أبو يوسف
11 Jun 2004, 07:09 AM
المشهد الثالث والثلاثون :المفاجأة غير المتوقعة
يتضمن هذا المشهد دخول أخوة يوسف عليه السلام عليه ، وينتقل المشهد إلى خطابهم ليوسف مباشرة دون ذكر لملابسات السفر الطويل من فلسطين إلى مصر، ولا حتى ذكر الدخول إلى مصر، بل يطوى هذا كله ويظهر المشهد الأخوة وهم يسترحمون يوسف عليه السلام ويشرحون له حالهم ، ويأتي الرد عليهم من قبله فيقول :هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون ، فيستشفون من هذا السؤال أن الذي يتعاملون معه منذ زمن هو أخوهم يوسف عليه السلام ، فيستوضحون منه : ما إذا كان هو يوسف ؛ قالوا أئنك لأنت يوسف؟! قال أنا يوسف وهذا أخي ! قدمن الله علينا !ولماذا ؟ إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ! وأي محسن لن يضيعه الله ولن يدعه للعابثين في أي زمان ولا مكان ؛ وكذلك ننجي المحسنين.نعم ينجي الله تعالى المحسنين ،وليس شرطا أن يكون الإنجاء في اللحظة الأولى ،فقد يتأخر لحكمة يعلمها الله سبحانه، لكنه آت لامحالة .قالوا -والخجل يعلو وجوههم :تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين . لقد أخطأنا في حقك ، وركبنا رؤوسنا، وأسأنا إليك تلك الإساءة البالغة ، ولنسمع الجواب منه كيف كان هل عنفهم؟ !هل استغل فرصة الموقف الذليل الخجول الذي دثرهم وأخذ يلسعهم بالكلمات المرة ؟! لا.إنه نبي الله تعالى إنه الكريم ابن الكريم ابن الكريم والكريم يعفو عند المقدرة ؛ قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهوأرحم الراحمين،إذهبوا بقميصي هذا وألقوه على وجه أبي يرتد عليه بصره ثم أتوني بأهلكم أجمعين . وأما الآيات التي تحدثت عن هذا المشهد فهي قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ(88)قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ(89)قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(90)قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ(91)قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ(92)اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ(93)}( )
أفياء تربوية وإعلامية من المشهد
حيث ينتهي هذا المشهد وقد انحلت العقدة بالنسبة لأخوة يوسف ؛ فقد تكشف لهم أنهم يتعاملون منذ زمن مع أخيهم الذي اساءوا إليه ،وهو يحسن إليهم فلم يلق الحقد طريقا إلى نفسه ، ولقد كان بإمكانه أن يكيد لهم فلا يفلت منهم أحد ، على الأقل يسجنهم فترة تقل أوتكثر بتهمة يستطيع أن يدبرها ضدهم . لكنه تعامل معهم تعامل الكريم النبي الصالح المصلح ، فلم تؤثر عليه الأحداث فينتقم لنفسه -وكان من حقه-كما ينتقم الآخرون لأنفسهم . واقترب حل العقدة بالنسبة ليعقوب وأهله أجمعين ، ومن يتابع قضية يوسف عليه ممن لم يزل في عماية عن حل العقدة ، ينتهي المشهد وقد سجل عددا من اللمسات التربوية منها : أن تعامل المصلحين الذين اتخذوا منهج إصلاحهم من المنهج الرباني تعامل شريف رفيع ينبني على أخلاق عالية، يعفون ويصفحون عمن ظلمهم ، ويحبون للمخطىء أن يصلح حاله ، ويكون مآله الجنة ، وأما الذي يتصرف تصرفات قاصرة وينسب ذلك إلى الإسلام فما ينبغي أن يطلق عليه أسم (المصلح) حتى يرتوي من منهج الله تعالى ما يجعله أهلا لهذا الوصف ... الأنياء عليهم السلام ومن نهج نهجهم هم الذين يمثلون الإسلام -حقيقة- لا من يدعي ذلك وهو يصادم الإسلام في ليله ونهاره ، وفي جميع تصرفاته وهو يظن أنه يحسن إلى الإسلام صنعا، ويزعم أنه يقتفي في عمله خيار الأمة رضي الله عنهم وأرضاهم .
يتضمن هذا المشهد دخول أخوة يوسف عليه السلام عليه ، وينتقل المشهد إلى خطابهم ليوسف مباشرة دون ذكر لملابسات السفر الطويل من فلسطين إلى مصر، ولا حتى ذكر الدخول إلى مصر، بل يطوى هذا كله ويظهر المشهد الأخوة وهم يسترحمون يوسف عليه السلام ويشرحون له حالهم ، ويأتي الرد عليهم من قبله فيقول :هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون ، فيستشفون من هذا السؤال أن الذي يتعاملون معه منذ زمن هو أخوهم يوسف عليه السلام ، فيستوضحون منه : ما إذا كان هو يوسف ؛ قالوا أئنك لأنت يوسف؟! قال أنا يوسف وهذا أخي ! قدمن الله علينا !ولماذا ؟ إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ! وأي محسن لن يضيعه الله ولن يدعه للعابثين في أي زمان ولا مكان ؛ وكذلك ننجي المحسنين.نعم ينجي الله تعالى المحسنين ،وليس شرطا أن يكون الإنجاء في اللحظة الأولى ،فقد يتأخر لحكمة يعلمها الله سبحانه، لكنه آت لامحالة .قالوا -والخجل يعلو وجوههم :تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين . لقد أخطأنا في حقك ، وركبنا رؤوسنا، وأسأنا إليك تلك الإساءة البالغة ، ولنسمع الجواب منه كيف كان هل عنفهم؟ !هل استغل فرصة الموقف الذليل الخجول الذي دثرهم وأخذ يلسعهم بالكلمات المرة ؟! لا.إنه نبي الله تعالى إنه الكريم ابن الكريم ابن الكريم والكريم يعفو عند المقدرة ؛ قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهوأرحم الراحمين،إذهبوا بقميصي هذا وألقوه على وجه أبي يرتد عليه بصره ثم أتوني بأهلكم أجمعين . وأما الآيات التي تحدثت عن هذا المشهد فهي قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ(88)قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ(89)قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(90)قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ(91)قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ(92)اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ(93)}( )
أفياء تربوية وإعلامية من المشهد
حيث ينتهي هذا المشهد وقد انحلت العقدة بالنسبة لأخوة يوسف ؛ فقد تكشف لهم أنهم يتعاملون منذ زمن مع أخيهم الذي اساءوا إليه ،وهو يحسن إليهم فلم يلق الحقد طريقا إلى نفسه ، ولقد كان بإمكانه أن يكيد لهم فلا يفلت منهم أحد ، على الأقل يسجنهم فترة تقل أوتكثر بتهمة يستطيع أن يدبرها ضدهم . لكنه تعامل معهم تعامل الكريم النبي الصالح المصلح ، فلم تؤثر عليه الأحداث فينتقم لنفسه -وكان من حقه-كما ينتقم الآخرون لأنفسهم . واقترب حل العقدة بالنسبة ليعقوب وأهله أجمعين ، ومن يتابع قضية يوسف عليه ممن لم يزل في عماية عن حل العقدة ، ينتهي المشهد وقد سجل عددا من اللمسات التربوية منها : أن تعامل المصلحين الذين اتخذوا منهج إصلاحهم من المنهج الرباني تعامل شريف رفيع ينبني على أخلاق عالية، يعفون ويصفحون عمن ظلمهم ، ويحبون للمخطىء أن يصلح حاله ، ويكون مآله الجنة ، وأما الذي يتصرف تصرفات قاصرة وينسب ذلك إلى الإسلام فما ينبغي أن يطلق عليه أسم (المصلح) حتى يرتوي من منهج الله تعالى ما يجعله أهلا لهذا الوصف ... الأنياء عليهم السلام ومن نهج نهجهم هم الذين يمثلون الإسلام -حقيقة- لا من يدعي ذلك وهو يصادم الإسلام في ليله ونهاره ، وفي جميع تصرفاته وهو يظن أنه يحسن إلى الإسلام صنعا، ويزعم أنه يقتفي في عمله خيار الأمة رضي الله عنهم وأرضاهم .