الصادقه 1
18 Aug 2008, 01:53 PM
بسمك اللهم
روى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك
قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ساعةٍ ما كان يأتيه فيها متغيّر اللون،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
(( مالي أراك متغير اللون ))
فقال: يا محمد جئتُكَ في الساعة التي أمر الله بمنافخ النار أن تنفخ فيها، ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق، و أن النار حق، وأن عذاب القبر حق، وأن عذاب الله أكبر أنْ تقرّ عينه حتى يأمنها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
((يا جبريل صِف لي جهنم ))
قال: نعم، إن الله تعالى لمّا خلق جهنم أوقد عليها ألف سنة فاحْمَرّت، ثم أوقد عليها ألف سنة فابْيَضّت، ثم أوقد عليها ألف سنة فاسْوَدّت، فهي سوداء مُظلمة لا ينطفئ لهبها ولا جمرها .
والذي بعثك بالحق، لو أن خُرْم إبرة فُتِحَ منها لاحترق أهل الدنيا عن آخرهم من حرّها ..
والذي بعثك بالحق، لو أن ثوباً من أثواب أهل النار عَلِقَ بين السماء و الأرض،
لمات جميع أهل الأرض من نَتَنِهَا و حرّها عن آخرهم لما يجدون من حرها ..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أن ذراعاً من السلسلة التي ذكرها الله تعالى في كتابه وُضِع على جبلٍ لَذابَ حتى يبلُغ الأرض السابعة ..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أنّ رجلاً بالمغرب يُعَذّب لاحترق الذي بالمشرق من شدة عذابها ..
حرّها شديد ، و قعرها بعيد ، و حليها حديد ، و شرابها الحميم و الصديد ، و ثيابها مقطعات النيران ، لها سبعة أبواب، لكل باب منهم جزءٌ مقسومٌ من الرجال والنساء .
فقال صلى الله عليه وسلم:
(( أهي كأبوابنا هذه ؟! ))
قال: لا ، ولكنها مفتوحة، بعضها أسفل من بعض،
من باب إلى باب مسيرة سبعين سنة، كل باب منها أشد حراً من الذي يليه سبعين ضعفاً ،
يُساق أعداء الله إليها فإذا انتهوا إلى بابها استقبلتهم الزبانية بالأغلال و السلاسل،
فتسلك السلسلة في فمه وتخرج من دُبُرِه ،
وتُغَلّ يده اليسرى إلى عنقه،
وتُدخَل يده اليمنى في فؤاده، وتُنزَع من بين كتفيه ، وتُشدّ بالسلاسل،
ويُقرّن كل آدمي مع شيطان في سلسلة ،
ويُسحَبُ على وجهه ،
وتضربه الملائكة بمقامع من حديد، كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أُعيدوا فيها .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(( مَنْ سكّان هذه الأبواب ؟! ))
فقال:
أما الباب الأسفل ففيه المنافقون، ومَن كفر مِن أصحاب المائدة، وآل فرعون ، و اسمها الهاوية ..
و الباب الثاني فيه المشركون و اسمه الجحيم ..
و الباب الثالث فيه الصابئون و اسمه سَقَر ..
و الباب الرابع فيه ابليس و من تَبِعَهُ ، و المجوس ، و اسمه لَظَى ..
و الباب الخامس فيه اليهود و اسمه الحُطَمَة ..
و الباب السادس فيه النصارى و اسمه العزيز ،
ثم أمسكَ جبريلُ حياءً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له عليه السلام:
((ألا تخبرني من سكان الباب السابع ؟ ))
فقال:
فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا و لم يتوبوا .
فخَرّ النبي صلى الله عليه وسلم مغشيّاً عليه،
فوضع جبريل رأسه على حِجْرِه حتى أفاق،
فلما أفاق قال عليه الصلاة و السلام:
(( يا جبريل عَظُمَتْ مصيبتي ،
و اشتدّ حزني ، أَوَ يدخل أحدٌ من أمتي النار ؟؟؟ ))
قال: نعم ، أهل الكبائر من أمتك . .
ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
و بكى جبريل ..
و دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزله و احتجب عن الناس ،
فكان لا يخرج إلا إلى الصلاة يصلي و يدخل و لا يكلم أحداً، يأخذ في الصلاة يبكي و يتضرّع إلى الله تعالى .
فلما كان اليوم الثالث ،
أقبل أبو بكر رضي الله عنه حتى وقف بالباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة،
هل إلى رسول الله من سبيل ؟
فلم يُجبه أحد فتنحّى باكياً. .
فأقبل عمر رضي الله عنه فوقف بالباب
و قال: السلام
عليكم يا أهل بيت الرحمة،
هل إلى رسول الله من سبيل ؟
فلم يُجبه أحد فتنحّى يبكي. .
فأقبل سلمان الفارسي حتى وقف بالباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة،
هل إلى مولاي رسول الله من سبيل ؟
فأقبل يبكي مرة، ويقع مرة،
ويقوم أخرى حتى أتى بيت فاطمة ووقف بالباب
ثم قال: السلام عليك يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وكان علي رضي الله عنه غائباً ،
فقال: يا ابنة رسول الله ،
إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد احتجب عن الناس فليس يخرج إلا إلى الصلاة فلا يكلم أحداً و لا يأذن لأحدٍ في الدخول ..
فاشتملت فاطمة بعباءة قطوانية و أقبلت حتى وقفت على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سلّمت و قالت :
يا رسول الله أنا فاطمة ،
ورسول الله ساجدٌ يبكي، فرفع رأسه و قال:
( ما بال قرة عيني فاطمة حُجِبَت عني ؟
افتحوا لها الباب ))
ففتح لها الباب فدخلت ،
فلما نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكت بكاءً شديداً لما رأت من حاله مُصفرّاً متغيراً قد ذاب لحم وجهه من البكاء و الحزن ،
فقالت: يا رسول الله ما الذي نزل عليك ؟!
فقال: (( يا فاطمة جاءني جبريل و وصف لي أبواب جهنم ، و أخبرني أن في أعلى بابها أهل الكبائر من أمتي ، فذلك الذي أبكاني و أحزنني ))
قالت: يا رسول الله كيف يدخلونها ؟!
قال: (( بلى تسوقهم الملائكة إلى النار ، و لا تَسْوَدّ وجوههم ، و لا تَزْرَقّ أعينهم ، و لا يُخْتَم على أفواههم ، و لا يقرّنون مع الشياطين ، و لا يوضع عليهم السلاسل و الأغلال ))
قالت: يا رسول الله كيف تقودهم الملائكة ؟!
قال: (( أما الرجال فباللحى، و أما النساء فبالذوائب و النواصي .. فكم من ذي شيبةٍ من أمتي يُقبَضُ على لحيته وهو ينادي: واشَيْبتاه واضعفاه ، و كم من شاب قد قُبض على لحيته ، يُساق إلى النار وهو ينادي: واشباباه واحُسن صورتاه ، و كم من امرأة من أمتي قد قُبض على ناصيتها تُقاد إلى النار و هي تنادي: وافضيحتاه واهتك ستراه ، حتى يُنتهى بهم إلى مالك ، فإذا نظر إليهم مالك قال للملائكة: من هؤلاء ؟
فما ورد عليّ من الأشقياء أعجب شأناً من هؤلاء ،
لم تَسْوَدّ وجوههم ولم تَزرقّ أعينهم و لم يُختَم على أفواههم و لم يُقرّنوا مع الشياطين و لم توضع السلاسل و الأغلال في أعناقهم !!
فيقول الملائكة: هكذا أُمِرنا أن نأتيك بهم على هذه الحالة ..
فيقول لهم مالك: يا معشر الأشقياء من أنتم ؟!
وروي في خبر آخر :
أنهم لما قادتهم الملائكة قالوا : وامحمداه ، فلما رأوا مالكاً نسوا اسم محمد صلى الله عليه وسلم من هيبته ، فيقول لهم : من أنتم؟
فيقولون: نحن ممن أُنزل علينا القرآن،
ونحن ممن يصوم رمضان .
فيقول لهم مالك: ما أُنزل القرآن إلا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ،
فإذا سمعوا اسم محمد صاحوا :
نحن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
فيقول لهم مالك : أما كان لكم في القرآن زاجرٌ عن
معاصي الله تعالى ..
فإذا وقف بهم على شفير جهنم، ونظروا إلى النار وإلى الزبانية
قالوا: يا مالك ائذن لنا نبكي على أنفسنا ،
فيأذن لهم ،
فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم دموع ،
فيبكون الدم ،
فيقول مالك: ما أحسن هذا البكاء لو كان في الدنيا، فلو كان في الدنيا من خشية الله ما مسّتكم النار اليوم ..
فيقول مالك للزبانية :
ألقوهم .. ألقوهم في النار
فإذا أُلقوا في النار نادوا بأجمعهم :
لا إله إلا الله ،
فترجع النار عنهم ،
فيقول مالك: يا نار خذيهم،
فتقول : كيف آخذهم و هم يقولون لا إله إلا الله؟
فيقول مالك: نعم، بذلك أمر رب العرش، فتأخذهم ،
فمنهم من تأخذه إلى قدميه، ومنهم من تأخذه إلى
ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من تأخذه إلى حلقه، فإذا أهوت النار إلى وجهه
قال مالك: لا تحرقي وجوههم فطالما سجدوا للرحمن في الدنيا،
و لا تحرقي قلوبهم فلطالما عطشوا في شهر رمضان ..
فيبقون ما شاء الله فيها ،
ويقولون:
يا أرحم الراحمين
يا
حنّان يا منّان،
فإذا أنفذ الله تعالى حكمه قال:
يا جبريل
ما فعل العاصون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فيقول: اللهم أنت أعلم بهم .
فيقول انطلق فانظر ما حالهم .
فينطلق جبريل عليه السلام إلى مالك و هو على منبر من نار في وسط جهنم،
فإذا نظر مالك على جبريل عليه السلام قام تعظيماً له ، فيقول له يا جبريل :
ماأدخلك هذا الموضع ؟
فيقول: ما فَعَلْتَ بالعصابة العاصية من أمة محمد ؟
فيقول مالك: ما أسوأ حالهم و أضيَق مكانهم،قد أُحرِقَت
أجسامهم، و أُكِلَت لحومهم، وبقِيَت وجوههم و قلوبهم يتلألأ فيها الإيمان .
فيقول جبريل: ارفع الطبق عنهم حتى انظر إليهم .
قال فيأمر مالك الخَزَنَة فيرفعون الطبق عنهم،
فإذا نظروا إلى جبريل وإلى حُسن خَلقه،
علموا أنه ليس من ملائكة العذاب
فيقولون : من هذا العبد الذي لم نر أحداً قط أحسن منه ؟
فيقول مالك : هذا جبريل الكريم الذي كان يأتي محمداً
صلى الله عليه وسلم بالوحي ،
فإذا سمعوا ذِكْر محمد
صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم:
يا جبريل أقرئ محمداً صلى الله عليه وسلم منا السلام،
وأخبره أن معاصينا فرّقت بيننا وبينك،
وأخبره بسوء حالنا .
فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي الله تعالى ،
فيقول الله تعالى:
كيف رأيت أمة محمد؟
فيقول: يارب ما أسوأ حالهم و أضيق مكانهم .
فيقول: هل سألوك شيئاً ؟
فيقول: يا رب نعم، سألوني
أن أُقرئ نبيّهم منهم السلام و أُخبره بسوء حالهم .
فيقول الله تعالى : انطلق فأخبره
..
فينطلق جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وهو في خيمة من درّة بيضاء لها أربعة آلاف باب،
لكل باب مصراعان من ذهب ،
فيقول: يا محمد . .
قد جئتك من عند العصابة العصاة الذين يُعذّبون من أمتك في النار ،
وهم يُقرِئُونك السلام ويقولون ما أسوأ حالنا،
وأضيق مكاننا .
فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم إلى تحت العرش
فيخرّ ساجداً ويثني على الله تعالى ثناءً لم يثنِ عليه أحد مثله ..
فيقول الله تعالى
: ارفع رأسك ، و سَلْ تُعْطَ ، و اشفع تُشفّع .
فيقول:
(( يا رب الأشقياء من أمتي قد أنفذتَ فيهم
حكمك وانتقمت منهم، فشفّعني فيهم ))
فيقول الله تعالى :
قد شفّعتك فيهم ،
فَأْتِ النار فأخرِج منها من قال لا إله إلا الله .
فينطلق النبي صلىالله عليه وسلم فإذا نظر مالك النبي صلى الله عليه وسلم قام تعظيماً له
فيقول : (( يا مالك ما حال أمتي الأشقياء ؟! ))
فيقول: ما أسوأ حالهم و أضيق مكانهم . فيقول محمد
صلى الله عليه وسلم :
(( افتح الباب و ارفع الطبق ))
، فإذا نظر أصحاب النار إلى محمد صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم
فيقولون: يا محمد ، أَحْرَقت النار جلودنا و أحرقت أكبادنا، فيُخرجهم جميعاً و قد صاروا فحماً قد أكلتهم النار فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى نهر الحيوان ، فيغتسلون منه فيخرجون منه شباباً جُرْدَاً مُرْدَاً مُكحّلين و كأنّ وجوههم مثل القمر ،
مكتوب على جباههم "الجهنّميون عتقاء الرحمن من النار" ،
فيدخلون الجنة فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أُخرجوا منها قالوا :
يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار،
وهو قوله تعالى :
} رُبّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفََرَواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ { [ الحجر:2 ]
*و عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( اذكروا من النار ما شئتم، فلا تذكرون شيئاً إلا وهي أشد منه ))
* و قال:
(( إنّ أَهْوَن أهل النار عذاباً لَرجلٌ في رجليه نعلان من نار ، يغلي منهما دماغه، كأنه مرجل، مسامعه جمر، وأضراسه جمر، و أشفاره لهب النيران، و تخرج أحشاء بطنه من قدميه ، و إنه لَيَرى أنه أشد أهل النار عذاباً، و إنه مِن أهون أهل النار عذاباً ))
* وعن ميمون بن مهران أنه لما نزلت هذه الآية : } وَ إِنَّ جَهَنّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ { [ الحجر:43 ] وضع سلمان يده على رأسه و خرج هارباً ثلاثة أيام ، لا يُقدر عليه حتى جيء به .
اللهم أَجِرْنَا من النار
روى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك
قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ساعةٍ ما كان يأتيه فيها متغيّر اللون،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
(( مالي أراك متغير اللون ))
فقال: يا محمد جئتُكَ في الساعة التي أمر الله بمنافخ النار أن تنفخ فيها، ولا ينبغي لمن يعلم أن جهنم حق، و أن النار حق، وأن عذاب القبر حق، وأن عذاب الله أكبر أنْ تقرّ عينه حتى يأمنها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
((يا جبريل صِف لي جهنم ))
قال: نعم، إن الله تعالى لمّا خلق جهنم أوقد عليها ألف سنة فاحْمَرّت، ثم أوقد عليها ألف سنة فابْيَضّت، ثم أوقد عليها ألف سنة فاسْوَدّت، فهي سوداء مُظلمة لا ينطفئ لهبها ولا جمرها .
والذي بعثك بالحق، لو أن خُرْم إبرة فُتِحَ منها لاحترق أهل الدنيا عن آخرهم من حرّها ..
والذي بعثك بالحق، لو أن ثوباً من أثواب أهل النار عَلِقَ بين السماء و الأرض،
لمات جميع أهل الأرض من نَتَنِهَا و حرّها عن آخرهم لما يجدون من حرها ..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أن ذراعاً من السلسلة التي ذكرها الله تعالى في كتابه وُضِع على جبلٍ لَذابَ حتى يبلُغ الأرض السابعة ..
والذي بعثك بالحق نبياً ، لو أنّ رجلاً بالمغرب يُعَذّب لاحترق الذي بالمشرق من شدة عذابها ..
حرّها شديد ، و قعرها بعيد ، و حليها حديد ، و شرابها الحميم و الصديد ، و ثيابها مقطعات النيران ، لها سبعة أبواب، لكل باب منهم جزءٌ مقسومٌ من الرجال والنساء .
فقال صلى الله عليه وسلم:
(( أهي كأبوابنا هذه ؟! ))
قال: لا ، ولكنها مفتوحة، بعضها أسفل من بعض،
من باب إلى باب مسيرة سبعين سنة، كل باب منها أشد حراً من الذي يليه سبعين ضعفاً ،
يُساق أعداء الله إليها فإذا انتهوا إلى بابها استقبلتهم الزبانية بالأغلال و السلاسل،
فتسلك السلسلة في فمه وتخرج من دُبُرِه ،
وتُغَلّ يده اليسرى إلى عنقه،
وتُدخَل يده اليمنى في فؤاده، وتُنزَع من بين كتفيه ، وتُشدّ بالسلاسل،
ويُقرّن كل آدمي مع شيطان في سلسلة ،
ويُسحَبُ على وجهه ،
وتضربه الملائكة بمقامع من حديد، كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أُعيدوا فيها .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(( مَنْ سكّان هذه الأبواب ؟! ))
فقال:
أما الباب الأسفل ففيه المنافقون، ومَن كفر مِن أصحاب المائدة، وآل فرعون ، و اسمها الهاوية ..
و الباب الثاني فيه المشركون و اسمه الجحيم ..
و الباب الثالث فيه الصابئون و اسمه سَقَر ..
و الباب الرابع فيه ابليس و من تَبِعَهُ ، و المجوس ، و اسمه لَظَى ..
و الباب الخامس فيه اليهود و اسمه الحُطَمَة ..
و الباب السادس فيه النصارى و اسمه العزيز ،
ثم أمسكَ جبريلُ حياءً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له عليه السلام:
((ألا تخبرني من سكان الباب السابع ؟ ))
فقال:
فيه أهل الكبائر من أمتك الذين ماتوا و لم يتوبوا .
فخَرّ النبي صلى الله عليه وسلم مغشيّاً عليه،
فوضع جبريل رأسه على حِجْرِه حتى أفاق،
فلما أفاق قال عليه الصلاة و السلام:
(( يا جبريل عَظُمَتْ مصيبتي ،
و اشتدّ حزني ، أَوَ يدخل أحدٌ من أمتي النار ؟؟؟ ))
قال: نعم ، أهل الكبائر من أمتك . .
ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
و بكى جبريل ..
و دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزله و احتجب عن الناس ،
فكان لا يخرج إلا إلى الصلاة يصلي و يدخل و لا يكلم أحداً، يأخذ في الصلاة يبكي و يتضرّع إلى الله تعالى .
فلما كان اليوم الثالث ،
أقبل أبو بكر رضي الله عنه حتى وقف بالباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة،
هل إلى رسول الله من سبيل ؟
فلم يُجبه أحد فتنحّى باكياً. .
فأقبل عمر رضي الله عنه فوقف بالباب
و قال: السلام
عليكم يا أهل بيت الرحمة،
هل إلى رسول الله من سبيل ؟
فلم يُجبه أحد فتنحّى يبكي. .
فأقبل سلمان الفارسي حتى وقف بالباب و قال: السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة،
هل إلى مولاي رسول الله من سبيل ؟
فأقبل يبكي مرة، ويقع مرة،
ويقوم أخرى حتى أتى بيت فاطمة ووقف بالباب
ثم قال: السلام عليك يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وكان علي رضي الله عنه غائباً ،
فقال: يا ابنة رسول الله ،
إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد احتجب عن الناس فليس يخرج إلا إلى الصلاة فلا يكلم أحداً و لا يأذن لأحدٍ في الدخول ..
فاشتملت فاطمة بعباءة قطوانية و أقبلت حتى وقفت على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سلّمت و قالت :
يا رسول الله أنا فاطمة ،
ورسول الله ساجدٌ يبكي، فرفع رأسه و قال:
( ما بال قرة عيني فاطمة حُجِبَت عني ؟
افتحوا لها الباب ))
ففتح لها الباب فدخلت ،
فلما نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكت بكاءً شديداً لما رأت من حاله مُصفرّاً متغيراً قد ذاب لحم وجهه من البكاء و الحزن ،
فقالت: يا رسول الله ما الذي نزل عليك ؟!
فقال: (( يا فاطمة جاءني جبريل و وصف لي أبواب جهنم ، و أخبرني أن في أعلى بابها أهل الكبائر من أمتي ، فذلك الذي أبكاني و أحزنني ))
قالت: يا رسول الله كيف يدخلونها ؟!
قال: (( بلى تسوقهم الملائكة إلى النار ، و لا تَسْوَدّ وجوههم ، و لا تَزْرَقّ أعينهم ، و لا يُخْتَم على أفواههم ، و لا يقرّنون مع الشياطين ، و لا يوضع عليهم السلاسل و الأغلال ))
قالت: يا رسول الله كيف تقودهم الملائكة ؟!
قال: (( أما الرجال فباللحى، و أما النساء فبالذوائب و النواصي .. فكم من ذي شيبةٍ من أمتي يُقبَضُ على لحيته وهو ينادي: واشَيْبتاه واضعفاه ، و كم من شاب قد قُبض على لحيته ، يُساق إلى النار وهو ينادي: واشباباه واحُسن صورتاه ، و كم من امرأة من أمتي قد قُبض على ناصيتها تُقاد إلى النار و هي تنادي: وافضيحتاه واهتك ستراه ، حتى يُنتهى بهم إلى مالك ، فإذا نظر إليهم مالك قال للملائكة: من هؤلاء ؟
فما ورد عليّ من الأشقياء أعجب شأناً من هؤلاء ،
لم تَسْوَدّ وجوههم ولم تَزرقّ أعينهم و لم يُختَم على أفواههم و لم يُقرّنوا مع الشياطين و لم توضع السلاسل و الأغلال في أعناقهم !!
فيقول الملائكة: هكذا أُمِرنا أن نأتيك بهم على هذه الحالة ..
فيقول لهم مالك: يا معشر الأشقياء من أنتم ؟!
وروي في خبر آخر :
أنهم لما قادتهم الملائكة قالوا : وامحمداه ، فلما رأوا مالكاً نسوا اسم محمد صلى الله عليه وسلم من هيبته ، فيقول لهم : من أنتم؟
فيقولون: نحن ممن أُنزل علينا القرآن،
ونحن ممن يصوم رمضان .
فيقول لهم مالك: ما أُنزل القرآن إلا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ،
فإذا سمعوا اسم محمد صاحوا :
نحن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
فيقول لهم مالك : أما كان لكم في القرآن زاجرٌ عن
معاصي الله تعالى ..
فإذا وقف بهم على شفير جهنم، ونظروا إلى النار وإلى الزبانية
قالوا: يا مالك ائذن لنا نبكي على أنفسنا ،
فيأذن لهم ،
فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم دموع ،
فيبكون الدم ،
فيقول مالك: ما أحسن هذا البكاء لو كان في الدنيا، فلو كان في الدنيا من خشية الله ما مسّتكم النار اليوم ..
فيقول مالك للزبانية :
ألقوهم .. ألقوهم في النار
فإذا أُلقوا في النار نادوا بأجمعهم :
لا إله إلا الله ،
فترجع النار عنهم ،
فيقول مالك: يا نار خذيهم،
فتقول : كيف آخذهم و هم يقولون لا إله إلا الله؟
فيقول مالك: نعم، بذلك أمر رب العرش، فتأخذهم ،
فمنهم من تأخذه إلى قدميه، ومنهم من تأخذه إلى
ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من تأخذه إلى حلقه، فإذا أهوت النار إلى وجهه
قال مالك: لا تحرقي وجوههم فطالما سجدوا للرحمن في الدنيا،
و لا تحرقي قلوبهم فلطالما عطشوا في شهر رمضان ..
فيبقون ما شاء الله فيها ،
ويقولون:
يا أرحم الراحمين
يا
حنّان يا منّان،
فإذا أنفذ الله تعالى حكمه قال:
يا جبريل
ما فعل العاصون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فيقول: اللهم أنت أعلم بهم .
فيقول انطلق فانظر ما حالهم .
فينطلق جبريل عليه السلام إلى مالك و هو على منبر من نار في وسط جهنم،
فإذا نظر مالك على جبريل عليه السلام قام تعظيماً له ، فيقول له يا جبريل :
ماأدخلك هذا الموضع ؟
فيقول: ما فَعَلْتَ بالعصابة العاصية من أمة محمد ؟
فيقول مالك: ما أسوأ حالهم و أضيَق مكانهم،قد أُحرِقَت
أجسامهم، و أُكِلَت لحومهم، وبقِيَت وجوههم و قلوبهم يتلألأ فيها الإيمان .
فيقول جبريل: ارفع الطبق عنهم حتى انظر إليهم .
قال فيأمر مالك الخَزَنَة فيرفعون الطبق عنهم،
فإذا نظروا إلى جبريل وإلى حُسن خَلقه،
علموا أنه ليس من ملائكة العذاب
فيقولون : من هذا العبد الذي لم نر أحداً قط أحسن منه ؟
فيقول مالك : هذا جبريل الكريم الذي كان يأتي محمداً
صلى الله عليه وسلم بالوحي ،
فإذا سمعوا ذِكْر محمد
صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم:
يا جبريل أقرئ محمداً صلى الله عليه وسلم منا السلام،
وأخبره أن معاصينا فرّقت بيننا وبينك،
وأخبره بسوء حالنا .
فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي الله تعالى ،
فيقول الله تعالى:
كيف رأيت أمة محمد؟
فيقول: يارب ما أسوأ حالهم و أضيق مكانهم .
فيقول: هل سألوك شيئاً ؟
فيقول: يا رب نعم، سألوني
أن أُقرئ نبيّهم منهم السلام و أُخبره بسوء حالهم .
فيقول الله تعالى : انطلق فأخبره
..
فينطلق جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وهو في خيمة من درّة بيضاء لها أربعة آلاف باب،
لكل باب مصراعان من ذهب ،
فيقول: يا محمد . .
قد جئتك من عند العصابة العصاة الذين يُعذّبون من أمتك في النار ،
وهم يُقرِئُونك السلام ويقولون ما أسوأ حالنا،
وأضيق مكاننا .
فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم إلى تحت العرش
فيخرّ ساجداً ويثني على الله تعالى ثناءً لم يثنِ عليه أحد مثله ..
فيقول الله تعالى
: ارفع رأسك ، و سَلْ تُعْطَ ، و اشفع تُشفّع .
فيقول:
(( يا رب الأشقياء من أمتي قد أنفذتَ فيهم
حكمك وانتقمت منهم، فشفّعني فيهم ))
فيقول الله تعالى :
قد شفّعتك فيهم ،
فَأْتِ النار فأخرِج منها من قال لا إله إلا الله .
فينطلق النبي صلىالله عليه وسلم فإذا نظر مالك النبي صلى الله عليه وسلم قام تعظيماً له
فيقول : (( يا مالك ما حال أمتي الأشقياء ؟! ))
فيقول: ما أسوأ حالهم و أضيق مكانهم . فيقول محمد
صلى الله عليه وسلم :
(( افتح الباب و ارفع الطبق ))
، فإذا نظر أصحاب النار إلى محمد صلى الله عليه وسلم صاحوا بأجمعهم
فيقولون: يا محمد ، أَحْرَقت النار جلودنا و أحرقت أكبادنا، فيُخرجهم جميعاً و قد صاروا فحماً قد أكلتهم النار فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى نهر الحيوان ، فيغتسلون منه فيخرجون منه شباباً جُرْدَاً مُرْدَاً مُكحّلين و كأنّ وجوههم مثل القمر ،
مكتوب على جباههم "الجهنّميون عتقاء الرحمن من النار" ،
فيدخلون الجنة فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أُخرجوا منها قالوا :
يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار،
وهو قوله تعالى :
} رُبّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفََرَواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ { [ الحجر:2 ]
*و عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(( اذكروا من النار ما شئتم، فلا تذكرون شيئاً إلا وهي أشد منه ))
* و قال:
(( إنّ أَهْوَن أهل النار عذاباً لَرجلٌ في رجليه نعلان من نار ، يغلي منهما دماغه، كأنه مرجل، مسامعه جمر، وأضراسه جمر، و أشفاره لهب النيران، و تخرج أحشاء بطنه من قدميه ، و إنه لَيَرى أنه أشد أهل النار عذاباً، و إنه مِن أهون أهل النار عذاباً ))
* وعن ميمون بن مهران أنه لما نزلت هذه الآية : } وَ إِنَّ جَهَنّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ { [ الحجر:43 ] وضع سلمان يده على رأسه و خرج هارباً ثلاثة أيام ، لا يُقدر عليه حتى جيء به .
اللهم أَجِرْنَا من النار