ناصر السنه
20 Sep 2008, 09:37 AM
السلا م عليكم ورحمة الله وبركاته..
من صفات العبد الرباني التي ذكرها "ابن القيم" في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين"، أنه منفرد في طريق طلبه لا تقيده الرسوم، ولا تملكه العوائد، ولا يفرح بموجود، ولا يحزن على مفقود، من جالسه قرت عينه به، ومن رآه ذكرته رؤيته بالله، قد حمل كله ومؤنته عن الناس، واحتمل أذاهم وكف أذاه عنهم، وبذل لهم نصيحته، وسبل لهم عرضه ونفسه، لا لمعاوضة، ولا لذلة، ولا لعجز".
والله لو كان هذا مجتمعنا لعشنا الجنة في الدنيا، فهذا العبد لا يطلب أي شئ من أحد، كما أنه يحتمل أذى الناس، فهذا يسبه، فيرد جزاكم الله خيرًا، وهذا ينم عليه لا يهمه شئ ..إلخ، السيدة "عائشة" ـ رضي الله عنها ـ عندما أتُهِمَتْ في عرضها، والرسول دخل عليها عندما تعب شهر والناس تتكلم، والرسول يستشير سيدنا "على" ويقول اسأل الجارية، ويسأل سيدنا "زيد"، وأخيرًا قرر أن يواجه السيدة "عائشة"، وكل ذلك وهى مريضة لا تعرف شيئًا، فجلست وقالت: أو تحدث الناس، فقال النبي: نعم. فقالت: أجب يا أبى عني رسول الله. فقال "أبو بكر": والله ما أدرى ماذا أقول لرسول الله؟ فقالت: أجيبي عنى يا أماه.. أجيبي عنى رسول الله. فقالت: والله لا أدرى ماذا أقول لرسول الله. تقول "عائشة": فقرص دمعي والتفت له بظهري ولم أجد على لساني إلا أن أقول والله لم أقول لكم ألا ما قال "أبو يوسف": وذهب عنى اسم "يعقوب" إنما أشكو بثي وحزني إلى الله.
وعندما نزلت برائتها من السماء، قال لها أبوها: قومي فاشكري رسول الله الذي برئك في المسجد بقراءته للآيات"، فقالت: "والله لا أشكر إلا الله فهو الذي برأني من فوق سبع سماوات" آيات فى سورة النور يتعبد بها إلى يوم القيامة من أجل الكاذبين الذين يخوضون في عرض السيدة "عائشة"، "إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ".
سورة "النحل": الآية (105).
والشاهد أن العبد احتمل أذاهم، وكف أذاه عنهم، وبذل لهم النصيحة وسبل العرض والنفس، أي جعل العرض موضع المدح والذم من الإنسان جعله سبيل لهم، لا لمعاوضة أي مقابل ليبادلوه نفس المعاملة، ولا لذلة، ولا لعجز، بل هو يقدر على الرد، ولكنه فعل ذلك لله، لا يدخل فيما ينقصه وصفه الصدق وهو صفة كاشفة كما يقول العلماء.
وله من العفة، والإيثار، والتواضع، والحلم، والوقار، والاحتمال لا يتوقع لما يبذله للناس عوضًا منهم، ولا يعاتب، ولا يخاصم، ولا يطالب، ولا يرى له على أحد حق ولا فضل، يسامح كل الناس دومًا، فترك العتاب من أخلاق المؤمنين.
ويضيف "ابن القيم" على صفات العبد الرباني فيقول: "مقبل على شأنه لا يشتغل بما لا يعنيه، مكرم لإخوانه، بخيل بزمانه، حافظ للسانه لا يتكلم كثيرًا، مسافر في ليلته ونهاره ويقظته ومنامه، لا يضع عصى السير عن عاتقه حتى يصل إلى مطلبه، رفع له علم الحب فشمر إليه وناداه داعي الاشتياق، فاقبل بكليته عليه، أجاب داعي المحبة إذ ناداه حي على الفلاح، وواصل الثرى في بيداء الطلب، فحمد عند الوصول ثراه وإنما بحمد القوم الثرى عند الصباح".
الشيخ "محمد حسين يعقوب"
من صفات العبد الرباني التي ذكرها "ابن القيم" في كتابه "طريق الهجرتين وباب السعادتين"، أنه منفرد في طريق طلبه لا تقيده الرسوم، ولا تملكه العوائد، ولا يفرح بموجود، ولا يحزن على مفقود، من جالسه قرت عينه به، ومن رآه ذكرته رؤيته بالله، قد حمل كله ومؤنته عن الناس، واحتمل أذاهم وكف أذاه عنهم، وبذل لهم نصيحته، وسبل لهم عرضه ونفسه، لا لمعاوضة، ولا لذلة، ولا لعجز".
والله لو كان هذا مجتمعنا لعشنا الجنة في الدنيا، فهذا العبد لا يطلب أي شئ من أحد، كما أنه يحتمل أذى الناس، فهذا يسبه، فيرد جزاكم الله خيرًا، وهذا ينم عليه لا يهمه شئ ..إلخ، السيدة "عائشة" ـ رضي الله عنها ـ عندما أتُهِمَتْ في عرضها، والرسول دخل عليها عندما تعب شهر والناس تتكلم، والرسول يستشير سيدنا "على" ويقول اسأل الجارية، ويسأل سيدنا "زيد"، وأخيرًا قرر أن يواجه السيدة "عائشة"، وكل ذلك وهى مريضة لا تعرف شيئًا، فجلست وقالت: أو تحدث الناس، فقال النبي: نعم. فقالت: أجب يا أبى عني رسول الله. فقال "أبو بكر": والله ما أدرى ماذا أقول لرسول الله؟ فقالت: أجيبي عنى يا أماه.. أجيبي عنى رسول الله. فقالت: والله لا أدرى ماذا أقول لرسول الله. تقول "عائشة": فقرص دمعي والتفت له بظهري ولم أجد على لساني إلا أن أقول والله لم أقول لكم ألا ما قال "أبو يوسف": وذهب عنى اسم "يعقوب" إنما أشكو بثي وحزني إلى الله.
وعندما نزلت برائتها من السماء، قال لها أبوها: قومي فاشكري رسول الله الذي برئك في المسجد بقراءته للآيات"، فقالت: "والله لا أشكر إلا الله فهو الذي برأني من فوق سبع سماوات" آيات فى سورة النور يتعبد بها إلى يوم القيامة من أجل الكاذبين الذين يخوضون في عرض السيدة "عائشة"، "إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ".
سورة "النحل": الآية (105).
والشاهد أن العبد احتمل أذاهم، وكف أذاه عنهم، وبذل لهم النصيحة وسبل العرض والنفس، أي جعل العرض موضع المدح والذم من الإنسان جعله سبيل لهم، لا لمعاوضة أي مقابل ليبادلوه نفس المعاملة، ولا لذلة، ولا لعجز، بل هو يقدر على الرد، ولكنه فعل ذلك لله، لا يدخل فيما ينقصه وصفه الصدق وهو صفة كاشفة كما يقول العلماء.
وله من العفة، والإيثار، والتواضع، والحلم، والوقار، والاحتمال لا يتوقع لما يبذله للناس عوضًا منهم، ولا يعاتب، ولا يخاصم، ولا يطالب، ولا يرى له على أحد حق ولا فضل، يسامح كل الناس دومًا، فترك العتاب من أخلاق المؤمنين.
ويضيف "ابن القيم" على صفات العبد الرباني فيقول: "مقبل على شأنه لا يشتغل بما لا يعنيه، مكرم لإخوانه، بخيل بزمانه، حافظ للسانه لا يتكلم كثيرًا، مسافر في ليلته ونهاره ويقظته ومنامه، لا يضع عصى السير عن عاتقه حتى يصل إلى مطلبه، رفع له علم الحب فشمر إليه وناداه داعي الاشتياق، فاقبل بكليته عليه، أجاب داعي المحبة إذ ناداه حي على الفلاح، وواصل الثرى في بيداء الطلب، فحمد عند الوصول ثراه وإنما بحمد القوم الثرى عند الصباح".
الشيخ "محمد حسين يعقوب"