الداعية
16 Jun 2004, 05:26 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذعان الرشيد لفضل التوحيد
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى..
فهذه بعض الأدلة أسوقها لكل رشيد، ليعرف فضل التوحيد، وإن لهذه المعرفة مقتضيات من علم وعمل؛ فأسأل الله أن يكون في هذا حافز على أن نعرف لعلم التوحيد قدره.. وإليك البيان:
==============
أول أمر في كتاب الله أمر بالتوحيد:
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
وأول نهي، نهي عن الشرك:
﴿فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً﴾.
--------------------------------------------------------------------------------
وصية الأنبياء عند موتهم هي توحيد الله:
﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ * أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.
فانظر إلى حال الناس؛ تجد كل شخص يوصي بأهم ما يراه، وانظر إلى حال الأنبياء إذ أوصوا بأهم المهمات، ألا وهو توحيد الله.
--------------------------------------------------------------------------------
خلق الله -تعالى- الخلق لإفراده في العبادة:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾
--------------------------------------------------------------------------------
آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله، لا تجد فيها إلا توحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته:
عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله: "يا أبا المنذر؛ أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟".
قال: قلت: الله ورسوله أعلم!
قال: "يا أبا المنذر؛ أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟".
قال: قلت: ﴿الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾.
قال: فضرب في صدري، وقال: "والله ليهنك العلم أبا المنذر". [م]
فليبشر أولئك الذين فقهوا ما فقهه أبي بن كعب من عظم آية الكرسي.. فليت قومي يفقهون!
--------------------------------------------------------------------------------
سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن، وما فيها إلا توحيد الله:
عن أبي سعيد أن رجلا سمع رجلا يقرأ: ﴿قل هو الله أحد﴾ يرددها؛ فلما أصبح جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالها؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن". [خ]
وقد كان صحابي يقرأ في كل ركعة سورة الإخلاص وبعدها ما شاء؛ فلما أتاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبروه الخبر؛ فقال: "يا فلان؛ ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟"، فقال: إني أحبها، فقال "حبك إياها أدخلك الجنة". [خ]
فتأمل أخي -بارك الله فيك-.. سورة كلماتها معدودة، حبها يدخل الجنة.. تُرى! أهي كلمات بلا معاني، أم أن هذه الكلمات وراءها فقه عظيم، قد يتقاله كثير من الناس.. فلا تكن أخي ممن يتقال التوحيد فضلا عن أن تكون من أولئك الجهال الذين يزهدون الناس فيه.
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد سبب لتفريج الكروب:
"ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من أمر الدنيا دعا به ففرج عنه؟ دعاء ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" [2605 صحيح الجامع]
"كلمات الفرج: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب العرش الكريم" [4571 صحيح الجامع]
--------------------------------------------------------------------------------
والتوحيد سبب لمغفرة الذنوب:
في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة؛ فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول:
أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟
فيقول: لا يا رب!
فيقول: أفلك عذرٌ؟
فيقول: لا يا رب!
فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنةً؛ فإنه لا ظلم عليك اليوم.. فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فيقول: احضر وزنك.
فيقول: يا رب! ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟!
فقال: إنك لا تظلم.. قال: فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء [ت،حم]
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد سبب لنيل شفاعة المصطفى:
عن أبي هريرة أنه قال: قيل يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث.. أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة: من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه" [خ]
--------------------------------------------------------------------------------
والتوحيد منجٍ من النار:
عن أنس بن مالك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعاذٌ رديفه على الرحل، قال: "يا معاذ بن جبل" قال: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: "يا معاذ"، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك -ثلاثا-، قال: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار"، قال: يا رسول الله، أفلا أخبر به الناس؛ فيستبشروا؟ قال: "إذا يتكلوا". وأخبر بها معاذ عند موته تأثماً. [خ]
--------------------------------------------------------------------------------
صاحب التوحيد مطمئن القلب آمن في الدنيا والآخرة، وصاحب الشرك يلقى في قلبه الغم وضيق الصدر والرعب جزاء ظلمه:
﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾
﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ﴾.
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد سبب لعدم الوقوع في المعاصي:
﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾، فعلل صرف السوء والفحشاء عنه بأنه من عباد الله المخلصين، وهؤلاء هم الذين قال فيهم: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾، وقال الشيطان: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾، فبقدر إخلاص العبد لله في توحيده يكون البعد عن المعاصي والأمن منها، والنجاة من النار.
--------------------------------------------------------------------------------
أول ما يُدعى إليه هو توحيد الله:
جاء عن ابن عباس: لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن؛ قال له: "إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب؛ فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله -تعالى-؛ فإذا عرفوا ذلك؛ فأخبرهم..." [خ]
وقال الله: ﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.. فختام الآية يالتنـزيه عن سبيل المشركين إشعار بأن أول ما يدعى إليه توحيد الله، ومنابذة سبيل المشركين، وأن سبيل الدعوة السوية يكون بالتوحيد.
--------------------------------------------------------------------------------
توحيد الكلمة بكلمة التوحيد:
﴿قُلْ يأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾، فها نحن قد نتفق مع أهل الكتاب إن هم وافقونا في توحيد الله -سبحانه-، فما بالك فيمن خالفنا من المسلمين، فأولى أن نتفق معهم إن هو وافقونا في التوحيد، أما من خالفنا؛ فلا جسور تواصل بيننا وبينه.
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد من المهد إلى اللحد:
أول ما يولد المولود يؤذن في أذنه، ومعلومٌ لك ما في الأذان من توحيد الله، ويخرج الموحد من الدنيا بكلمة التوحيد، فعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" [د،حم]
ويسأل العبد في قبره عن التوحيد فيثبت الموفق:
عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أقعد المؤمن في قبره أتي، ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ فذلك قوله ﴿يُثبتُ الله الذينَ آمنوا بالقَولِ الثابت﴾" [خ]
--------------------------------------------------------------------------------
أهمية تلقين الصغار توحيد الله، وتربيتهم عليه:
﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم﴾
فابتدأ مع ابنه بالتوحيد، وإليك هذه الوصية التي لقنها الرسول -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس وهو غلام، وإنك لتجد من شاب الآن ولم يفقه هذه العقيدة، بل تجد من انتسب إلى الدين والعلم ولم يفقهها:
عن ابن عباس قال: كنت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما؛ فقال: "يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء؛ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء؛ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف" [ت،حم]
--------------------------------------------------------------------------------
أعلى شعب الإيمان توحيد الله:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" [م]
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد أساس قبول الأعمال الصالحة، وهو سبيل الحياة الطيبة:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد ملة إبراهيم -عليه السلام-، ومن رغب عنها فقد سفه نفسه:
﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ﴾، وكان التوحيد صفة إبراهيم عليه السلام: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وبه امتدحه الله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.. ومع ذلك كله كان يخشى الشرك ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ﴾؛ فنحن أحق بالخوف منه.
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد أعظم نعم الله علينا:
في سورة النحل والتي تسمى بسورة النعم، بدأ الله بأول نعمة: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ﴾.
--------------------------------------------------------------------------------
أجل الشهادات شهادة التوحيد:
﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَائِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، فالموحد حقاً يشهد على ما شهد الله به لنفسه كما ارتضى الله، لا كما يشاء أهل الهوى. ويشهد كما شهد بذلك الملائكة وأولوا العلم.
========
وختاماً أخي.. لا ترغبن عن التوحيد علماً وعملاً ودعوةً، ولا تتبع سبيل من سفه نفسه، فكم رأينا من أقوامٍ يحيدون عن تعلمه بحجة أنهم موحدون والحمد لله!! وكم رأينا من فرق تزهد الناس في التوحيد! أفأمنوا الشرك على أنفسهم! أم كانوا أفضل من إبراهيم -عليه السلام-..
فلا تغرنك أقوالهم المعسولة، ولا تنس قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه"، فكيف يُعلم التوحيد بلا تعلم؟!
فأقبل على تعلم العقيدة على نهج السلف الصالح، ﴿واتبع سبيل من أناب إلي﴾، ﴿أولئك الذين هدى الله﴾
منقول من شبكة سحاب
إذعان الرشيد لفضل التوحيد
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى..
فهذه بعض الأدلة أسوقها لكل رشيد، ليعرف فضل التوحيد، وإن لهذه المعرفة مقتضيات من علم وعمل؛ فأسأل الله أن يكون في هذا حافز على أن نعرف لعلم التوحيد قدره.. وإليك البيان:
==============
أول أمر في كتاب الله أمر بالتوحيد:
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
وأول نهي، نهي عن الشرك:
﴿فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً﴾.
--------------------------------------------------------------------------------
وصية الأنبياء عند موتهم هي توحيد الله:
﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ * أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.
فانظر إلى حال الناس؛ تجد كل شخص يوصي بأهم ما يراه، وانظر إلى حال الأنبياء إذ أوصوا بأهم المهمات، ألا وهو توحيد الله.
--------------------------------------------------------------------------------
خلق الله -تعالى- الخلق لإفراده في العبادة:
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾
--------------------------------------------------------------------------------
آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله، لا تجد فيها إلا توحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته:
عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله: "يا أبا المنذر؛ أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟".
قال: قلت: الله ورسوله أعلم!
قال: "يا أبا المنذر؛ أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟".
قال: قلت: ﴿الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾.
قال: فضرب في صدري، وقال: "والله ليهنك العلم أبا المنذر". [م]
فليبشر أولئك الذين فقهوا ما فقهه أبي بن كعب من عظم آية الكرسي.. فليت قومي يفقهون!
--------------------------------------------------------------------------------
سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن، وما فيها إلا توحيد الله:
عن أبي سعيد أن رجلا سمع رجلا يقرأ: ﴿قل هو الله أحد﴾ يرددها؛ فلما أصبح جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالها؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن". [خ]
وقد كان صحابي يقرأ في كل ركعة سورة الإخلاص وبعدها ما شاء؛ فلما أتاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبروه الخبر؛ فقال: "يا فلان؛ ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟"، فقال: إني أحبها، فقال "حبك إياها أدخلك الجنة". [خ]
فتأمل أخي -بارك الله فيك-.. سورة كلماتها معدودة، حبها يدخل الجنة.. تُرى! أهي كلمات بلا معاني، أم أن هذه الكلمات وراءها فقه عظيم، قد يتقاله كثير من الناس.. فلا تكن أخي ممن يتقال التوحيد فضلا عن أن تكون من أولئك الجهال الذين يزهدون الناس فيه.
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد سبب لتفريج الكروب:
"ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من أمر الدنيا دعا به ففرج عنه؟ دعاء ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" [2605 صحيح الجامع]
"كلمات الفرج: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب العرش الكريم" [4571 صحيح الجامع]
--------------------------------------------------------------------------------
والتوحيد سبب لمغفرة الذنوب:
في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة؛ فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول:
أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟
فيقول: لا يا رب!
فيقول: أفلك عذرٌ؟
فيقول: لا يا رب!
فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنةً؛ فإنه لا ظلم عليك اليوم.. فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فيقول: احضر وزنك.
فيقول: يا رب! ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟!
فقال: إنك لا تظلم.. قال: فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء [ت،حم]
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد سبب لنيل شفاعة المصطفى:
عن أبي هريرة أنه قال: قيل يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث.. أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة: من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه" [خ]
--------------------------------------------------------------------------------
والتوحيد منجٍ من النار:
عن أنس بن مالك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعاذٌ رديفه على الرحل، قال: "يا معاذ بن جبل" قال: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: "يا معاذ"، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك -ثلاثا-، قال: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار"، قال: يا رسول الله، أفلا أخبر به الناس؛ فيستبشروا؟ قال: "إذا يتكلوا". وأخبر بها معاذ عند موته تأثماً. [خ]
--------------------------------------------------------------------------------
صاحب التوحيد مطمئن القلب آمن في الدنيا والآخرة، وصاحب الشرك يلقى في قلبه الغم وضيق الصدر والرعب جزاء ظلمه:
﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ﴾
﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ﴾.
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد سبب لعدم الوقوع في المعاصي:
﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾، فعلل صرف السوء والفحشاء عنه بأنه من عباد الله المخلصين، وهؤلاء هم الذين قال فيهم: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾، وقال الشيطان: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾، فبقدر إخلاص العبد لله في توحيده يكون البعد عن المعاصي والأمن منها، والنجاة من النار.
--------------------------------------------------------------------------------
أول ما يُدعى إليه هو توحيد الله:
جاء عن ابن عباس: لما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل إلى نحو أهل اليمن؛ قال له: "إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب؛ فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله -تعالى-؛ فإذا عرفوا ذلك؛ فأخبرهم..." [خ]
وقال الله: ﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.. فختام الآية يالتنـزيه عن سبيل المشركين إشعار بأن أول ما يدعى إليه توحيد الله، ومنابذة سبيل المشركين، وأن سبيل الدعوة السوية يكون بالتوحيد.
--------------------------------------------------------------------------------
توحيد الكلمة بكلمة التوحيد:
﴿قُلْ يأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾، فها نحن قد نتفق مع أهل الكتاب إن هم وافقونا في توحيد الله -سبحانه-، فما بالك فيمن خالفنا من المسلمين، فأولى أن نتفق معهم إن هو وافقونا في التوحيد، أما من خالفنا؛ فلا جسور تواصل بيننا وبينه.
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد من المهد إلى اللحد:
أول ما يولد المولود يؤذن في أذنه، ومعلومٌ لك ما في الأذان من توحيد الله، ويخرج الموحد من الدنيا بكلمة التوحيد، فعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" [د،حم]
ويسأل العبد في قبره عن التوحيد فيثبت الموفق:
عن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أقعد المؤمن في قبره أتي، ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ فذلك قوله ﴿يُثبتُ الله الذينَ آمنوا بالقَولِ الثابت﴾" [خ]
--------------------------------------------------------------------------------
أهمية تلقين الصغار توحيد الله، وتربيتهم عليه:
﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم﴾
فابتدأ مع ابنه بالتوحيد، وإليك هذه الوصية التي لقنها الرسول -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس وهو غلام، وإنك لتجد من شاب الآن ولم يفقه هذه العقيدة، بل تجد من انتسب إلى الدين والعلم ولم يفقهها:
عن ابن عباس قال: كنت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما؛ فقال: "يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء؛ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء؛ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف" [ت،حم]
--------------------------------------------------------------------------------
أعلى شعب الإيمان توحيد الله:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" [م]
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد أساس قبول الأعمال الصالحة، وهو سبيل الحياة الطيبة:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد ملة إبراهيم -عليه السلام-، ومن رغب عنها فقد سفه نفسه:
﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ﴾، وكان التوحيد صفة إبراهيم عليه السلام: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وبه امتدحه الله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.. ومع ذلك كله كان يخشى الشرك ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ﴾؛ فنحن أحق بالخوف منه.
--------------------------------------------------------------------------------
التوحيد أعظم نعم الله علينا:
في سورة النحل والتي تسمى بسورة النعم، بدأ الله بأول نعمة: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ﴾.
--------------------------------------------------------------------------------
أجل الشهادات شهادة التوحيد:
﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَائِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾، فالموحد حقاً يشهد على ما شهد الله به لنفسه كما ارتضى الله، لا كما يشاء أهل الهوى. ويشهد كما شهد بذلك الملائكة وأولوا العلم.
========
وختاماً أخي.. لا ترغبن عن التوحيد علماً وعملاً ودعوةً، ولا تتبع سبيل من سفه نفسه، فكم رأينا من أقوامٍ يحيدون عن تعلمه بحجة أنهم موحدون والحمد لله!! وكم رأينا من فرق تزهد الناس في التوحيد! أفأمنوا الشرك على أنفسهم! أم كانوا أفضل من إبراهيم -عليه السلام-..
فلا تغرنك أقوالهم المعسولة، ولا تنس قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه"، فكيف يُعلم التوحيد بلا تعلم؟!
فأقبل على تعلم العقيدة على نهج السلف الصالح، ﴿واتبع سبيل من أناب إلي﴾، ﴿أولئك الذين هدى الله﴾
منقول من شبكة سحاب