زاد الرحيل
09 Jul 2008, 08:17 AM
هل ضعف إيمانك ؟! لنقراء إذن هذه السطور
.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه واقتفى أثره إلى يوم الدين ، أما بعد :
فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- " قال الله -عز وجل- : أعددت لعبادي ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . فاقرءوا إن شئتم : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرةِ أعين) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
.
.
.
قال الإمام ابن القيم-رحمه الله- :
فإن سألت عن أرضها و تربتها فهي المسك و الزعفران
و إن سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن
و ان سألت عن بلاطها فهو المسك الاذفر
و إن سألت عن حصبائها فهو اللؤلؤ و الجوهر
و إن سألت عن بنائها فلبنة من فضة و لبنة من ذهب
و إن سألت عن أشجارها فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب و فضة لا من الحطب و الخشب و إن سألت عن ثمرها فأمثال القلال ألين من الزبد وأحلى من العسل
و إن سألت عن ورقها فأحسن ما يكون من رقائق الحلل
و إن سألت عن أنهارها فانهار من لبن لم يتغير طعمه و انهار من خمر لذة للشاربين و انهار من عسل مصفى
و إن سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون و لحم طير مما يشتهون
و إن سألت عن شرابهم فالتسنيم و الزنجبيل و الكافور
و إن سألت عن أنيتهم فانية الذهب و الفضة في صفاء القوارير
و إن سألت عن سعة أبوابها فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام و ليأتين عليه يوم و هو كظيظ من الزحام
و إن سألت عن تصفيق الرياح لأشجارها فإنها تستفز بالطرب لمن يسمعها
و إن سألت عن ظلها ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها
و إن سألت عن سعتها فأدنى أهلها يسير في ملكه و سرره و قصوره و بساتينه مسيرة ألفي عام
و إن سألت عن خيامها و قبابها فالخيمة الواحدة من درة مجوفة طولها ستون ميلا من تلك الخيام
و إن سألت عن علاليها وقصورها فهي غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار
و إن سألت عن ارتفاعها فانظر إلى الكوكب الطالع أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار
و إن سألت عن لباس أهلها فهو الحرير و الذهب
و إن سألت عن فرشها فبطائنها من إستبرق مفروشة في أعلى الرتب
و إن سألت عن أرائكها فهي الأسرة عليها البشخانات و هي الحجال مزررة بأزرار الذهب فما لها من فروج و لا خلال
و إن سألت عن وجوه أهلها و حسنهم فعلى صورة القمر
وان سألت عن أسنانهم فأبناء ثلاث و ثلاثين على صورة آدم عليه السلام أبي البشر
وإن سألت عن سماعهم فغناء أزواجهم من الحور العين و أعلى منه سماع أصوات الملائكة و النبيين و أعلى منهما خطاب رب العالمين
و إن سألت عن مطاياهم التي يتزاورون عليها فنجائب إن شاء الله مما شاء يسير بهم حيث شاؤوا من الجنان
و إن سألت عن حليهم و شارتهم فأساور الذهب و اللؤلؤ على الرؤوس ملابس التيجان
و إن سألت عن غلمانهم فولدان مخلدون كأنهم لؤلؤ مكنون
و إن سألت عن عرائسهم و أزواجهم فهن الكواعب الأتراب اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب فللورد و التفاح ما لبسته الخدود و للرمان ما تضمنته النهود و اللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور و للرقة
و اللطافة ما دارت عليه الخصور تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت و يضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت إذا قابلت حبها فقل ما تشاء في تقابل النيرين و إذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبين
و إن ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين يرى وجهه في صحن خدها كما يرى في المرآة التي جلاها صيقلها و يرى مخ ساقها من وراء اللحم و لا يستره جلدها و لا عظمها و لا حللها لو اطلعت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحا و لاستنطقت أفواه الخلائق تهليلا و تكبيرا و تسبيحا و لتزخرف لها ما بين الخافقين و لا غمضت عن غيرها كل عين و لطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم و لامن من على ظهرها بالله الحي القيوم و نصيفها على رأسها خير من الدينا و ما فيها و وصالها اشهى إليه من جميع امانيها لا تزداد على طول الاحقاب إلا حسنا و جمالا و لا يزداد لها طول المدى إلا محبة و وصالا مبرأة من الحبل و الولادة و الحيض و النفاس مطهرة من المخاط و البصاق و البول و الغائط و سائر الأدناس لا يفنى شبابها و لا تبلى ثيابها و لا يخلق ثوب جمالها و لا يمل طيب وصالها قد قصرت طرفها على زوجها فلا تطمح لأحد سواه و قصر طرفه عليها فهي غاية أمنيته و هواه إن نظر إليها سرته و إن أمرها بطاعته أطاعته و إن غاب عنها حفظته فهو معها في غاية الأماني و الأمان هذا و لم يطمثها قبله انس و لا جان كلما نظر إليها ملأت قلبه سرورا و كلما حدثته ملأت أذنه لؤلؤا منظوراً ومنثورا و إذا برزت ملأت القصر والغرفة نورا
و إن سألت عن السن فأتراب في اعدل سن الشباب
و إن سألت عن الحسن فهل رأيت الشمس و القمر
و إن سألت عن الحدق فأحسن سواد في أصفى بياض في أحسن حور
و إن سألت عن القدود فهل رأيت أحسن الأغصان
و إن سألت عن النهود فهن الكواعب نهودهن كألطف الرمان
و إن سألت عن اللون فكأنه الياقوت و المرجان
و إن سألت عن حسن الخلق فهن الخيرات الحسان اللاتي جمع لهن بين الحسن و الاحسان فأعطين جمال الباطن والظاهر فهن أفراح النفوس قرة النواظر
و إن سألت عن حسن العشرة و لذة ما هنالك فهن العرب المتحببات إلى الأزواج بلطافة التبعل التي تمتزج بالروح أي امتزاج فما ظنك بامرأة إذا ضحكت في وجه زوجها أضاءت الجنة من ضحكها و إذا انتقلت من قصر إلى قصر قلت هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها و إذا حاضرت زوجها فيا حسن تلك المحاضرة و إن خاصرته فيا لذة تلك المعانقة و المخاصرة
و حديثها السحر الحلال لو أنه *** لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل و ان هي حدثت *** ود المحدث انها لم توجز
و إن غنت فيالذة الأبصار و الاسماع و إن أنست و أمتعت فيا حبذا تلك المؤانسة و الإمتاع و أن قبلت فلا شيء أشهى إليه من ذلك التقبيل و إن نولت فلا ألذ و لا أطيب من ذلك التنويل هذا و إن سألت عن يوم المزيد وزيادة العزيز الحميد و رؤية وجهه المنزه عن التمثيل و التشبيه كما ترى الشمس في الظهيرة و القمر ليلة البدر كما تواتر عن الصادق المصدوق النقل فيه و ذلك موجود في الصحاح و السنن و المسانيد من رواية جرير و صهيب و انس و أبي هريرة وأبي موسى و أبي سعيد فاستمع يوم ينادي المنادي يا أهل الجنة إن ربكم تبارك و تعالى يستزيركم فحي على زيارته فيقولون سمعا و طاعة و ينهضون إلى الزيارة مبادرين فإذا بالنجائب قد أعدت لهم فيستوون على ظهورها مسرعين حتى إذا انتهوا إلى الوادي الافيح الذي جعل لهم موعدا و جمعوا هناك فلم يغادر الداعي منهم أحدا امر الرب تبارك و تعالى بكرسيه فنصب هناك ثم نصبت لهم منابر من نور و منابر من لؤلؤ و منابر من زبرجد و منابر من ذهب و منابر من فضة و جلس أدناهم و حاشاهم أن يكون فيهم دنيء على كثبان المسك وما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا حتى إذا استقرت بهم مجالسهم و اطمأنت بهم أماكنهم نادى المنادي يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون ما هو الم يبيض وجوهنا و يثقل موازيننا و يدخلنا الجنة و يزحزحنا عن النار فبينما هم كذلك إذ سطع لهم نور أشرقت له الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه قد أشرف عليهم من فوقهم و قال يا أهل الجنة سلام عليكم فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم اللهم أنت السلام و منك السلام تباركت يا ذا الجلال و الإكرام فيتجلى لهم الرب تبارك و تعالى يضحك إليهم و يقول يا أهل الجنة فيكون أول ما يسمعونه منه تعالى أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب و لم يروني فهذا يوم المزيد فيجتمعون على كلمة واحدة أن قد رضينا
فأرض عنا فيقول يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي هذا يوم المزيد فاسألوني فيجتمعون على كلمة واحدة أرنا وجهك ننظر إليه فيكشف لهم الرب جل جلاله الحجب و يتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله تعالى قضى أن لا يحترقوا لاحترقوا ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تعالى محاضرة حتى أنه ليقول يا فلان أتذكر يوم فعلت كذا و كذا يذكره ببعض غدراته في الدنيا فيقول يا رب ألم تغفر لي فيقول بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه فيا لذة الأسماع بتلك المحاضرة و يا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجه الكريم في الدار الآخرة و يا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة وجوه يوم ناضرة إلى ربها ناظرة و وجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة
فحي على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى و فيها المخيم
و لكننا سبي العدو فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا و نسلم
من كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح
ابن قيم الجوزية
.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه واقتفى أثره إلى يوم الدين ، أما بعد :
فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- " قال الله -عز وجل- : أعددت لعبادي ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . فاقرءوا إن شئتم : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرةِ أعين) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
.
.
.
قال الإمام ابن القيم-رحمه الله- :
فإن سألت عن أرضها و تربتها فهي المسك و الزعفران
و إن سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن
و ان سألت عن بلاطها فهو المسك الاذفر
و إن سألت عن حصبائها فهو اللؤلؤ و الجوهر
و إن سألت عن بنائها فلبنة من فضة و لبنة من ذهب
و إن سألت عن أشجارها فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب و فضة لا من الحطب و الخشب و إن سألت عن ثمرها فأمثال القلال ألين من الزبد وأحلى من العسل
و إن سألت عن ورقها فأحسن ما يكون من رقائق الحلل
و إن سألت عن أنهارها فانهار من لبن لم يتغير طعمه و انهار من خمر لذة للشاربين و انهار من عسل مصفى
و إن سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون و لحم طير مما يشتهون
و إن سألت عن شرابهم فالتسنيم و الزنجبيل و الكافور
و إن سألت عن أنيتهم فانية الذهب و الفضة في صفاء القوارير
و إن سألت عن سعة أبوابها فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام و ليأتين عليه يوم و هو كظيظ من الزحام
و إن سألت عن تصفيق الرياح لأشجارها فإنها تستفز بالطرب لمن يسمعها
و إن سألت عن ظلها ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها
و إن سألت عن سعتها فأدنى أهلها يسير في ملكه و سرره و قصوره و بساتينه مسيرة ألفي عام
و إن سألت عن خيامها و قبابها فالخيمة الواحدة من درة مجوفة طولها ستون ميلا من تلك الخيام
و إن سألت عن علاليها وقصورها فهي غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار
و إن سألت عن ارتفاعها فانظر إلى الكوكب الطالع أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار
و إن سألت عن لباس أهلها فهو الحرير و الذهب
و إن سألت عن فرشها فبطائنها من إستبرق مفروشة في أعلى الرتب
و إن سألت عن أرائكها فهي الأسرة عليها البشخانات و هي الحجال مزررة بأزرار الذهب فما لها من فروج و لا خلال
و إن سألت عن وجوه أهلها و حسنهم فعلى صورة القمر
وان سألت عن أسنانهم فأبناء ثلاث و ثلاثين على صورة آدم عليه السلام أبي البشر
وإن سألت عن سماعهم فغناء أزواجهم من الحور العين و أعلى منه سماع أصوات الملائكة و النبيين و أعلى منهما خطاب رب العالمين
و إن سألت عن مطاياهم التي يتزاورون عليها فنجائب إن شاء الله مما شاء يسير بهم حيث شاؤوا من الجنان
و إن سألت عن حليهم و شارتهم فأساور الذهب و اللؤلؤ على الرؤوس ملابس التيجان
و إن سألت عن غلمانهم فولدان مخلدون كأنهم لؤلؤ مكنون
و إن سألت عن عرائسهم و أزواجهم فهن الكواعب الأتراب اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب فللورد و التفاح ما لبسته الخدود و للرمان ما تضمنته النهود و اللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور و للرقة
و اللطافة ما دارت عليه الخصور تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت و يضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت إذا قابلت حبها فقل ما تشاء في تقابل النيرين و إذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبين
و إن ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين يرى وجهه في صحن خدها كما يرى في المرآة التي جلاها صيقلها و يرى مخ ساقها من وراء اللحم و لا يستره جلدها و لا عظمها و لا حللها لو اطلعت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحا و لاستنطقت أفواه الخلائق تهليلا و تكبيرا و تسبيحا و لتزخرف لها ما بين الخافقين و لا غمضت عن غيرها كل عين و لطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم و لامن من على ظهرها بالله الحي القيوم و نصيفها على رأسها خير من الدينا و ما فيها و وصالها اشهى إليه من جميع امانيها لا تزداد على طول الاحقاب إلا حسنا و جمالا و لا يزداد لها طول المدى إلا محبة و وصالا مبرأة من الحبل و الولادة و الحيض و النفاس مطهرة من المخاط و البصاق و البول و الغائط و سائر الأدناس لا يفنى شبابها و لا تبلى ثيابها و لا يخلق ثوب جمالها و لا يمل طيب وصالها قد قصرت طرفها على زوجها فلا تطمح لأحد سواه و قصر طرفه عليها فهي غاية أمنيته و هواه إن نظر إليها سرته و إن أمرها بطاعته أطاعته و إن غاب عنها حفظته فهو معها في غاية الأماني و الأمان هذا و لم يطمثها قبله انس و لا جان كلما نظر إليها ملأت قلبه سرورا و كلما حدثته ملأت أذنه لؤلؤا منظوراً ومنثورا و إذا برزت ملأت القصر والغرفة نورا
و إن سألت عن السن فأتراب في اعدل سن الشباب
و إن سألت عن الحسن فهل رأيت الشمس و القمر
و إن سألت عن الحدق فأحسن سواد في أصفى بياض في أحسن حور
و إن سألت عن القدود فهل رأيت أحسن الأغصان
و إن سألت عن النهود فهن الكواعب نهودهن كألطف الرمان
و إن سألت عن اللون فكأنه الياقوت و المرجان
و إن سألت عن حسن الخلق فهن الخيرات الحسان اللاتي جمع لهن بين الحسن و الاحسان فأعطين جمال الباطن والظاهر فهن أفراح النفوس قرة النواظر
و إن سألت عن حسن العشرة و لذة ما هنالك فهن العرب المتحببات إلى الأزواج بلطافة التبعل التي تمتزج بالروح أي امتزاج فما ظنك بامرأة إذا ضحكت في وجه زوجها أضاءت الجنة من ضحكها و إذا انتقلت من قصر إلى قصر قلت هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها و إذا حاضرت زوجها فيا حسن تلك المحاضرة و إن خاصرته فيا لذة تلك المعانقة و المخاصرة
و حديثها السحر الحلال لو أنه *** لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل و ان هي حدثت *** ود المحدث انها لم توجز
و إن غنت فيالذة الأبصار و الاسماع و إن أنست و أمتعت فيا حبذا تلك المؤانسة و الإمتاع و أن قبلت فلا شيء أشهى إليه من ذلك التقبيل و إن نولت فلا ألذ و لا أطيب من ذلك التنويل هذا و إن سألت عن يوم المزيد وزيادة العزيز الحميد و رؤية وجهه المنزه عن التمثيل و التشبيه كما ترى الشمس في الظهيرة و القمر ليلة البدر كما تواتر عن الصادق المصدوق النقل فيه و ذلك موجود في الصحاح و السنن و المسانيد من رواية جرير و صهيب و انس و أبي هريرة وأبي موسى و أبي سعيد فاستمع يوم ينادي المنادي يا أهل الجنة إن ربكم تبارك و تعالى يستزيركم فحي على زيارته فيقولون سمعا و طاعة و ينهضون إلى الزيارة مبادرين فإذا بالنجائب قد أعدت لهم فيستوون على ظهورها مسرعين حتى إذا انتهوا إلى الوادي الافيح الذي جعل لهم موعدا و جمعوا هناك فلم يغادر الداعي منهم أحدا امر الرب تبارك و تعالى بكرسيه فنصب هناك ثم نصبت لهم منابر من نور و منابر من لؤلؤ و منابر من زبرجد و منابر من ذهب و منابر من فضة و جلس أدناهم و حاشاهم أن يكون فيهم دنيء على كثبان المسك وما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا حتى إذا استقرت بهم مجالسهم و اطمأنت بهم أماكنهم نادى المنادي يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون ما هو الم يبيض وجوهنا و يثقل موازيننا و يدخلنا الجنة و يزحزحنا عن النار فبينما هم كذلك إذ سطع لهم نور أشرقت له الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه قد أشرف عليهم من فوقهم و قال يا أهل الجنة سلام عليكم فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم اللهم أنت السلام و منك السلام تباركت يا ذا الجلال و الإكرام فيتجلى لهم الرب تبارك و تعالى يضحك إليهم و يقول يا أهل الجنة فيكون أول ما يسمعونه منه تعالى أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب و لم يروني فهذا يوم المزيد فيجتمعون على كلمة واحدة أن قد رضينا
فأرض عنا فيقول يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي هذا يوم المزيد فاسألوني فيجتمعون على كلمة واحدة أرنا وجهك ننظر إليه فيكشف لهم الرب جل جلاله الحجب و يتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله تعالى قضى أن لا يحترقوا لاحترقوا ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تعالى محاضرة حتى أنه ليقول يا فلان أتذكر يوم فعلت كذا و كذا يذكره ببعض غدراته في الدنيا فيقول يا رب ألم تغفر لي فيقول بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه فيا لذة الأسماع بتلك المحاضرة و يا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجه الكريم في الدار الآخرة و يا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة وجوه يوم ناضرة إلى ربها ناظرة و وجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة
فحي على جنات عدن فإنها *** منازلك الأولى و فيها المخيم
و لكننا سبي العدو فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا و نسلم
من كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح
ابن قيم الجوزية