تاج الوقار
26 Jun 2008, 10:14 PM
إنّ للكون رباً وسيداً وخالقاً ومدبراً (لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره)، الأمر كله بيده كما قال تعالىالأمر كله لله) (بيده ملكوت كل شيء) (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين). والمؤمن بهذا حقاً عجباً لأمره.
نواصي العباد والخلائق كلها بيده (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين)، والمؤمن بهذا عجباً لأمره.
الأمور تسير وفق ما قدره وأراده لا يتخلف من ذلك شيء كما قال: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) (ذلك تقدير العزيز العليم) (إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون)، والمؤمن بهذا عجباً لأمره.
من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً عجباً لأمره.
روى الإمام مسلم في صحيحه قوله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
إنّ هذا الحديث يشفي صدور المؤمنين ويذهب الحزن عنهم؛ ذلك لأنه يسلي المؤمن ويبيِّن له أنه الكاسب في الحالتين: في السراء والضراء، وفي الفرح والحزن، وفي حالة السلم والحرب، وفي الغنى والفقر، والصحة والمرض، وفي أحواله كلها.
ففي حال العسر يرضى بما قدره له ربه اللطيف الخبير, فعندما يصيبه أمر يكرهه يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه, وعندما يفوته متاع من الدنيا يتذكر أنّ ما أخطأه لم يكن ليصبه؛ فينجلي ـ بهذا الإيمان ـ الحزن ويذهب الهم ويسعد القلب ويزداد أجرا بإيمانه بالأقدار ويحقق أمر الله (لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم) (آل عمران 153) وفي هذه الحال يقوم مقام الصبر محتسباً متذكراً أنّ الله عز وجل أراد اختباره؛ ليكفر عنه من سيئاته ويرفع درجاته.
وفي الرخاء لا يبطر ولا يقول كما قال الأول (إنما أوتيته على علم عندي) بل يقول كما قال الصالحون (هذا من فضل ربي), ويتذكر أن المنع والعطاء للامتحان حتى يتبين الصادقين من الكاذبين والشاكرين من المتكبرين كما قال المولى جلا وعلاونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) قال ابن كثير رحمه الله تعالى:"وقوله: ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) [الأنبياء:53] أي نختبركم بالمصائب تارة وبالنعم أخرى، فننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط، كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ( ونبلوكم ) يقول: نبتليكم بالشر والخير فتنة) (الأنبياء:53) بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال. وقوله: (وإلينا ترجعون) أي فنجازيكم بأعمالكم".
والمؤمن في حال الحرب ـ وقبلها ـ يعد نفسه للجهاد في سبيل الله معنوياً وبدنياً وينفق من أمواله ويجاهد بوقته وفكره ولسانه وقلمه.
وفي حال السلم ـ وكذلك في أحواله كلها ـ يلتف حول العلماء العاملين المصلحين يسأل عن ما يجب عليه عمله وكيف يتعامل مع إخوانه وكيف يتعامل مع أعدائه امتثالا لأمر الله:
(وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) فيجد ما يشفي غليله ويُذهب همه وما يشغله فتطيب ـ حينئذٍ ـ نفسه ويتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم ـ في شأن المؤمن ـ (إنّ أمره كله له خير).
ومن عجيب أمر المؤمن أنه لا يحزن ولا يأسى على ما مضى؛ وكذلك لا يخاف مما هو مقبل خوفاً يشتت فكره ويصيبه بالهموم والغموم فيستسلم بين الخوف والحزن فيقعد عن العمل، فقد كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن) فالحزن على ما مضى والهم سببه الخوف مما هو آت.
الكاتب
عبدالعليم صديق علي
نواصي العباد والخلائق كلها بيده (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين)، والمؤمن بهذا عجباً لأمره.
الأمور تسير وفق ما قدره وأراده لا يتخلف من ذلك شيء كما قال: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) (ذلك تقدير العزيز العليم) (إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون)، والمؤمن بهذا عجباً لأمره.
من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً عجباً لأمره.
روى الإمام مسلم في صحيحه قوله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
إنّ هذا الحديث يشفي صدور المؤمنين ويذهب الحزن عنهم؛ ذلك لأنه يسلي المؤمن ويبيِّن له أنه الكاسب في الحالتين: في السراء والضراء، وفي الفرح والحزن، وفي حالة السلم والحرب، وفي الغنى والفقر، والصحة والمرض، وفي أحواله كلها.
ففي حال العسر يرضى بما قدره له ربه اللطيف الخبير, فعندما يصيبه أمر يكرهه يعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه, وعندما يفوته متاع من الدنيا يتذكر أنّ ما أخطأه لم يكن ليصبه؛ فينجلي ـ بهذا الإيمان ـ الحزن ويذهب الهم ويسعد القلب ويزداد أجرا بإيمانه بالأقدار ويحقق أمر الله (لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم) (آل عمران 153) وفي هذه الحال يقوم مقام الصبر محتسباً متذكراً أنّ الله عز وجل أراد اختباره؛ ليكفر عنه من سيئاته ويرفع درجاته.
وفي الرخاء لا يبطر ولا يقول كما قال الأول (إنما أوتيته على علم عندي) بل يقول كما قال الصالحون (هذا من فضل ربي), ويتذكر أن المنع والعطاء للامتحان حتى يتبين الصادقين من الكاذبين والشاكرين من المتكبرين كما قال المولى جلا وعلاونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) قال ابن كثير رحمه الله تعالى:"وقوله: ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) [الأنبياء:53] أي نختبركم بالمصائب تارة وبالنعم أخرى، فننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط، كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ( ونبلوكم ) يقول: نبتليكم بالشر والخير فتنة) (الأنبياء:53) بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال. وقوله: (وإلينا ترجعون) أي فنجازيكم بأعمالكم".
والمؤمن في حال الحرب ـ وقبلها ـ يعد نفسه للجهاد في سبيل الله معنوياً وبدنياً وينفق من أمواله ويجاهد بوقته وفكره ولسانه وقلمه.
وفي حال السلم ـ وكذلك في أحواله كلها ـ يلتف حول العلماء العاملين المصلحين يسأل عن ما يجب عليه عمله وكيف يتعامل مع إخوانه وكيف يتعامل مع أعدائه امتثالا لأمر الله:
(وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) فيجد ما يشفي غليله ويُذهب همه وما يشغله فتطيب ـ حينئذٍ ـ نفسه ويتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم ـ في شأن المؤمن ـ (إنّ أمره كله له خير).
ومن عجيب أمر المؤمن أنه لا يحزن ولا يأسى على ما مضى؛ وكذلك لا يخاف مما هو مقبل خوفاً يشتت فكره ويصيبه بالهموم والغموم فيستسلم بين الخوف والحزن فيقعد عن العمل، فقد كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن) فالحزن على ما مضى والهم سببه الخوف مما هو آت.
الكاتب
عبدالعليم صديق علي