عناقيد
19 Aug 2008, 05:39 PM
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
ســــــــــــؤال:
مشكلتي هي أني أحب صاحبتي حبّاً شديداً وهي تبادلني بمحبة أكبر ، وأخشى أن يقودنا هذا للتعلق ، أنا إنسانة ملتزمة وطالبة علم ، وهي كذلك ، وأدرس في حلقات قرآن وهي لها أنشطه دعوية كبيرة جدّاً، وأخشى أن يكون حبي لها تعلقاً ، خصوصا وأني أجد بها ما يكمل شخصيتي ، أنا خجولة وانطوائية قليلا ، وهي اجتماعية ومحبوبة من الجميع ، تعرفت عليها منذ سنة تقريبا ، فتألفت قلوبنا سريعاً وأحببنا بعضنا ، وبدأت تبث لي همومها ومشاكلها ، خاصة وأنها لا تجد أحداً من أهلها يستمع لها ، هي تقول : إنها وجدت لدي الحنان والحب ، وعندما نسير مع بعض تمسك يدي بقوة ، أشعر بمشاعر غريبة لذلك أحرص على أن لا تمسك بيدي ولا تتلامس أيدينا ، مكالمتنا يومية ، لكن والله يشهد فيها تواصي على الخير ، فهي توقظني لقيام الليل وتحثني على الصيام ، بل إنها غيرتني وجعلتني أتحمس للدعوة إلى الله ، وبدأت معها بتوزيع الكتب والأشرطة بالكلية وإلقاء المحاضرات ، لكن أخشى من الذنب خصوصا وأن مكالمتنا تكون على الجوال فتأتي فواتيرنا مبالغ كبيرة ، لا أعلم كيف أوضح لك المشكلة وكيف أرتب أفكاري ، لكن مشكلتي أني أفكر بها كثيراً ، وأصبحت لا أستطيع أن أحفظ القرآن كالسابق ، أخشى أنه عقوبة من الله ، أنا فتاة في الرابعة والعشرين من عمري ، غير متزوجة ، ترتيبي بالوسط في عائلتي ، أفتقد الحب والحنان ، بل الأهم : الاهتمام ، ومهمشة من قبلهم ، والدتي ووالدي يفرقون في معاملتهم لنا ، ورغم أنى الآن أصبحت الكبيرة بعد زواج أخواتي الذكور والإناث ، إلا أني مهمشة ؛ لا يستشيروني بأي أمر ، يستشيرون أختي الأصغر سنّاً ويفضلونها عليَّ ، أخواتي جميعهم جميلات ، أما أنا فمتوسطة الجمال ولا أشبه أخواتي ، لذلك دوما يستغربون عندما يعرفون أننا أخوات ، عندما تعرفت على صاحبتي أعادت ثقتي بنفسي ، واكتشفت أن كل إنسان فيه مواطن جمال ، عرفتني على الناس ، أخذت بيدي نحو الأمام ، عندما أكون معها أشعر بقوة كبيرة ، لكن أريد أن يكون حبي لها معتدلاً ، لا إفراط ولا تفريط ، أيضا هي دوما تقول إنها وجدتْ عندي الحب والحنان الذي تفتقده بأسرتها ، رغم أنها أصغر عائلتها ، أتمنى أن يكون حبنا لبعض في الله حبّاً أخويّاً نقيّاً ، لذلك أريد أن أستشيركم ، هل هذا ما يسمى بالإعجاب ، والله العظيم إني أحبها لله ولا أستطيع التفكير فقط في الاستغناء عنها
الجــــــــــــــــــــواب:
الحمد لله
أولاً :
الحب في الله تعالى بين المسلمين من أسمى صفاتهم وأعظم أخلاقهم ، ومما يميزهم عن غيرهم أنهم لا يحبون المرء لماله ولا لجماله ولا لنسبه ، بل يحبونه لله تعالى وفيه ، وقد أوجب الله تعالى محبته لهؤلاء المتحابين فيه ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عظيم منزلتهم يوم القيامة ، حتى إن الأنبياء والشهداء ليغبطونهم على منزلتهم تلك ، وهم تحت ظل عرش الرحمن .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) .
رواه مسلم ( 2566 ) .
عن أبي إدريس الخولاني قال : دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا وإذا الناس معه ، إذا اختلفوا في شيء أسندوا إليه وصدروا عن رأيه ، فسألت عنه : فقيل : هذا معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فلما كان من الغد هجَّرت فوجدته قد سبقني ووجدته يصلي ، قال : فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قبَل وجهه فسلمت عليه ثم قلت : والله إني لأحبك ، فقال : آلله ؟ فقلت : آلله ، فقال : آلله ؟ فقلت : آلله ، قال فأخذ بحبوة ردائي وجذبني إليه وقال : أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل: " وجبت محبتي للمتحابِّين فيَّ ، والمتجالسين فيَّ ، والمتباذلين فيَّ ، والمتزاورين في " .
رواه أحمد ( 21525 ) وصححه ابن حبان ( 2 / 335 ) .
وعن معاذ رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل : " المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء " .
رواه الترمذي ( 2390 ) ، وقال : حديث حسن صحيح .
ثانياً :
للشيطان مدخل واسع من باب الحب في الله ، فقد يوهم كثيرين أنهم يحبون في الله أو لله وهم واقعون في العشق والهيام ، ولو كان بين امرأة وأخرى ، أو رجل وآخر ، وقد تبدأ العلاقة بين الطرفين حبّاً في الله تعالى ، لكنها لا تصمد على هذا لما يعتريه من خلل وإفراط في العلاقة بينهما ، وهذه المحبة التي بينكِ وبين صديقتك ليست محبة في الله لما ترتب عليها من آثار ضارة .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
المحبة النافعة ثلاثة أنواع : محبة الله ، ومحبة في الله ، ومحبة ما يعين على طاعة الله واجتناب معصيته ، والمحبة الضارة ثلاثة أنواع : المحبة مع الله ، ومحبة ما يبغضه الله ، ومحبة تقطع محبته لله أو تنقصها ، فهذه ستة أنواع عليها مدار محاب الخلق .
" إغاثة اللهفان " ( 2 / 140 ) .
وقد تكلم العلماء قديما وحديثاً عن هذا الداء – وهو العشق - ، وبيَّنوا أسبابه ، وخطورته ، ثم قدَّموا علاجه لمن شاء التخلص من هذا المرض العضال .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
العشق هو الإفـراط في المحبة ، بحيث يستولي المعشوق على قلب العاشق ، حتى لا يخلو من تخيُّلِه وذِكره والفكرِ فيه ، بحيث لا يغيب عــن خـاطـره وذهنه ، فعند ذلك تشتغل النفس بالخواطر النفسانية فتتعطل تلك القُوى ، فيحدث بتعطيلها من الآفات على البدن والروح ما يَعُـزُّ دواؤه ويتعذر ، فتتغيّر أفعاله وصفاته ومقاصده ، ويختلُّ جميع ذلك فتعجـز البشر عن صلاحه ... .
والعشق مباديه سهلةٌ حلوةٌ ، وأوسطه همٌّ وشغلُ قلب ، وسقم ، وآخره عَطَبٌ وقتلٌ ...
والذنب له - أي : للعاشق - ، فهو الجاني على نفسه ، وقد قعد تحت المثل السائر : " يداك أوكتا وفوك نفخ " .
" الجواب الكافي " ( ص 153 ) .
ومن قرأ رسالتكِ لم يشك أن العلاقة التي بينكِ صديقتكِ ليست محبة في الله شرعية ، بل هي إعجاب أدى إلى تعلق ثم إلى عشق .
ثالثاً :
للتعلق المذموم هذا أسبابه ، ومن أعظمها ضعف الإيمان بالله تعالى ، والغفلة عن اليوم الآخر ، وخواء القلب من المحبة الشرعية النافعة والمقوية له ، وكثرة الفراغ وعدم الاهتمام بالوقت – ويدل عليه كثرة المكالمات الهاتفية وطولها - ، وعدم وجود القدوة الصالحة في حياة العاشقات ، ولا شك أن للأسرة دوراً في وجود هذه العلاقات المحرمة ؛ وذلك بعدم إشباع عاطفة بناتهم من الحب الأسري ، و بسبب تأخير زواج بناتهم بذرائع فارغة كالدراسة أو العمل ، مما سبَّب انحرافاً في علاقة ابنتهم وهم غافلون .
ولهذا الداء الفتاك آثاره القاتلة على القلب والعقل ، وأعظم من ذلك : أنه قد يوقع في الشرك ؛ وذلك بتقديم رضا المعشوق على رضا الله ، وتقديم طاعته على طاعة الله ورسوله، وقد سجدت إحدى العاشقات عند قدمي معشوقتها لترضى عنها ، بعد أن حصل بينهما خلاف ! .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
وهو أقسام ، وهو تارة يكون كفراً ، كَمَن اتّخذ معشوقه نِدّاً ، يُحبه كما يحب الله ، فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه ؟ فهذا عشقٌ لا يُغفر لصاحبه ، فإنه من أعظم الشرك ، والله لا يغفر أن يشرك به ، وإنما يغفر بالتوبة الماحية ما دون ذلك ، وعلامة هذا العشق الشركي الكفري أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه ، وإذا تعارض عنده حق معشوقه وحقّه وحقّ ربِّه وطاعته قدّم حق معشوقه على حقِّ ربه وآثر رضاه على رضاه ، وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه ، وبذل لربه - إن بذل - أردى ما عنده ، واستفرغ وسعه في مرضاة معشوقه وطاعته والتقرب إليه ، وجعل لربه - إن أطاعه – الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته .
" الجواب الكافي " ( ص 150 ) .
يتبع بإذن الله
ســــــــــــؤال:
مشكلتي هي أني أحب صاحبتي حبّاً شديداً وهي تبادلني بمحبة أكبر ، وأخشى أن يقودنا هذا للتعلق ، أنا إنسانة ملتزمة وطالبة علم ، وهي كذلك ، وأدرس في حلقات قرآن وهي لها أنشطه دعوية كبيرة جدّاً، وأخشى أن يكون حبي لها تعلقاً ، خصوصا وأني أجد بها ما يكمل شخصيتي ، أنا خجولة وانطوائية قليلا ، وهي اجتماعية ومحبوبة من الجميع ، تعرفت عليها منذ سنة تقريبا ، فتألفت قلوبنا سريعاً وأحببنا بعضنا ، وبدأت تبث لي همومها ومشاكلها ، خاصة وأنها لا تجد أحداً من أهلها يستمع لها ، هي تقول : إنها وجدت لدي الحنان والحب ، وعندما نسير مع بعض تمسك يدي بقوة ، أشعر بمشاعر غريبة لذلك أحرص على أن لا تمسك بيدي ولا تتلامس أيدينا ، مكالمتنا يومية ، لكن والله يشهد فيها تواصي على الخير ، فهي توقظني لقيام الليل وتحثني على الصيام ، بل إنها غيرتني وجعلتني أتحمس للدعوة إلى الله ، وبدأت معها بتوزيع الكتب والأشرطة بالكلية وإلقاء المحاضرات ، لكن أخشى من الذنب خصوصا وأن مكالمتنا تكون على الجوال فتأتي فواتيرنا مبالغ كبيرة ، لا أعلم كيف أوضح لك المشكلة وكيف أرتب أفكاري ، لكن مشكلتي أني أفكر بها كثيراً ، وأصبحت لا أستطيع أن أحفظ القرآن كالسابق ، أخشى أنه عقوبة من الله ، أنا فتاة في الرابعة والعشرين من عمري ، غير متزوجة ، ترتيبي بالوسط في عائلتي ، أفتقد الحب والحنان ، بل الأهم : الاهتمام ، ومهمشة من قبلهم ، والدتي ووالدي يفرقون في معاملتهم لنا ، ورغم أنى الآن أصبحت الكبيرة بعد زواج أخواتي الذكور والإناث ، إلا أني مهمشة ؛ لا يستشيروني بأي أمر ، يستشيرون أختي الأصغر سنّاً ويفضلونها عليَّ ، أخواتي جميعهم جميلات ، أما أنا فمتوسطة الجمال ولا أشبه أخواتي ، لذلك دوما يستغربون عندما يعرفون أننا أخوات ، عندما تعرفت على صاحبتي أعادت ثقتي بنفسي ، واكتشفت أن كل إنسان فيه مواطن جمال ، عرفتني على الناس ، أخذت بيدي نحو الأمام ، عندما أكون معها أشعر بقوة كبيرة ، لكن أريد أن يكون حبي لها معتدلاً ، لا إفراط ولا تفريط ، أيضا هي دوما تقول إنها وجدتْ عندي الحب والحنان الذي تفتقده بأسرتها ، رغم أنها أصغر عائلتها ، أتمنى أن يكون حبنا لبعض في الله حبّاً أخويّاً نقيّاً ، لذلك أريد أن أستشيركم ، هل هذا ما يسمى بالإعجاب ، والله العظيم إني أحبها لله ولا أستطيع التفكير فقط في الاستغناء عنها
الجــــــــــــــــــــواب:
الحمد لله
أولاً :
الحب في الله تعالى بين المسلمين من أسمى صفاتهم وأعظم أخلاقهم ، ومما يميزهم عن غيرهم أنهم لا يحبون المرء لماله ولا لجماله ولا لنسبه ، بل يحبونه لله تعالى وفيه ، وقد أوجب الله تعالى محبته لهؤلاء المتحابين فيه ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عظيم منزلتهم يوم القيامة ، حتى إن الأنبياء والشهداء ليغبطونهم على منزلتهم تلك ، وهم تحت ظل عرش الرحمن .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ) .
رواه مسلم ( 2566 ) .
عن أبي إدريس الخولاني قال : دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا وإذا الناس معه ، إذا اختلفوا في شيء أسندوا إليه وصدروا عن رأيه ، فسألت عنه : فقيل : هذا معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فلما كان من الغد هجَّرت فوجدته قد سبقني ووجدته يصلي ، قال : فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قبَل وجهه فسلمت عليه ثم قلت : والله إني لأحبك ، فقال : آلله ؟ فقلت : آلله ، فقال : آلله ؟ فقلت : آلله ، قال فأخذ بحبوة ردائي وجذبني إليه وقال : أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل: " وجبت محبتي للمتحابِّين فيَّ ، والمتجالسين فيَّ ، والمتباذلين فيَّ ، والمتزاورين في " .
رواه أحمد ( 21525 ) وصححه ابن حبان ( 2 / 335 ) .
وعن معاذ رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل : " المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء " .
رواه الترمذي ( 2390 ) ، وقال : حديث حسن صحيح .
ثانياً :
للشيطان مدخل واسع من باب الحب في الله ، فقد يوهم كثيرين أنهم يحبون في الله أو لله وهم واقعون في العشق والهيام ، ولو كان بين امرأة وأخرى ، أو رجل وآخر ، وقد تبدأ العلاقة بين الطرفين حبّاً في الله تعالى ، لكنها لا تصمد على هذا لما يعتريه من خلل وإفراط في العلاقة بينهما ، وهذه المحبة التي بينكِ وبين صديقتك ليست محبة في الله لما ترتب عليها من آثار ضارة .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
المحبة النافعة ثلاثة أنواع : محبة الله ، ومحبة في الله ، ومحبة ما يعين على طاعة الله واجتناب معصيته ، والمحبة الضارة ثلاثة أنواع : المحبة مع الله ، ومحبة ما يبغضه الله ، ومحبة تقطع محبته لله أو تنقصها ، فهذه ستة أنواع عليها مدار محاب الخلق .
" إغاثة اللهفان " ( 2 / 140 ) .
وقد تكلم العلماء قديما وحديثاً عن هذا الداء – وهو العشق - ، وبيَّنوا أسبابه ، وخطورته ، ثم قدَّموا علاجه لمن شاء التخلص من هذا المرض العضال .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
العشق هو الإفـراط في المحبة ، بحيث يستولي المعشوق على قلب العاشق ، حتى لا يخلو من تخيُّلِه وذِكره والفكرِ فيه ، بحيث لا يغيب عــن خـاطـره وذهنه ، فعند ذلك تشتغل النفس بالخواطر النفسانية فتتعطل تلك القُوى ، فيحدث بتعطيلها من الآفات على البدن والروح ما يَعُـزُّ دواؤه ويتعذر ، فتتغيّر أفعاله وصفاته ومقاصده ، ويختلُّ جميع ذلك فتعجـز البشر عن صلاحه ... .
والعشق مباديه سهلةٌ حلوةٌ ، وأوسطه همٌّ وشغلُ قلب ، وسقم ، وآخره عَطَبٌ وقتلٌ ...
والذنب له - أي : للعاشق - ، فهو الجاني على نفسه ، وقد قعد تحت المثل السائر : " يداك أوكتا وفوك نفخ " .
" الجواب الكافي " ( ص 153 ) .
ومن قرأ رسالتكِ لم يشك أن العلاقة التي بينكِ صديقتكِ ليست محبة في الله شرعية ، بل هي إعجاب أدى إلى تعلق ثم إلى عشق .
ثالثاً :
للتعلق المذموم هذا أسبابه ، ومن أعظمها ضعف الإيمان بالله تعالى ، والغفلة عن اليوم الآخر ، وخواء القلب من المحبة الشرعية النافعة والمقوية له ، وكثرة الفراغ وعدم الاهتمام بالوقت – ويدل عليه كثرة المكالمات الهاتفية وطولها - ، وعدم وجود القدوة الصالحة في حياة العاشقات ، ولا شك أن للأسرة دوراً في وجود هذه العلاقات المحرمة ؛ وذلك بعدم إشباع عاطفة بناتهم من الحب الأسري ، و بسبب تأخير زواج بناتهم بذرائع فارغة كالدراسة أو العمل ، مما سبَّب انحرافاً في علاقة ابنتهم وهم غافلون .
ولهذا الداء الفتاك آثاره القاتلة على القلب والعقل ، وأعظم من ذلك : أنه قد يوقع في الشرك ؛ وذلك بتقديم رضا المعشوق على رضا الله ، وتقديم طاعته على طاعة الله ورسوله، وقد سجدت إحدى العاشقات عند قدمي معشوقتها لترضى عنها ، بعد أن حصل بينهما خلاف ! .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
وهو أقسام ، وهو تارة يكون كفراً ، كَمَن اتّخذ معشوقه نِدّاً ، يُحبه كما يحب الله ، فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه ؟ فهذا عشقٌ لا يُغفر لصاحبه ، فإنه من أعظم الشرك ، والله لا يغفر أن يشرك به ، وإنما يغفر بالتوبة الماحية ما دون ذلك ، وعلامة هذا العشق الشركي الكفري أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه ، وإذا تعارض عنده حق معشوقه وحقّه وحقّ ربِّه وطاعته قدّم حق معشوقه على حقِّ ربه وآثر رضاه على رضاه ، وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه ، وبذل لربه - إن بذل - أردى ما عنده ، واستفرغ وسعه في مرضاة معشوقه وطاعته والتقرب إليه ، وجعل لربه - إن أطاعه – الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته .
" الجواب الكافي " ( ص 150 ) .
يتبع بإذن الله