البيان
06 Jul 2004, 01:00 AM
رفقا بالشباب
لقد كان من نتاج الصحوة المباركة أن توافد فئام من الشباب الغض إلى ركاب الصالحين، بل إن عامة أتباع الصحوة اليوم وحاملي لوائها هم من الشباب؛ وليس ذلك بغريب، إذ إن ذلك سنة الله في الأمم السابقة واللاحقة.
وحين يتأمل المصلحون اليوم واقع الشباب يرون أن ثمة ثغرات ومواطن ضعف وخلل لديهم لا بد من علاجها وتسديدها، فينبرون للإصلاح والنصح والتوجيه. ويأخذ معظم الحديث في هذه الدائرة صفة النقد، ومع الحماس وتوقد العاطفة يتحول إلى نقد لاذع؛ كأن يقال: الشباب مهمِلون في جانب العبادة، ومقصرون في الدعوة، ومفرطون في حقوق الأخوة، وضعاف في العلم الشرعي، والتزامهم غير جاد بل مصطنع..
وينصت الشباب الأخيار الأفاضل إلى هذا الحديث الناصح، ينصتون إليه بآذانهم وقلوبهم، وتغرورق عيونهم بالدموع التي يجتهدون في حبسها، وينصرفون داعين لمحدثهم بالسداد والثبات والتوفيق.
إن النقد العلمي الموضوعي المعتدل مطلب لا بد منه، لكن الإفراط في استخدام هذا الأسلوب ينطوي على محاذير عدة، منها:
1 ــ نسيان محاسن هؤلاء الشباب وإيجابياتهم؛ فهم وإن قصروا في قيام الليل إلا أنهم سرعان ما يهبُّون من فراشهم لصلاة الفجر رغم الجهد والتعب، وربما في بيوت لا يستيقظ فيها سواهم، وهم الذين تعففوا عن الحرام في ظل واقع مليء بوسائل الإثارة والإغراء، وهم الذين يتورعون عن الصغائر، ويبادرون بالتوبة من اللمم في حين يفاخر غيرهم بارتكاب الكبائر ويسعون إليها بما أوتوا من سبيل، ومع ذلك كله فشباب الصحوة متفوقون في أعمالهم ودراستهم مع ما يحملونه من هموم الدعوة والإصلاح
2 ــ كثير من الأهداف التي يرتجى تحقيقها من خلال النقد يمكن الوصول إليها بطرق أخرى غير طريق النقد؛ فالحديث عن النماذج في مجال ما من المجالات يشحذ الهمم على التأسي والاقتداء، والحديث عن أهمية أمر من الأمور يأخذ بيد المقصرين فيه.
والإيحاء غير المباشر يفعل فعله في النفوس، ولنا في النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ فحين رأى ابن عمر (رضي الله عنهما) رؤيا وقصها على حفصة؛ فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل".
وعن سليمان بن صرد (رضي الله عنه) قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنــده جلــوس، وأحدهمــا يسب صاحبه مغضبًا قــد احمرَّ وجهــه، فقــال النبي صلى الله عليه وسلم : "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنــه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
3 ــ أن هذا الأسلوب يخرج جيلاً فاقدًا للثقة في نفسه، محطم الآمال، يشعر أنه مجموعة متراكمة من الأخطاء، بل إنه يشكك ربما في صدق انتمائه وصلاحه؛ إذ هو لا يسمع إلا النقد والتقريع، وجيلٌ يعيش هذه النفسية سيكون بعيدًا عن المزاحمة في ميادين العمل والنشاط الخير.
4 ــ أن كثيرًا ممن يمارس هذا الأسلوب قد يوجب ما لا يجب، ويمنع ما لا يلزم منعه، فالنوافل نوافل لا يمكن أن تتحول إلى واجبات لا يعذر بتركها، ودقائق الورع إنما هي مراتب فاضلة للخاصة لا العامة، فعلامَ نؤثِّم من لم يؤثِّمه الشرع؟ ونوجب ما لم يوجبه؟
وهذا لا يعني التخلي عن النقــد، ولا عن بيان الأخطاء والحديث عنها، فقد كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وليكن ذلك بتوازن واعتدال؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم يثني على أفراد من أصحابه في مواقف لا تحصى، وأثنى على قبائل كأسلم وغفار، وأثنى على المهاجرين والأنصار، وعلى أهل اليمن... وغير ذلك كثير.
لقد كان من نتاج الصحوة المباركة أن توافد فئام من الشباب الغض إلى ركاب الصالحين، بل إن عامة أتباع الصحوة اليوم وحاملي لوائها هم من الشباب؛ وليس ذلك بغريب، إذ إن ذلك سنة الله في الأمم السابقة واللاحقة.
وحين يتأمل المصلحون اليوم واقع الشباب يرون أن ثمة ثغرات ومواطن ضعف وخلل لديهم لا بد من علاجها وتسديدها، فينبرون للإصلاح والنصح والتوجيه. ويأخذ معظم الحديث في هذه الدائرة صفة النقد، ومع الحماس وتوقد العاطفة يتحول إلى نقد لاذع؛ كأن يقال: الشباب مهمِلون في جانب العبادة، ومقصرون في الدعوة، ومفرطون في حقوق الأخوة، وضعاف في العلم الشرعي، والتزامهم غير جاد بل مصطنع..
وينصت الشباب الأخيار الأفاضل إلى هذا الحديث الناصح، ينصتون إليه بآذانهم وقلوبهم، وتغرورق عيونهم بالدموع التي يجتهدون في حبسها، وينصرفون داعين لمحدثهم بالسداد والثبات والتوفيق.
إن النقد العلمي الموضوعي المعتدل مطلب لا بد منه، لكن الإفراط في استخدام هذا الأسلوب ينطوي على محاذير عدة، منها:
1 ــ نسيان محاسن هؤلاء الشباب وإيجابياتهم؛ فهم وإن قصروا في قيام الليل إلا أنهم سرعان ما يهبُّون من فراشهم لصلاة الفجر رغم الجهد والتعب، وربما في بيوت لا يستيقظ فيها سواهم، وهم الذين تعففوا عن الحرام في ظل واقع مليء بوسائل الإثارة والإغراء، وهم الذين يتورعون عن الصغائر، ويبادرون بالتوبة من اللمم في حين يفاخر غيرهم بارتكاب الكبائر ويسعون إليها بما أوتوا من سبيل، ومع ذلك كله فشباب الصحوة متفوقون في أعمالهم ودراستهم مع ما يحملونه من هموم الدعوة والإصلاح
2 ــ كثير من الأهداف التي يرتجى تحقيقها من خلال النقد يمكن الوصول إليها بطرق أخرى غير طريق النقد؛ فالحديث عن النماذج في مجال ما من المجالات يشحذ الهمم على التأسي والاقتداء، والحديث عن أهمية أمر من الأمور يأخذ بيد المقصرين فيه.
والإيحاء غير المباشر يفعل فعله في النفوس، ولنا في النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ فحين رأى ابن عمر (رضي الله عنهما) رؤيا وقصها على حفصة؛ فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل".
وعن سليمان بن صرد (رضي الله عنه) قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنــده جلــوس، وأحدهمــا يسب صاحبه مغضبًا قــد احمرَّ وجهــه، فقــال النبي صلى الله عليه وسلم : "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنــه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
3 ــ أن هذا الأسلوب يخرج جيلاً فاقدًا للثقة في نفسه، محطم الآمال، يشعر أنه مجموعة متراكمة من الأخطاء، بل إنه يشكك ربما في صدق انتمائه وصلاحه؛ إذ هو لا يسمع إلا النقد والتقريع، وجيلٌ يعيش هذه النفسية سيكون بعيدًا عن المزاحمة في ميادين العمل والنشاط الخير.
4 ــ أن كثيرًا ممن يمارس هذا الأسلوب قد يوجب ما لا يجب، ويمنع ما لا يلزم منعه، فالنوافل نوافل لا يمكن أن تتحول إلى واجبات لا يعذر بتركها، ودقائق الورع إنما هي مراتب فاضلة للخاصة لا العامة، فعلامَ نؤثِّم من لم يؤثِّمه الشرع؟ ونوجب ما لم يوجبه؟
وهذا لا يعني التخلي عن النقــد، ولا عن بيان الأخطاء والحديث عنها، فقد كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وليكن ذلك بتوازن واعتدال؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم يثني على أفراد من أصحابه في مواقف لا تحصى، وأثنى على قبائل كأسلم وغفار، وأثنى على المهاجرين والأنصار، وعلى أهل اليمن... وغير ذلك كثير.