أبو يوسف
14 Jun 2004, 11:23 AM
المشهد الخامس والثلاثون والأخير
لقاء الأحبة بعد لوعة وطول غياب
هذا هو المشهد الأخير من مشاهد القصة -قصة يوسف عليه السلام -يظهر عددا من الصور التي حملتها النصوص الكريمة ؛ابتداء من دخول يعقوب عليه السلام مع جميع أهله على أبنه يوسف عليهما السلام ، واستقبال يوسف عليه السلام لهم، مع كبار المسؤلين في الدولة، وترحيبهم بهم، ويبرز من بين الأقوال قول يوسف عليه السلام :-وقد آوى إليه أبويه -أدخلوا مصر إن شاء الله آمنين، وصورة أبويه وقد رفعهما على الكرسي، وسجودهما مع جميع أخوته( )؛ تحية له .
وقال يوسف مخاطبا أباه ، وشاكرا لربه تعالى على لطفه به، وإكرامه له ، ورادا ما وصل إليه من نعم إلى الله تعالى –ديدن العظماء حقيقة – لم تنسه العظمة أنه إنما وصل إليها بفضل الله تعالى وحده ... ثم يتوجه إلى الله تعالى ويرفع يديه إليه تعالى بما قد أنعم عليه من نعم أن يختم له بالإسلام وأن يلحقه بالصالحين وهذه هي الغاية العظمى المرجوة للأنبياء بل للعقلاء والصالحين والمصلحين وإن كانوا غير أنبياء...قال تعالى حاكيا تلك الصور في ذلك المشهد المهيب :{ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنْ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنْ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(100)رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ(101) ( ،
إن هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أخرجني الله تعالى من السجن بفضله ومنّه . وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ( ) الشيطان بيني وبين خوتي،ثم أخذ يوسف عليه السلام يمجد الله تعالى ويرد النعم التي مُنحها إليه تعالى ، وأنه لولا الله تعالى لما نجا يوسف مما أوقعه فيه أخوته، والمكائد الأخرى، وهذا هو قمة الطاعة والاعتراف بالفضل لله تعالى الذي هو صاحب الفضل، وهذه الصفة في يوسف ثابتة في السراء والضراء. وقد سكت المشهد عن تجهيزات السفر وخطواته للذهن يتملاه.
وينتهي المشهد وقد سجل عددامن الأفياء واللمسات منها:
الشعور بلطف الله تعالى ؛ فهو اللطيف بعباده ؛ يتجلى لطفه وقد كاد اليأس أن يستحكم في محن عصيبة تكاد أن تعصف بكل شيء . وإذا الفرج يأتي مما يحسبه البشر عين الهلكة، فينجو يوسف عليه السلام من بين المتاعب الطويلة القاسية ؛ينجوامن جميع المكايد والمغريات، وإذاهو في مكان الغبطة التي يتمناها الجميع.
وهكذا تنتهي هذه الدراسة المتواضعة ( المشاهد والفجوات في سورة يوسف عليه السلام) وقد أبرز الباحث في ثناياها جميع المشاهد التي تناولت قصة يوسف عليه السلام منذ أن قص رؤياه على أبيه وحتى التقى بأهله أجمعين في مصر ،في حلقات متسلسلة شيقة .لا تملها النفس المؤمنة ، ولاتسأم ، تتفيأ من ظلا لها نسمات الهدى الباني المعجز ؛ الذي لايصل البشر إلى نسبة منه؛ ولو اجتمعت الجن والأنس على أن يأتوا بمثله لا يستطيعون ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، انسجم بناؤه اللفظي مع نسماته الروحية ، ومكنوناته المعنوية، والحاجات الفطرية للنفس البشرية، وصفائه العقدي والفكري ،في وجهة واحدة لايتخللها تناقض ، ولايعتريها صدامات الواقع ،ولا يكشف المستقبل عيوبا في ذلك البناء الشامخ السامق. إنه من عند الله تعالى،لكن هذا البناء المتكامل لايرى مزاياه كل أحد ، ولايصل إلى إعجازه من هب ودب ؛لايصل إليه إلا من توافرت عنده شروط الإفادة ؛(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.)( ذلك الكتاب هدى للمتقين.)
ثم يلي تلك المشاهد تعليقا وتوجيها للمسلم عموما والداعية بوجه خاص في كل عصر ومصر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ،وأترك القارئ الكريم يتأمل النصوص بنفسه:
{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ(102)وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ(103)وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(104)وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ(105)وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ(106)أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(107)قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ(108)وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ(109)حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ(110)لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(111) } ( )
خاتمة وخلاصة :
جسدت المشاهد سلسلة من سيرة يوسف من خلال منهج فني بديع ؛ أبرزت رؤياه ، ومكر أخوته به ،وشديد معاناته ؛ منذ أن غُيّب في الجب، ثم بيعه بيع العبيد، ثم معاناته من كيد النساء ، وغياهب السجن،وعلاقاته المتميزة ، مع كل من رافقه ،أو تعامل معه ، أو تشرف بالجلوس إلى جانبه،وخروجه من السجن بلطف الله تعالى ، فتوليه الوزارة، ومجيء أخوته إليه ، ثم مجيء أخيه بنيامين، فتعريفه نفسه لأخوته، وطلب مجيء أبويه وجميع أهله إليه ،فالتآم الشمل ؛ بعد معاناة طويلة ، وبلاء عظيم ظهر من خلاله معادن الأنبياء عليهم السلام ، ولطف الله تعالى بهم وبمن سار على منوالهم ونهج نهجهم ، واتبع سبيلهم إلى يوم الدين في رصد للحدث منقطع النظير ، وتحليل له ، وتعليق وتوجيه لمن كان أهلا للإفادة منه .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
لقاء الأحبة بعد لوعة وطول غياب
هذا هو المشهد الأخير من مشاهد القصة -قصة يوسف عليه السلام -يظهر عددا من الصور التي حملتها النصوص الكريمة ؛ابتداء من دخول يعقوب عليه السلام مع جميع أهله على أبنه يوسف عليهما السلام ، واستقبال يوسف عليه السلام لهم، مع كبار المسؤلين في الدولة، وترحيبهم بهم، ويبرز من بين الأقوال قول يوسف عليه السلام :-وقد آوى إليه أبويه -أدخلوا مصر إن شاء الله آمنين، وصورة أبويه وقد رفعهما على الكرسي، وسجودهما مع جميع أخوته( )؛ تحية له .
وقال يوسف مخاطبا أباه ، وشاكرا لربه تعالى على لطفه به، وإكرامه له ، ورادا ما وصل إليه من نعم إلى الله تعالى –ديدن العظماء حقيقة – لم تنسه العظمة أنه إنما وصل إليها بفضل الله تعالى وحده ... ثم يتوجه إلى الله تعالى ويرفع يديه إليه تعالى بما قد أنعم عليه من نعم أن يختم له بالإسلام وأن يلحقه بالصالحين وهذه هي الغاية العظمى المرجوة للأنبياء بل للعقلاء والصالحين والمصلحين وإن كانوا غير أنبياء...قال تعالى حاكيا تلك الصور في ذلك المشهد المهيب :{ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنْ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنْ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(100)رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ(101) ( ،
إن هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أخرجني الله تعالى من السجن بفضله ومنّه . وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ( ) الشيطان بيني وبين خوتي،ثم أخذ يوسف عليه السلام يمجد الله تعالى ويرد النعم التي مُنحها إليه تعالى ، وأنه لولا الله تعالى لما نجا يوسف مما أوقعه فيه أخوته، والمكائد الأخرى، وهذا هو قمة الطاعة والاعتراف بالفضل لله تعالى الذي هو صاحب الفضل، وهذه الصفة في يوسف ثابتة في السراء والضراء. وقد سكت المشهد عن تجهيزات السفر وخطواته للذهن يتملاه.
وينتهي المشهد وقد سجل عددامن الأفياء واللمسات منها:
الشعور بلطف الله تعالى ؛ فهو اللطيف بعباده ؛ يتجلى لطفه وقد كاد اليأس أن يستحكم في محن عصيبة تكاد أن تعصف بكل شيء . وإذا الفرج يأتي مما يحسبه البشر عين الهلكة، فينجو يوسف عليه السلام من بين المتاعب الطويلة القاسية ؛ينجوامن جميع المكايد والمغريات، وإذاهو في مكان الغبطة التي يتمناها الجميع.
وهكذا تنتهي هذه الدراسة المتواضعة ( المشاهد والفجوات في سورة يوسف عليه السلام) وقد أبرز الباحث في ثناياها جميع المشاهد التي تناولت قصة يوسف عليه السلام منذ أن قص رؤياه على أبيه وحتى التقى بأهله أجمعين في مصر ،في حلقات متسلسلة شيقة .لا تملها النفس المؤمنة ، ولاتسأم ، تتفيأ من ظلا لها نسمات الهدى الباني المعجز ؛ الذي لايصل البشر إلى نسبة منه؛ ولو اجتمعت الجن والأنس على أن يأتوا بمثله لا يستطيعون ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، انسجم بناؤه اللفظي مع نسماته الروحية ، ومكنوناته المعنوية، والحاجات الفطرية للنفس البشرية، وصفائه العقدي والفكري ،في وجهة واحدة لايتخللها تناقض ، ولايعتريها صدامات الواقع ،ولا يكشف المستقبل عيوبا في ذلك البناء الشامخ السامق. إنه من عند الله تعالى،لكن هذا البناء المتكامل لايرى مزاياه كل أحد ، ولايصل إلى إعجازه من هب ودب ؛لايصل إليه إلا من توافرت عنده شروط الإفادة ؛(إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.)( ذلك الكتاب هدى للمتقين.)
ثم يلي تلك المشاهد تعليقا وتوجيها للمسلم عموما والداعية بوجه خاص في كل عصر ومصر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ،وأترك القارئ الكريم يتأمل النصوص بنفسه:
{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ(102)وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ(103)وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(104)وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ(105)وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ(106)أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(107)قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ(108)وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ(109)حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ(110)لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(111) } ( )
خاتمة وخلاصة :
جسدت المشاهد سلسلة من سيرة يوسف من خلال منهج فني بديع ؛ أبرزت رؤياه ، ومكر أخوته به ،وشديد معاناته ؛ منذ أن غُيّب في الجب، ثم بيعه بيع العبيد، ثم معاناته من كيد النساء ، وغياهب السجن،وعلاقاته المتميزة ، مع كل من رافقه ،أو تعامل معه ، أو تشرف بالجلوس إلى جانبه،وخروجه من السجن بلطف الله تعالى ، فتوليه الوزارة، ومجيء أخوته إليه ، ثم مجيء أخيه بنيامين، فتعريفه نفسه لأخوته، وطلب مجيء أبويه وجميع أهله إليه ،فالتآم الشمل ؛ بعد معاناة طويلة ، وبلاء عظيم ظهر من خلاله معادن الأنبياء عليهم السلام ، ولطف الله تعالى بهم وبمن سار على منوالهم ونهج نهجهم ، واتبع سبيلهم إلى يوم الدين في رصد للحدث منقطع النظير ، وتحليل له ، وتعليق وتوجيه لمن كان أهلا للإفادة منه .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .