أبو طالب الأنصاري
16 Jul 2004, 03:16 PM
حدثنا محمد بن المثنَّى: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا ابن جابر: حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي: أنه سمع أبا إدريس الخولاني: أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول:
كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: (نعم). قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: (نعم، وفيه دخن). قلت: وما دخنه؟ قال: (قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر). قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: (نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها). قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: (هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا). قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم). قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: (فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضَّ بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك).
شرح الحديث من كتاب فتح البارى :
قوله حدثنا بن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر كما صرح به مسلم في روايته عن محمد بن المثنى شيخ البخاري فيه قوله حدثني بسر بضم الموحدة وسكون المهملة بن عبيد الله بالتصغير تابعي صغير والسند كله شاميون الا شيخ البخاري والصحابي قوله مخافة ان يدركني في رواية نصر بن عاصم عن حذيفة عند بن أبي شيبة وعرفت ان الخير لن يسبقني قوله في جاهلية وشر يشير الى ما كان قبل الإسلام من الكفر وقتل بعضهم بعضا ونهب بعضهم بعضا واتيان الفواحش قوله فجاءنا الله بهذا الخير يعني الإيمان والأمن وصلاح الحال واجتناب الفواحش زاد مسلم في رواية أبي الأسود عن حذيفة فنحن فيه قوله فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم في رواية نصر بن عاصم فتنة وفي رواية سبيع بن خالد عن حذيفة عند بن أبي شيبة فما العصمة منه قال السيف قال فهل بعد السيف من تقية قال نعم هدنة والمراد بالشر ما يقع من الفتن من بعد قتل عثمان وهلم جرا أو ما يترتب على ذلك من عقوبات الآخرة قوله قال نعم وفيه دخن بالمهملة ثم المعجمة المفتوحتين بعدها نون وهو الحقد وقيل الدغل وقيل فساد في القلب ومعنى الثلاثة متقارب يشير الى ان الخير الذي يجيء بعد الشر لا يكون خيرا خالصا بل فيه كدر وقيل المراد بالدخن الدخان ويشير بذلك الى كدر الحال وقيل الدخن كل أمر مكروه وقال أبو عبيدة يفسر المراد بهذا الحديث الحديث الآخر لا ترجع قلوب قوم على ما كانت عليه وأصله ان يكون في لون الدابة كدورة فكأن المعنى أن قلوبهم لا يصفو بعضها لبعض قوله قوم يهدون بفتح أوله بغير هدي بياء الإضافة بعد الياء للأكثر وبياء واحدة مع التنوين للكشميهني وفي رواية أبي الأسود يكون بعدي أئمة يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي قوله تعرف منهم وتنكر يعني من أعمالهم وفي حديث أم سلمة عند مسلم فمن أنكر بريء ومن كره سلم قوله دعاة بضم الدال المهملة جمع داع أي الى غير الحق قوله على أبواب جهنم أطلق عليهم ذلك باعتبار ما يؤول اليه حالهم كما يقال لمن أمر بفعل محرم وقف على شفير جهنم قوله هم من جلدتنا أي من قومنا ومن أهل لساننا وملتنا وفيه إشارة الى انهم من العرب وقال الداودي أي من بني آدم وقال القابسي معناه انهم في الظاهر على ملتنا وفي الباطن محالفون وجلدة الشيء ظاهره وهي في الأصل غشاء البدن قيل ويؤيد إرادة العرب ان السمرة غالبة عليهم واللون انما يظهر في الجلد ووقع في رواية أبي الأسود فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس وقوله جثمان بضم الجيم وسكون المثلثة هو الجسد ويطلق على الشخص قال عياض المراد بالشر الأول الفتن التي وقعت بعد عثمان والمراد بالخير الذي بعده ما وقع في خلافة عمر بن عبد العزيز والمراد بالذين تعرف منهم وتنكر الأمراء بعدهم فكان فيهم من يتمسك بالسنة والعدل وفيهم من يدعو الى البدعة ويعمل بالجور قلت والذي يظهر ان المراد بالشر الأول ما أشار اليه من الفتن الأولى وبالخير ما وقع من الاجتماع مع علي ومعاوية وبالدخن ما كان في زمنهما من بعض الأمراء كزياد بالعراق وخلاف من خالف عليه من الخوارج وبالدعاة على أبواب جهنم من قام في طلب الملك من الخوارج وغيرهم والى ذلك الإشارة بقوله الزم جماعة المسلمين وامامهم يعني ولو جار ويوضح ذلك رواية أبي الأسود ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك وكان مثل ذلك كثيرا في امارة الحجاج ونحوه قوله تلزم جماعة المسلمين وامامهم بكسر الهمزة أي أميرهم زاد في رواية أبي الأسود تسمع وتطيع وان ضرب ظهرك وأخذ مالك وكذا في رواية خالد بن سبيع عند الطبراني فان رأيت خليفة فالزمه وان ضرب ظهرك فان لم يكن خليفة فالهرب قوله ولو ان تعض بفتح العين المهملة وتشديد الضاد المعجمة أي ولو كان الاعتزال بالعض فلا تعدل عنه وتعض بالنصب للجميع وضبطه الأشيري بالرفع وتعقب بأن جوازه متوقف على ان يكون ان التي تقدمته مخففة من الثقيلة وهنا لا يجوز ذلك لأنها لا تلي لو نبه عليه صاحب المغني وفي رواية عبد الرحمن بن قرط عن حذيفة عند بن ماجة فلأن تموت وأنت عاض على جذل خير لك من ان تتبع أحدا منهم والجذل بكسر الجيم وسكون المعجمة بعدها لام عود ينصب لتحتك به الإبل وقوله وأنت على ذلك أي العض وهو كناية عن لزوم جماعة المسلمين وطاعة سلاطينهم ولو عصوا قال البيضاوي المعنى إذا لم يكن في الأرض خليفة فعليك بالعزلة والصبر على تحمل شدة الزمان وعض أصل الشجرة كناية عن مكابدة المشقة كقولهم فلان يعض الحجارة من شدة الألم أو المراد اللزوم كقوله في الحديث الآخر وعضوا عليها بالنواجذ ويؤيد الأول قوله في الحديث الآخر فان مت وأنت عاض على جذل خير لك من ان تتبع أحد منهم وقال بن بطال فيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك الخوارج على أئمة الجور لأنه وصف الطائفة الأخيرة بانهم دعاة على أبواب جهنم ولم يقل فيهم تعرف وتنكر كما قال في الأولين وهم لا يكونون كذلك الا وهم على غير حق وأمر مع ذلك بلزوم الجماعة قال الطبري اختلف في هذا الأمر وفي الجماعة فقال قوم هو للوجوب والجماعة السواد الأعظم ثم ساق عن محمد بن سيرين عن أبي مسعود انه وصى من سأله لما قتل عثمان عليك بالجماعة فان الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة وقال قوم المراد بالجماعة الصحابة دون من بعدهم وقال قوم المراد بهم أهل العلم لأن الله جعلهم حجة على الخلق والناس تبع لهم في أمر الدين قال الطبري والصواب أن المراد في الخبر لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة قال وفي الحديث انه متى لم يكن للناس امام فافترق الناس احزابا فلا يتبع أحدا في لفرقة ويعتزل الجميع ان استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر وعلى ذلك يتنزل ما جاء في سائر الأحاديث وبه يجمع بين ما ظاهره الاختلاف منها ويؤيده رواية عبد الرحمن بن قرط المتقدم ذكرها قال بن أبي جمرة في الحديث حكمة الله في عباده كيف أقام كلا منهم فيما شاء فحبب الى أكثر الصحابة السؤال عن وجوه الخير ليعملوا بها ويبلغوها غيرهم وحبب لحذيفة السؤال عن الشر ليجتنبه ويكون سببا في دفعه عما أراد الله له النجاة وفيه سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفته بوجوه الحكم كلها حتى كان يجيب كل من سأله بما يناسبه ويأخذ منه أن كل من حبب اليه شيء فإنه يفوق فيه غيره ومن ثم كان حذيفة صاحب السر الذي لا يعلمه غيره حتى خص بمعرفة أسماء المنافقين وبكثير من الأمور الآتية ويؤخذ منه أن من أدب التعليم ان يعلم التلميذ من أنواع العلوم ما يراه مائلا اليه من العلوم المباحة فأنه أجدر ان يسرع الى تفهمه والقيام به وان كل شيء يهدي الى طريق الخير يسمى خيرا وكذا بالعكس ويؤخذ منه ذم من جعل للدين أصلا خلاف الكتاب والسنة وجعلهما فرعا لذلك الأصل الذي ابتدعوه وفيه وجوب رد الباطل وكل ما خالف الهدي النبوي ولو قاله من قاله من رفيع أو وضيع
قوله باب من كره ان يكثر بالتشديد سواد الفتن والظلم أي أهلهما والمراد بالسواد هو بفتح المهملة وتخفيف الواو الأشخاص وقد جاء عن بن مسعود مرفوعا هن كثر سواد قوم فهو منهم ومن رضي عمل قوم كان شريك من عمل به أخرجه أبو يعلى وفيه قصة لابن مسعود وله شاهد عن أبي ذر في الزهد لابن المبارك غير مرفوع
كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: (نعم). قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: (نعم، وفيه دخن). قلت: وما دخنه؟ قال: (قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر). قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: (نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها). قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: (هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا). قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم). قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: (فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضَّ بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك).
شرح الحديث من كتاب فتح البارى :
قوله حدثنا بن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر كما صرح به مسلم في روايته عن محمد بن المثنى شيخ البخاري فيه قوله حدثني بسر بضم الموحدة وسكون المهملة بن عبيد الله بالتصغير تابعي صغير والسند كله شاميون الا شيخ البخاري والصحابي قوله مخافة ان يدركني في رواية نصر بن عاصم عن حذيفة عند بن أبي شيبة وعرفت ان الخير لن يسبقني قوله في جاهلية وشر يشير الى ما كان قبل الإسلام من الكفر وقتل بعضهم بعضا ونهب بعضهم بعضا واتيان الفواحش قوله فجاءنا الله بهذا الخير يعني الإيمان والأمن وصلاح الحال واجتناب الفواحش زاد مسلم في رواية أبي الأسود عن حذيفة فنحن فيه قوله فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم في رواية نصر بن عاصم فتنة وفي رواية سبيع بن خالد عن حذيفة عند بن أبي شيبة فما العصمة منه قال السيف قال فهل بعد السيف من تقية قال نعم هدنة والمراد بالشر ما يقع من الفتن من بعد قتل عثمان وهلم جرا أو ما يترتب على ذلك من عقوبات الآخرة قوله قال نعم وفيه دخن بالمهملة ثم المعجمة المفتوحتين بعدها نون وهو الحقد وقيل الدغل وقيل فساد في القلب ومعنى الثلاثة متقارب يشير الى ان الخير الذي يجيء بعد الشر لا يكون خيرا خالصا بل فيه كدر وقيل المراد بالدخن الدخان ويشير بذلك الى كدر الحال وقيل الدخن كل أمر مكروه وقال أبو عبيدة يفسر المراد بهذا الحديث الحديث الآخر لا ترجع قلوب قوم على ما كانت عليه وأصله ان يكون في لون الدابة كدورة فكأن المعنى أن قلوبهم لا يصفو بعضها لبعض قوله قوم يهدون بفتح أوله بغير هدي بياء الإضافة بعد الياء للأكثر وبياء واحدة مع التنوين للكشميهني وفي رواية أبي الأسود يكون بعدي أئمة يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي قوله تعرف منهم وتنكر يعني من أعمالهم وفي حديث أم سلمة عند مسلم فمن أنكر بريء ومن كره سلم قوله دعاة بضم الدال المهملة جمع داع أي الى غير الحق قوله على أبواب جهنم أطلق عليهم ذلك باعتبار ما يؤول اليه حالهم كما يقال لمن أمر بفعل محرم وقف على شفير جهنم قوله هم من جلدتنا أي من قومنا ومن أهل لساننا وملتنا وفيه إشارة الى انهم من العرب وقال الداودي أي من بني آدم وقال القابسي معناه انهم في الظاهر على ملتنا وفي الباطن محالفون وجلدة الشيء ظاهره وهي في الأصل غشاء البدن قيل ويؤيد إرادة العرب ان السمرة غالبة عليهم واللون انما يظهر في الجلد ووقع في رواية أبي الأسود فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس وقوله جثمان بضم الجيم وسكون المثلثة هو الجسد ويطلق على الشخص قال عياض المراد بالشر الأول الفتن التي وقعت بعد عثمان والمراد بالخير الذي بعده ما وقع في خلافة عمر بن عبد العزيز والمراد بالذين تعرف منهم وتنكر الأمراء بعدهم فكان فيهم من يتمسك بالسنة والعدل وفيهم من يدعو الى البدعة ويعمل بالجور قلت والذي يظهر ان المراد بالشر الأول ما أشار اليه من الفتن الأولى وبالخير ما وقع من الاجتماع مع علي ومعاوية وبالدخن ما كان في زمنهما من بعض الأمراء كزياد بالعراق وخلاف من خالف عليه من الخوارج وبالدعاة على أبواب جهنم من قام في طلب الملك من الخوارج وغيرهم والى ذلك الإشارة بقوله الزم جماعة المسلمين وامامهم يعني ولو جار ويوضح ذلك رواية أبي الأسود ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك وكان مثل ذلك كثيرا في امارة الحجاج ونحوه قوله تلزم جماعة المسلمين وامامهم بكسر الهمزة أي أميرهم زاد في رواية أبي الأسود تسمع وتطيع وان ضرب ظهرك وأخذ مالك وكذا في رواية خالد بن سبيع عند الطبراني فان رأيت خليفة فالزمه وان ضرب ظهرك فان لم يكن خليفة فالهرب قوله ولو ان تعض بفتح العين المهملة وتشديد الضاد المعجمة أي ولو كان الاعتزال بالعض فلا تعدل عنه وتعض بالنصب للجميع وضبطه الأشيري بالرفع وتعقب بأن جوازه متوقف على ان يكون ان التي تقدمته مخففة من الثقيلة وهنا لا يجوز ذلك لأنها لا تلي لو نبه عليه صاحب المغني وفي رواية عبد الرحمن بن قرط عن حذيفة عند بن ماجة فلأن تموت وأنت عاض على جذل خير لك من ان تتبع أحدا منهم والجذل بكسر الجيم وسكون المعجمة بعدها لام عود ينصب لتحتك به الإبل وقوله وأنت على ذلك أي العض وهو كناية عن لزوم جماعة المسلمين وطاعة سلاطينهم ولو عصوا قال البيضاوي المعنى إذا لم يكن في الأرض خليفة فعليك بالعزلة والصبر على تحمل شدة الزمان وعض أصل الشجرة كناية عن مكابدة المشقة كقولهم فلان يعض الحجارة من شدة الألم أو المراد اللزوم كقوله في الحديث الآخر وعضوا عليها بالنواجذ ويؤيد الأول قوله في الحديث الآخر فان مت وأنت عاض على جذل خير لك من ان تتبع أحد منهم وقال بن بطال فيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك الخوارج على أئمة الجور لأنه وصف الطائفة الأخيرة بانهم دعاة على أبواب جهنم ولم يقل فيهم تعرف وتنكر كما قال في الأولين وهم لا يكونون كذلك الا وهم على غير حق وأمر مع ذلك بلزوم الجماعة قال الطبري اختلف في هذا الأمر وفي الجماعة فقال قوم هو للوجوب والجماعة السواد الأعظم ثم ساق عن محمد بن سيرين عن أبي مسعود انه وصى من سأله لما قتل عثمان عليك بالجماعة فان الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة وقال قوم المراد بالجماعة الصحابة دون من بعدهم وقال قوم المراد بهم أهل العلم لأن الله جعلهم حجة على الخلق والناس تبع لهم في أمر الدين قال الطبري والصواب أن المراد في الخبر لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة قال وفي الحديث انه متى لم يكن للناس امام فافترق الناس احزابا فلا يتبع أحدا في لفرقة ويعتزل الجميع ان استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر وعلى ذلك يتنزل ما جاء في سائر الأحاديث وبه يجمع بين ما ظاهره الاختلاف منها ويؤيده رواية عبد الرحمن بن قرط المتقدم ذكرها قال بن أبي جمرة في الحديث حكمة الله في عباده كيف أقام كلا منهم فيما شاء فحبب الى أكثر الصحابة السؤال عن وجوه الخير ليعملوا بها ويبلغوها غيرهم وحبب لحذيفة السؤال عن الشر ليجتنبه ويكون سببا في دفعه عما أراد الله له النجاة وفيه سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفته بوجوه الحكم كلها حتى كان يجيب كل من سأله بما يناسبه ويأخذ منه أن كل من حبب اليه شيء فإنه يفوق فيه غيره ومن ثم كان حذيفة صاحب السر الذي لا يعلمه غيره حتى خص بمعرفة أسماء المنافقين وبكثير من الأمور الآتية ويؤخذ منه أن من أدب التعليم ان يعلم التلميذ من أنواع العلوم ما يراه مائلا اليه من العلوم المباحة فأنه أجدر ان يسرع الى تفهمه والقيام به وان كل شيء يهدي الى طريق الخير يسمى خيرا وكذا بالعكس ويؤخذ منه ذم من جعل للدين أصلا خلاف الكتاب والسنة وجعلهما فرعا لذلك الأصل الذي ابتدعوه وفيه وجوب رد الباطل وكل ما خالف الهدي النبوي ولو قاله من قاله من رفيع أو وضيع
قوله باب من كره ان يكثر بالتشديد سواد الفتن والظلم أي أهلهما والمراد بالسواد هو بفتح المهملة وتخفيف الواو الأشخاص وقد جاء عن بن مسعود مرفوعا هن كثر سواد قوم فهو منهم ومن رضي عمل قوم كان شريك من عمل به أخرجه أبو يعلى وفيه قصة لابن مسعود وله شاهد عن أبي ذر في الزهد لابن المبارك غير مرفوع