عناقيد
26 Nov 2008, 11:23 AM
حكايتي مع
زوجاتي الأربعة
بقلم / حسن ظاهر بني خالد
عذراً أيتها النساء الفاضلات، لأن حكايتي بدأت بتعدد الزوجات، لست محرضاً الأزواج على القيام بهذه الخطوة حتى لا أكون سببا في تدمير البيوت لا سمح الله، ومن يجرؤ في هذا العصر أن يفكر في الزواج ليس لقلة النساء وإنما لكثرة متطلبات الحياة وكمالياتها من أجل إعداد بيت الزوجية، على الرغم من ارتفاع نسبة العنوسة بين الفتيات ويقابل ذلك قلة الوظائف وارتفاع نسبة البطالة بين فئات الشباب مما دفعهم للعزوف عن الزواج – في كثير من الأحيان - .
وقد بدأت حكايتي حينما كنت مسئولا وأعمل في ظل مؤسسة تكون علاقة العمل مباشرة مع المرؤوسين، فلكل واحد منهم مزاجه الخاص وسلوكه المختلف، وكوني المسؤول الأول عنهم فعليّ أن أتحمل تبعات تصرفاتهم، وخاصة حين يكون بينهم من يعاني من عقدة نفسية، تشعر كأنك صاحب هذه العقدة وهذا ما حدث لي حين أصبحت أعاني من ارتفاع الضغط الإداري.
وذات يوم حدثت مشادة كلامية بيني وبين أحد الموظفين عن سير العمل أدى إلى إصابتي بارتفاع الضغط، أحسست بالدوار في رأسي مما اضطرني للعودة للمنزل، وأنا ارثي لنفسي من هذا المرض والذي سبق وكاد ينهي حياتي وحين وصلت إلى المنزل فإذا أنا منهك القوى، ارتميت على السرير وإذ أنا بعالم آخر بعيد عن هذه الحياة، وإذا بزوجاتي الأربعة حولي ينظرن إلي بدموع الحزن والأسى وبدأت أفكر فيهن وماذا سيحل بهن بعد موتي، نظرت إليهن فوقع بصري على الزوجة الأولى هذه الزوجة الوفية التي بدأت معي مشوار الحياة بحلوه ومره، رافقتني منذ الصغر حين تزوجنا ولم نبلغ الثامنة عشر من العمر، ونحن مازلنا على مقاعد الدراسة تنفيذا لرغبة أبي وعمي في هذا الزواج، ولا أنكر بأن لها إسهامات كثيرة في حياتي ولا أنكر عليكم أني لا أحبها كل الحب! بالرغم من حبها المفعم بالمشاعر الجياشة نحوي، وما أسوأ الحياة حين يكون الحب من طرف واحد.
أما زوجتي الثانية والتي عرفتها أثناء دراستي الجامعية فلا أخفيكم أنني أحببتها أكثر من الأولى! فهي تختلف عن باقي زوجاتي بصبرها وتفهمها لأمور حياتي وما تركتني يوما أواجه مشكلة إلا وكانت بجانبي تساندني وتقدم العون والمساعدة،
وأما زوجتي الثالثة وإن كنت أشعر بأنها تحاول السيطرة على الموقف إلا أن قلبي أحبها حين تعرف عليها أثناء عملي وهي تتميز بقدر من الجمال وتعمل على راحة بالي.
وأما زوجتي الرابعة والأخيرة فقد تزوجتها وأنا في العقد الرابع من العمر، هي الأغلى والمدللة بينهن كان لها كل اهتماماتي وكانت عيناي لا تفارقها حين تمشي أمامي بخطواتها المتناسقة.
وبينما أنا مسجى على السرير أردت أن أعرف أيهن أكثر وفاء وإخلاصاً، وحين شعرت أن الأجل قد حان وساعة الفراق تدق وتقترب لحظاتها شعرت باليأس الشديد والبكاء المرير فقلت لزوجتي الرابعة والتي كانت تقف على يميني وتمسك بيدي: (أنت أشد من أحببت ألبستك أحلى الملابس وأفخر الحلي وغمرتك برعايتي وحناني وأنا الآن كما ترين أموت فهل ترافقيني يا زوجتي الغالية؟)
ردت بسرعة لا لا .. لا يمكن ذلك.. وكيف أذهب معك؟
تألمت وشعرت بأن جوابها خنجر في صدري.
نظرت يساراً فإذا بزوجتي الثالثة تقف عن يساري واضعة يدها على قلبي، والدموع تنهمر من عينيها
قلت لها: أحببتك طيلة حياتي، وأنا الآن في أشد الحاجة إليك لترافقيني،
فقالت: كيف أترك هذه الحياة وأذهب معك؟.. أرجوك سامحني..
كم كان وقع كلامها مؤلماً،
وجلت بنظري فإذا زوجتي الثانية تكفكف دموعها فقلت لها: ألا تذكرين يا حبيبتي ما كنت أفعله لأجلك؟ أنت وحدك من أحتاج إليها..
قالت: بكل أسف يا زوجي أين أرافقك؟!!
نظرت إليهن وقلت في نفسي ما الذي دفعني لهذا الزواج؟ هل كنت مغمض العينين؟ فاقد العقل!
وإذا بي أسمع صوت نحيب شديد وحين نظرت إلى صاحبة الصوت، شاهدت جسماً نحيلا ووجهاً شاحباً، ارتمت علي تستنشق رائحتي وهي تقول أنا سأتبعك يا بن عمي حيث ذهبت، أنا رفيقتك إلى ما شئت، أطلقت زفرة الندم الشديد واحتضنتها وأنا أبكي معها طالباً منها السماح على معاملتي لها، وصرخت على زوجاتي الأخريات أن يخرجن من المنزل، وأثناء ذلك شعرت بمن تقول وحّد الله يا زوجي.. سلامتك ما بك تصرخ وتزمجر وأنت نائم منذ أن عدت من عملك؟!!
فتحت عيني أبحث عن زوجاتي الأربعة لأعاقب كل واحدة منهن! حينها عرفت بأني كنت أغط في سبات عميق وليس من حولي إلا زوجتي الوحيدة التي أحضرت لي كأساً من الليمون وحبة دواء للضغط، قصصت عليها حلمي مع زوجاتي الأربعة فقالت مبتسمة: أبشر يا بن عمي.. سوف أحقق لك الحلم وسأبدأ بتزويجك.. فقلت: يكفيني من الحياة زوجة صالحة مثلك تساندني، وتساعدني في هذه الحياة.
المصدر: مجلة حياة العدد 65 / رمضان 1426هـ
زوجاتي الأربعة
بقلم / حسن ظاهر بني خالد
عذراً أيتها النساء الفاضلات، لأن حكايتي بدأت بتعدد الزوجات، لست محرضاً الأزواج على القيام بهذه الخطوة حتى لا أكون سببا في تدمير البيوت لا سمح الله، ومن يجرؤ في هذا العصر أن يفكر في الزواج ليس لقلة النساء وإنما لكثرة متطلبات الحياة وكمالياتها من أجل إعداد بيت الزوجية، على الرغم من ارتفاع نسبة العنوسة بين الفتيات ويقابل ذلك قلة الوظائف وارتفاع نسبة البطالة بين فئات الشباب مما دفعهم للعزوف عن الزواج – في كثير من الأحيان - .
وقد بدأت حكايتي حينما كنت مسئولا وأعمل في ظل مؤسسة تكون علاقة العمل مباشرة مع المرؤوسين، فلكل واحد منهم مزاجه الخاص وسلوكه المختلف، وكوني المسؤول الأول عنهم فعليّ أن أتحمل تبعات تصرفاتهم، وخاصة حين يكون بينهم من يعاني من عقدة نفسية، تشعر كأنك صاحب هذه العقدة وهذا ما حدث لي حين أصبحت أعاني من ارتفاع الضغط الإداري.
وذات يوم حدثت مشادة كلامية بيني وبين أحد الموظفين عن سير العمل أدى إلى إصابتي بارتفاع الضغط، أحسست بالدوار في رأسي مما اضطرني للعودة للمنزل، وأنا ارثي لنفسي من هذا المرض والذي سبق وكاد ينهي حياتي وحين وصلت إلى المنزل فإذا أنا منهك القوى، ارتميت على السرير وإذ أنا بعالم آخر بعيد عن هذه الحياة، وإذا بزوجاتي الأربعة حولي ينظرن إلي بدموع الحزن والأسى وبدأت أفكر فيهن وماذا سيحل بهن بعد موتي، نظرت إليهن فوقع بصري على الزوجة الأولى هذه الزوجة الوفية التي بدأت معي مشوار الحياة بحلوه ومره، رافقتني منذ الصغر حين تزوجنا ولم نبلغ الثامنة عشر من العمر، ونحن مازلنا على مقاعد الدراسة تنفيذا لرغبة أبي وعمي في هذا الزواج، ولا أنكر بأن لها إسهامات كثيرة في حياتي ولا أنكر عليكم أني لا أحبها كل الحب! بالرغم من حبها المفعم بالمشاعر الجياشة نحوي، وما أسوأ الحياة حين يكون الحب من طرف واحد.
أما زوجتي الثانية والتي عرفتها أثناء دراستي الجامعية فلا أخفيكم أنني أحببتها أكثر من الأولى! فهي تختلف عن باقي زوجاتي بصبرها وتفهمها لأمور حياتي وما تركتني يوما أواجه مشكلة إلا وكانت بجانبي تساندني وتقدم العون والمساعدة،
وأما زوجتي الثالثة وإن كنت أشعر بأنها تحاول السيطرة على الموقف إلا أن قلبي أحبها حين تعرف عليها أثناء عملي وهي تتميز بقدر من الجمال وتعمل على راحة بالي.
وأما زوجتي الرابعة والأخيرة فقد تزوجتها وأنا في العقد الرابع من العمر، هي الأغلى والمدللة بينهن كان لها كل اهتماماتي وكانت عيناي لا تفارقها حين تمشي أمامي بخطواتها المتناسقة.
وبينما أنا مسجى على السرير أردت أن أعرف أيهن أكثر وفاء وإخلاصاً، وحين شعرت أن الأجل قد حان وساعة الفراق تدق وتقترب لحظاتها شعرت باليأس الشديد والبكاء المرير فقلت لزوجتي الرابعة والتي كانت تقف على يميني وتمسك بيدي: (أنت أشد من أحببت ألبستك أحلى الملابس وأفخر الحلي وغمرتك برعايتي وحناني وأنا الآن كما ترين أموت فهل ترافقيني يا زوجتي الغالية؟)
ردت بسرعة لا لا .. لا يمكن ذلك.. وكيف أذهب معك؟
تألمت وشعرت بأن جوابها خنجر في صدري.
نظرت يساراً فإذا بزوجتي الثالثة تقف عن يساري واضعة يدها على قلبي، والدموع تنهمر من عينيها
قلت لها: أحببتك طيلة حياتي، وأنا الآن في أشد الحاجة إليك لترافقيني،
فقالت: كيف أترك هذه الحياة وأذهب معك؟.. أرجوك سامحني..
كم كان وقع كلامها مؤلماً،
وجلت بنظري فإذا زوجتي الثانية تكفكف دموعها فقلت لها: ألا تذكرين يا حبيبتي ما كنت أفعله لأجلك؟ أنت وحدك من أحتاج إليها..
قالت: بكل أسف يا زوجي أين أرافقك؟!!
نظرت إليهن وقلت في نفسي ما الذي دفعني لهذا الزواج؟ هل كنت مغمض العينين؟ فاقد العقل!
وإذا بي أسمع صوت نحيب شديد وحين نظرت إلى صاحبة الصوت، شاهدت جسماً نحيلا ووجهاً شاحباً، ارتمت علي تستنشق رائحتي وهي تقول أنا سأتبعك يا بن عمي حيث ذهبت، أنا رفيقتك إلى ما شئت، أطلقت زفرة الندم الشديد واحتضنتها وأنا أبكي معها طالباً منها السماح على معاملتي لها، وصرخت على زوجاتي الأخريات أن يخرجن من المنزل، وأثناء ذلك شعرت بمن تقول وحّد الله يا زوجي.. سلامتك ما بك تصرخ وتزمجر وأنت نائم منذ أن عدت من عملك؟!!
فتحت عيني أبحث عن زوجاتي الأربعة لأعاقب كل واحدة منهن! حينها عرفت بأني كنت أغط في سبات عميق وليس من حولي إلا زوجتي الوحيدة التي أحضرت لي كأساً من الليمون وحبة دواء للضغط، قصصت عليها حلمي مع زوجاتي الأربعة فقالت مبتسمة: أبشر يا بن عمي.. سوف أحقق لك الحلم وسأبدأ بتزويجك.. فقلت: يكفيني من الحياة زوجة صالحة مثلك تساندني، وتساعدني في هذه الحياة.
المصدر: مجلة حياة العدد 65 / رمضان 1426هـ