البخاري فتح 11/102 ، وانظر تغليق التعليق 5/136 المكتب الإسلامي .
إن الحمد لله نحمده نستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ،
هذه مشاركتي الاولى في هذا المنتدى الذي اسئل الله ان ينفع به ويجزء القائمين عليه خير الجزا.
فا احببت ان تكون المشاركة عن ظاهرة يعاني منها الكثير منا والله المستعان الا وهي ظاهرة ضعف الايمان . وهي من سلسلة محاضرات ودروس للشيخ / محمد بن صالح المنجد . واحببت ان تكون على شكل اجزء نبدائها معكم وبالله التوفيق
<div align="center">أولاً : مظاهر ضعف الإيمان </div>
إن مرض ضعف الإيمان له أعراض ومظاهر متعددة فمنها :
1- الوقوع في المعاصي وارتكاب المحرمات : ومن العصاة من يرتكب معصية يصر عليها ومنهم من يرتكب أنواعاً من المعاصي ، وكثرة الوقوع في المعصية يؤدي إلى تحولها عادة مألوفة ثم يزول قبحها من القلب تدريجياً حتى يقع العاصي في المجاهرة بها ويدخل في حديث ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا ، وكذا ، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ) رواه البخاري : فتح 10/486 .
2- ومنها : الشعور بقسوة القلب وخشونته : حتى ليحس الإنسان أن قلبه قد انقلب حجراً صلداً لا يترشح منه شيء ولا يتأثر بشيء ، والله جل وعلا يقول : {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة } البقرة /74 ،وصاحب القلب القاسي لا تؤثر فيه موعظة الموت ولا رؤية الأموات ولا الجنائز ، وربما حمل الجنازة بنفسه وواراها بالتراب ، ولكن سيره بين القبور كسيره بين الأحجار .
3-ومنها : عدم إتقان العبادات : ومن ذلك شرود الذهن أثناء الصلاة وتلاوة القرآن والأدعية ونحوها ، وعدم التدبر والتفكر في معاني الأذكار ، فيقرؤها بطريقة رتيبة مملة هذا إذا حافظ عليها ، ولو اعتاد أن يدعو بدعاء معين في وقت معين أتت به السنة فإنه لا يفكر في معاني هذا الدعاء والله سبحانه وتعالى : ( … لا يقبل دعاء من قلب غافل لاه ) رواه الترمذي رقم 3479 وهو في السلسة الصحيحة 594 .
4- ومن مظاهر ضعف الإيمان : التكاسل عن الطاعات والعبادات ، وإضاعتها ، وإذا أداها فإنما هي حركات جوفاء لا روح فيها ، وقد وصف الله عز وجل المنافقين بقوله:{ وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} النساء /142 . ويدخل في ذلك عدم الاكتراث لفوات مواسم الخير وأوقات العبادة وهذا يدل على عدم اهتمام الشخص بتحصيل الأجر، فقد يؤخر الحج وهو قادر ويتفارط الغزو وهو قاعد ، ويتأخر عن صلاة الجماعة ثم عن صلاة الجمعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يخلفهم الله في النار ) رواه أبو داود رقم : 679 وهو في صحيح الترغيب رقم 510 .ومثل هذا لا يشعر بتأنيب الضمير إذا نام عن الصلاة المكتوبة ، وكذا لو فاتته سنة راتبة أو وِرْد من أوراده فإنه لا يرغب في قضائه ولا تعويض ما فاته ، وكذا يتعمد تفويت كل ما هو سنة أو من فروض الكفاية ، فربما لا يشهد صلاة العيد ( مع قول بعض أهل العم بوجوب شهودها)ولا يصلي الكسوف والخسوف ، ولا يهتم بحضور الجنازة ولا الصلاة عليها ، فهو راغب عن الأجر ، مستغن عنه على النقيض ممن وصفهم الله بقوله :{إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين } الأنبياء /90 .
ومن مظاهر التكاسل في الطاعات ، التكاسل عن فعل السنن الرواتب ، وقيام الليل ، والتبكير إلى المساجد وسائر النوافل فمثلاً صلاة الضحى لا تخطر له ببال فضلاً عن ركعتي التوبة وصلاة الاستخارة .
5- ومن المظاهر:ضيق الصدر وتغير المزاج وانحباس الطبع حتى كأن على الإنسان ثقلاً كبيراً ينوء به ، فيصبح سريع التضجر والتأفف من أدنى شيء ، ويشعر بالضيق من تصرفات الناس حوله وتذهب سماحة نفسه ، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم ، الإيمان بقوله :( الإيمان : الصبر والسماحة ) السلسلة الصحيحة رقم 554 ، 2/86 . ووصف المؤمن بأنه : ( يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ) السلسلة الصحيحة رقم 427 .
6- ومن مظاهر ضعف الإيمان : عدم التأثر بآيات القرآن ، لا بوعده ولا بوعيده ولا بأمره ولا نهيه ولا في وصفه للقيامة ، فضعيف الإيمان يمل من سماع القرآن ، ولا تطيق نفسه مواصلة قراءته فكلما فتح المصحف كاد أن يغلقه .
7- ومنها : الغفلة عن الله عز وجل في ذكره ودعائه سبحانه وتعالى : فيثقل الذكر على الذاكر ، وإذا رفع يده للدعاء سرعان ما يقبضهما ويمضي وقد وصف الله المنافقين بقوله:{ ولا يذكرون الله إلا قليلاً } النساء /142 .
8- ومن مظاهر ضعف الإيمان : عدم الغضب إذا انتهكت محارم الله عز وجل لأن لهب الغيرة في القلب قد انطفأ فتعطلت الجوارح عن الإنكار فلا يأمر صاحبه بمعروف ولا ينهى عن منكر ولا يتمعر وجهه قط في الله عز وجل ،والرسول صلى الله عليه وسلم يصف هذا القلب المصاب بالضعف بقوله في الحديث الصحيح : ( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها ) أي : دخلت فيه دخولاً تاماً { نكت فيه نكتة سوداء } أي : نقط فيه نقطة { حتى يصل الأمر إلى أن يصبح كما أخبر عليه الصلاة والسلام في آخر الحديث : ( أسود مربادا ( بياض يسير يخالطه السواد ) كالكوز مجخياً( مائلاً منكوساً } لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه ) رواه مسلم رقم 144 . فهذا زال من قلبه حب المعروف وكراهية المنكر واستوت عنده الأمور فما الذي يدفعه إلى الأمر والنهي . بل إنه ربما سمع بالمنكر يعمل في الأرض فيرضى به فيكون عليه من الوزر مثل وزر شاهده فأقره كما ذكر عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : ( إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة أنكرها - كمن غاب عنها ، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها ) رواه أبو داود رقم 4345 ، وهو في صحيح الجامع 689 . فهذا الرضا منه وهو - عمل قلبي - أورثه منزلة الشاهد في الإثم .
9- ومنها حب الظهور وهذا له صور منها :
- الرغبة في الرئاسة والإمارة وعدم تقدير المسؤولية والخطر ، وهذا الذي حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بقوله : ( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئس الفاطمة ) ( قوله :نعم المرضعة أي أولها لأن معها المال والجاه واللذات، وقوله : بئس الفاطمة أي : آخرها لأن معه القتل والعزل والمطالبة بالتبعات يوم القيامة ) رواه البخاري رقم 6729.وقال عليه الصلاة والسلام:(إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي ،أولها ملامة، وثانيها ندامة ، وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل )رواه الطبراني في الكبير 18/72 وهو في صحيح الجامع 1420 . ولو كان الأمر قياماً بالواجب وحملاً للمسؤولية في موضع لا يوجد من هو أفضل منه مع بذل الجهد والنصح والعدل كما فعل يوسف عليه السلام إذاً لقلنا أنعم وأكرم ، ولكن الأمر في كثير من الأحيان رغبة جامحة في الزعامة وتقدم على الأفضل وغمط أهل الحقوق حقوقهم واستئثار بمركز الأمر والنهي .
- محبة تصدر المجالس والاستئثار بالكلام وفرض الاستماع على الآخرين وأن يكون الأمر له ، وصدور المجالس هي المحاريب التي حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( اتقوا هذه المذابح - يعني المحاريب - ) رواه البيهقي 2/439 وهو في صحيح الجامع 120 .
- محبة أن يقوم له الناس إذا دخل عليهم لإشباع حب التعاظم في نفسه المريضة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سره أن يمثل ) أي ينتصف ويقوم ( له عباد الله قياماً فليتبوأ بيتاً من النار ) رواه البخاري في الأدب المفرد 977 انظر السلة الصحيحة 357 . ولذلك لما خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير ( وفي رواية : وكان أرزنهما ) فقال معاوية لابن عامر : اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار ) رواه أبو داود رقم 5229 والبخاري في الأدب المفرد 977 وهو في السلسلة الصحيحة 357 . ومثل هذا النوع من الناس يعتريه الغضب لو طبقت السنة فبدئ باليمين ، وإذا دخل مجلساً فلا يرضى إلا بأن يقوم أحدهم ليجلس هو رغم نهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله:(لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه )رواه البخاري فتح 11/62 .
10- ومنها : الشح والبخل ولقد مدح الله الأنصار في كتابه فقال : { ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } وبين أن المفلحين هم الذين وقوا شح أنفسهم ولا شك أن ضعف الإيمان يولد الشح بل قال عليه الصلاة والسلام : ( لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبداً ) رواه النسائي : المجتبي 6/13وهو في صحيح الجامع2678.أما خطورة الشح وآثاره على النفس فقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :(إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح ،أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالفجور ففجروا ) رواه أبو داود 2/324 وهو في صحيح الجامع رقم 2678 . وأما البخل فإن صاحب الإيمان الضعيف لا يكاد يخرج شيئاً لله ولو دعى داعي الصدقة وظهرت فاقة إخوانه المسلمين وحلت بهم المصائب ، ولا أبلغ من كلام الله في هذا الشأن قال عز وجل : { ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } سورة محمد /38 .
11- ومنها : أن يقول الإنسان ما لا يفعل قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } الصف /2،3 . ولا شك أن هذا نوع النفاق ، ومن خالف قوله عمله صار مذموماً عند الله مكروهاً عند الخلق ، وأهل النار سيكتشفون حقيقة الذي يأمر بالمعروف في الدنيا ولا يأتيه ، وينهاهم عن المنكر ويأتيه .
12- ومنها : السرور والغبطة بما يصيب إخوانه المسلمين من فشل أو خسارة أو مصيبة أو زوال نعمة ، فيشعر بالسرور لأن النعمة قد زالت ، ولأن الشيء الذي كان يتميز عليه غيره به قد زال عنه .
13- ومن مظاهر ضعف الإيمان : النظر إلى الأمور من جهة وقوع الإثم فيها أو عدم وقوعه فقط وغض البصر عن فعل المكروه ، فبعض الناس عندما يريد أن يعمل عملاً من الأعمال لا يسأل عن أعمال البر وإنما يسأل : هل هذا العمل يصل إلى الإثم أم لا؟ هل هو حرام أم أنه مكروه فقط ؟ وهذه النفسية تؤدي إلى الوقوع في شرك الشبهات والمكروهات ، مما يؤدي إلى الوقوع في المحرمات يوماً ما ، فصاحبها ليس لديه مانع من ارتكاب عمل مكروه أو مشتبه فيه ما دام أنه ليس محرماً ،وهذا عين ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، بقوله :(من وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه..)الحديث في الصحيحين واللفظ لمسلم رقم 1599بل إن بعض الناس إذا استفتى في شيء وأخبر أنه محرم ،يسأل هل حرمته شديدة أو لا ؟! وكم الإثم المترتب عليه ؟ فمثل هذا لا يكون لديه اهتمام بالابتعاد عن المنكر والسيئات بل عنده استعداد لارتكاب أول مراتب الحرام ، واستهانة بمحقرات الذنوب مما ينتج عنه الاجتراء على محارم الله ، وزوال الحواجز بينه وبين المعصية ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( لأعلمن أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً ، فيجعلها الله عز وجل هباء منثوراً ) قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا ، جلهم لنا ، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال : ( أما أنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلو بمحارم الله انتهكوها ) رواه ابن ماجة رقم 4245 قال في الزوائد إسناده صحيح ورجاله ثقات وهو في صحيح الجامع 5028 .
فتجده يقع في المحرم دون تحفظ ولا تردد ، وهذا أسوأ من الذي يقع في الحرام بعد تردد وتحرج وكلا الشخصين على خطر ، ولكن الأول أسوأ من الثاني ، وهذا النوع من الناس يستسهل الذنوب نتيجة لضعف إيمانه ولا يرى أنه عمل شيئاً منكراً ولذلك يصف ابن مسعود رضي الله عنه حال المؤمن وحال المنافق بقوله : ( إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا ) أي دفعه بيده . رواه البخاري فتح 11/102 ، وانظر تغليق التعليق 5/136 المكتب الإسلامي .