عصير توت
26 Jun 2008, 11:51 AM
سبب الخذلان عدم صلاحية المحل وأهليته وقبوله للنعمة بحيث لو وافته النعم لقال هذا لي، وإنما أوتيته لأني أهله ومستحقه كما قال تعالى : «قال إنما أوتيته على علم عندي» سورة القصص: الآية رقم :78 ، أي على علم علمه الله عندي أستحق به ذلك وأستوجبه وأستأهله . قال الفراء : أي على فضل عندي أني كنت أهله ومستحقا له إذ أعطيته وقال مقاتل : يقول على خير علمه الله عندي.
وذكر عبد الله بن الحارث بن نوفل عن سليمان بن داود عليهما السلام فيما أوتي من الملك ، ثم قرأ قوله تعالى : «هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر» سورة النمل : الآية رقم :40 ولم يقل هذا من كرامتي ، ثم ذكر قارون وقوله: «إنما أوتيته على علم عندي» القصص : الآية رقم :78 يعني أن سليمان رأى ما أوتيه من فضل الله عليه ومنته وأنه ابتلي به فشكره، وقارون رأى ذلك من نفسه واستحقاقه وكذلك قوله سبحانه : «ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي » فصلت : الآية رقم :50 ، أي أنا أهله وحقيق به فاختصاصي به كاختصاص المالك بملكه.
والمؤمن يرى ذلك ملكا لربه وفضلا منه من به على عبده من غير استحقاق منه بل صدقة تصدق بها على عبده ، وله ألا يتصدق بها. فلو منعه إياها لم يكن قد منعه شيئا هو له يستحقه عليه، فإذا لم يشهد ذلك رأى فيه أهلا ومستحقا فأعجبته نفسه وطغت بالنعمة وعلت بها واستطالت على غيرها ، فكان حظها منها الفرح والفخر ، كما قال تعالى: «ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور، ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور» سورة هود : الآية رقم :9- 10 ، فذمه باليأس والكفر عند الامتحان بالبلاء وبالفرح والفخر عند الابتلاء بالنعماء واستبدل بحمد الله وشكره والثناء عليه إذ كشف عنه البلاء قوله : «ذهب السيئات عني» ، ولو أنه قال : أذهب الله السيئات عني برحمته ومنه لما ذم على ذلك ، بل كان محمودا عليه، ولكنه غفل عن المنعم بكشفها ونسب الذهاب إليها وفرح وافتخر.
فإذا علم الله سبحانه هذا من قلب عبد فذلك من أعظم أسباب خذلانه وتخليه عنه، فإن محله لا تناسبه النعمة المطلقة التامة كما قال تعالى : « إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون » الأنفال :22-23 فأخبر سبحانه أن محلهم غير قابل لنعمته ، ومع عدم القبول ففيهم مانع يمنع آخر يمنع وصولها إليهم وهو توليهم وإعراضهم إذا عرفوها وتحققوها.
ومما ينبغي أن يعلم أن أسباب الخذلان من بقاء النفس على ما خلقت عليه في الأصل وإهمالها و تخليتها ، فأسباب الخذلان منها وفيها وأسباب التوفيق من جعل الله سبحانه لها قابلة للنعمة. فأسباب التوفيق منه ومن فضله وهو الخالق لهذه وهذه ،كما خلق أجزاء الأرض، هذه قابلة للنبات وهذه غير قابلة له ،وخلق الشجر ،هذه تقبل الثمرة وهذه لا تقبلها ،وخلق النحلة قابلة لأن يخرج منه بطونها شراب مختلف ألوانه، و الزنبور غير قابل لذلك .وخلق الأرواح الطيبة قابلة لذكره وشكره وحجته وإجلاله وتعظيمه وتوحيده ونصيحة عباده وخلق الأرواح الخبيثة غير قابلة لذلك بل لضده، وهو الحكيم العليم .
انتهى كلامه رحمه الله .. اسأل الله أن يرزقنا شكر نعمته ،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
منقول
(عادتي لارجعت ما أرجع هزيل)
وذكر عبد الله بن الحارث بن نوفل عن سليمان بن داود عليهما السلام فيما أوتي من الملك ، ثم قرأ قوله تعالى : «هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر» سورة النمل : الآية رقم :40 ولم يقل هذا من كرامتي ، ثم ذكر قارون وقوله: «إنما أوتيته على علم عندي» القصص : الآية رقم :78 يعني أن سليمان رأى ما أوتيه من فضل الله عليه ومنته وأنه ابتلي به فشكره، وقارون رأى ذلك من نفسه واستحقاقه وكذلك قوله سبحانه : «ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي » فصلت : الآية رقم :50 ، أي أنا أهله وحقيق به فاختصاصي به كاختصاص المالك بملكه.
والمؤمن يرى ذلك ملكا لربه وفضلا منه من به على عبده من غير استحقاق منه بل صدقة تصدق بها على عبده ، وله ألا يتصدق بها. فلو منعه إياها لم يكن قد منعه شيئا هو له يستحقه عليه، فإذا لم يشهد ذلك رأى فيه أهلا ومستحقا فأعجبته نفسه وطغت بالنعمة وعلت بها واستطالت على غيرها ، فكان حظها منها الفرح والفخر ، كما قال تعالى: «ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور، ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور» سورة هود : الآية رقم :9- 10 ، فذمه باليأس والكفر عند الامتحان بالبلاء وبالفرح والفخر عند الابتلاء بالنعماء واستبدل بحمد الله وشكره والثناء عليه إذ كشف عنه البلاء قوله : «ذهب السيئات عني» ، ولو أنه قال : أذهب الله السيئات عني برحمته ومنه لما ذم على ذلك ، بل كان محمودا عليه، ولكنه غفل عن المنعم بكشفها ونسب الذهاب إليها وفرح وافتخر.
فإذا علم الله سبحانه هذا من قلب عبد فذلك من أعظم أسباب خذلانه وتخليه عنه، فإن محله لا تناسبه النعمة المطلقة التامة كما قال تعالى : « إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون » الأنفال :22-23 فأخبر سبحانه أن محلهم غير قابل لنعمته ، ومع عدم القبول ففيهم مانع يمنع آخر يمنع وصولها إليهم وهو توليهم وإعراضهم إذا عرفوها وتحققوها.
ومما ينبغي أن يعلم أن أسباب الخذلان من بقاء النفس على ما خلقت عليه في الأصل وإهمالها و تخليتها ، فأسباب الخذلان منها وفيها وأسباب التوفيق من جعل الله سبحانه لها قابلة للنعمة. فأسباب التوفيق منه ومن فضله وهو الخالق لهذه وهذه ،كما خلق أجزاء الأرض، هذه قابلة للنبات وهذه غير قابلة له ،وخلق الشجر ،هذه تقبل الثمرة وهذه لا تقبلها ،وخلق النحلة قابلة لأن يخرج منه بطونها شراب مختلف ألوانه، و الزنبور غير قابل لذلك .وخلق الأرواح الطيبة قابلة لذكره وشكره وحجته وإجلاله وتعظيمه وتوحيده ونصيحة عباده وخلق الأرواح الخبيثة غير قابلة لذلك بل لضده، وهو الحكيم العليم .
انتهى كلامه رحمه الله .. اسأل الله أن يرزقنا شكر نعمته ،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
منقول
(عادتي لارجعت ما أرجع هزيل)