تاج الوقار
30 Jun 2008, 09:09 AM
http://www.asyeh.com/gallery/gif/1212990123.gif
ألقت الداعية أسماء الرويشد المشرفة العامة على موقع آسية الالكتروني محاضرة بعنوان "الانحراف العاطفي" في جامع اللحيدان بمدينة الرياض، حضرها أكثر من مائة وخمسين مابين أم وفتاة.
بدأت الرويشد المحاضرة بحمد الله والصلاة على رسوله الكريم ثم قالت: أسال الله من فضله أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا، لأننا نجتمع في بيت من بيوت الله، فهذه فرصة عظيمة أن يكون اجتماعنا في بيت من بيوت الله لما فيه من الفضل العظيم وتقبل الدعوات.
الشفافية والوضوح
وأضافت الرويشد أننا الآن نواجه واقع مختلف علينا الحديث عنه بشفافية ووضوح لنعالج قضايانا بأنفسنا حتى لا تنتشر؛ فان العصر قد فرض علينا نمط حياة معين فيه الحسن والسيئ ومن ضمن السيئ "الانحراف العاطفي" فإذا أردنا أن نُعرف الانحراف العاطفي فيمكن إجماله بأنه يصب في: العلاقات غير الشرعية بين الرجل والمرأة.
ورغم تحفظ بعض الأخوات وقولهن: لا تفتح أعين الناس على مثل هذه المواضيع، إلا أن الواجب يحتم علينا أن نعرف أبنائنا وبناتنا على الصواب وأن نحذرهم من الخطأ ومعرفة الشر ليس للشر وإنما للتحذير منه؛ فكما يقال:
عرفت الشر لا لشر لكن لتفاديه ومن لم يعرف الشر أحرى أن يقع فيه
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يسالون الرسول -صلى الله عليه وسلم- لذلك علينا أن نفقه ما نواجه من الفتن التي أصبحت كالظلل فإننا إذا دس احدنا رأسه فهذا للأسف يوشك أن يوقع فيه.
مواجهة التغيرات
وذكرت الأستاذة أسماء الرويشد أننا سننظر للموضوع نظرة واقعية فالمجتمع فيه متغيرات سريعة أثرت في القناعات الخاصة بهذا الجيل الحالي، حيث أن هناك ممارسات خاطئة وقناعات وافدة، ليست منا ولا من قيمنا ولا ديننا، وإنما بسبب إقناع جزء من المجتمع بأنه من حق الشخص أن يمارس هذه الأفعال، وللأسف أصبح يمارس الانحراف العاطفي أمام الناس وعلنا حيث قد يأتي شاب لأهله ويحدثهم صديقتي قالت كذا وعملت كذا..
ولا احد يستنكر ذلك، رغم انه يجاهر بمعصية ويعبر عن منكر ولكن لدى المستمعين أن ذلك أمرا عاديا، وكذلك لو تحدثت صديقة لصديقتها.
إن المتغيرات أصبحت تمارس على مستوى قناعة، وليس مثل الإنسان الذي يمارسها وهو يشعر بأنها خطا وهنا تنقلب الحقائق فيجاهر بها.
أيضا ليست العلاقات المنحرفة وليدة اليوم، لكن كانت في السابق تأخذ طابع الخفية تماما حتى إن الفتاة لا تبوح بذلك لا قرب صديقاتها، لأنها تشعر بأنها جريمة وخطا، أما الآن أصبحنا نسمع من يقول: من حقه "وبقناعة تامة للأسف".
نسب مؤلمة
وأضافت أسماء الرويشد بأن الإعجاب ظاهرة أصبحت منتشرة بنسبة كبيرة؛ حتى عند المتزوجين إلى أن وصلت إلى درجة الخيانة وكل ذلك بسبب الاختلاط أو الإعجاب. كما أننا نلاحظ في الكليات والجامعات نسب مؤلمة من هذه الظاهرة، تبدأ بوعود كاذبة من قبل الشباب وتنتهي بوقوع الفتاة فريسة.
لماذا الحديث عن الانحراف
وأشارت الرويشد إلى أن الظاهرة موجود بيننا بسبب الوسائل التي أسهمت في انتشارها بشكل كبيرا وجعلت الانحراف أمرا مستساغ لدى الكثير؛ وتناسى الناس بان هذا الانحراف هو الذي يجر إلى الفضيحة والله المستعان.
وأوضحت أن الحديث عن هذا الموضوع بالذات لأننا مسئولون عن أنفسنا وعمن حولنا خصوصا من تكون أما أو أختا كبرى أو امرأة في هذا المجتمع، مؤكدة على أن الوقاية خير من العلاج، وإذا وقع الأمر فعلينا أن نعالجه بأسلوب حكيم وسكينة وتؤدة.
لا حياة بلا حب
ثم أضافت الرويشد قائلة: إذا تحدثنا عن الحب فهو أمر قيم وكبير، فليس هناك حياة بلا حب، فالحياة بلا حب تكون جافة، وإذا انعدم الحب ستتحول مشاعرنا إلى كره وجمود، ولو عرفنا العبادة لوجدناها تصب في معنى الحب فهي "تمام الذل مع كمال المحبة".
فالعبادة هي محبة لقوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداد يحبونهم كحب الله} فعبر بالحب لان العبادة هي الحب.
ثم ركزت الرويشد على أنه من الظلم أن نحصر الحب بهذه العلاقات المحرمة، لأن للحب معاني راقية فالأب والأم يحبون أبنائهم وكذلك الأبناء وحب الزوجة كلها معاني سامية للحب بلا شك. بخلاف ما يتصوره البعض من انه لا يوجد إلا الحب الحرام.
ضغوط وفتور
وأوضحت الأستاذة أسماء أن الإنسان عندما يكون في هذه العلاقات غير الشرعية يصبح تحت عدد من الضغوط أولها فتور الإيمان فهو يعيش في صراع، بحيث إن مركز الإيمان يعطيه إشارات بأن هناك خسائر أولها إسكات الإيمان، لذلك قال عليه السلام "لايزني الزاني وهو مؤمن". ومن خلال الاطلاع على عدد من العينات وجد أن مثل هذه العلاقات تسبب خسائر تدريجية على حساب العبادة سواء ضعف في الإيمان أو ضعف محبة الله في قلب الشخص.
ثم قالت الرويشد لقد لمسنا كل ما سبق لدى عدد من الفتيات فوجدنا الصلاة وقراءة القران والذكر يصيبها الفتور أو التأخير إلى أن تصل إلى درجة التهاون، كما أن من يؤديها تقوم بها على شكل حركات سريعة وبالتالي لا يكون لها أثار، فالعبادة هنا تكون مفرغة وجامدة وجوفاء لذلك لا تؤثر على حياة الإنسان.
الإثارة العاطفية
وأشارت الرويشد إلى أن وسائل الإعلام فيها الكثير من القصص والمسلسلات والمجلات والأغاني والفيديو كليب التي تهيج المشاعر، وان كل ما يعرض من هذه نوعية ينشر العلاقات المحرمة ويستسيغها بل يبين أن الحب لا يكون إلا بين الرجل والمرأة الغريبين وبلا علاقة شرعية، فالإعلام يصور العلاقات بدون رابط شرعي ويهيج العواطف ويحرضها رغم أن الله تعالى قد ذكر في محكم آياته بأن العاطفة كامنة وموجدة لدى كل إنسان ولا تتحرك إلا بعد الزواج {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها}.
وبعد ذلك ركزت الرويشد على أننا اليوم نجد الشات والماسنجر وغيرها هي البداية أيضا لانطلاق شرارة الانحراف العاطفي، رغم أن البعض تتعذر بأنها تدخل باسم مستعار ولكن بعد ذلك تنجرف في التيار مما يجر إلى تنقال الايميلات ثم أرقام الجوالات.
ونبهت الأستاذة أسماء الرويشد من عملية الصور وأنها أساس في عملية التهديد من قبل الكثير، فعلى المعلمات وكل من هو صاحب مسؤولية أن لا يغلق الباب أمام من يتكلم أمامه إنما عليه تهدته واخذ الأمور بحكمة دون تأنيب مباشر للطرف الذي وقع ضحية. مؤكدة على أن الوقاية خير من العلاج وان علينا حماية الأسرة ليس عن طريق الكبت وإنما من ناحية الرعاية والحماية.
ثم بينت أسباب الانحراف واهمها هو الحرمان العاطفي في البيت وداخل الاسرة ، وان ظروف الزمان تدور بسرعة وتخدع الامهات واولياء الامور بانه ليس هناك وقت لاعطاء الابناء عاطفة او السماع منهم.
اكستر عواطف
وقالت الاستاذة اسماء ان هناك الكثير يمكن تقديمة للابناء والبنات وممارستها بسهولة داخل الاسرة على سبيل المثال قول : يا حبيبتي فقدتك.. ما شفتك اليوم.. او بعض الحركات كالضم لانها تحسس الفرد بالحب.
ثم اضافت: انا القيت محاضرة وقالت لي احدى الحاضرات : انا عندي اكستر عواطف أي الكثير من العواطف فماذا افعل بها؟! فقلت لها: يا ابنتي أليس لديك أسرة؟ فاجابت: بلى. قلت لها: إذن يا حبيبتي اصرفيها لا سرتك وأمك وإخوتك ووزعيها عليهم، وسترين نتائجها، فهنا الفتاة تخرج عواطفها ومشاعرها بشكل حلال وإشباع للفتاة ولمن حولها عاطفيا.
كما أوضحت بأن أبنائنا وبناتنا يشتكون من جوع عاطفي ويفتقرون إليه داخل البيوت، حتى أن بعض البنات تقول: نحن عندنا عاطفة بس أمنا لا تلفت إلينا... فماذا نفعل؟!
وبينت الرويشد أن الحل في أن تتقبل الامهات بناتهن، وتمد الجسور معهن وكذلك البنات عليهن المبادرة في ضم الام واسماعها بعض الكلمات وستجني البنت وامها نتائج مذهلة باذن الله.
ويلات من التساهل
وشرحت الرويشد ان من اسباب الانحراف وجود بيئة منحرفة تتساهل بالاختلاط بين الاقارب، فعلى كل ام ان تعود ابنتها على اعتزال مجالس الرجال خصوصا عندما تبدأ الفتاة بالصلاة لتشعر بالوحشة بالجلوس معهم ولا تستسيغه مستقبلا؛ فللأسف بعض الأسر تجمع الأبناء وهم في سن المراهق بحجة أنه اليوم العائلي ويتناسون ما قد يجره عليهم من ويلات. وقد حذر الرسول _ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله "إياكم والدخول على النساء".
كما نبهت الرويشد من بعض الأمور المستحدثة كدخول الرجال أثناء الزفة والسلام عليهم أمام النساء.
النت.. وعدم الرقابة!
ثم تطرقت الأستاذة اسماء إلى بعض الطرق لحل ظاهرة الانحراف العاطفي وأهمها هو تقنين استخدام التقنية وليس المنع حيث ان احدى المعلمات تشكو من طالبة في الصف الثالث الابتدائي تدخل النت بلا رقيب مما جعلها تؤثر سلبا على بقية الطالبات بما تسحب من صور وخلاف ذلك.
فعلينا البدا بأنفسنا وتقنين الدخول للنت وان يكون لهدف واضح ، وان يوضع في مكان عام كالصالة، لان الانحراف كما يذكر الكثير ليس بين الإنسان وبينه سوى ضغطة زر.
وبينت الرويشد أنه ربما تقول البنت لوالديها لماذا تراقبني ألا تثقون بي؟ فهنا يجب على الأب وألام الرد بأنهما يثقا بها كل الثقة ولكني لا يثقا بهذا الجهاز ولا في المجتمع الخارجي لما يجر من مشاكل عليك دون أن تشعر يا بني.
المنع ليس حلا
وطرحت ام مريم فكرة منع النت وعدم احضار الاجهزة من هذا الشكل هل يكون حلا؟ فاجابت الاستاذة اسماء الرويشد: اننا في زمن يفرض علينا وجود مثل هذه الوسائل وانا لا اقول لايسمح بها ، لان الطلاب الان اصبحوا يحتاجون اليه لجلب المعلومة فكثير ما نسمع محاضرتي على النت ولابد من الدخول .. اذن المنع ليس حلا.. ولكن علينا بغرس القيم ومراقبة الله وانه معنا واننا سوف نسال ، ومعرفة ان هذا الجهاز فيه الخير والشر وعلينا الاختيار.
فإذا لم تكن لدى الفتاة حاجة فالاستغناء افضل لانه لابد من وضع هدف للدخول، كما انه الان بالامكان استخدام بعض الشبكات التي تضمن التصفح الخالي من الشبهات والاشتراك فيها.
عزة وغيرة
طفلة صغيرة لم تتجاوز العاشرة من العمر ، ذكرت موقف ام عمار من ابو جهل عندما كان يعذبها، وانه قال لام عمار أنت اتبعت هذا الدين لانك تعشقين محمد فما كان منها الا ان بصقت في وجهة بشدة ، فقتلها . كل هذا بسبب ما كانت تشعر به المراة من عزة وغيرة حتى من كلمة تقال. فالعفيفة تكون بهذا الاسلوب تسد أي مدخل او باب للشر من بدايته.
اغلاق العواطف تلقائيا
وسالت ام محمد عن الطريقه التي تحفظ بها بناتها وابنائها من هذا الانحراف؟ فردت الرويشد: اذا انعدم الحوار فان طريق العواطف يغلق تلقائيا ،فانصح باجتماع افراد الاسرة وفتح باب الحوار والاستماع دون تسفيه او استهزاء حتى يكون هناك تبادل اراء وحرية في الطرح للوصول الى حلو ل ترضي الطرفين.
وان على الاباء والامهات ضبط انفسهم حتى لو سمعوا شيء غريب يحدث لابنائهم حتى يتوصلوا الى نتيجة ، ولابد من عقد صداقة مع الابناء ليفتحوا قلوبهم دون حذر؛ فاوصي كل ام او مسؤولة عن اخرين ان لاتخسر الجلسة الطيبة مع الابناء والمداعبة الطريفة، وليس المقصود منها التعرض للناس او حكايتهم بقدر اهميتها اليومية لطرح ما يستجد في حياة الابناء ويفضل تعويد الابناء عليها حتى الصغار، ولامانع من اللمسات الحانية عليهم وضمهم.
الاستحياء من الله
أحدى الحاضرات هي زينب تقول عن انطباعها تجاه المحاضرة: اعجبني حديث الاستاذة اسماء الرويشد عندما ذكرت ان من اسباب الوقاية ربط الانسان بحب الله ، وعقد الجلسات العائلية التي يتم فيها ملاحظة سلوك الجميع وكيف على ا لمربي اذا اراد ان يمنع يكون باسلوب رقيق فاذا شاهد منظر في البلوتوث يوجه الابن باسلوب طيب لمسحه والاستحياء من الله قبل الناس .
أما تهاني فتقول: كل مانسمع من ابائنا كلمة : لا ؟فلماذا؟ دون معرفة الاسباب فانا اييد كلام الاستاذة اسماء الرويشد بوجوب فتح الحوار وان يسمحوا لنا بالكلام ومعرفة لماذا هم ينهون عن فعل هذا الشيء أي لابد من فتح باب الحوار ، فاذا قالوا: لا تذهبي الى المكان الفلاني.. لماذا لا يوضحوا لي السبب وانا اتفهم ، كما اننا بحاجة الى بدائل تعوضنا عن الامور السيئة.
أم المثنى تقول: لفتت انتبهي المحاضرة الى امور كانت مخفية عنا رغم انا نعاني منها وتمنيت لو طال الوقت لذكر العديد من القصص التي وقعت ونهاية الانحراف العاطفي .
بينما قالت أسماء الشهراني: الحقيقة الموضوع مناسب جدا فاني أرى المجتمع بحاجة لإيضاحه وطرحه مع طرق العلاج مثل هذه المحاضرة.
واختتمت إيمان الأحمد انطباع الأخوات بقولها: عرفت قيمة الإيمان الحقيقي وانه يمنع من ارتكاب المعاصي وهو كالسد الذي يبعد الشر عن الإنسان فقصة يوسف عليه السلام كما ذكر في المحاضرة أوضحت قوة الإيمان التي دفعت بالشاب يوسف عليه السلام بالامتناع عن المرأة رغم تهيئ كل الظروف.
الكاتبة : الداعية اسماء الروشيد
ألقت الداعية أسماء الرويشد المشرفة العامة على موقع آسية الالكتروني محاضرة بعنوان "الانحراف العاطفي" في جامع اللحيدان بمدينة الرياض، حضرها أكثر من مائة وخمسين مابين أم وفتاة.
بدأت الرويشد المحاضرة بحمد الله والصلاة على رسوله الكريم ثم قالت: أسال الله من فضله أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا، لأننا نجتمع في بيت من بيوت الله، فهذه فرصة عظيمة أن يكون اجتماعنا في بيت من بيوت الله لما فيه من الفضل العظيم وتقبل الدعوات.
الشفافية والوضوح
وأضافت الرويشد أننا الآن نواجه واقع مختلف علينا الحديث عنه بشفافية ووضوح لنعالج قضايانا بأنفسنا حتى لا تنتشر؛ فان العصر قد فرض علينا نمط حياة معين فيه الحسن والسيئ ومن ضمن السيئ "الانحراف العاطفي" فإذا أردنا أن نُعرف الانحراف العاطفي فيمكن إجماله بأنه يصب في: العلاقات غير الشرعية بين الرجل والمرأة.
ورغم تحفظ بعض الأخوات وقولهن: لا تفتح أعين الناس على مثل هذه المواضيع، إلا أن الواجب يحتم علينا أن نعرف أبنائنا وبناتنا على الصواب وأن نحذرهم من الخطأ ومعرفة الشر ليس للشر وإنما للتحذير منه؛ فكما يقال:
عرفت الشر لا لشر لكن لتفاديه ومن لم يعرف الشر أحرى أن يقع فيه
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يسالون الرسول -صلى الله عليه وسلم- لذلك علينا أن نفقه ما نواجه من الفتن التي أصبحت كالظلل فإننا إذا دس احدنا رأسه فهذا للأسف يوشك أن يوقع فيه.
مواجهة التغيرات
وذكرت الأستاذة أسماء الرويشد أننا سننظر للموضوع نظرة واقعية فالمجتمع فيه متغيرات سريعة أثرت في القناعات الخاصة بهذا الجيل الحالي، حيث أن هناك ممارسات خاطئة وقناعات وافدة، ليست منا ولا من قيمنا ولا ديننا، وإنما بسبب إقناع جزء من المجتمع بأنه من حق الشخص أن يمارس هذه الأفعال، وللأسف أصبح يمارس الانحراف العاطفي أمام الناس وعلنا حيث قد يأتي شاب لأهله ويحدثهم صديقتي قالت كذا وعملت كذا..
ولا احد يستنكر ذلك، رغم انه يجاهر بمعصية ويعبر عن منكر ولكن لدى المستمعين أن ذلك أمرا عاديا، وكذلك لو تحدثت صديقة لصديقتها.
إن المتغيرات أصبحت تمارس على مستوى قناعة، وليس مثل الإنسان الذي يمارسها وهو يشعر بأنها خطا وهنا تنقلب الحقائق فيجاهر بها.
أيضا ليست العلاقات المنحرفة وليدة اليوم، لكن كانت في السابق تأخذ طابع الخفية تماما حتى إن الفتاة لا تبوح بذلك لا قرب صديقاتها، لأنها تشعر بأنها جريمة وخطا، أما الآن أصبحنا نسمع من يقول: من حقه "وبقناعة تامة للأسف".
نسب مؤلمة
وأضافت أسماء الرويشد بأن الإعجاب ظاهرة أصبحت منتشرة بنسبة كبيرة؛ حتى عند المتزوجين إلى أن وصلت إلى درجة الخيانة وكل ذلك بسبب الاختلاط أو الإعجاب. كما أننا نلاحظ في الكليات والجامعات نسب مؤلمة من هذه الظاهرة، تبدأ بوعود كاذبة من قبل الشباب وتنتهي بوقوع الفتاة فريسة.
لماذا الحديث عن الانحراف
وأشارت الرويشد إلى أن الظاهرة موجود بيننا بسبب الوسائل التي أسهمت في انتشارها بشكل كبيرا وجعلت الانحراف أمرا مستساغ لدى الكثير؛ وتناسى الناس بان هذا الانحراف هو الذي يجر إلى الفضيحة والله المستعان.
وأوضحت أن الحديث عن هذا الموضوع بالذات لأننا مسئولون عن أنفسنا وعمن حولنا خصوصا من تكون أما أو أختا كبرى أو امرأة في هذا المجتمع، مؤكدة على أن الوقاية خير من العلاج، وإذا وقع الأمر فعلينا أن نعالجه بأسلوب حكيم وسكينة وتؤدة.
لا حياة بلا حب
ثم أضافت الرويشد قائلة: إذا تحدثنا عن الحب فهو أمر قيم وكبير، فليس هناك حياة بلا حب، فالحياة بلا حب تكون جافة، وإذا انعدم الحب ستتحول مشاعرنا إلى كره وجمود، ولو عرفنا العبادة لوجدناها تصب في معنى الحب فهي "تمام الذل مع كمال المحبة".
فالعبادة هي محبة لقوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداد يحبونهم كحب الله} فعبر بالحب لان العبادة هي الحب.
ثم ركزت الرويشد على أنه من الظلم أن نحصر الحب بهذه العلاقات المحرمة، لأن للحب معاني راقية فالأب والأم يحبون أبنائهم وكذلك الأبناء وحب الزوجة كلها معاني سامية للحب بلا شك. بخلاف ما يتصوره البعض من انه لا يوجد إلا الحب الحرام.
ضغوط وفتور
وأوضحت الأستاذة أسماء أن الإنسان عندما يكون في هذه العلاقات غير الشرعية يصبح تحت عدد من الضغوط أولها فتور الإيمان فهو يعيش في صراع، بحيث إن مركز الإيمان يعطيه إشارات بأن هناك خسائر أولها إسكات الإيمان، لذلك قال عليه السلام "لايزني الزاني وهو مؤمن". ومن خلال الاطلاع على عدد من العينات وجد أن مثل هذه العلاقات تسبب خسائر تدريجية على حساب العبادة سواء ضعف في الإيمان أو ضعف محبة الله في قلب الشخص.
ثم قالت الرويشد لقد لمسنا كل ما سبق لدى عدد من الفتيات فوجدنا الصلاة وقراءة القران والذكر يصيبها الفتور أو التأخير إلى أن تصل إلى درجة التهاون، كما أن من يؤديها تقوم بها على شكل حركات سريعة وبالتالي لا يكون لها أثار، فالعبادة هنا تكون مفرغة وجامدة وجوفاء لذلك لا تؤثر على حياة الإنسان.
الإثارة العاطفية
وأشارت الرويشد إلى أن وسائل الإعلام فيها الكثير من القصص والمسلسلات والمجلات والأغاني والفيديو كليب التي تهيج المشاعر، وان كل ما يعرض من هذه نوعية ينشر العلاقات المحرمة ويستسيغها بل يبين أن الحب لا يكون إلا بين الرجل والمرأة الغريبين وبلا علاقة شرعية، فالإعلام يصور العلاقات بدون رابط شرعي ويهيج العواطف ويحرضها رغم أن الله تعالى قد ذكر في محكم آياته بأن العاطفة كامنة وموجدة لدى كل إنسان ولا تتحرك إلا بعد الزواج {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها}.
وبعد ذلك ركزت الرويشد على أننا اليوم نجد الشات والماسنجر وغيرها هي البداية أيضا لانطلاق شرارة الانحراف العاطفي، رغم أن البعض تتعذر بأنها تدخل باسم مستعار ولكن بعد ذلك تنجرف في التيار مما يجر إلى تنقال الايميلات ثم أرقام الجوالات.
ونبهت الأستاذة أسماء الرويشد من عملية الصور وأنها أساس في عملية التهديد من قبل الكثير، فعلى المعلمات وكل من هو صاحب مسؤولية أن لا يغلق الباب أمام من يتكلم أمامه إنما عليه تهدته واخذ الأمور بحكمة دون تأنيب مباشر للطرف الذي وقع ضحية. مؤكدة على أن الوقاية خير من العلاج وان علينا حماية الأسرة ليس عن طريق الكبت وإنما من ناحية الرعاية والحماية.
ثم بينت أسباب الانحراف واهمها هو الحرمان العاطفي في البيت وداخل الاسرة ، وان ظروف الزمان تدور بسرعة وتخدع الامهات واولياء الامور بانه ليس هناك وقت لاعطاء الابناء عاطفة او السماع منهم.
اكستر عواطف
وقالت الاستاذة اسماء ان هناك الكثير يمكن تقديمة للابناء والبنات وممارستها بسهولة داخل الاسرة على سبيل المثال قول : يا حبيبتي فقدتك.. ما شفتك اليوم.. او بعض الحركات كالضم لانها تحسس الفرد بالحب.
ثم اضافت: انا القيت محاضرة وقالت لي احدى الحاضرات : انا عندي اكستر عواطف أي الكثير من العواطف فماذا افعل بها؟! فقلت لها: يا ابنتي أليس لديك أسرة؟ فاجابت: بلى. قلت لها: إذن يا حبيبتي اصرفيها لا سرتك وأمك وإخوتك ووزعيها عليهم، وسترين نتائجها، فهنا الفتاة تخرج عواطفها ومشاعرها بشكل حلال وإشباع للفتاة ولمن حولها عاطفيا.
كما أوضحت بأن أبنائنا وبناتنا يشتكون من جوع عاطفي ويفتقرون إليه داخل البيوت، حتى أن بعض البنات تقول: نحن عندنا عاطفة بس أمنا لا تلفت إلينا... فماذا نفعل؟!
وبينت الرويشد أن الحل في أن تتقبل الامهات بناتهن، وتمد الجسور معهن وكذلك البنات عليهن المبادرة في ضم الام واسماعها بعض الكلمات وستجني البنت وامها نتائج مذهلة باذن الله.
ويلات من التساهل
وشرحت الرويشد ان من اسباب الانحراف وجود بيئة منحرفة تتساهل بالاختلاط بين الاقارب، فعلى كل ام ان تعود ابنتها على اعتزال مجالس الرجال خصوصا عندما تبدأ الفتاة بالصلاة لتشعر بالوحشة بالجلوس معهم ولا تستسيغه مستقبلا؛ فللأسف بعض الأسر تجمع الأبناء وهم في سن المراهق بحجة أنه اليوم العائلي ويتناسون ما قد يجره عليهم من ويلات. وقد حذر الرسول _ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله "إياكم والدخول على النساء".
كما نبهت الرويشد من بعض الأمور المستحدثة كدخول الرجال أثناء الزفة والسلام عليهم أمام النساء.
النت.. وعدم الرقابة!
ثم تطرقت الأستاذة اسماء إلى بعض الطرق لحل ظاهرة الانحراف العاطفي وأهمها هو تقنين استخدام التقنية وليس المنع حيث ان احدى المعلمات تشكو من طالبة في الصف الثالث الابتدائي تدخل النت بلا رقيب مما جعلها تؤثر سلبا على بقية الطالبات بما تسحب من صور وخلاف ذلك.
فعلينا البدا بأنفسنا وتقنين الدخول للنت وان يكون لهدف واضح ، وان يوضع في مكان عام كالصالة، لان الانحراف كما يذكر الكثير ليس بين الإنسان وبينه سوى ضغطة زر.
وبينت الرويشد أنه ربما تقول البنت لوالديها لماذا تراقبني ألا تثقون بي؟ فهنا يجب على الأب وألام الرد بأنهما يثقا بها كل الثقة ولكني لا يثقا بهذا الجهاز ولا في المجتمع الخارجي لما يجر من مشاكل عليك دون أن تشعر يا بني.
المنع ليس حلا
وطرحت ام مريم فكرة منع النت وعدم احضار الاجهزة من هذا الشكل هل يكون حلا؟ فاجابت الاستاذة اسماء الرويشد: اننا في زمن يفرض علينا وجود مثل هذه الوسائل وانا لا اقول لايسمح بها ، لان الطلاب الان اصبحوا يحتاجون اليه لجلب المعلومة فكثير ما نسمع محاضرتي على النت ولابد من الدخول .. اذن المنع ليس حلا.. ولكن علينا بغرس القيم ومراقبة الله وانه معنا واننا سوف نسال ، ومعرفة ان هذا الجهاز فيه الخير والشر وعلينا الاختيار.
فإذا لم تكن لدى الفتاة حاجة فالاستغناء افضل لانه لابد من وضع هدف للدخول، كما انه الان بالامكان استخدام بعض الشبكات التي تضمن التصفح الخالي من الشبهات والاشتراك فيها.
عزة وغيرة
طفلة صغيرة لم تتجاوز العاشرة من العمر ، ذكرت موقف ام عمار من ابو جهل عندما كان يعذبها، وانه قال لام عمار أنت اتبعت هذا الدين لانك تعشقين محمد فما كان منها الا ان بصقت في وجهة بشدة ، فقتلها . كل هذا بسبب ما كانت تشعر به المراة من عزة وغيرة حتى من كلمة تقال. فالعفيفة تكون بهذا الاسلوب تسد أي مدخل او باب للشر من بدايته.
اغلاق العواطف تلقائيا
وسالت ام محمد عن الطريقه التي تحفظ بها بناتها وابنائها من هذا الانحراف؟ فردت الرويشد: اذا انعدم الحوار فان طريق العواطف يغلق تلقائيا ،فانصح باجتماع افراد الاسرة وفتح باب الحوار والاستماع دون تسفيه او استهزاء حتى يكون هناك تبادل اراء وحرية في الطرح للوصول الى حلو ل ترضي الطرفين.
وان على الاباء والامهات ضبط انفسهم حتى لو سمعوا شيء غريب يحدث لابنائهم حتى يتوصلوا الى نتيجة ، ولابد من عقد صداقة مع الابناء ليفتحوا قلوبهم دون حذر؛ فاوصي كل ام او مسؤولة عن اخرين ان لاتخسر الجلسة الطيبة مع الابناء والمداعبة الطريفة، وليس المقصود منها التعرض للناس او حكايتهم بقدر اهميتها اليومية لطرح ما يستجد في حياة الابناء ويفضل تعويد الابناء عليها حتى الصغار، ولامانع من اللمسات الحانية عليهم وضمهم.
الاستحياء من الله
أحدى الحاضرات هي زينب تقول عن انطباعها تجاه المحاضرة: اعجبني حديث الاستاذة اسماء الرويشد عندما ذكرت ان من اسباب الوقاية ربط الانسان بحب الله ، وعقد الجلسات العائلية التي يتم فيها ملاحظة سلوك الجميع وكيف على ا لمربي اذا اراد ان يمنع يكون باسلوب رقيق فاذا شاهد منظر في البلوتوث يوجه الابن باسلوب طيب لمسحه والاستحياء من الله قبل الناس .
أما تهاني فتقول: كل مانسمع من ابائنا كلمة : لا ؟فلماذا؟ دون معرفة الاسباب فانا اييد كلام الاستاذة اسماء الرويشد بوجوب فتح الحوار وان يسمحوا لنا بالكلام ومعرفة لماذا هم ينهون عن فعل هذا الشيء أي لابد من فتح باب الحوار ، فاذا قالوا: لا تذهبي الى المكان الفلاني.. لماذا لا يوضحوا لي السبب وانا اتفهم ، كما اننا بحاجة الى بدائل تعوضنا عن الامور السيئة.
أم المثنى تقول: لفتت انتبهي المحاضرة الى امور كانت مخفية عنا رغم انا نعاني منها وتمنيت لو طال الوقت لذكر العديد من القصص التي وقعت ونهاية الانحراف العاطفي .
بينما قالت أسماء الشهراني: الحقيقة الموضوع مناسب جدا فاني أرى المجتمع بحاجة لإيضاحه وطرحه مع طرق العلاج مثل هذه المحاضرة.
واختتمت إيمان الأحمد انطباع الأخوات بقولها: عرفت قيمة الإيمان الحقيقي وانه يمنع من ارتكاب المعاصي وهو كالسد الذي يبعد الشر عن الإنسان فقصة يوسف عليه السلام كما ذكر في المحاضرة أوضحت قوة الإيمان التي دفعت بالشاب يوسف عليه السلام بالامتناع عن المرأة رغم تهيئ كل الظروف.
الكاتبة : الداعية اسماء الروشيد