سنا البرق
27 Jun 2004, 06:45 AM
<div align="center">
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد أمر الله تعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما وخفض الجناح لهما ونهى عن عقوقهما، فقال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء: 23، 24}.
وبر الوالدين يعني طاعتهما في المعروف، وعلى هذا إذا أمرا ولدهما بأمر وجبت طاعتهما فيه، إذا لم يكن ذلك الأمر معصية.
ولا يختص بر الوالدين بأن يكونا مسلمين، بل إن كانا كافرين يبرهما ويحسن إليهما إذا كان لهما عهد، وقوله تعالى: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما خص حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر؛ فألزمه في هذه الحالة مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كلاً عليه، فيحتاجان أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يلياه منه، فلذلك خص هذه الحالة بالذكر.
وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة، وهو السالم عن كل عيب فقال: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه". قيل: مَن يا رسول الله؟ قال "مَن أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة". {أخرجه مسلم- كتاب البر- باب تقديم الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها}.
فالسعيد الذي يبادر اغتنام فرصة برهما لئلا تفوته بموتهما فيندم على ذلك. والشقي مَن عقّهما، لا سيما من بلغه الأمر ببرهما.
قال تعالى: ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة )هذه استعارة في الشفقة والرحمة بهما والتذلل لهما تذلل الرعية للأمير والعبيد للسادة، والذل: هو اللين. والذلول من الدواب المنقاد السهل دون الصعب، فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة، في أقواله وسكناته ونظره، ولا يُحِدّ إليهما بصره فإن تلك هي نظرة الغاضب: وقل رب ارحمهما أمر تعالى عباده بالترحم على آبائهم والدعاء لهم، وأن ترحمهما كما رحماك وتَرْفُق بهما كما رفقا بك؛ إذ وَلياكَ صغيرًا جاهلاً محتاجًا فآثراك على أنفسهما، وأسهرا ليلهما، وجاعا وأشبعاك، وتعريا وكَسَواك، فلا تجزيهما إلا أن يبلغها من الكبر الحدّ الذي كنت فيه من الصغر، فتَلى منهما ما وَليا منك، ويكون لهما حينئذ فضل التقدم، كما ربياني صغيرا خص التربية بالذكر ليتذكر العبد شفقة الأبوين وتعبهما في التربية، فيزيده ذلك إشفاقًا لهما وحنانًا عليهما.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا يحب العقوق. {صحيح الجامع 1849}.
العقوق: العق هو الشق والقطع، وهو ضد البر، والمراد به صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل، فالوالدان يحملان أذى ولدهما وهو صغير راجين حياته.
وعقوق الوالدين محرم وهو من أكبر الكبائر، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر... الإشراك بالله، وعقوق الوالدين...". {البخاري- كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر}.
وعقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما.
قال تعالى:( فلا تقل لهما أف )أي: لا تقل لهما ما يكون فيه أدنى تبرم. وعن أبي رجاء العُطاردي قال: ال "أُف" الكلام القَذَع الرديء الخفي.
وقال مجاهد: معناه إذا رأيت منهما في حال الشيخوخة الغائط والبول الذي رأياه منك في الصغر فلا تَقْذَرْهما وتقول: أف. والآية أعم من هذا. ولو علم الله من العقوق شيئًا أردأ من "أف" لَذَكَره. قيل: وإنما صارت قولة "أف" للأبوين أردأ شيء لأنه رَفَضهما رفض كفر النعمة، وجحد التربية وردّ الوصية التي أوصاه في التنزيل.
وقال تعالى: ولا تنهرهما النّهْر: الزجر والغلِظة: وقل لهما قولا كريما أي: لينًا لطيفًا، مثل: يا أبتاه، ويا أماه، ومن غير أن يسميهما ويُكنيهما.
بقلم - ( عدنان الطرشة )
نقلته بتصرف يسير .</div>
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد أمر الله تعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما وخفض الجناح لهما ونهى عن عقوقهما، فقال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء: 23، 24}.
وبر الوالدين يعني طاعتهما في المعروف، وعلى هذا إذا أمرا ولدهما بأمر وجبت طاعتهما فيه، إذا لم يكن ذلك الأمر معصية.
ولا يختص بر الوالدين بأن يكونا مسلمين، بل إن كانا كافرين يبرهما ويحسن إليهما إذا كان لهما عهد، وقوله تعالى: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما خص حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر؛ فألزمه في هذه الحالة مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كلاً عليه، فيحتاجان أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يلياه منه، فلذلك خص هذه الحالة بالذكر.
وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة، وهو السالم عن كل عيب فقال: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه". قيل: مَن يا رسول الله؟ قال "مَن أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة". {أخرجه مسلم- كتاب البر- باب تقديم الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها}.
فالسعيد الذي يبادر اغتنام فرصة برهما لئلا تفوته بموتهما فيندم على ذلك. والشقي مَن عقّهما، لا سيما من بلغه الأمر ببرهما.
قال تعالى: ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة )هذه استعارة في الشفقة والرحمة بهما والتذلل لهما تذلل الرعية للأمير والعبيد للسادة، والذل: هو اللين. والذلول من الدواب المنقاد السهل دون الصعب، فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة، في أقواله وسكناته ونظره، ولا يُحِدّ إليهما بصره فإن تلك هي نظرة الغاضب: وقل رب ارحمهما أمر تعالى عباده بالترحم على آبائهم والدعاء لهم، وأن ترحمهما كما رحماك وتَرْفُق بهما كما رفقا بك؛ إذ وَلياكَ صغيرًا جاهلاً محتاجًا فآثراك على أنفسهما، وأسهرا ليلهما، وجاعا وأشبعاك، وتعريا وكَسَواك، فلا تجزيهما إلا أن يبلغها من الكبر الحدّ الذي كنت فيه من الصغر، فتَلى منهما ما وَليا منك، ويكون لهما حينئذ فضل التقدم، كما ربياني صغيرا خص التربية بالذكر ليتذكر العبد شفقة الأبوين وتعبهما في التربية، فيزيده ذلك إشفاقًا لهما وحنانًا عليهما.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا يحب العقوق. {صحيح الجامع 1849}.
العقوق: العق هو الشق والقطع، وهو ضد البر، والمراد به صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل، فالوالدان يحملان أذى ولدهما وهو صغير راجين حياته.
وعقوق الوالدين محرم وهو من أكبر الكبائر، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر... الإشراك بالله، وعقوق الوالدين...". {البخاري- كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر}.
وعقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما.
قال تعالى:( فلا تقل لهما أف )أي: لا تقل لهما ما يكون فيه أدنى تبرم. وعن أبي رجاء العُطاردي قال: ال "أُف" الكلام القَذَع الرديء الخفي.
وقال مجاهد: معناه إذا رأيت منهما في حال الشيخوخة الغائط والبول الذي رأياه منك في الصغر فلا تَقْذَرْهما وتقول: أف. والآية أعم من هذا. ولو علم الله من العقوق شيئًا أردأ من "أف" لَذَكَره. قيل: وإنما صارت قولة "أف" للأبوين أردأ شيء لأنه رَفَضهما رفض كفر النعمة، وجحد التربية وردّ الوصية التي أوصاه في التنزيل.
وقال تعالى: ولا تنهرهما النّهْر: الزجر والغلِظة: وقل لهما قولا كريما أي: لينًا لطيفًا، مثل: يا أبتاه، ويا أماه، ومن غير أن يسميهما ويُكنيهما.
بقلم - ( عدنان الطرشة )
نقلته بتصرف يسير .</div>